صنعاء 2023… لا شراكة مع المؤتمر وحملات قمعية للمحتفلين بالأعياد الوطنية
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
يمن مونيتور/وحدة التقارير/
شهدت المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي خلال العام 2023 الكثير من التطورات السياسية الهائلة من بينها إعلان الجماعة المسلحة عما أسمته مرحلة “التغيير الجذري”.
ويعد هذا الإعلان أحد المنعطفات الخطيرة وسيظل نقطة تحول حاسمة في مناطق سيطرة الحوثيين، حيث أعلن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي إسقاط الحكومة غير المعترف بها في صنعاء وإطلاق مفهوم التغيير الجذري، وهو ما أحدث توترا وتحفظات من قبل أطراف داخلية وخارجية مما يرسم صورة معقدة للوضع القائم.
وشكلت الخطوة ذاتها تحديا جديدا، إذ تنطوي على إعادة هيكلة شاملة للدولة والمجتمع، حيث بدأت الأحداث تتسارع مضي الجماعة نحو تشكيل حكومة جديدة وتصاعدت التوترات والانقسامات الداخلية، خاصة مع تصاعد الانتقادات من قبل حزب المؤتمر الشعبي العام جناح صنعاء، الذي أكد تحفظه على التغييرات الجذرية.
التحول السريع في السياق السياسي يتضح أكثر فأكثر من خلال تظاهرات الشارع وردود الأفعال المتنوعة. فيما يحاول الحوثيون تحقيق تغييرات تناسب رؤيتهم، تظل التساؤلات حائرة حول مدى نجاح هذه الخطوات وتأثيرها على جهود تحقيق السلام في المنطقة.
وتعيش اليمن حالة من الانقسام والتوتر، سواء داخليا بين الأحزاب والجماعات المختلفة، أو خارجيا مع الضغوط الدولية المتزايدة، ويبرز عرض القوة العسكري من قبل الحوثيين وتحذيرات المراقبين من آثاره، مما يجعل التوترات السياسية تتزايد ويتفاقم تأثيرها الإقليمي في هذا السياق.
وفي العام ذاته شهدت مناطق سيطرة الحوثيين أحداثا فارقة، حيث قام الحوثيون بقمع المحتفلين بذكرى ثورة 26 سبتمبر ولأن تلك المظاهرات كانت طوعية وأحدثت زخما غير مسبوق وأحدثت مخاوف كبيرة داخل صفوف الجماعة خرج زعيمها عبد الملك الحوثي عن بداية مرحلة “التغيير الجذري”، وفي خطابه بمناسبة المولد النبوي، أعلن الحوثي إسقاط الحكومة غير المعترف بها في صنعاء، التي يترأسها عبدالعزيز بن حبتور، قائد حزب المؤتمر الشعبي العام، واقترح استبدالها بحكومة تعتمد على “كفاءات”، في إطار ما وصف بالتغيير الجذري في المرحلة الأولى.
وأيد مجلس الدفاع الوطني الحوثي هذا القرار، وأعلن إقالة الحكومة وتكليفها بإدارة الشؤون العامة، باستثناء التعيين والإعفاء، حتى يتم تشكيل حكومة جديدة، وأثار الجدل ظهور مجلس الدفاع الوطني بشكل يبدو كأنه يقيل نفسه، خاصة أن رئيس الحكومة ونائبه لشؤون الأمن والدفاع، بالإضافة إلى وزراء الدفاع والداخلية والمالية، كانوا أعضاء في هذا المجلس. ومع ذلك، تم تصحيح الخطأ، حيث أعاد المجلس السياسي للحوثي إصدار قرار بإقالة الحكومة.
وبعد مضي عام من إعلان الهدنة، لاتزال جماعة الحوثي تشعر بإغلاق أفاق المستقبل أمامها، حيث تكثفت بداخلها مشاعر الإحباط بسبب غضب الناس وارتفاع أصوات الانتقاد ضد ممارساتها وجباياتها وفسادها وتوجهاتها المذهبية والطائفية.
وفي هذا السياق، قررت الجماعة البحث عن هدف عريض للمرحلة القادمة، وهو ما أعلنوه بشكل رسمي باسم “مرحلة التغيير الجذري”.
وتأتي هذه الخطوة بعد أن أعترف زعيم الحوثيين بأن الوضع في مؤسسات الدولة أصبح مترديا، وأن هناك حاجة إلى تغيير جذري. وفي ظل الاحتجاجات الشعبية والضغوط السياسية، يسعى الحوثيون إلى إعادة تشكيل الدولة والمجتمع بطريقة تتناسب مع رؤيتهم وتوجهاتهم، كمحاولات الحوثيين لتعزيز نفوذهم وسط التحديات المتزايدة، حيث يواجهون انتقادات حادة بسبب إدارتهم السياسية والاقتصادية. وتبدو هذه الخطوة أيضا استراتيجية لاستنساخ نموذج “الولي الفقيه” المستمد من تجربة الإمام الخميني في إيران.
