يمن مونيتور/وحدة التقارير/

شهدت المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي خلال العام 2023 الكثير من التطورات السياسية الهائلة من بينها إعلان الجماعة المسلحة عما أسمته مرحلة “التغيير الجذري”.

ويعد هذا الإعلان أحد المنعطفات الخطيرة وسيظل نقطة تحول حاسمة في مناطق سيطرة الحوثيين، حيث أعلن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي إسقاط الحكومة غير المعترف بها في صنعاء وإطلاق مفهوم التغيير الجذري، وهو ما أحدث توترا وتحفظات من قبل أطراف داخلية وخارجية مما يرسم صورة معقدة للوضع القائم.

وشكلت الخطوة ذاتها تحديا جديدا، إذ تنطوي على إعادة هيكلة شاملة للدولة والمجتمع، حيث بدأت الأحداث تتسارع مضي الجماعة نحو تشكيل حكومة جديدة وتصاعدت التوترات والانقسامات الداخلية، خاصة مع تصاعد الانتقادات من قبل حزب المؤتمر الشعبي العام جناح صنعاء، الذي أكد تحفظه على التغييرات الجذرية.

التحول السريع في السياق السياسي يتضح أكثر فأكثر من خلال تظاهرات الشارع وردود الأفعال المتنوعة. فيما يحاول الحوثيون تحقيق تغييرات تناسب رؤيتهم، تظل التساؤلات حائرة حول مدى نجاح هذه الخطوات وتأثيرها على جهود تحقيق السلام في المنطقة.

وتعيش اليمن حالة من الانقسام والتوتر، سواء داخليا بين الأحزاب والجماعات المختلفة، أو خارجيا مع الضغوط الدولية المتزايدة، ويبرز عرض القوة العسكري من قبل الحوثيين وتحذيرات المراقبين من آثاره، مما يجعل التوترات السياسية تتزايد ويتفاقم تأثيرها الإقليمي في هذا السياق.

وفي العام ذاته شهدت مناطق سيطرة الحوثيين أحداثا فارقة، حيث قام الحوثيون بقمع المحتفلين بذكرى ثورة 26 سبتمبر ولأن تلك المظاهرات كانت طوعية وأحدثت زخما غير مسبوق وأحدثت مخاوف كبيرة داخل صفوف الجماعة خرج زعيمها عبد الملك الحوثي عن بداية مرحلة “التغيير الجذري”، وفي خطابه بمناسبة المولد النبوي، أعلن الحوثي إسقاط الحكومة غير المعترف بها في صنعاء، التي يترأسها عبدالعزيز بن حبتور، قائد حزب المؤتمر الشعبي العام، واقترح استبدالها بحكومة تعتمد على “كفاءات”، في إطار ما وصف بالتغيير الجذري في المرحلة الأولى.

وأيد مجلس الدفاع الوطني الحوثي هذا القرار، وأعلن إقالة الحكومة وتكليفها بإدارة الشؤون العامة، باستثناء التعيين والإعفاء، حتى يتم تشكيل حكومة جديدة، وأثار الجدل ظهور مجلس الدفاع الوطني بشكل يبدو كأنه يقيل نفسه، خاصة أن رئيس الحكومة ونائبه لشؤون الأمن والدفاع، بالإضافة إلى وزراء الدفاع والداخلية والمالية، كانوا أعضاء في هذا المجلس. ومع ذلك، تم تصحيح الخطأ، حيث أعاد المجلس السياسي للحوثي إصدار قرار بإقالة الحكومة.

وبعد مضي عام من إعلان الهدنة، لاتزال جماعة الحوثي تشعر بإغلاق أفاق المستقبل أمامها، حيث تكثفت بداخلها مشاعر الإحباط بسبب غضب الناس وارتفاع أصوات الانتقاد ضد ممارساتها وجباياتها وفسادها وتوجهاتها المذهبية والطائفية.

وفي هذا السياق، قررت الجماعة البحث عن هدف عريض للمرحلة القادمة، وهو ما أعلنوه بشكل رسمي باسم “مرحلة التغيير الجذري”.

وتأتي هذه الخطوة بعد أن أعترف زعيم الحوثيين بأن الوضع في مؤسسات الدولة أصبح مترديا، وأن هناك حاجة إلى تغيير جذري. وفي ظل الاحتجاجات الشعبية والضغوط السياسية، يسعى الحوثيون إلى إعادة تشكيل الدولة والمجتمع بطريقة تتناسب مع رؤيتهم وتوجهاتهم، كمحاولات الحوثيين لتعزيز نفوذهم وسط التحديات المتزايدة، حيث يواجهون انتقادات حادة بسبب إدارتهم السياسية والاقتصادية. وتبدو هذه الخطوة أيضا استراتيجية لاستنساخ نموذج “الولي الفقيه” المستمد من تجربة الإمام الخميني في إيران.

