سودانايل:
2025-02-17@05:01:57 GMT

نحن ما بين ترياق فكر هادي وأيمان صميم ضالين

تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT

منذ الاستقلال وتعاقب الحكومات والحاكمين فوق رؤوسنا نبحث عن الدولة التي نتمنى أن يكون عليها الوطن والان بعد هذه الأعوام الطوال منذ أن نال السودان استقلاله نحاول أن تعمل و نعي ما سوف تكون الأوضاع المستقبلية المحتملة عليها في السودان و محكومة بشكل أساسي أداء الطبقة السياسية السودانية، وما تُحرزه من تقدُّم في المحاور الأربعة تهيئة المناخ السياسي، وتعزيز الوحدة الوطنية، وإعادة صياغة البنية الدستورية والقانونية للدولة على قيم الديمقراطية، وضمان كفاية الأداء التنفيذي للدولة , فإن استطاعت هذه الطبقة السياسية، بالرغْم بداياتها المتعثرة، أن تتدارك نفسها، وتستفيد من دروس التجارِب الوطنية المتعثرة في الانتقال الديمقراطي سابقًا، ومن عِبَر الانتكاسات المؤلمة في بعض للدول من حولنا في القارة الأم، وأن نحقِّق تقدمًا ملموسًا في قضية شكل الدولة وكيف نحكم وإنهاء الصراع المسلح كل هذه المحاور من الصعب أن ينجح السودانيين في بناء أجماع عليها لاجتياز عتبة الانتقال إلى مرحلة ترسيخ الديمقراطية واستدامتها, حتى إِنْ لم نْفلِح في تحقيق شعارات الثورة، فلربما قد لا تتمكن الطبقة السياسية من الحفاظ على سلامة الدولة واستمراريتها كسودان موحد، ريثما يولد تيار جديد من رحم الحركة الشبابية الواعدة والقوى الحية التي صنعت ثورة ديسمبر بوعيها وتضحياتها إلى بناء تحالف يصنع الدولة التي نحلم بها وها واصلت الطبقة السياسية السودانية أداءها المرتبك والخاذل والمفرط في الأنانية، ولقد عجزت عن تحقيق الحد الأدنى من المطلوبات لضمان الانتقال الآمن للديمقراطية، وتغول الجيش علي السلطة وسقطت البلد في اقتتال وتدمير لكل شيء من منجزات علي الأرض للتنمية إلي قيم الإنسان و في ظل تنامي النفوذ الإقليمي والدولي وتدخله في الشأن السوداني الداخلي، ووجود مليشيات وحركات حاملة للسلاح، فإن والارتداد إلى الحكم الاستبدادي أو الانزلاق نحو الفوضى والحرب الأهلية هو ما سوف يحدث وهذا ما ظهر بعد أندلع القتال ما بين الجيش والدعم السريع
أأوضاعنا الحالية حقيقة مزريه ومؤلمة ولا تشرف عاقل، سواء نظرنا إلى أنفسنا بصفة أفراد أو جماعات، في أسوأ حال نحس الهزيمة أو التخلف أو التأخر الاقتصادي أو المهانة والأوضاع المزرية للأفراد أو الاستبداد أو الكراهيَة وغيرها من أمراض النفوس والعصر حقيقة هناك شيء خاطئ في الطريقة التي نتعايش بها مع كل الأوضاع بحياتنا، بما يفسر تخلفنا وتدهور أحوالنا, وطريقة حياتنا محكومة بنظام معين من الاعتقادات والخرافات والخزعبلات، ويعود تدهور أحوالنا لطريقة الأيمان بالدين هو الجزء المركزي من فكرة الاعتقاد لدينا، بما يجعل أي حديث عن الاعتقادات يحيل بالضرورة إلى الاعتقاد الديني و فهمنا للدين, إذا أردنا الإصلاح والنهضة، فإن علينا إصلاح اعتقادنا الديني, إن القضايا تُشكّل لب هذه المحاكمة المؤيدة للحاجة السليم للتدين بعقولنا قبل طرحها علي الآخرين، فيمَا يستند رفض سؤال الفهم الديني والحاجة إليه إلى رفض واحدة من هذه القضايا
يمكن تقديم استراتيجيتين رائجتين تعتمدان هما سوء الأحوال ليس لأسباب تخصنا إنما لأسباب تخص آخرين، ولائحة هؤلاء الآخرين عادة ما يتقدمها الاستلاب الحضاري والتغريب وغيرها واليوم يوجد ما يشبه التحالف على رفض بين تيار ما-بعد الاستعمار الذي انتعش في الجامعات الغربية وتيارات أصولية عمومًا، لا أعتقد أن هذه المقاربة تستحق الوقوف عندها، ليس فقط لأنها تقوم على إعفاء النفس من المسؤولية، إنما لأنها لا تقول أي شيء مفيد حقًا لتغيير الحال.

