عقد الجامع الأزهر الشريف، حلقة جديدة من ملتقى الطفل، والذي يأتي تحت عنوان: " الطفل الخلوق - النظيف - الفصيح"، وذلك في إطار مواصلة الجامع الأزهر والرواق الأزهري، جهودهما في توعية النشء بالآداب الإسلامية والأخلاقيات السليمة النابعة من صحيح الدين.

الجامع الأزهر يعلن فتح باب التقديم لدفعة جديدة برواق القرآن الجامع الأزهر يختتم موسمه التاسع ضمن برامجه الموجهة للمرأة والأسرة

حاضر في الملتقى الدكتور عبد الرحمن جمعة، الباحث بوحدة شئون الأروقة بالجامع الأزهر الشريف، والشيخ محمود عبد الجواد، الباحث بوحدة العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر الشريف.

أوضح الدكتور عبد الرحمن جمعة، أن الإسلام حرص أشد الحرص على تماسك المجتمع الإسلامي بكل مكوناته، بداية من الأسرة مرورا بالحي والمدينة وصولا بالأمة بأسرها، ومن أجل ذلك؛ قرر كل الأصول والقواعد التي تحفظ الوحدة والتماسك بين مكونات الأمة ونظراً لأن الاختلاف سنة ماضية في الخلق والكون (ولا يزالون مختلفين)، فلذا نذكر هذا الموضوع المهم ألا وهو: كيف تعاتب فتعاتب صاحبك بأن تقول له ما أغضبك منه بسبب قول منه أو فعل، لأمرين: لِمَعَزَّتِهِ عندك، ولكي لا يكرر ذلك مرة أخرى، وهي في بعض الأحيان تكون ضرورية حتمية.

الإسلام أسس لأدوات بقاء المودة والألفة ودوامها

وبيّن الباحث، أن الإسلام أسس لأدوات بقاء المودة والألفة ودوامها، ومن أبرزها العتاب الرقيق، والمعاتبة اللطيفة فالعتاب يؤكد على ما يبقي المودة، ويُشعر بالرحمة، والقرب، والألفة، ولذلك نجد في القرآن الكريم كيف أن الله - جل وتعالى - كان يعاتب أنبياءه، ورسله، وعباده الصالحين، لذلك نجد في القرآن الكريم-وهو الكلام المعجز - الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه - نجد عتاباً لطيفاً، رقيقاً من الله-جل جلاله- لقِمَمِ خلقه، وهم الأنبياء والمرسلون، قال تعالى: (عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ)، وقال: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ)، وقال: (عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى).

وأوضح أنه على الرغم من أن العتاب لا يكون إلا بين المحبين؛ إلا أنَّه قد يخرج في أحيان كثيرة عن الطور، ويُؤتي عكس ثماره المرجوة، ويتحول لنصل حادٍّ؛ تُشق به العلاقات الراسخة، وتُهتك به المحبات الكبيرة، فالمسلم قد يعاتب أخاه المسلم بلطف، وتودد، ولكنه يكثر من القيام بهذه الوظيفة، فيصير يعاتب على الكبير، والصغير، الجليل، والحقير. وكثرة العتاب من أهم أسباب فقد الأحباب، إذ إنَّه يُرسل برسائلَ سلبية كثيرة من العاتب إلى المعتوب عليه، أبرزها: أن العاتب لا يحتمل لأخيه أدنى شيء منه، وأنه دائما ما يسيء الظنَّ بأخيه، وأنه ينظر إليه بعين الإتهام بالتقصير، وكلها أمور تنتهي بالصداقات الراسخة، والأخوة الصادقة إلى القطيعة الدائمة، لذلك كان على المسلمين معرفة القواعد المثلى في تطبيق العتاب بين الأحباب.

وأشار الباحث، إلى تلك  القواعد وذكر منها: إياك وكثرة العتاب، وهي أهم قواعد العتاب على الإطلاق، فكثرة اللَّوْم في الغالب لا تأتي بخير، مضيفا: انظر إلى الأدب النبوي في تطبيق العتاب، فعن أنس بن مالك-رضي الله عنه-قال: "لمَّا قدم رسولُ الله ﷺ المدينة أخذ أبو طلحة بيدي، فانطلق بي إِلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله، إن أَنَسَاً غلاماً كَيِّساً، فليخدُمْكَ، قال: فخدمته في السفر، والحضر، والله ما قال لي لشيء صنعتُهُ: لِمَ صَنَعْتَ هذا هكذا؟ ولا لشيء لم أصنعْه: لِمَ لَمْ تصنعْ هذا هكذا؟ " فعلى الرغم من صغر سن أنس رضي الله عنه، إلا إن الرسول ﷺ قد تألَّفه بترك المعاتبة؛ لما رَأى فيه من رشدٍ وكياسةٍ في معظم تصرفاته، والصغير لا يخلو من هفوات، ومع ذلك، لم يعاتبه الرسول عليها؛ لعلمه أنها لا تنفك عن أحد في مثل سنه. ومنها أيضاً: النظر بواقعية للخطأ، وتعني النظر بواقعية تجاه أخطاء البشر، فلا أحدَ يخلو من أخطاء، وفي الحديث: " كُلُّ بَني آدمَ خطَّاء، وخيرُ الخَطَّائينَ التَّوابونَ "، ومن طلب صديقاً بلا عيبٍ أو خطئٍ؛ أفنى عمره قبل أن يتحقق له ما يريد، والواجب على المسلم عندما يرى أخاه على خطأٍ، وعيبٍ؛ أن يبصره بالتعامل الأمثل مع هذا الخلل، فليس بعار أن يكون الإنسان مخطئاً، ولكنَّ العار الحقيقي أن يستمر على خطئه ويواصل الاحتفاظ بعيوبه، وهكذا ينبغي أن نقبل الآخرين على أنهم بشر يخطئون.