وفعلا بدأت جماعة الحوثي بتنفيذ إجراءات “التغيير الجذري” خلال الاحتفال بالمولد النبوي، بهدف تلمس جزء من واقع الناس وتحقيق قبول نسبي للشعار الجديد… ومع ذلك، تظل هذه الخطوة تحمل تحديات كبيرة، حيث قد تؤدي إلى تصاعد التوترات وتعقيد الجهود المستقبلية لتحقيق السلام والمصالحة في اليمن.

ويعد إعلان “التغيير الجذري” خطوة تأكيدية على تضييق نطاق الدولة وتقاليدها في جوف الحوثيين، حيث يسعون إلى إعادة تشكيل هياكل الدولة والتصميم بما يخدم مصالحهم الخاصة دون الحاجة إلى المؤسسات القائمة على الأسس القانونية للدولة.

رفض التغييرات الجذرية

وفي السادس والعشرين من سبتمبر 2023 أعلن حزب المؤتمر الشعبي العام في صنعاء، الذي يقوده صادق أمين أبو رأس، عن تحفظه المسبق على التغييرات الجذرية التي أعلن زعيم الحوثيين، عبد الملك بدر الدين الحوثي.

وأصدر الحزب بيانا تزامن مع الذكرى ال 61 لثورة سبتمبر، أكد على ضرورة أن يكون أي تغيير مرتبط بأهداف ثورة 26 سبتمبر وقيمها الوطنية. وأشار إلى أن الثورة هي الأم التي مهدت لتحولات وطنية جذرية، مستذكرا منجزاتها مثل إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في مايو 1990.

وأكدوا على أهمية إعادة تقييم وتفكير اليمنيين في تاريخ بلدهم، داعين إلى التفكير بعيدا عن التعصب والتخندق. وركز البيان على ضرورة بناء مستقبل اليمن بناء على التقييم الإيجابي وتصحيح السلبيات بمصلحة الوطن.

وجدد الحزب التزامه بالدفاع عن القيم الوطنية، بما في ذلك النظام الجمهوري والوحدة الوطنية، وشدد على رفضه للتيارات المتطرفة سواء كانت دينية أو إقليمية، كما دعا إلى تعزيز مفهوم الشراكة الوطنية وضرورة تحقيق السلام العادل والشامل.

رسائل مميتة

في المقابل، أقامت جماعة الحوثي احتفالا في 21 سبتمبر للاحتفال بذكرى انقلابها على الدولة، حيث نظموا عرضا عسكريا ذا طابع مميت، حيث وصف المعهد الأمريكي بأن هذا الحدث يمثل “تحذيرا من تعزيز الحوثيين لقوتهم واختبار قرارات اليمن والخليج، بطريقة تشبه الضغوط التي تفرضها الولايات المتحدة وأوروبا والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة على ما تبقى من الحكومة المدعومة من قبل الأمم المتحدة لتحقيق السلام، وذلك بشروط يفرضها الحوثيون.” إن هذا السياق يشكل تحديا خطيرا، خاصة في ظل الإصرار على تحقيق السلام بأي وسيلة، دون تحقيق التوازن في التعامل مع التهديد الحوثي من جهة أخرى، وذلك بالنظر إلى استمرار إيران في تعزيز القدرات العسكرية للحوثيين وتسليح السكان وجذبهم وتجنيدهم.

انتفاضة وقمع

وشهد عام 2023 حملات قمعية للانتفاضات في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثي، حيث أسفر عن تعزيز رؤيتها للدولة المستقبلية التي تسعى لتحقيقها، حيث استندوا إلى تجارب سابقة مثل ثورة 26 سبتمبر لعام 1962.

وأظهرت الأجهزة الأمنية التابعة للحوثيين رفضهم الصريح للتعبير عن الاحتفال بذكرى هذه الثورة، حيث حظرت أية تظاهرة شعبية ونفذت حملات لاستيلاء على أعلام الجمهورية اليمنية.

وتم قمع المظاهرات في عدة مدن، بما في ذلك صنعاء والحديدة وإب، وشهدت اعتقالات جماعية، مما يعكس مخاوف الحوثيين من امتداد الانتفاضة وتأثيرها الذي يجب قمعه بشكل فعال.

