استدامة الحرب كغاية في حد ذاتها !! .. بقلم/ عبدالله رزق ابوسيمازة
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
شرع دعاة الحرب في استحداث مسار جديد لاستدامتها، كغاية في حد ذاتها، كأحدث منعطف في تطوراتها وذلك بتغذيتها بخطاب الكراهية، والتحشيد القبلي وتسليح المواطنين تحت ستار المقاومة الشعبية.
يحدث هذا التطور في ظل متغيرين هامين، أولهما، وضوح موقف قيادة الجيش ممثلة في الجنرال عبدالفتاح البرهان، ونائبه الجنرال شمس الدين كباشي بشأن الانخراط في العملية التفاوضية لوقف الحرب سلما، ففي الوقت الذي أومأ فيه البرهان خلال حديث للجيش في البحر الأحمر، بموافقته للقاء حميدتي في عنتيبي، انسجاما مع تعهداته لقمة ايغاد حول السودان التي استضافتها جيبوتي مؤخرا، كشف الكباشي عن استئناف عملية التفاوض بين الجيش والدعم السريع، في ذات الوقت، في منبر جدة.
إذ ينطوي قرار الانسحاب ، الذي نفذته من قبل عدة حاميات للجيش في غربي البلاد على رفض مبطن للاستمرار في الحرب غض النظر عن الأسباب المباشرة لذلك القرار والذي يعني من جهة أخرى تراجعا تكتيكيا أو استراتيجيا عن خيار الحسم العسكري للمعركة بما يقتضيه من انتقال من حالة الدفاع إلى الهجوم، وهو الخيار الذي يتبناه الإسلاميون والفلول.
لذلك يتمرأى الوجه الآخر، لواقعة مدني بشكل خسران الإسلاميين والفلول رهانهم على الجيش لتحقيق مستهدفاتهم وأهمها عودتهم للحكم مجددا.
ومع إدراكهم بأن المقاومة الشعبية التي شرعوا في تكوينها لتعويض ذلك الخسران، لن تكون قادرة على تحقيق مالم يحققه المقاتلون المحترفون خلال أكثر من ثمانية أشهر، فإن مشروع المليشيا لن يكون غير وسيلة إضافية لإطالة أمد الحرب من أجل الحرب، لا أكثر.
وفي ولايات الشمال والشرق، حيث ينشط دعاة الحرب من الإسلاميين والفلول برعاية السلطات الولائية تتصدر اللافتات القبلية والإثنية والجهوية الدعوة لتوسيع نطاق الحرب وتحويلها لحرب أهلية شاملة من طراز حرب رواندا 1994، فيما يتصاعد خطاب الكراهية ضد مجموعات سكانية أخرى يجري دمغها بالمرجفين والطابور الخامس والخلايا النائمة.
وقد رافق سعار الاستنفار بجانب حملات الاعتقالات في بعض الولايات عمليات تصفية جسدية للمشتبه بهم أحيانا وفق ما يتردد في السوشيال ميديا.
وتواجه هذه الحملة المسعورة التي تستهدف على المدى البعيد إفشال أي مسعى لإنهاء الحرب برفض واسع ومتصاعد من قبل القوى الحية في المجتمع، ففي الولاية الشمالية وولاية نهر النيل تتصاعد موجة رفض المساعي التي يقوم بها فلول النظام المقبور للزج، بأبناء الولايتين في حرب لا ناقة لهم فيها ولاجمل.
وفيما تبرأت العديد من الكيانات القبلية التي وجدت أنه يتم الزج باسمائها في هذا المستنقع من تلك الدعوات، وادانتها، "ناشد مؤتمر البجا مواطني شرق السودان لرفض ومقاطعة حملات التحشيد والاستنفار"، واعتبرها، حسب راديو دبنقا ،"تشكل تهديدا لأمن إقليم شرق السودان.
واعتبر أن تلك الدعوات، المنادية بحمل السلاح تعطي المبررات لتمدد الحرب شرقا ".
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
أنا ضد الحرب ومع الجيش
تأمُلات
كمال الهِدَي
" أنا ضد الحرب لكنني مع الجيش" عبارة لا أفهمها إطلاقاً سيما عندما تصدر من إعلامي كبير عمر ظللنا نسمع به منذ كنا تلاميذ مدارس، أو حين يرددها مفكر أو أستاذ جامعي ومستنير.
. فهل يظن هؤلاء أننا نتناقش حول مباراة كرة قدم بين فريقي الجيش والجنجويد!
. نحن نشهد حرباً قدرة وعنيفة معلومة المرامي والأهداف، ومساندة أي من طرفيها تعني بالضرورة تأييدك لفكرة إستمرارها.
. والغريب أن نفس هؤلاء (الضد الحرب ومع الجيش) ينتقدون الأطراف الخارجية الداعمة لأحد طرفيها بداعي أن ذلك يساهم في إستمرارها.
. فهل تعاني هذه الفئة من لوثة عقول، أم أنهم يخضعون للإبتزاز الرخيص ويتوهمون أن عدم قول " أنا مع الجيش" سيضعهم في خانة الخونة والعملاء!
. وفي الحالتين لا أتفهم موقفهم لسببين.
. السبب الأول هو أن الجيش الذي يتحدثون عنه مجرد مليشيا أم تفرخ كل يوم العديد من المليشيات الأصغر ما يعني إستمرار الحرب وتحولها لحرب أهلية شاملة، ولا يمكنك بالطبع أن تدعم جيشاً مزعوماً لا يحافظ على وحدة الشعب ولا على التراب.
. أما السبب الثاني فهو أن من يوزعون صكوك الوطنية خلال هذه الحرب ليسوا مؤهلين أخلاقياً ولا قيمياً ولا دينياً حتى يحكموا علينا.
. فمتى يصبح الكبار كباراً بحق لكي يساهموا في رفع وعي من هم أقل منهم تجربة بدل لوثة العقول التي تسيطر عليهم!
kamalalhidai@hotmail.com