تحظى الفكرة الأخري وهي رافضةً إعطاء دورًا مركزيًا للاعتقاد في تحديد طريقة حياتنا (ربما تكون الماركسية بنسخها الاقتصادية أكثر التيارات تعبيرًا عن هذا الطرح؛ ونسخة معتدلة تكتفي برفض, أي كون الدين الجزء المركزي في موضوع الاعتقاد، ما يجعل الإصلاح الديني مسألة أقل أهمية فيمَا يتعلق بحياتنا, ولكي نفهم الصراع مآبين النخب في مسائل التوجه الفكري للامة معضلة هذا التناول هو أنه لا يستطيع تفسير حجم الدور الذي يلعبه الدين، لذا تصبح المسألة الإسلامية مسألة مستعصية مع محاولة ردها إلى بعد اجتماعي أو ثوري أو أي شيء آخر, هنالك سجالات كثيرة وكتابات مثيرة ولكن كلها تصب في مجال الاستعراض الفكري لا أحقاق حق أو أقامة دولة الفكر وهنا وبعيدًا عن هذه الأطروحات نجد ثمة مشكلة بهذه المحاكمة تتمثل في ابتدائها من بحالنا والدنيا من حولنا انطلاقًا من هذا الحال، هل نبدأ من يصوب الدين والحكم عليه بحياتنا فالغاية من الإيمان تحسين الحياة الدنيا، والسبب الداعي للإصلاح الديني ينتمي بدوره إلى الحياة الدنيا، تخلّفنا وسوء أحوالنا ومهانتنا. تجعل هذه المحاكمة من الدنيا حكمًا على صلاح الاعتقاد بالآخرة، بالماورائيات والغيبيات و يفترض هذا التصور أن الوضع الجيد، والتقدم والازدهار، علامة على صحة وسلامة نظام التدين تحديدَا الحياة يجب أن تكون سعيدة و جميلة وهانئة، وإن حصل ما يعكر عليها هذا، فإن هناك أمرًا خاطئًا فيمَا يخص اعتقاداتنا يجب إصلاحه. هل حقًا الحياة الهانئة دليل على أننا نقوم بالأمور بشكل صحي، والحياة البائسة دليل على وجود خطأ ما فيمَا نعتقد؟ أظن أن الجواب هو لا، أو بدقة أكبر، لابد من أعادة قراءة الدين بواسطة الفهم السليم لدوره في حياتنا وبهذا نقدم فائدة عظيمة لتوضيح إشكال الربط المشروط ما بين حال الحياة الدنيا واعتقاداتنا الدينية و ازدهار نتيجة لصحة الاعتقاد فالطريقة التي ينظر االسودانيون بها إلى علاقتهم بالله تجعل محاجة الإصلاح الديني غير ذات قيمة وَسْط هذا الكم من الانكفاء علي تجرِبة إنسانية خاوية تمامًا من الفهم السليم للتدين وللغرابة نجعل من الدنيوي حكمًا على الغيبي الدنيا وحالها تحكم على العُلاقة التي تجمعنا بالله، ومعها تصبح السعادة (التقدم والازدهار والرخاء وغيرها) هي دلائل نحكم بواسطتها على صحة علاقتنا ب الله. إن المحاكمة التي ينطلق منها الإصلاح الديني تضع الأمور على رأسها