ومع ذلك، خرجت التظاهرات في بعض المناطق، حيث أظهر الشعب الاستمرار في التحرك رغم التصعيد الحوثي، هذه التظاهرات، التي استمرت لأكثر من شهر، جاءت استنكارا لتجميد الرواتب من قبل الحوثيين لفترة تزيد عن ثماني سنوات. في محاولة لتهدئة التوترات وتفادي التصعيد، استغل زعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي، مفهوم التغيير الجذري كوسيلة عاطفية للتلاعب بمشاعر الجماهير، ويبدو أن الاضطرابات غير المتوقعة أثرت في تقليص نطاق التغييرات المخططة، حسب تصريحات وزير الإعلام اليمني في الحكومة الشرعية، معمر الإرياني، الذي أشار إلى محاولة الحوثيين لاستنساخ نموذج إيران في إطار سلسلة من التغييرات الكبيرة، بما في ذلك تعديل الدستور وتغيير نظام الحكم.

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: أحداث عدن الحوثي اليمن التغییر الجذری جماعة الحوثی تحقیق السلام من قبل

إقرأ أيضاً:

خلاصات في العلاقة بين الديني والسياسي وعملية الإصلاح.. مشاتل التغيير (9)

تلوح في الأفق إشكالية نظرية مهمة في العلاقة بين السياسي والديني؛ والتي لم تعد تعرض تلك العلاقة بنفس الشكل التقليدي، مثل العلاقة بين الدين والدولة، والعلاقة بين العلمانية والعلمنة التقليدية، والعلاقة بين الحداثة والمؤسسات المدنية. ورغم أن تلك التصورات حقيقية وليست متوهمة؛ إلا أن المسألة أصبحت أبعد من ذلك لاعتبارات عدة؛ على رأسها المفكرون الذين أصبحوا يتحدثون عن دواعي إعادة تعريف السياسي ومسوغات إعادة تحديد المجال الديني، بل ربما نتساءل من جديد: ما هو السياسي؟ ما هو الديني؟ ما هو الدين والسياسة)؟ ما هو المدني؟

وكذلك نظن أن هناك أشياء كثيرة أدت من الناحية النظرية إلى بروز علاقة جديدة بين الدين والسياسة، أول هذه العناصر العولمة وما أحدثته من تغييرات على المستوى المعرفي، والأمر الثاني: قضايا الأصولية وما دعا الغرب للتعامل مع الظاهرة الدينية عامة والظاهرة الإسلامية على وجه الخصوص. إذن ونحن نتحدث عن ذلك الموضوع فإننا أمام إشكالات من طبيعة نظرية لا يمكن بأي حالٍ أن نتجاوزها في هذا المقام على أقل تقدير خاصة، وأنها تطرح أسئلة تأسيسية من أهمها: إعادة تعريف السياسي، إعادة تحديد المجال الديني، التأثير المتبادل للعلاقة بين مجالين (السياسي، الديني).

ومن الملاحظ في إطار الواقع أن العوامل الخارجية التي تفاعلت قد قامت بدور لا يستهان به في تشكيل تلك العلاقة بين الديني والسياسي وامتداد تأثير الديني في السياسي، وذلك لعدة أسباب؛ أهمها الخوف من صعود الكيان الإسلامي وتأثيره ذلك في العلاقات الدولية، وكذا الخوف من الدين الإسلامي ومعتنقيه بعد انتشاره في قلب أوروبا والغرب، ووصف هذه الكيانية بكونها قوسا للأزمات في العالم، والعدو الأخضر الصاعد في الغرب في سياقات تصنيف صمويل هنتنغتون للحضارات.

في إطار هذا التصور لا يمكننا إلا ملاحظة صناعة الصورة في هذا المقام ودورها في تشكيل العلاقة بين السياسة والدين وتأثيرها الممتد، سواء أكان إيجابيا أو سلبيا. وهو أمر حوّل عملية الخوف تلك الى ظاهرة ارتكزت إلى أمرين؛ أولهما تزكية فكرة "الإسلاموفوبيا" في عموم ساحة الغرب الحضاري، وثانيهما الربط التعسفي بين الإرهاب كما يراه الغرب وعالم الإسلام والمسلمين. وترافق مع ذلك نشر العلمنة كلصيق ومقدمة لعمليات التحديث باعتبارها الشرط التأسيسي لها "العلمانية" و"الرشادة"، وهي أمور جعلت مفهوم العلمانية وما ارتبط به من عمليات سيئ السمعة في القبول والتقبل. وبدا الأمر في بعض مستوياته فصلا للدين عن الدولة، وفي بعض الأقوال فصل الدين عن الحياة، وباتت هذه الأطروحات النظرية وما سُمي نماذج التحديث والتنمية حاضنة لعملية العلاقة بين الديني والسياسي في معمل العلمانية. وبدت صفة المدني تعرض وتستعرض في مواجهة صفة الديني، وهو أمر جعل العمل والفاعليات المدنية من عمل المؤسسات غير الدينية، وهو استبعاد لفاعليات حقيقة، لم تشهده حتى الخبرات الأوروبية؛ وما ترتب على ذلك في الواقع من تفاوت في التمسك بالدين والتدين.

