هناك 4 أحداث محورية شكلت أبرز تغيرات العالم الجيوسياسية خلال عام 2023، وهي حرب غزة، والمصالحة السعودية الإيرانية، وتوسع دول منظمة الـ"بريكس"، وصعود وهبوط قوى في أوروبا والعالم متأثرة بالحرب الروسية الأوكرانية.

هكذا يرى رمزي بارود، الكاتب والمؤلف وزميل في مركز الإسلام والشؤون العالمية (CIGA) وكذلك في مركز الشرق الأوسط الأفريقي (AMEC)، في مقال نشره موقع "ميدل إيست مونيتور" وترجمه "الخليج الجديد".

1- غزة.. البقعة الجيوسياسية الأكثر أهمية

ويقول بارود إنه كان من قبيل الغرابة أن نقترح أن منطقة صغيرة مثل غزة، التي تبدو محرومة من الموارد الطبيعية المهمة، ومن الإرادة السياسية، ناهيك عن السيادة، سوف تتحول إلى البقعة الجيوسياسية الأكثر أهمية على وجه الأرض.

ويضيف: لكن الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة والمقاومة الأسطورية للشعب الفلسطيني غيرت حساباتنا - أو ربما حساباتنا كانت خاطئة - فيما يتصل بما تستطيع دولة محاصرة أن تحققه من مقاومة جماعية، بل إنها في واقع الأمر تغير قواعد اللعبة بالكامل.

ومع ذلك، ما زال من المبكر أن نفهم بشكل كامل النتائج المحتملة ذات الأهمية المؤكدة للاضطرابات الحالية الناجمة عن الحرب والمقاومة في غزة، يردف الكاتب.

وبينما تسعى إسرائيل والولايات المتحدة بشدة إلى العودة إلى نموذج الوضع الراهن، الذي كان قائماً في الشرق الأوسط قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر، فإن القيادة الفلسطينية الناشئة حديثاً حريصة على إدخال حقبة جديدة من العلاقات الدولية، وتحديداً لاعبين جيوسياسيين جدد، قادرين على وفي المقابل، يجذبون حلفاء جدد، لهم طموحاتهم السياسية ومصالحهم الاقتصادية، كما يقول.

اقرأ أيضاً

السعودية في دوامة غزة وإسرائيل والحوثي وإيران.. هذا ما ستفعله

2- المصالحة السعودية الإيرانية

فاجأت المصالحة السياسية بين الرياض وطهران في 6 أبريل/نيسان المنطقة والعالم، حيث كانت هناك خلافات كبيرة بين الجارتين المسلمتين أدت إلى انهيار العلاقات قبل سبع سنوات.

لقد أثر الصدع بين دولتين مهمتين في الشرق الأوسط، مسلمتين ومنتجتين للنفط، على الاستقرار الجيوسياسي في الشرق الأوسط، ودعا إلى مزيد من التدخل الأجنبي، وساهم، بشكل مباشر أو غير مباشر، في الصراعات القائمة.

وكانت هوية الوسيط في معاهدة السلام، الصين، على نفس القدر من الأهمية، حيث أتاحت هذه الفرصة، لأول مرة في تاريخ المنطقة الحديث، لبكين أن تلعب دور صانع السلام، في منطقة هيمنت عليها الولايات المتحدة لفترة طويلة .

ويقول الكاتب: لقد أثبت الاتفاق السعودي الإيراني متانته، على الرغم من الصراعات والصراعات المستمرة التي لا تزال تحدد معالم المنطقة.

اقرأ أيضاً

حرب أوكرانيا.. لماذا يبدو بوتين للمرة الأولى قادرا على الفوز؟

3- توسيع "بريكس"

يقول بارود إن دول "بريكس"، البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، قررت الارتقاء بتحالفها الاقتصادي إلى آفاق جديدة في عام 2023.

وافقت المجموعة، في 24 أغسطس/آب، على السماح بتوسيع كبير في عضويتها، وستشمل، اعتبارًا من 1 يناير/كانون الثاني 2024، مصر وإثيوبيا وإيران والسعودية والإمارات.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن بنك التنمية الجديد لمجموعة "بريكس" يتوسع في حد ذاته، سواء من حيث العضوية أو رأسماله المالي الإجمالي.

