يمكننا أن نزعم -بقلب مطمئن- أن قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي يخلدون للنوم كل ليلة وهم يحلمون بشيء واحد فقط: أن تتحول الحرب الحالية التي باتت مستنقعا بالنسبة إليهم إلى معركة دبابات كلاسيكية جدا، حتى إن كانت بمستوى معركة كورسك (عام 1943)، وهي أكبر معركة دبابات في التاريخ بأكثر من 6000 دبابة بين السوفييت والألمان، إنهم بارعون في تلك النوعية من المعارك لا شك، ولهم تاريخ طويل معها، ويتدربون عليها بانتظام وتميز، لكن هناك مشكلة واحدة، وهي أن تلك المعارك قد عفا عليها الزمن.

الدبابات توفر الدعم لقوات المشاة والمهندسين لكي يقوموا بتنفيذ مهامهم على مسافة آمنة، هذا تكتيك بسيط يستفيد من نقطتي قوة تتمتع بهما الدبابات الحديثة؛ قوة النيران بعيدة المدى، وأجهزة الاستشعار المتقدمة.

 

تشكيلات الدبابات

في الواقع، تمتلك دبابات الميركافا مثلا أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا في تلك النطاقات، ولا نقصد هنا نظام "تروفي" الذي يستشرف الضربة القادمة فقط، ولا درع الدبابة التفاعلي، أو "الدرع القفصي" الذي هو بمنزلة شبكة فولاذية تحمي الدبابة من القنابل القادمة من المسيرات، بل نقصد كذلك أن الإسرائيليين قد تعلموا من التجربة الأوكرانية الكثير، ومن بين ما تعلموه هو قاعدة أن لكل دبابة مسيّرة تطير أعلاها، وتقوم بمسح المنطقة لحظيا وإعطاء البيانات لقائد التشكيل والقيادات الأخرى.

حينما ترى جندي المقاومة وهو يضرب دبابة ميركافا أو مدرعة نمر فربما تظن لوهلة أن هذه الآلية تجري وحدها في الشارع، لكن الأمر أعقد من ذلك بكثير، ولا يقف فقط عند حدود أن لكل دبابة مسيّرة، بل يتعلق كذلك بتشكيلات الدبابات، لا تفصح قوات الاحتلال عن التشكيلات التي تتخذها دباباتها ومدرعاتها في أثناء إجراء عملية ما، لكن هناك عدة أشكال عامة توجد في كل جيوش العالم، بما في ذلك جيش الاحتلال.

فهناك مثلا تشكيل "العمود" أو الطابور، وفيه ببساطة تسير الآليات العسكرية (عادة من 4-6 آليات من دبابات ومدرعات وجرافات) في صورة صفين بينهما مسافة، ويُستخدم هذا التشكيل عادة للسير على الطرق، وخاصة أثناء الرؤية المحدودة أو عند المرور عبر الغابات الكثيفة أو الركام، يختلف ذلك عن تشكيل "الصف"، وفيه تدخل الدبابات منطقة ما إلى جوار بعضها بعضا بشكل أفقي، ويُستخدم هذا التشكيل عند مهاجمة هدف أو عبور المناطق المفتوحة، ويُتيح هذا التشكيل مرور القوات لمنطقة ما بسرعة مع تحقيق أقصى قدر من النيران من المقدمة.

(الجزيرة)

على الجانب الآخر، يوفر تشكيل "القيادة"، الذي يشبه درجات السلم، قوة نيران ممتازة في الأمام، وكذلك في أحد الجانبين، ويميل هذا التشكيل عادة ناحية الجانب المكشوف المراد تأمينه (يمين أو يسار)، بينما يسمح تشكيل "السهم" بإطلاق نار ممتاز في الأمام وجيد على الجانبين، أما التشكيل "الملتف" فهو نظام ثابت يوفر الأمان والمراقبة الشاملة، ويفيد في حالة التزود بالوقود والراحة وإصدار الأوامر للتشكيلات.

هناك طرق متنوعة لبناء هذه التشكيلات، والانتقال من واحد إلى آخر، وهناك تشكيلات إضافية نابعة من داخل تلك التشكيلات، لكن الفكرة واحدة، وهي أن تمتلك الفرقة المقاتلة القدرة على دراسة موقع العمليات بدقة والتموضع لتحقيق أقصى درجة من إصابة العدو وتأمين القوات، والسيطرة على المساحة المحيطة بزاوية 360 درجة.