على الضفة الأخرى فعلينا أن نأخذ في الاعتبار التداخل بين التنظير والواقع وإشكالات العلاقة بين الديني والسياسي؛ إن ذلك بوجه عام يضفي ما يسمى بالعمليات التي قد تحدث نتيجة عملية التفاعل والتفعيل لهذه العلاقة. ومن هنا يجب أن نتحدث عن عمليتين من الواجب أن نرصد بعض التأشيرات الدالة عليهما في هذا المقام، الأولى تتعلق بتسييس الدين والثانية ترتبط بتديين السياسة. وحتى يبدو لنا ضرورة أن نميز بين العمليتين فإن البدء بعملية التسييس تعني غلبة السياسي على الديني واحتكاره وتأميمه، وذلك بالاعتبار الذي يؤكد أن عملية تسييس الديني رغم أنها تقوم على اتهام من الدولة المركزية في دول العالم -عالمنا العربي والإسلامي- كحجة أساسية تحاول أن تستبعد كافة التيارات السياسية والتوجهات الدينية التي تعمل بالحقل السياسي وتنازعها ذلك المقام. من هنا تبدو هذه الدولة المركزية لا تجد طريقا في هذا إلا باتخاذ مجموعة من الآليات.

الأولى تسعى لاتهام التيارات الاسلامية بأنها لا تسعى إلا إلى السلطة؛ واتهامها بأنها تقوم على قاعدة من التحدث باسم الدين. وكذلك اتهامها بمحاولة السيطرة على المناشط الدينية، وبأنها هي التي تقوم بتسييس الدين في محاولة منها للتأكيد على أن هذا التسييس في جوهره خلط بين السياسة والدين، واستخدام الشعارات الدينية في الحياة السياسية. فتارة يتحدثون عن الفصل، وتارة أخرى يتحدثون عن التمييز، وثالثة يتحدثون عن أن الديني أسمى من أن يدخل إلى ساحة اللعبة السياسية التي قد تحكمها قوانين قذرة، ومن ثم يقول البعض إن "الدين فوق السياسة"، كأنه يريد بذلك أن يجعل من الدين بفوقيته تلك أنه شيء لا يؤثر في مناشط الحياة وليست له ولا عليه ومن ثم تخرجه من العملية كلها. وهي تستبطن مفهوما معينا للدين تراه كشأن شخصي أو علاقة العبد بربه لا يتعدى إلى غيره ولا يؤثر في غير دائرته، وهو أمر قد لا تسلم به اتجاهات أخرى ترى في الدين نهجا للحياة يسري في شرايينها ويؤثر في جملة نشاطاتها وفاعليتها.

في واقع الأمر فإن النظر الدقيق والعميق قد يأتي بنتيجة عكسية ليرى أن في الدولة/ النظام/ السلطة تكمن عملية تسييس الدين. ذلك أن الدولة تقوم بما يمكن تسميته زحفا غير مقدس منها على الدين، في حالة تبدو وكأنها تأميم الدولة لمجال الدين. هذه من القضايا الأساسية والمحورية في هذا المقام، وقد أشرنا إلى تلك الظاهرة في كتابنا المعنون "قراءة في دفاتر المواطنة المصرية الزحف غير المقدس تأميم الدولة للدين". وهنا سنرى أن الدولة بدلا من أن تقدم وتصنع النموذج في عدم التدخل في الشأن الديني إذا بها تحتكر؛ أو صارت تتهم بالسعي إلى تحقيق ما تدعيه على التيارات الإسلامية والسابق الإشارة إليها، وتريد فقط ألا يزاحمها تيار ما في القيام بهذا العمل.