ووفقا لبيانات من شركة الأبحاث Acorn Macro Consulting ومقرها المملكة المتحدة، تجاوز أعضاء البريكس مجموعة السبع (G7) من حيث الناتج المحلي الإجمالي المحسوب على تعادل القوة الشرائية .

لماذا هذا مهم؟

أصبحت أهمية مجموعة "بريكس" أكثر وضوحا في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير/شباط 2022، حيث سمحت لروسيا بهوامش كبيرة للعمل اقتصاديا خارج حدود العقوبات التي يقودها الغرب.

ومع مواجهة الصين أيضا لحرب تجارية تقودها الولايات المتحدة، أنشأت مجموعة "بريكس" منصات جديدة لأسواق رئيسية جديدة، تتركز في الأغلب في الجنوب العالمي.

ومع تزايد الاستقطاب بين الغرب والشرق، والشمال العالمي والجنوب العالمي، كان من الطبيعي أن تبدأ مجموعة "بريكس" في الاضطلاع بدور سياسي أكبر مع خطاب سياسي أكثر تحديدا. وسيصبح هذا أكثر وضوحا في العام المقبل.

ويرى الكاتب أن الأهمية الجيوسياسية لمجموعة "بريكس" تكمن في قدرتها على خلق نموذج جديد قوي لمنصات اقتصادية ومالية، وفي نهاية المطاف، سياسية بديلة من شأنها أن تتحدى الهيمنة الغربية في جميع أنحاء العالم بشكل مباشر.

اقرأ أيضاً

هل يحدث انضمام السعودية والإمارات إلى بريكس تغيرًا في التكتل؟

4- صعود وهبوط قوى أوروبية وعالمية

كشفت حرب أوكرانيا عن النقاط الاقتصادية الضعيفة في أوروبا، في الأساس اعتمادها على الطاقة ــ فضلاً عن القيود الجيوسياسية، أو على وجه التحديد الموازنة بين اعتمادها السياسي والعسكري على الولايات المتحدة، واعتمادها على روسيا في مجال الطاقة، واعتمادها الاقتصادي على الصين.

ويقول الكاتب: لقد تحول حلم أوروبا بالتعافي إلى كابوس لا ينتهي أبدا.

ووفقا لدراسة أجراها البنك الوطني السويسري ونشرت في سبتمبر/أيلول الماضي، فإن "الحرب في أوكرانيا أدت إلى انخفاض النمو الاقتصادي الأوروبي ودفعت التضخم بشكل كبير في جميع أنحاء القارة"، حسبما نقلت وكالة "رويترز".

وبينما تستمر أوروبا في صراعها مع هذا الموقف الذي لا تحسد عليه، فإن الدول الأخرى التي ظلت مهمشة لسنوات عديدة بسبب صراعاتها السياسية الصريحة مع الدول الغربية، تجد نفسها في موقف أقوى بكثير.

اقرأ أيضاً

محللون: هكذا يعزز توسيع بريكس تأثيرها بأسواق الطاقة العالمية

والواقع أن الديناميكيات العالمية والعسكرية المتغيرة سمحت لبلدان مثل مالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو وغيرها ــ معظمها في غرب أفريقيا ومنطقة الساحل ــ بمواجهة مستعمريها السابقين، وفي هذه الحالة فرنسا، وإعادة تعريف مفهوم القوة العسكرية.

ومن ناحية أخرى، أصبحت فنزويلا، التي فرضت عليها واشنطن عقوبات شديدة، قادرة أخيرًا على بيع نفطها في السوق الدولية، وبالتالي الابتعاد عن أزمة اقتصادية طاحنة، لم يسبق لها مثيل منذ عقود.

ولم يصبح هذا ممكنا إلا بسبب أزمة الطاقة العالمية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا.

ويختم الكاتب مقاله بالقول: "من المرجح أن تظل كل هذه التحولات الجيوسياسية معنا في عام 2024، مما يؤدي إلى تغييرات مهمة أخرى في الخريطة السياسية للعالم، وللأسف، المزيد من الصراعات أيضا.. الوقت سيخبرنا".