 

نموذج لكمين قسّامي

ما يواجه جنود المقاومة إذن ليس مجرد دبابة شاردة، وإنما هو تشكيل معقد للقوات يتطلب لمواجهته أحد حلين، الأول هو تشكيل مقابل بالقوة والقدرات نفسها (أو أكبر)، وهذا غير متاح بالنسبة للمقاومة قطعا، أما الثاني فهو الاعتماد على العنصر الأساسي للحرب غير النظامية، وهو المفاجأة الذكية، ولفهم تلك الفكرة دعنا نتخيل أن قافلة من الدبابات الإسرائيلية تسير في أحد الشوارع، ربما بتشكيل "العمود"، ثم تتلقى ضربة صاروخية من أحد المباني، من الدور الثالث، على مسافة 50-80 مترا.

الاستجابة الأولية للفرقة الإسرائيلية هي أن تبتعد الدبابات التي لم تُدمَّر وما يصاحبها من فرق المشاة عن منطقة الاشتباك، ويقوم الجنود بتفجير قنابل دخانية يسيرون داخل ضبابها إلى منطقة آمنة، ثم يتخذون تشكيلا يوجِّه قوة النيران إلى هذا المبنى مع حماية للخلفية، ويشرعون بإطلاق النيران تجاه تلك البناية من المنطقة الآمنة، سواء للقضاء على المقاومين فيها أو على الأقل لحبسهم داخل البناية لحين وصول الطائرات التي أعطوها إحداثياتها قبل دقائق.

لكن المقاومة لن تتوقف عند مجرد تنفيذ كمين بسيط، فالمخطِّط العملياتي يعرف بالضبط أن ذلك سيحدث، لذلك ستبني المقاومة ما يسمى بالكمائن المعقدة، وفي المثال الذي ضربناه قبل قليل فإن ذلك يعني أن يكون هناك فريق آخر من المقاومين على سبيل المثال يقف في بناية على الجانب الآخر من الطريق بحيث يصنع الفريقان معا حينما يطلقان النار على جنود الاحتلال شكل حرف V، يصنع ذلك ما يشبه "فكي كماشة" على قافلة الدبابات، كما أنه يشتت نيرانها.

(الجزيرة)

ولا يقف الأمر في الكمائن المعقدة عند هذا الحد، بل تُستخدم أنواع مختلفة من الأسلحة من فرق مختلفة من الجنود، بزوايا استهداف مختلفة ومن مناطق متعددة وليس من مكان واحد فقط، وفي حالة المقاومة الفلسطينية فإننا نفترض أنهم يُفضِّلون بدء الكمين بالعبوات الناسفة، ربما لإيقاف سير قافلة الدبابات والمدرعات وقتل أكبر عدد ممكن من جنود العدو في الضربة الأولى، ومن ثم استخدام القذائف الخارقة للدروع من مبنى واحد أو مبنيين متقابلين مثلما شرحنا قبل قليل، مثل "الياسين 105" أو الكورنيت، وبعد ذلك يأتي دور الأسلحة الخفيفة.

 

التضاريس الحضرية والأنفاق

يهدف الكمين المعقد إلى تحقيق أقصى عدد من الخسائر في أقل وقت ممكن، وهذا مفهوم، فإذا لم يختفِ جندي المقاومة بأسرع ما يمكن (محافظا على نفسه وذخيرته) فإن الدبابات ستضرب المبنى فورا والطائرات ستأتي عما قريب، لكن في هذا السياق فإن المقاومة تمتلك سلاحين إضافيين إلى جانب التخطيط الممتاز للكمائن المعقدة، وهما ببساطة التضاريس الحضرية والأنفاق.

الأول سلاح يقف دائما في صف أصحاب البلد حينما يواجهون غازيا خارجيا، وإلى الآن لا تزال التضاريس الحضرية هي أكبر مشكلات الجيوش المعاصرة من ستالينغراد إلى غروزني إلى مقديشو إلى الفلوجة، وهي تخدم المدافع وتسمح له بتشكيل موقع المعركة بمرونة شديدة، فيفرض قواعده عليها وليس العكس. إنها السبب أساسا في تمكُّن المقاومة من التخفي وبناء كمائن معقدة متعددة.