المعايرة من الأخلاق الذميمة
 وحذر الدكتور عبد الرحمن، من المعايرة، مبيناً أنها من الأخلاق الذميمة، التي تكشف عن سوء الطوية وخبث النفس، فالذنب شؤم على المجتمع، ويوجد مشكلةً مع صاحب الذنب، مع صديقه، مع أخيه، مع جاره، مع قريبه، صاحب المذنب، إن رضي بهذا الذنب؛ شاركه في الإثم، وإن ذكره للناس؛ فقد اغتابه، وإن عيَّره؛ ابتلي به. ليس من أخلاق المؤمن أن يعيَّر بالذنب، المسلم يحب الله، ويحب طاعة الله، ويبغض الشيطان، ويبغض أولياء الشيطان، لكن المؤمن، يملك قلباً مرهفاً، ونفساً جياشة، لا تملك الحياء مع من يجترئ على محارم الله، فالحب في الله، والبغض في الله؛ من أوثق عرى الإيمان، ولكن بعض الناس يشط، فبدلاً من بغضه للمعصية وصاحبها؛ يعير المذنب، ويتعالى عليه، جاء في الحديث عن جندب بن عبد الله-رضي الله عنه، أَنَّ رسولَ الله ﷺ حَدَّثَ:"أن رجلاً قال: واللهِ، لا يَغْفِرُ الله لِفُلان، وأَنَّ الله تعالى قال: مَن ذَا الذي يَتَأَلَّى عليَّ أن لا أغْفِرَ لِفُلان؟ فَإِني قد غفرتُ له، وأَحبَطتُ عمَلَكَ".

وناشد الباحث بعدم المبالغة أو التهوين في الأمور فتضخيم الخطأ، أو تصغيره من الأخطاء الشهيرة عند العتاب، فإنك حين تعظّم الحقير توغر الصدر، وحين تحقّر العظيم؛ تفسد الأمر، ومن صفات العوام؛ أنهم يبالغون، فالخطأ الصغير؛ يكبرونه إلى درجة وكأنه جريمة! والخطأ الكبير يصغرونه إن صدر من أحبابهم وكأنه هفوة، والرسول ﷺ حين علم أن أسامة رضي الله عنه قد قتل رجلاً؛ بعد أن نطق بالشهادة، اشتد في عتابه وإنكاره على أسامة رضي الله عنه فِعلتَه، حتى تمنى أسامة، ألا يكون قد أسلم إلا في هذا اليوم، وعندما كسرت عائشة رضي الله  عنها إناء صفية رضي الله عنها ؛ لم يزد على قوله: " غارت أمكم "، وألزمها بضمان ما أتلفته، لم يزدْ في عتابه، وتقريعه عن ذلك؛ لعلمه أن الغيرةَ بين النساء أمرٌ جِبِلِّيٌ.

من جانبه ، تناول الشيخ محمود عبد الجواد، الباحث بوحدة العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر الشريف، شرح التمييز، حيث قام بتعريفه وبين حالات إعرابه ومواضعه، ودلل على ذلك بالأمثلة التوضيحية.

وفي نهاية الملتقى، اختتم الباحثان حديثهما بالإجابة عن بعض الأسئلة حول الموضوع، وأثناء الشرح استخدم الباحثان بعض الشرائح التوضيحية، معتمدَيْن على أسلوب المناقشة والتحاور مع الأطفال، تشجيعاً لهم على المشاركة.

