سودانايل:
2025-02-07@02:08:37 GMT

السودان: ماذا بعد سقوط ود مدني؟

تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT

يشكل سقوط مدينة ود مدني الواقعة وسط البلاد، وعلى مسافة أقل من مائتي كيلو متر من العاصمة السودانية في يد قوات الدعم السريع تطورا كاشفا لمسارات مرتقبة بالسودان على الصعيدين السياسي والعسكري، مرتبطة بتوازنات قوة جديدة، لا تبدو، أنها في صالح الجيش السوداني خصوصا بعد انسحاب فرق القوات المسلحة من ود مدني بلا قتال فيما تم وصفه من جانب أوساط الرأي العام السوداني بخيانة، بسبب اختراق تم للقوات المسلحة السودانية، وهو الاختراق الذي أعلنت قيادتها، أنها تحقق فيه، ولكن حتى الآن لم تظهر نتيجة لهذا التحقيق الذي ينتظره الرأي العام داخليا، وخارجيا رغم مرور أسبوع تقريبا على سقوط ود مدني.


هذ المشهد يفتح الباب أمام عدد من السيناريوهات: الأول، هو تمكن الدعم السريع من السيطرة على مقاليد حكم السودان، أما السيناريو الثاني، فهو الاستقرار على صيغة تدخل دولي مؤقت، أو ممتد طبقا للظروف، بما يضمن استمرار دولة السودان، أي ما كان مستوى قوتها أو فاعليتها داخليا، وخارجيا؛ نظرا لأهميتها الجيوسياسية.
السيناريو الثالث، ينحصر في فوضي مسلحة، وممتدة بلا أفق واضح؛ نظرا للانشغال الدولي، والإقليمي بمجريات كل من غزة وأوكرانيا، حيث أن كلا الصراعين مرتبطان بتفاعلات النظام الدولي على نحو أعمق، وأكثر تأثيرا، ربما من المجريات السودانية في هذه اللحظة.
معطيات السيناريو الأول، في تقديرنا مؤسسة على أن تقدم الدعم السريع، وسيطرته على ود مدني، تعني الإصرار على تنفيذ مخطط، تم إعلانه سابقا على لسان عبد الرحيم دقلو نائب رئيس قوات الدعم السريع، بوجود مخطط للسيطرة على كامل التراب السوداني، وهو الأمر الذي يعني قدرة على التقدم نحو منطقة شرق السودان في القضارف وغيرها، وهو الأمر الذي يسهل حصول الدعم السريع على قدرات لوجستية جديدة، سواء على الصعيد التسليحي أو غيره من مطارات إثيوبيا القريبة، بما يعني في المحصلة النهائية تنفيذ مخطط الدعم السريع السابق إعلانه.
في هذا السياق، نستطيع أن نفسر أسباب استقالة يوسف عزت، المستشار السياسي لقوات الدعم السريع المعلنة مؤخرا من منصبه، حيث من المرجح طبقا لبعض التقديرات، أن يكون للرجل موقعا سياسيا رفيعا في الترتيبات التي تجري حاليا في الكواليس المؤسسة على تحقيق فعلي من جانب الدعم السريع؛ لخطة سيطرته على غالبية التراب الوطني السوداني.
طبقا لهذا التطور المرتقب، فسوف يتم تشكيل وتأطير هياكل سياسية مدنية، تقوم بمهام تأسيس سلطة الدعم السريع في البلاد التي ليس بالضرورة، أن تدشن تحولا ديمقراطيا في السودان، نظرا لأمرين: الأول، أنها لا تمتلك شروطه الموضوعية، والسبب الثاني، يعود الي تعقيد التركيب السوداني، ومشكلاته متعددة المستويات، خصوصا على الصعيد العرقي.
أما معطيات السيناريو الثاني، أي وقوع السودان تحت مظلة إشراف دولي أو وصاية ودولية، ولكل مفهوم منهما منظومة إجرائية محددة، فتعود الي فشل جميع المبادرات الداخلية والإقليمية في وقف الحرب، أو على أقل تقدير الوصول إلى مرحلة وقف إطلاق النار مستدام، مع فتح الباب أمام العون الإنساني للمتضررين من المدنيين، حيث لم تحقق المنابر المدعومة أمريكيا المأمول، وهما منبرا: جدة، والإيجاد، رغم فاعلية المملكة العربية السعودية في منبر جدة، وفاعلية إثيوبيا و الاتحاد الإفريقي في الثاني، أما منبر دول جوار السودان الذي أطلقته مصر، فقد وجد من التعقيدات، ما يفقده الفاعلية المرجوة حتى الآن.