أضف إلى ذلك أن التضاريس الحضرية ببساطة تمنع الدبابات من التقدم، وتفرض على جنود الاحتلال في مرحلة ما النزول إلى أرض المعركة في قتال كلاسيكي (رجل ضد رجل)، وهي كذلك تمنع مسيرات الاستخبارات من رصد جنود المقاومة أثناء تحركهم في خطوط هروب معدة مسبقا.

إلى جانب ذلك يأتي سلاح الأنفاق، أقوى سلاح في هذه الحرب بعد قدرة المقاومة على التخطيط الذكي، ونحن نعرف أن هناك سلسلة من الأنفاق ممتدة بعمق يبدأ من 20 مترا أسفل مدينة غزة وعلى مسافة مئات الكيلومترات، إنها ببساطة ما يجعل المقاومين أشباحا بالنسبة لجنود الاحتلال، يظهرون ويختفون في لمح البصر، وهي إلى جانب التضاريس الحضرية السبب في تمكُّن المقاومة من ضرب الدبابات والمدرعات الإسرائيلية من مسافات قصيرة (أقل من 50 مترا).

الضرب من مسافة قصيرة يحقق ثلاث فوائد للمقاومة، فهو يتلافى إمكانات المسيّرة الاستكشافية التي تطير أعلى الدبابة، ويتجاوز نظام تروفي على متنها، الذي يرصد القذيفة القادمة ويواجهها، وأخيرا فإنه يعزز من قدرة القذيفة الترادفية على اختراق دروع الدبابة أو المدرعة التفاعلية، ويرفع من احتمالية الإصابة الفعالة للآلية العسكرية.

أضف إلى ذلك أن جندي المقاومة يتمكن في بعض الأحيان من الوصول إلى الدبابة نفسها على مسافة صفرية، وهنا لا حاجة إلى استخدام قذائف مضادة للدبابات، ولكن يمكن استخدام أداة أرخص وهي العبوات الناسفة الخارقة للدروع مثل "شواظ"، فقط قارِن بين سعر عبوة ناسفة محلية الصنع (بضع عشرات من الدولارات) مقابل دبابة تتكلف ملايين الدولارات.

ما سبق من تكتيكات هو السبب في نجاح المقاومة في تكبيد الاحتلال خسائر كبيرة وصلت إلى الآن إلى قرابة 1000 دبابة ومدرعة إسرائيلية.

 

العزم!

كل ما سبق يقع فقط في النطاق العملياتي والتكتيكي، لكن الحرب لا تقف على قدمين عسكريتين، بل قدم عسكرية، والأخرى اجتماعية وسياسية ونفسية. في ورقة بحثية واسعة الشهرة نُشرت في مجلة "ورلد بوليتكس" سنة 1975 بعنوان "لماذا تخسر الأمم الكبرى الحروب الصغيرة"، يرى أندرو ماك، من كلية الدراسات الدولية بجامعة سيمون فريزر الكندية، أن هناك سلاحا آخر في الحروب غير المتكافئة من هذا النوع يدعم الجيوش الصغيرة، وهو "العزم".

يقول ماك إن العزم هو ما يفسر النجاح أو الفشل في الصراعات غير المتكافئة، والخلاصة أن الجانب الذي يتمتع بأكبر قدر من العزم يفوز، بغض النظر عن الفارق في القوة المادية. ويرتبط العزم في هذا السياق بالفارق بين القوتين المتحاربتين، فإذا اتسعت الفجوة في القوة النسبية بين الفريقين (المقاومة والاحتلال في هذه الحالة)، فإن الجهة الأقوى في العدد والعتاد تكون بالتبعية أقل تصميما وعزما، وعلى العكس فإن الجهات الضعيفة تقنيا وعدديا عادة ما تكون أكثر تصميما وعزما، لأن المعركة بالنسبة لها تُمثِّل كل شيء حرفيا.

وبالتالي فإن الجيوش الكبرى قد تخسر حروبا صغيرة لأنها أقل عزما، ومع طول أمد الوضع السياسي المتأزم، ستُجبَر على الانسحاب دون تحقيق النصر العسكري الحاسم، فمجرد ثبات المقاومين في هذا النوع من الحروب يُعَدُّ انتصارا.

يمكن لهذا النموذج أن يتحقق في الحرب الدائرة الحالية على غزة، فلو تأملنا الأهداف الإسرائيلية المعلنة مسبقا، وهي القضاء على حماس وتخليص الأسرى والسيطرة على غزة، لوجدنا أنها لم تتحقق بعد جميعا، بل إن الاحتلال يحاول حاليا إعادة صياغة أهدافه داخل غزة لتتناسب مع ما واجهه من صعوبات خلال الاجتياح البري.