يذكر أن ملتقى " الطفل الخلوق والنظيف والفصيح" يعقد يوم السبت من كل أسبوع بالجامع الأزهر، ويتم تنفيذه في بعض المحافظات ، وذلك لتربية النشء على أسس صحيحة، وفهم عميق لأخلاقيات ديننا الحنيف.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الجامع الأزهر الأزهر ملتقى الطفل الرواق الأزهرى تربية النشء الجامع الأزهر الشریف بالجامع الأزهر رضی الله عنه

إقرأ أيضاً:

برلماني: خطاب الرئيس في ذكرى تحرير سيناء يؤكد تماسك المصريين في الدفاع عن وطنهم

أعرب النائب عبده أبو عايشه، عضو مجلس الشيوخ، عن فخره واعتزازه بالكلمة التي ألقاها الرئيس عبد الفتاح السيسي بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين لتحرير سيناء، مؤكدًا أنها تمثل تجسيدًا حقيقيًا للروح الوطنية والإرادة القوية التي تميز الشعب المصري، فضلاً عن التأكيد على المواقف الثابتة لمصر في الدفاع عن حقوقها وحقوق الأمة العربية.

وأشار أبو عايشه، في تصريح صحفي له اليوم، إلى أن خطاب الرئيس السيسي تناول أبرز محاور الأمن القومي المصري، وأكد على التزام الدولة الكامل بحماية سيناء وشعبها من أي تهديدات، مشيرًا إلى أن الحديث عن الدفاع عن سيناء يأتي في إطار استكمال مسيرة التحرير التي بدأها المصريون في حرب أكتوبر المجيدة، والتي كان لها دور محوري في بناء مفهوم القوة الوطنية والتماسك الشعبي.

وأضاف عضو مجلس الشيوخ، أن كلمة الرئيس السيسي حملت في طياتها رسالة طمأنة لكل المصريين بأن سيناء ستظل جزءًا أصيلًا من أرض مصر، وأن الدولة ستواصل جهودها الكبيرة في عملية التنمية الشاملة بها، مؤكدًا أن هذه التنمية ليست مجرد تحركات اقتصادية، بل تهدف إلى تحقيق الاستقرار الاجتماعي والأمني في جميع ربوع سيناء.

وأكد عبده ابو عايشه، أن خطاب الرئيس السيسي تضمن رسالة واضحة بشأن القضية الفلسطينية، إذ أشار الرئيس إلى رفض مصر القاطع لأي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية، مذكرًا العالم أجمع بموقف مصر الثابت في دعم حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وتأكيده على أن مصر لن تتنازل عن هذه القضية التي تمثل جزءًا من هويتها القومية والعربية.

وتابع عضو مجلس الشيوخ، أن الرئيس السيسي ركز أيضًا في كلمته على أهمية التعاون الإقليمي والدولي من أجل محاربة الإرهاب وتحقيق السلام في المنطقة.

وأشار نائب الدقهليه، إلى أن مصر كانت ولا تزال تشكل خط الدفاع الأول عن المنطقة العربية، وتسعى جاهدة لتحقيق الاستقرار والسلام في محيطها الإقليمي، مشددًا على أن مصر تحت قيادة الرئيس السيسي تبذل كل ما في وسعها للحفاظ على أمنها القومي والمشاركة الفاعلة في القضايا الإقليمية والدولية.

واختتم عبده أبو عايشه حديثه بالتأكيد على أن مصر ستظل دائمًا درعًا للأمة العربية، وأن المصريين جميعًا ملتفون حول القيادة السياسية في مواجهة أي تحديات قد تعترض طريقهم، كما دعا المجتمع الدولي إلى بذل مزيد من الجهود من أجل تحقيق العدالة والسلام في فلسطين وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، مضيفًا أن مصر ستظل الصوت المدافع عن الحقوق العربية والإنسانية في مختلف المحافل الدولية.

طباعة شارك السيسي الرئيس عبد الفتاح السيسي الشيوخ مجلس الشيوخ عبده أبو عايشه

مقالات مشابهة

  • الإسلام.. يجرّد الدين من الكهنوت
  • علي الأزهري: الرجل مطالب بالإنفاق على زوجته حتى لو كانت غنية
  • ملتقى الجامع الأزهر : سيدنا موسى تدرب على مواجهة بني إسرائيل في أرض سيناء
  • جلسة حوارية لتعزيز وعي الطلبة بحقوقهم ودورهم في المجتمع
  • نائب رئيس جامعة الأزهر: ‏المسجد محور مهم للتربية والثقافة وترسيخ الهوية
  • الحقد وأضراره على المجتمع
  • برلماني: خطاب الرئيس في ذكرى تحرير سيناء يؤكد تماسك المصريين في الدفاع عن وطنهم
  • لا تغضب!
  • داود:الأزهر يقود الاجتهاد والتجديد ‏‏وقادر على مواجهة أي شذوذ فكري يهدد أمن ‏المجتمع‏‏
  • سلامة داود: ‏‏الأزهر يقود الاجتهاد والتجديد ‏‏وقادر على مواجهة أي شذوذ فكري يهدد أمن ‏المجتمع‏‏