وعلى صعيد مواز، فإن ما يجعل خيار الإشراف الدولي مطروحا في التوقيت الراهن، هو طبيعة الانتهاكات التي تم تنفيذها، ضد المدنيين بوحشية في كافة مناطق القتال، والنزوح الجماعي للسودانيين داخليا وخارجيا، جعلت الثقة في الأطراف المتصارعة على الصعيد الشعبي مفقودة كفاعلين، يمكن الثقة فيهما لبناء دولة ما بعد الحرب، كما أن الثقة العامة في النخب السياسية السودانية، ومدي جدارتها في إدارة تنوعه وتعقيده مفقودة تاريخيا في السودان .
وطبقا للمشار إليه سالفا، فإن فكرة الإشراف الدولي على السودان لا تقتصر على مخططات دولية، ربما تكون موجودة، بل أن هناك أصواتا داخلية، تنادي بها انطلاقا، من أن تفاوض الطرفين المتصارعين، لا يعني على الإطلاق حلا للأزمة، بل ربما سوف يعيد إنتاجها بطبيعة توازنات القوى الراهنة على الأرض، وقد أورد هذه التقديرات على نحو شامل فيصل محمد صالح وزير الإعلام السوداني الأسبق في مقال، أظنه فارقا، تحت عنوان مبادرات دولية أم إقليمية، وهو المقال الذي أسهب فيه عن الأصوات الداخلية الداعية لإشراف دولي أو وصاية، تدير حكما مركزيا للسودان لمدة لا تقل عن عشر سنوات، وذلك في خطة تفصيلية طرحها مدير جامعة الخرطوم الأسبق د. مهدي أمين التوم، وهو المنحدر من أسرة، تملك تاريخا سياسيا وطنيا غير مختلف عليه في السودان، وهو طرح، يذكر، كما يقول فيصل بطرح د. علي مزروعي الأكاديمي الإفريقي ذو الأصول الكينية، والجنسية الأمريكية، والمشهود بقيمته الفكرية في الأوساط الأكاديمية الإفريقية.
في ذات السياق طرحت جبهة محامي دارفور تدخلا من جانب الأمم المتحدة، يسمح بوجود قوات دولية للأمم المتحدة، تفصل بين القوات المتحاربة تحت ولاية الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهو الفصل الذي يتيح استخدام القوة المسلحة، وهو أداء سبق اختباره في دارفور، فيما يعرف ببعثة اليوناميد، اعتبارا من عام ٢٠٠٦ بموجب قرار من مجلس الأمن الدولي.
السيناريو الثالث، هو سيناريو الفوضى وامتداد الصراعات المسلحة على أكثر من صعيد، وطبقا للحسابات الضيقة لكل قوى عسكرية فاعلة على الأرض، ذلك أن تسليم القوات المسلحة والقوى السياسية والاجتماعية والقبلية التي تدافع عنها بتوازنات القوى العسكرية الراهنة التي يتفوق فيها الدعم السريع، لن يكون متاحا على المستوى المنظور، من هنا نستطيع أن نفهم، أنه يتم حاليا تسليح مدنيين سودانيين على أسس سياسية أو قبلية، وهذا السيناريو، يعني في الأخير انهيار دولة السودان رسميا وفعليا على النمط الصومالي، حيث من المتوقع أن يظهر أمراء حرب جدد طبقا لخرائط الموارد من جهة، وتطلعات التنظيمات الجهادية من جهة أخرى، والأخيرة تملك خلايا نائمة، تم تفعيل بعضها مؤخرا.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا، ما هو موقف القاهرة من جملة التفاعلات السودانية في المرحلة الأخيرة؟ حيث لوحظ صمت سياسي مصري عن المجريات السودانية العسكرية، يقابله اهتمام إعلامي من جانب الفضائيات المصرية لا يمكن نكرانه، رغم أن الاتجاه الإعلامي العام يركز حاليا على غزة، دون غيرها.
هذا الصمت كان من المتوقع كسره مع التطورات العسكرية الأخيرة، خصوصا في ود مدني التي تتميز تاريخيا بوجود مصري فيها للأقباط خصوصا، ووجود كتلة سودانية نازحة من أماكن أخرى، وكون ود مدني أيضا عاصمة الولاية الزراعية الأهم في السودان، وهي ولاية الجزيرة.
نتساءل هل سلمت القاهرة بدور دولي في السودان، بعد أن ثبت أن الجيش السوداني، عبر طبيعة تحالفاته السياسية وممارسته العسكرية، وكذلك المقدرة على اختراقه من جانب الأطراف المعادية، بشكل واسع، لا يملك القدرات اللازمة؛ ليكون رافعا لتحرك مصري في السودان يملك شروط الفاعلية والنجاح؟  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع فی السودان من جانب ود مدنی

إقرأ أيضاً:

كيف تفاعل النشطاء مع التراجع الكبير لقوات الدعم السريع أمام الجيش السوداني؟

وأثار تقدم الجيش حالة من الفرح في صفوف السودانيين الذين ينتظرون استعادته السيطرة على العاصمة بشكل كامل.