أضف إلى ذلك أن الداخل الإسرائيلي يبدو مضطربا سياسيا أكثر من أي وقت مضى، ومع المظاهرات التي تنطلق في كل أنحاء العالم تنديدا بعدوان غير مسبوق على الأبرياء، وبدايات اضطراب في الرابط السياسي الذي بدأ قويا بين الغرب وإسرائيل، فإن الأمور بالفعل تميل إلى صالح المقاومة، التي لا تمتلك من العتاد إلا أسلحة صغيرة نسبيا، مع ذكاء في التخطيط، وعزم لا يلين.

————————————————————————————————–

المصادر

1- Global Security Military Basics, CHAPTER 4, MOVEMENT, Section II. MOVEMENT FORMATIONS

2- ACTIONS ON THE OBJECTIVE – AMBUSH – US Army Maneuver Center of Excellence

3- Andrew Mack – Why Big Nations Lose Small Wars: The Politics of Asymmetric Conflict -World Politics Vol. 27, No. 2 (Jan. 1975), pp. 175-200

4- THE ESSENTIALS OF GUERRILLA WARFARE – PATRICIA D. HOFFMAN, Air University Press (2000)

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: هذا التشکیل ن المقاومة على مسافة ذلک أن

إقرأ أيضاً:

جباليا… المدينة التي قهرت جنود الاحتلال الصهيوني

 

للانتقام من أهلها…شدد العدو الصهيوني حصاره للمدينة وقصفها عدة مرات وقتل الآلاف من سكانها

 

الثورة/ أحمد السعيدي

بعد أكثر من عام على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتدمير غالبية المدن، وقتل عشرات الآلاف من المدنيين، والزعم بتفكيك كتائب المقاومة هناك، وجد جيش العدو نفسه أمام مقاومة شرسة بمخيم جباليا الذي عاد له من جديد وتقدم جيشه بقوات كبيرة في أكتوبر الماضي إلى المخيم، معلناً بدء عملية عسكرية برية فيه، ومعها ارتكب العدو مجازر مروعة بحق المدنيين، وقصف المنازل على رؤوس ساكنيها، وأمام الهجوم الإسرائيلي العنيف لا تزال المقاومة الفلسطينية صامدة وثابتة في مواجهة هذا الجيش المتغطرس، مع تنفيذها لكمائن عسكرية الحقت خسائر قوية في صفوفه، وفقاً لاعترافه….

أهمية جباليا

يقع مخيم جباليا ضمن نطاق بلدة جباليا إلى الشمال من مدينة غزة، وهو بمثابة العمود الفقري لمحافظة شمال غزة، وأكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين الذين هُجروا من بلداتهم الأصلية إلى القطاع إبان نكبة عام 1948، ومع أن مساحته لا تتجاوز 1.5 كيلومتر مربع، إلا أنه يضم كتلة سكانية تعد من الأكثر اكتظاظا على مستوى القطاع، ويحيط به عدد من البلدات والتجمعات السكانية أبرزها بيت لاهيا، وبيت حانون، وتاريخيا شكّل مخيم جباليا جبهة محورية في مسار النضال الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، فمنه انطلقت شرارة الانتفاضة الأولى “انتفاضة الحجارة” عام 1987، وامتدت الانتفاضة لاحقا إلى سائر مناطق قطاع غزة، عبر التظاهرات الشعبية والاشتباك مع الجيش الإسرائيلي بإلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة (مولوتوف) على دورياته وجنوده ومراكزه، ومع اندلاع الانتفاضة الثانية “انتفاضة الأقصى” عام 2000، كان للاجئي المخيم دور لافت من خلال تشييع جنازات شهداء الانتفاضة والانطلاق منها صوب مواقع وثكنات الجيش الإسرائيلي والاشتباك مع جنوده، ثم ما لبثت أن تطورت أدوات الاشتباك لتشمل إطلاق النار واقتحام المستوطنات المقامة على أراضي القطاع وحفر أنفاق من تحتها وتفجيرها.