أما المسألة الثانية فتتعلق بتديين السياسة، وهي تتعلق بعملية عكسية تتمثل في غلبة الديني على السياسي، مع الافتراض بأن الديني يملك لغة خطاب تختلف إلى حد كبير وتتميز عن لغة الخطاب الاعتيادي التي تتعلق بحاجات الناس ومعاشهم من مثل لغة الحلال والحرام، وهي اللغة التي من الممكن أن تسود في سياقاتنا الواقعية من أقرب طريق. وهو أمر قد نجد أحد مؤشراته في الحالة الإفتائية التي بدأت تبرز فصارت كافة قضايانا تتحول من أقرب طريق إلى فتاوى تستوجب أحكاما شرعية. هي أمور من الخطورة بمكان لأن من هذه الأمور ما يتعلق بعمليات تربوية، وكذلك أسس اقتصادية وتشكيلات ثقافية وأوساط اجتماعية وعمليات سياسية لا نقول إنها بالجملة تستقل عن الدين، ولكن نؤكد أن لهما متطلبات بالاعتبار الذي يمكن تصورها كعمليات ممتدة لها أحكام ناجزه تتعلق بالحل والحرمة. هذا الأمر لا شك في أنه يعبر عن الوجه الآخر على ذات المتصل تسييس الدين (تسييس الدين تديين السياسة).

في حقيقة الأمر أن هذه العمليات التي ترتبط بين الواقع والتنظير تتطلب منا ضبط العلاقات، ضبط النسب، ضبط الأولويات، وكذلك النظر في جملة الخطابات التي ترتبط بهذه العمليات والتأويلات المختلفة. ومن هنا تكون العلاقة بين الواقع والتنظير علاقة ليست من المستوى أو الشكل البسيط، إننا لا نريد أن نصدر برؤية نظرية فنتناسى الواقع، أو نصدر برؤية واقعية فنتناسى النظري، أو نجعل من الواقع حكما على التنظير أيا كان ما يحمله هذا الواقع من معايب ومفاسد.

إن شأن العلائق بين الواقع والتنظير لا بد وأن تتحدد في ضوء عناصر معادلات عدة؛ أولها قواعد النفع المتبادل والاستطراق الذي يحدث بين الظواهر جميعا السياسية، الاجتماعية، الثقافية.. الخ. ثانيها يتعلق بمعادلات الفاعلية، ويقصد بالفاعلية؛ الشئون التي تتعلق بالتأثير في أرض الواقع بما ينهض بالكيان. وثالثها؛ يتأكد بمعادلات الكفاءة في إدارة المجتمع السياسي والقدرة على تحقيق نقل لصورة الواقع ورفع حقيقي لها في إطار تمثيل كافة القوى سياسية كانت أم دينية. ورابعها وآخرها ترتبط بمعادلات السفينة (المستقاة من حديث السفينة للنبي عليه الصلاة والسلام)، ذلك أن معادلات السفينة ضمن عناصر المجتمع الواحد مما يؤكد على جملة تفاعل المعادلات السابقة.

كل ذلك إنما يشكل تصورات مهمة في عملية الإصلاح الشامل والإصلاح السياسي خاصة؛ ولعل ذلك ضمن مشاتل التغيير يجب أن يُعتبر وتتخذ من الوسائل والأدوات والمسالك والاستراتيجيات لتنزيل ذلك تطبيق ميدانيا على الأرض وتنزيلا مكينا رصينا لائقا. والحديث عن تلك الخلاصات لأهميتها موصول بحول الله وقوته.

x.com/Saif_abdelfatah

مقالات مشابهة

  • الحكومة: جماعة الحوثي هجّرت ملايين اليمنيين وتتاجر بالقضية الفلسطينية
  • الحكومة تؤكد تأمين احتياجات الوقود بمناطق سيطرة الحوثيين بعد حظر استيراد الحوثي
  • الحكومة تبدي استعدادها توفير الوقود لمناطق الحوثيين بعد حظر استيرادها عبر ميناء الحديدة
  • الحكومة اليمنية: سنوفر الوقود لمناطق الحوثيين
  • اليمن: عقيدة «الحوثي» تتنافى مع مفهوم الدولة الوطنية
  • الحكومة الشرعية تُطمئن المواطنين في مناطق سيطرة الحوثيين بعد قرار أمريكا حظر دخول المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة
  • الحكومة اليمنية تدعو لملاحقة قادة جماعة الحوثي باعتبارهم مجرمي حرب وفرض المزيد من العقوبات عليهم
  • جرينلاند تختار التغيير.. فوز مفاجئ للمعارضة في مواجهة ضغط ترامب
  • الحكومة تدعو لملاحقة قادة الحوثي كمجرمي حرب وفرض مزيد من العقوبات عليهم
  • خلاصات في العلاقة بين الديني والسياسي وعملية الإصلاح.. مشاتل التغيير (9)