وفعلا بدأت جماعة الحوثي بتنفيذ إجراءات “التغيير الجذري” خلال الاحتفال بالمولد النبوي، بهدف تلمس جزء من واقع الناس وتحقيق قبول نسبي للشعار الجديد… ومع ذلك، تظل هذه الخطوة تحمل تحديات كبيرة، حيث قد تؤدي إلى تصاعد التوترات وتعقيد الجهود المستقبلية لتحقيق السلام والمصالحة في اليمن.
ويعد إعلان “التغيير الجذري” خطوة تأكيدية على تضييق نطاق الدولة وتقاليدها في جوف الحوثيين، حيث يسعون إلى إعادة تشكيل هياكل الدولة والتصميم بما يخدم مصالحهم الخاصة دون الحاجة إلى المؤسسات القائمة على الأسس القانونية للدولة.
رفض التغييرات الجذرية
وفي السادس والعشرين من سبتمبر 2023 أعلن حزب المؤتمر الشعبي العام في صنعاء، الذي يقوده صادق أمين أبو رأس، عن تحفظه المسبق على التغييرات الجذرية التي أعلن زعيم الحوثيين، عبد الملك بدر الدين الحوثي.
وأصدر الحزب بيانا تزامن مع الذكرى ال 61 لثورة سبتمبر، أكد على ضرورة أن يكون أي تغيير مرتبط بأهداف ثورة 26 سبتمبر وقيمها الوطنية. وأشار إلى أن الثورة هي الأم التي مهدت لتحولات وطنية جذرية، مستذكرا منجزاتها مثل إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في مايو 1990.
وأكدوا على أهمية إعادة تقييم وتفكير اليمنيين في تاريخ بلدهم، داعين إلى التفكير بعيدا عن التعصب والتخندق. وركز البيان على ضرورة بناء مستقبل اليمن بناء على التقييم الإيجابي وتصحيح السلبيات بمصلحة الوطن.
وجدد الحزب التزامه بالدفاع عن القيم الوطنية، بما في ذلك النظام الجمهوري والوحدة الوطنية، وشدد على رفضه للتيارات المتطرفة سواء كانت دينية أو إقليمية، كما دعا إلى تعزيز مفهوم الشراكة الوطنية وضرورة تحقيق السلام العادل والشامل.
رسائل مميتة
في المقابل، أقامت جماعة الحوثي احتفالا في 21 سبتمبر للاحتفال بذكرى انقلابها على الدولة، حيث نظموا عرضا عسكريا ذا طابع مميت، حيث وصف المعهد الأمريكي بأن هذا الحدث يمثل “تحذيرا من تعزيز الحوثيين لقوتهم واختبار قرارات اليمن والخليج، بطريقة تشبه الضغوط التي تفرضها الولايات المتحدة وأوروبا والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة على ما تبقى من الحكومة المدعومة من قبل الأمم المتحدة لتحقيق السلام، وذلك بشروط يفرضها الحوثيون.” إن هذا السياق يشكل تحديا خطيرا، خاصة في ظل الإصرار على تحقيق السلام بأي وسيلة، دون تحقيق التوازن في التعامل مع التهديد الحوثي من جهة أخرى، وذلك بالنظر إلى استمرار إيران في تعزيز القدرات العسكرية للحوثيين وتسليح السكان وجذبهم وتجنيدهم.
انتفاضة وقمع
وشهد عام 2023 حملات قمعية للانتفاضات في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثي، حيث أسفر عن تعزيز رؤيتها للدولة المستقبلية التي تسعى لتحقيقها، حيث استندوا إلى تجارب سابقة مثل ثورة 26 سبتمبر لعام 1962.
وأظهرت الأجهزة الأمنية التابعة للحوثيين رفضهم الصريح للتعبير عن الاحتفال بذكرى هذه الثورة، حيث حظرت أية تظاهرة شعبية ونفذت حملات لاستيلاء على أعلام الجمهورية اليمنية.
وتم قمع المظاهرات في عدة مدن، بما في ذلك صنعاء والحديدة وإب، وشهدت اعتقالات جماعية، مما يعكس مخاوف الحوثيين من امتداد الانتفاضة وتأثيرها الذي يجب قمعه بشكل فعال.