صمود تاريخي

ومثل سائر مخيمات ومدن في غزة، اجتاح الجيش الإسرائيلي جباليا ومخيمها مرات عديدة بين عامي 2001 و2003، إلا أن المواجهة الأبرز كانت قبل 20 عاما، وتحديدا مع نهاية سبتمبر ومطلع أكتوبر 2004، آنذاك أطلق الجيش عملية “أيام الندم”، وسمتها الفصائل الفلسطينية “أيام الغضب”، وشملت بلدات جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، واستغرق الاجتياح 17 يوما، وخلّف ما يزيد عن 160 شهيداً فلسطينيا ومئات الجرحى، ومني فيها الجيش الإسرائيلي بخسائر بشرية ومادية عديدة، وكان من أهم ملامح التطور في العمل العسكري للفصائل الفلسطينية التي برزت في تلك المواجهة:

– صمود المقاومة في التصدي للجيش الإسرائيلي على مدى 17 يوما، وهي المدة الأطول التي تسجلها عملية عسكرية من هذا النوع في تلك الفترة.

– الإعلان عن عدد من الأسلحة الجديدة التي استخدمها المجاهدون الفلسطينيون في مواجهة آليات الجيش وقواته وأبرزها: العبوة الناسفة من نوع “شواظ 3″، وقاذفي “الياسين” و”البتار” المضادين للدروع، وكلها من إنتاج محلي.

– الكشف لأول مرة عن المتحدث العسكري باسم كتائب عز الدين القسام “أبو عبيدة”، الذي عقد مؤتمرا صحفيا هو الأول من نوعه خلال الاجتياح، شرح فيه طبيعة تواجد الجيش الإسرائيلي على أطراف المخيم وآليات التصدي له.

– تطور العمل الإعلامي من خلال ظهور أفلام ومشاهد توثق بالصوت والصورة عمليات نشطاء الفصائل الفلسطينية التي استهدفت الجيش الإسرائيلي وآلياته.

ومثّلت هذه المواجهة نقطة محورية في مسار الانتفاضة، إذ قالت الفصائل الفلسطينية إن الجيش الإسرائيلي عجز عن اقتحام المخيم وظل يناور مُسلحيها على أطرافه، واندحر عن جباليا دون تحقيق أهدافه في “إخضاع المقاومة”.

التاريخ يعيد نفسه

واليوم وبعد عام من معركة طوفان الأقصى يدفع الجيش الإسرائيلي بلواء عسكري جديد إلى مخيم جباليا شمال قطاع غزة، بعد أسابيع من المعارك الضارية هناك، حيث انضم لواء «كفير» إلى لواءي «جفعاتي» و«401» في جباليا، وبذلك تكون هناك 3 ألوية تعمل في جباليا التي تواجه فيها القوات الإسرائيلية مقاومة شرسة تتمثل في قدرة مجاهدي كتائب القسام على إبداء مقاومة شديدة، فاجأت بها إسرائيل، خصوصاً من خلال تفخيخ المنازل، ونصب عبوات ناسفة في الشوارع ونجاحها في استخدام أنفاق قديمة أعادت إصلاح بعضها جزئياً وجهَّزتها لتنفيذ مثل هذه العمليات، والاعتماد على أزقّة الشوارع الصغيرة بالمخيم لمفاجأة جيش الاحتلال.

هلاك جنود الاحتلال

أعلن جيش الاحتلال أنه نجح في تفكيك كتائب القسام والقضاء على قدراتها، لكنّ الأحداث على الأرض تحديداً في جباليا ومخيمها تشير إلى أن ذلك ليس دقيقاً، خصوصاً أن الكتائب ما زالت تنفّذ عمليات أسفرت عن مقتل كثير من الضباط والجنود، أبرزهم أخيراً قائد اللواء 401، وتقول مصادر ميدانية من داخل كتائب القسام في مخيم جباليا إن الاحتلال تكبَّد خسائر فادحة، ولا يعلن كل خسائره خلال العملية الحالية مشيرةً إلى أن عناصرهم يطورون أساليب وتكتيكات في كل مرة تفاجئ الاحتلال وهذا ما نشاهده عبر إعلام الاحتلال الصهيوني فلا يكاد يمر يوم حتى يعلن العدو عن هلاك جنوده في مقبرة جباليا، ناهيك عن المشاهد التي تبثها كتائب القسام بشكل يومي توثق تدمير آلياته العسكرية بالعبوات الناسفة وقذائف الياسين 105.