وأمس الثلاثاء، أعلن الجيش السوداني تقدم قواته بشكل كبير في محور مدينة الكاملين بولاية الجزيرة وسط البلاد، وقال إنه "طهرها من قوات الدعم السريع".

وأكدت مصادر محلية للجزيرة أن الجيش السوداني بسط سيطرته على مدينة الكاملين، التي كانت آخر معاقل الدعم السريع، لتصبح ولاية الجزيرة وسط البلاد تحت السيطرة الكاملة للجيش باستثناء بعض الجيوب الصغيرة.

ومدينة الكاملين هي كبرى مدن شمال ولاية الجزيرة، وتبعد عن العاصمة الخرطوم بنحو 65 كيلومترا. وقد تداول ناشطون مشاهد لاحتفالات مواطنين سودانين في مدينة الكاملين بعد سيطرة الجيش عليها.

ولم تعلق قوات الدعم السريع على ما أعلنه الجيش، لكن مستشار قائدها الباشا طبيق قال إن قواته في محور شرق النيل بولاية الخرطوم تمكنت من صد قوة من قوات "درع السودان" المساندة للجيش السوداني.

فرح على مواقع التواصل

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، علَّق نشطاء على هذه التطورات الميدانية التي اعتبرها البعض مفرحة، حيث كتب ناشط يدعى "كونت" أن "الأخبار اللي جاية من السودان تفرح القلب، الجيش السوداني سيطر خلاص على وسط وقلب ولاية الجزيرة ودخل مدينة الكاملين آخر معاقل الدعم السريع في الولاية".

إعلان

كما كتب حلفاوي "فرحة الشعب السوداني بدخول القوات المسلحة إلى مدينة الكاملين.. هل هذا هو الشعب الذي تريدون أن تحكموه؟ هل يوجد إثبات أكثر من هذا أن هذه الحرب التي تخوضونها ضد شعبنا؟".

في المقابل، قال أبو علي "إعلان تحرير الخرطوم يبدأ الآن من مدينة الكاملين"، في حين قال أبو القاسم "ينتصرون في الإعلام والدعم السريع ينتصر في الميدان".

وزار رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان بلدة "ود أبو صالح" شرقي الخرطوم، والتي استعادها الجيش السوداني مؤخرا، وقد توعد بملاحقة قوات الدعم السريع.

وتحدث البرهان عن جسر سوبا شرقي العاصمة، وهو جسر حيوي يربط بين منطقة شرق النيل وجنوب الخرطوم، والتي تعد حاليا المعقل الرئيسي لقوات الدعم السريع.

وفي آخر التطورات الميدانية، قال الجيش السوداني اليوم الأربعاء إن قواته سيطرت على حي الرميلة ومقر الإمدادات الطبية ودار صك العملة في الخرطوم.

وقالت مصادر ميدانية للجزيرة إن الجيش أصبح على مقربة من شارع الغابة المؤدي إلى وسط الخرطوم، حيث تتمركز قوات الدعم السريع.

5/2/2025

مقالات مشابهة

  • مصطفى بكري: الجيش السوداني سيقضي على ميليشيا الدعم السريع
  • كيف تفاعل النشطاء مع التراجع الكبير لقوات الدعم السريع أمام الجيش السوداني؟
  • «الجيش السوداني»: تقدمنا في كل المحاور وأوجعنا الدعم السريع
  • السودان : الإعدام شنقاً على متعاون مع الدعم السريع
  • صحة السودان تتابع المستشفيات التي دمرتها الدعم السريع
  • سيكتب التاريخ ان الصياد هو المتحرك الذي أفترس متمردي الدعم السريع وسلبهم الحياة
  • الجيش السوداني يستعيد آخر معاقل الدعم السريع بولاية الجزيرة
  • الجيش السوداني يستعيد آخر معاقل الدعم السريع بالجزيرة
  • السودان.. مصرع 6 أشخاص في قصف مليشيا الدعم السريع مستشفي بالخرطوم
  • مصادر: مقـ.تل قائد كبير لميليشيا الدعم السريع