ومع ذلك، خرجت التظاهرات في بعض المناطق، حيث أظهر الشعب الاستمرار في التحرك رغم التصعيد الحوثي، هذه التظاهرات، التي استمرت لأكثر من شهر، جاءت استنكارا لتجميد الرواتب من قبل الحوثيين لفترة تزيد عن ثماني سنوات. في محاولة لتهدئة التوترات وتفادي التصعيد، استغل زعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي، مفهوم التغيير الجذري كوسيلة عاطفية للتلاعب بمشاعر الجماهير، ويبدو أن الاضطرابات غير المتوقعة أثرت في تقليص نطاق التغييرات المخططة، حسب تصريحات وزير الإعلام اليمني في الحكومة الشرعية، معمر الإرياني، الذي أشار إلى محاولة الحوثيين لاستنساخ نموذج إيران في إطار سلسلة من التغييرات الكبيرة، بما في ذلك تعديل الدستور وتغيير نظام الحكم.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: أحداث عدن الحوثي اليمن التغییر الجذری جماعة الحوثی تحقیق السلام من قبل
إقرأ أيضاً:
الإمارات..26 شراكة مع الاقتصادات الأكثر حيوية عالمياً
شهد برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة منذ إطلاقه في سبتمبر (أيلول) 2021 وحتى نهاية الربع الأول من 2025، إبرام دولة الإمارات 26 اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة مع دول وتكتلات دولية ذات أهمية اقتصادية استراتيجية إقليمياً وعالمياً على خريطة التجارة الدولية.
ووقعت دولة الإمارات منذ بداية العام الجاري 5 اتفاقيات شراكة اقتصادية شاملة مع ماليزيا، ونيوزيلاندا، وكينيا، وأوكرانيا، وإفريقيا الوسطى، ما يمثل توسعاً كبيراً في شبكة التجارة الخارجية للدولة ويوفر المزيد من الفرص للقطاع الخاص ومجتمع الأعمال الإماراتي في مجموعة من الاقتصادات الأكثر حيوية في العالم.
ودخلت 6 اتفاقيات شراكة اقتصادية شاملة حيز التنفيذ فعلياً، فيما وقعت رسمياً على 14 اتفاقية جميعها تخضع حالياً للإجراءات الفنية والتصديق تمهيداً لدخولها حيز التنفيذ قريباً، في حين أنجزت مفاوضات 6 اتفاقيات أخرى، والتوصل إلى البنود النهائية استعداداً لتوقيعها لاحقًا.
ويواصل برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة في 2025 مسيرته التي بدأها من خلال توسيع شبكة الشركاء التجاريين والاستثماريين لدولة الإمارات حول العالم، بما يعزز موقع الدولة وحضورها على صعيد التجارة المفتوحة ومتعددة الأطراف على مستوى العالم.
مفاوضاتوتعمل دولة الإمارات حالياً على استكمال مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة مع عدد من دول العالم ذات التأثير الاقتصادي الكبير لاسيما مع اليابان، التي ستُستكمل المفاوضات معها قبل نهاية العام الجاري، ما يعكس حرص البلدين الصديقين على تعزيز التعاون الاقتصادي وفتح آفاق جديدة للشراكة التنموية بما يسهم في دعم الازدهار الاقتصادي وتهيئة مزيد من الفرص لمجتمعي الأعمال في البلدين.
نمو التجارة غير النفطيةوأظهرت نتائج أهم 4 اتفاقيات دخلت حيز التنفيذ نمواً إيجابياً في حجم التجارة غير النفطية، حيث نمت التجارة بين الإمارات والهند بـ 20.5 % فيما زادت نسبة الصادرات الإماراتية للهند بـ 75% في نهاية 2024.
وشهدت التجارة مع تركيا نمواً بأكثر من 11%، وأندونيسيا بنمو أكثر من 15%، وجورجيا بما يزيد على 56% ما يعكس الأثر الإيجابي لاتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة ونتائجها المهمة التي ظهرت على أرض الواقع وتترجمها أرقام التجارة الخارجية والتي عادة ما تظهر نتائجها بعد 5 أعوام أو أكثر من دخولها حيز التنفيذ.
وتنعكس اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة بشكل إيجابي على بيانات التجارة الخارجية للدولة التي تشهد نمواً مستمراً إذ ساهم برنامج اتفاقيات الشراكة في تسريع هذا المسار التصاعدي نحو تحقيق مستهدفات التجارة الخارجية ضمن رؤية "نحن الإمارات 2031" التي تهدف للوصول بقيمة التجارة الخارجية غير النفطية من السلع للدولة إلى 4 تريليونات درهم وترسم مسار زيادة الصادرات الإماراتية من السلع غير النفطية إلى 800 مليار درهم بحلول 2031.
وانعكس الأثر الإيجابي لاتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة على مختلف القطاعات لاسيما التجارة الخارجية غير النفطية للدولة، إلى جانب خدمات إعادة التصدير، وقطاعات الخدمات اللوجستية، والطاقة النظيفة والمتجددة، ومنتجات وحلول وتطبيقات التكنولوجيا المتقدمة، والخدمات المالية، والصناعات الخضراء، والمواد المتقدمة، والزراعة، والنظم الغذائية المستدامة.
وتعكس الاتفاقيات القائمة على القواعد، تحقيق النمو الاقتصادي المستدام والتنمية الشاملة كما أن تنوّعها وقدرتها على توقيع شراكات نوعية مع اقتصادات حيوية، يضاعف الفرص، ويفتح مجالات أوسع حول العالم وفي أسواقه للقطاعات الاقتصادية الوطنية.