كتائب القسام في جباليا

كتائب القسام في شمال قطاع غزة (جباليا، وبيت لاهيا، وبيت حانون)، 6 كتائب قتالية، تضاف إليها كتيبة «تخصصات» تقدم خدمات عسكرية أخرى، مثل «الدروع، والقنص، والهندسة، والخدمات الطبية، وغيرها»، كما تشرح مصادر من داخل الكتائب، ويوجد في مخيم جباليا وحده 3 من هذه الكتائب القتالية، هي: غرب جباليا (كتيبة عماد عقل)، ووسط جباليا (كتيبة فوزي أبو القرع)، وشرق جباليا (كتيبة سهيل زيادة)، وهي الكتائب الثلاث التي تقود حالياً الاشتباكات وتنفذ سلسلة عمليات داخل المخيم، كما تتلقى دعماً من كتيبة «الفرقان» (الشيخ رضوان)، وكتيبة «عسقلان» (بيت لاهيا)، من الجهات الجنوبية والشمالية والغربية لجباليا، وكلتا الكتيبتين تنفذ سلسلة عمليات من محاور عدة؛ مثل إطلاق صواريخ مضادة وتفجير عبوات ناسفة في آليات عسكرية إسرائيلية، ولهذه الكتائب، كما تقول المصادر، دور كبير في هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، كما أنها عملت على قتل وجرح وأسر العشرات من الإسرائيليين من المناطق المحاذية لشمال القطاع، وقتلت إسرائيل كثيراً من أسراها نتيجة محاولة استهداف قيادات تلك الكتائب.

تكتيكات متجددة

من أهم التكتيكات التي تلجأ كتائب القسام إلى استخدامها في معارك شمال القطاع، استخدام صواريخ حربية إسرائيلية ألقتها الطائرات ولم تنفجر، حيث تعيد استخدامها في تفخيخ منازل، كما جرى في عدة حالات تفجيرها في القوات الراجلة لدى اقتحامها تلك المنازل، وتستخدم المنازل المتضررة بشكل أساسي لتفخيخها، وتدخلها القوات الإسرائيلية بهدف أن تكون كمائن لها، لاستهداف المجاهدين الفلسطينيين بشكل أساسي وكذلك المدنيين، وتُعرِّضهم للخطر كل مرة، كما كثفت كتائب القسام من عمليات تفخيخ فتحات أنفاق جرى إصلاحها لهذا الغرض لتفجيرها في القوات الإسرائيلية، والاعتماد على العبوات الناسفة التي زُرعت في الشوارع للهدف نفسه بعد أن استبعدت مثل هذا الخيار في بداية الحرب بسبب ربما توقع حماس أن إسرائيل «لن تدخل القطاع براً» بعد هجوم السابع من أكتوبر، ولوحظ استخدام مجاهدي المقاومة الفلسطينية، أخيراً، نفقاً جرى تفجيره مسبقاً بعدما تسلل داخله عناصر من الكتائب إلى مناطق شرق جباليا وهاجموا قوة إسرائيلية، وما زال سلاح الصواريخ المضادة للدروع أهم سلاح تستخدمه كتائب القسام وسرايا القدس منذ بداية المعركة، خصوصاً بعد تطويرها ما عُرف بقاذف «الياسين 105»، وهو صاروخ طوِّر محلياً بعد تطويره عن قاذف الآر بي جي والتاندوم، وتم قُبيل هجوم السابع من أكتوبر من العام الماضي، زيادة إنتاجه بشكل كبير بتوصيات من قيادة المقاومة الفلسطينية.

مقالات مشابهة

  • للمرة الأولى في تاريخ الاحتلال.. مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية في مرمى نيران المقاومة
  • للمرة الأولى في تاريخ الاحتلال.. مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية مُستهدف بمسيّرات المقاومة
  • مقاطع جديدة من اشتباكات القسام مع الاحتلال في جباليا (شاهد)
  • 40 يوما من القتال.. كمائن المقاومة تلاحق الاحتلال في أزقة جباليا
  • جباليا… المدينة التي قهرت جنود الاحتلال الصهيوني
  • جيش الاحتلال يعلن مقتل 4 من جنوده شمالي قطاع غزة
  • كتائب القسام تعلن إسقاطها لـ10 جنود احتلال بين قتيل وجريح
  • حماس: المقاومة مستمرة في توجيه الضربات النوعية في حرب استنزاف ضد الاحتلال
  • إعلام الاحتلال: مقتل 4 جنود وضابط في حادثين منفصلين بقطاع غزة
  • بعد عملياتها المميزة شمال غزة.. مغردون يشيدون بأداء المقاومة وصمودها