لا يكم الرد الوحيد على المحاكمة الضمنية المعتمدة من طرف دعاة الإصلاح الديني في التنصل من المسؤولية وتحميلها للاستعمار أو التهوين من دور الديني لمصلحة قراءة مادية أو أسبقية الإصلاح السياسي, وفي بعض الاحيان نقول لبعضنا أمام المشاكل والتعقيد الماثل بأننا أيوبيون، علاقتنا بالله لا تقوم على السعادة والمكافأة، إنما على الابتلاء والتجربة. سمعت في إحدى الخطب أن مسألة مشابهة تمامًا، حين يؤكد الأمام على الحاجة إلى الجهاد والقيام به حتى لو كانت الهزيمة ماثلة أمامنا, فالنصر وعد من الله ينفذه حينما يشاء، وواجبنا بصفة مؤمنين القيام بواجب الجهاد بمعزل عما ينتظرنا. هذه العدمية تجد معناها في هذا اليقين المطلق الذي ينتظر اختباره, يجعل الإصلاح الديني من الحياة الدنيا منطلقًا للابتداء، نحن بحاجة لإصلاح لأننا نحيا بطريقة مثيرة للشفقة، مثل هذه الأقوال تبدو منفرة لأي شاب، حتى خاسرة، كوننا نجعل من الحياة الدنيا حكمًا على الحياة الآخرة. ليس علينا أن نسألهم عن مدى صلابة إيمانهم وهم يقدمون لنا هذه التبريرات، إنما أن نشير لهم أيضًا إلى هذه المقايضة الخاسرة التي يقدمنها تجد الحاجة للإصلاح الديني انطلاقًا من شظف الحياة ومعاناتنا فيها، إنما تظهر الحاجة للإصلاح عندما يتلوث إيماننا ويبهت، عندما تشوبه البدع والانحرافات. عندها يصبح الإصلاح الديني أمرًا ملحًا لاستعادة نقاء الإيمان وصفائه وقوته. بهذا، فإن الإصلاح الديني سؤال يمليه الإيمان ومن داخل منطقه، فهو شأن داخلي لكل لمؤمن كان يقال لنا ونحن علي مَقْعَد الدارسة أن الهُوِيَّة السودانية هُوِيَّة ثنائية التكوين، أخذت من الهُوِيَّة الأفريقية مثلما أخذت من العربية، وعندما اتخذت طريقها إلى التوحد بالتسامح والتعايش المشترك تكاثرت عليها نصال الحروب الأهلية وصراعات التقسيم والانفصال, وقد كاد السودان أن يجد نفسه في هويته "السودانوية" كمزيج للأفريقية والعربية، وذلك بصفة نسيج اجتماعي انصهر دمه ولونه ولسانه. أما بصفة تكوين سياسي فلم تبرز هويته من قِبل الدولة حيث صنف كثير من المفكرين الدولة السودانية بأنها تسعى دومًا إلى الحياد حتى لو لم تنجح في ذلك, لهذا، فإن السودانيين في وجودهم هذا تؤرقهم أسئلتهم الذاتية، ورغم أن البعض استطاع الإجابة عن بعضها، فإنه بلا شك قد عجز عن إدراك كنه البعض الآخر. أجاب عمن يكون، بقلب ملؤه إيمان الأعمى بأن مكونات هويته هذه هي سودانيته التي ينحدر منها، ولكنه تردد في الإجابة عن مستوى تلك الهُوِيَّة هل هي هُوِيَّة مفتوحة ذات سيرورة لا تنتهي أم هُوِيَّة ضيقة يحددها الآخرون المحيطون بعوائق الخوف من تصدير تلك الفكرة الهجين؟ لذلك تجد نفسك تبحث تفسيرَات منطقية للتدين والهوية لكي تسقط عليها كيفية أدارة الشأن والانحياز للعقلاء ولكل كل العقلاء في حالة ما بين ترياق العلاج والضلال البعيد, هكذا نحن وأن كنا كارهين.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الطبقة السیاسیة الحیاة الدنیا ة السودانیة ما بین

إقرأ أيضاً:

إيجبس 2025| مصر تستضيف أكبر حدث للطاقة برعاية الرئيس السيسي.. 47 ألف مشارك في “أم الدنيا”

تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، تنطلق غدًا النسخة الثامنة من مؤتمر ومعرض مصر الدولي للطاقة "إيجبس 2025"، وذلك في الفترة من 17 إلى 19 فبراير 2025، تحت شعار "بناء مستقبل آمن ومستدام للطاقة".

ويُعد "إيجبس 2025" من أبرز الفعاليات في قطاع الطاقة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، ومن المتوقع أن يستقطب الحدث حوالي 47 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم. 