المصدر | رمزي بارود / ميدل إيست مونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: حصاد 2023 حرب غزة بريكس حرب أوكرانيا المصالحة السعودية الإيرانية الاتفاق السعودي الإيراني الشرق الأوسط اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

تحالف الأحزاب في صنعاء يدين انتحال صفات قيادية للأحزاب شكلت تكتلا وطنيا بعدن

أدان تحالف الأحزاب والقوى السياسية المناهضة للعدوان، (منضوي تحت حكم الحوثيين) انتحال صفات قيادية للأحزاب السياسية اليمنية الوطنية من قبل أشخاص عرفوا ما سموه بالخيانة والعمالة وتأييد العدوان.

 

وقال تحالف الأحزاب في بيان نشرته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) نسخة صنعاء أن من يمثلون الأحزاب الوطنية هم القيادات التي اصطفت مع وطنها وشعبها في مناهضة ومواجهة العدوان.

 

وزعم البيان أن المخططات التآمرية على اليمن والدور الأمريكي التخريبي المباشر والمستمر في عرقلة العملية السياسية من خلال التحركات والاجتماعات التي عقدت مؤخراً في عدن المحتلة بهدف محاولة خلق غطاء سياسي جديد لإعادة العدوان على الوطن واستمرار الحصار.

 

واعتبر التحركات الأمريكية في البيئة السياسية المزيفة، محاولة إعادة إحياء أدواتها المحلية البائرة والمنتهية الصلاحية من المرتزقة والخونة والعملاء، تحت مسمى تكتل الأحزاب اليمنية، وحبراً على ورق كسابقاتها لا قيمة ولا شرعية لها ولا تأثير.

 

ولفت البيان إلى أنه في ظل تلك المؤشرات والتلويح والتهديد بتنفيذ تصعيد عسكري ضد الشعب اليمني، فإن العدو وعملائه ربما لا يتصور ردة الفعل والجهوزية العالية والاستعداد الكبير لمواجهة التحديات المحتملة على كافة المستويات.

 

وأمس الثلاثاء أعلن في عدن حفل إشهار التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية،الذي يضم 23 حزبا ومكون سياسي وإقرار اللائحة التنظيمية للتكتل، واختيار بن دغر رئيساً للمجلس الأعلى للتكتل،

 

وأكد بيان التكتل، أن باعثه الأساسي هو تعزيز الاصطفاف الوطني من أجل إنهاء انقلاب مليشيات الحوثي واستعادة الدولة، وأنه ليس موجها ضد أحد من شركاء العمل السياسي.

 

 

 

وفي السياق أكدت مليشيا الانتقالي المدعومة إماراتيا، رفضها المشاركة في تكتل الأحزاب السياسية المنعقدة في العاصمة المؤقتة عدن جنوب اليمن.


مقالات مشابهة

  • تحريض إسرائيلي ضد النادي الأكثر يهودية في العالم بسبب أحداث أمستردام
  • إيلون ماسك.. أقوى رجل غير منتخب في العالم
  • بايدن: نترك وراءنا أقوى اقتصاد في العالم وغيَّرنا أمريكا للأفضل
  • مبتدأ الحقيقة والخبر.. الموجز العربي أفضل موقع إخباري لتغطية أحداث العالم
  • عودة ترامب والتحولات الجيوسياسية العالمية
  • ما بعد “قازان”: ما الذي يحتاجه “بريكس” ليصبح قوة عالمية مؤثرة؟
  • إقالة غالانت.. هكذا تخلص نتنياهو من أقوى خصومه في الحكومة
  • تحالف الأحزاب في صنعاء يدين انتحال صفات قيادية للأحزاب شكلت تكتلا وطنيا بعدن
  • القس خضر اليتيم : فوز ترامب بالانتخابات يشير إلى أهمية استمرار الكنيسة في أداء دورها بشكل أقوى
  • من هي هاريس التي باتت قاب قوسين من أن تصبح أول امرأة تتولى منصب الرئاسة في أقوى دولة في العالم؟