وسيجمع المؤتمر قادة صناعة الطاقة لمناقشة التوجهات المستقبلية، بهدف تعزيز التحول في القطاع وزيادة الزخم نحو أنظمة طاقة آمنة، مستدامة بيئيًا، وبتكلفة ملائمة.

مؤتمر ومعرض مصر الدولي للطاقة “إيجبس 2025”

وسيشارك في "إيجبس 2025" أكثر من 300 من كبار المسؤولين وقادة صناعة الطاقة والخبراء المرموقين كمتحدثين رئيسيين في الجلسات، بالإضافة إلى استقبال المعرض لـ2500 موفد، مما يوفر فرصًا واسعة للتواصل وتبادل الخبرات.

وسيضم المعرض الدولي أكثر من 500 عارض يقدمون ابتكاراتهم وحلولهم عبر 11 جناحًا دوليًا، أكبرها جناح الصين، مع مشاركة دول مثل رومانيا (لأول مرة)، إسبانيا، ألمانيا، إيطاليا، قبرص، تركيا، الولايات المتحدة الأمريكية، اليونان، الإمارات، والهند.

كما ستشارك 8 مؤسسات بترول حكومية، منها الهيئة العامة للبترول في مصر، الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية، المصرية القابضة للبتروكيماويات، مبادلة للطاقة، بتروناس، طاقة، وكوفبيك.

وبالإضافة إلى ذلك، ستشارك 17 شركة بترول وطاقة دولية، مثل أباتشي، بريتيش بتروليوم، كابريكورن إنرجي، شيفرون، دراجون أويل، إنرجيان، إيني، إكسون موبيل، هاربور إنيرجي، هاليبرتون، هيلينيك إنرجي، مجموعة IPR للطاقة، جيريه، توتال إنرجيز، ترانس جلوب إنرجي، XRG، وشل، إلى جانب 17 شركة دولية كبرى مقدمة للخدمات والتكنولوجيا.

ويتضمن "إيجبس 2025" ستة مؤتمرات استراتيجية وفنية متخصصة، تشمل: المؤتمر الاستراتيجي، المؤتمر التقني، مؤتمر الاستدامة في الطاقة، مؤتمر التمويل والاستثمار في الطاقة، مؤتمر القيادة والتطوير، ومؤتمر الحوار الأفريقي.

ومن المقرر حضور عدد من الوزراء، منهم: كريم بدوي وزير البترول والثروة المعدنية، محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، ياسمين فؤاد وزيرة البيئة المصرية، صالح الخرابشة وزير الطاقة والثروة المعدنية في الأردن، جورج باباناستاسيو وزير الطاقة والتجارة والصناعة في قبرص، إكبيريكبي إيكبو وزير الدولة النيجيري للغاز، أنطونيو أوبورو أوندو وزير المناجم والمحروقات في غينيا الاستوائية، وليد فياض وزير الطاقة والمياه في لبنان، سعيد سليمان وزير النفط والمعادن في اليمن، ويونس علي جيدي وزير الطاقة والموارد الطبيعية في جيبوتي.

وبالإضافة إلى ذلك، سيحضر عدد من رؤساء الشركات العالمية وقادة صناعة الطاقة على المستويين المحلي والدولي.

مقالات مشابهة

  • الداعية وسيم يوسف: لا يوجد سعادة فى الدنيا بل فى الآخرة فقط
  • الشباب والرياضة تواصل تنفيذ برنامج رواق الأزهر لتعزيز الوعي الديني لدى النشء والأسرة
  • «الارتباط بين العقد والسلوك» ندوة لتجديد الخطاب الديني لمفتي الجمهورية بجامعة مدينة السادات
  • إيجبس 2025| مصر تستضيف أكبر حدث للطاقة برعاية الرئيس السيسي.. 47 ألف مشارك في “أم الدنيا”
  • بلمهدي يتباحث مع السفيرة الهندية سبل التعاون في المجال الديني
  • لميس الحديدي تحتفي بهاتريك مرموش: كسر الدنيا في 15 دقيقة
  • المالكي: لا ظهور للإمام المهدي في ظل الفساد
  • رئيس الوزراء: مصر تعتزم التركيز على ملف الإصلاح الإداري
  • تصريحات البرهان.. ترياق الفتنة!
  • سالي عبدالسلام تكشف تفاصيل وصيتها وتحرص على الالتزام الديني