عسكرة المجتمع العراقي..فشل وفساد سياسي
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
آخر تحديث: 31 دجنبر 2023 - 9:52 ص بغداد/شبكة أخبار العراق- يشدد مراقبون على ضرورة إنهاء حالة عسكرة المجتمع العراقي، ووقف التوظيف السياسي للأحزاب والكتل في المؤسستين الأمنية والعسكرية، ضمن صراع الحصول على نفوذ داخلها، والعمل على إيجاد الحكومة فرص عمل في القطاعات المختلفة للشباب الخريجين والعاطلين من العمل.
وكشفت أرقام المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، خلال عرضها لسجلات التصويت الخاص بقوات الأمن، أن عدد منتسبي القوات الأمنية الذين يسمح لهم بالتصويت بلغ مليوناً و239 ألف منتسب موزعين على وزارات الدفاع والداخلية وأجهزة وتشكيلات أمنية ومسلحة أخرى، بينما سجلت المفوضية ذاتها في انتخابات عام 2018 وجود مليون و70 ألف منتسب أمني وعسكري.والأحد الماضي، أعلن جهاز مكافحة الإرهاب فتح باب التطوع في صفوفه، وسط تدخلات لأطراف سياسية في ترشيح أفراد منهم لهذا العمل، سبقتها وزارات الدفاع والداخلية في فتح باب التطوع أيضا، مع استمرار الكليات العسكرية في تخريج الضباط بشكل سنوي منها. وكشف مسؤول عراقي عسكري بارز في بغداد، طلب عدم ذكر اسمه، عن أن عدد عناصر وزارة الداخلية وصل إلى أكثر من 825 ألف عنصر في منتصف العام الحالي، بينما بلغت أعداد منتسبي وزارة الدفاع نحو 370 ألفاً، فيما يبلغ عدد أفراد جهاز مكافحة الإرهاب أكثر من 16 ألفاً، وجهاز الاستخبارات نحو 8 آلاف، وجهاز الأمن الوطني ما يقارب 10 آلاف منتسب. وأضاف أن “هيئة الحشد الشعبي تجاوز عدد عناصرها عتبة الـ285 ألف عنصر، وهي ثالث أكبر المؤسسات المحسوبة على المؤسسة الأمنية والعسكرية العراقية بعد الداخلية والدفاع”. وأكد المصدر أن “عدد القوات العراقية بمختلف صنوفها سوف يرتفع خلال السنة المقبلة، بسبب فتح باب التطوع في صفوف الداخلية والدفاع وكذلك جهاز مكافحة الإرهاب، إضافة إلى عودة الآلاف من المفسوخة عقودهم في أجهزة مختلفة، منها الحشد الشعبي”. واعتبر أن ارتفاع العدد باستمرار “أمر طبيعي بالنسبة لوضع مثل العراق، لما شهده من أوضاع أمنية غير مستقرة وخطرة طيلة السنوات الماضية، كما أن التهديدات الأمنية ما زالت موجودة، ولهذا العراق يحتاج إلى قوات كافية من أجل مسك كل الأراضي وسد كل الثغرات، خصوصاً بسبب وجود مساحات صحراوية كبيرة تحتاج إلى قوات إضافية مع وجود حدوده الكبيرة مع كل دول الجوار المختلفة”. إن “ارتفاع عدد القوات الأمنية والعسكرية المتواصل يعود جزء منه إلى أن كل الحكومات المتعاقبة تحاول احتواء الشباب من خلال إدخالهم ضمن المؤسسة العسكرية والأمنية، وهذا بسبب عدم وجود صناعة وزراعة حقيقية في العراق أو النهوض بواقع إعمار حقيقي، من خلال تشغيل المصانع، ولهذا يجب أن تكون هناك وقفة جدية لوضع حد لعسكرة المجتمع العراقي، خصوصاً شريحة الشباب”.وأن “القوات العراقية تحتاج إلى تطوير الإمكانيات القتالية والتدريبية وكذلك التجهيز العسكري، وليس زيادة الأعداد، كما يجب أن تكون هناك التفاتة حقيقية من أجل إخراج بعض الكبار في السن أو المصابين من المؤسسة العسكرية والأمنية، فهؤلاء يشكلون نسبة كبيرة من التضخم بعدد القوات العراقية المختلفة”. من جهته، قال الخبير في الشأن الأمني فاضل أبو رغيف، إن “هذا العدد المعلن من قبل المفوضية العليا للانتخابات هو للقوات المسلحة فقط التي تشارك في كل موسم انتخابي، وهي كل من وزارة الداخلية، وزارة الدفاع، جهاز مكافحة الإرهاب، أما الأجهزة الأمنية الأخرى فهي أجهزة شبه مدنية، أي أنها معنية بالمشاركة بالاقتراع العام، ما يعني أن العدد المعلن أقل من الواقع”.وبيّن أبو رغيف أن “وزارة الداخلية تتصدر المرتبة الأولى بأعداد القوات المسلحة تليها وزارة الدفاع”، مضيفاً أن “أعداد القوات العراقية كبيرة فعلاً، وهناك تضخم واضح، وهذا بسبب الظروف الأمنية التي عصفت بالبلاد”، وأوضح أنه “وفق المعايير الأساسية يفترض أن يكون هناك شرطي واحد لكل 21 مواطناً، لكن في العراق الآن هناك شرطي لكل 7 مواطنين، وهذا يعتبر تضخماً”.ورأى أبو رغيف أن “التضخم بأعداد القوات العراقية هو لكون العراق يمر باستنفار أمني كبير منذ عام 2004 إلى ما قبل عامين، لكن خلال الفترة الماضية شهد استقراراً أمنياً واضحاً، وحتى يوم الاقتراع الخاص بالأجهزة الأمنية تبينت حالة الاستقرار الأمني وحالة التدفق بنسق منتظم ما بين كل القطعات العسكرية من دون أي تأثير على الواجبات الأمنية والعسكرية ومسك الأرض”. في المقابل، قال عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية ياسر وتوت، إن “الحكومات العراقية المتعاقبة عملت على عسكرة المجتمع العراقي من خلال فتح فرص التعيين حصراً بالتطوع بالجيش والشرطة، وبسبب البطالة وزيادة حالة الفقر اضطر الكثير من الشباب للتطوع في صفوف القوات العراقية حتى الشباب من حملة الشهادات، وهذا خطأ استمرت عليه كل الحكومات وحتى هذه الحكومة أيضاً”.وشدّد على أن “العراق بحاجة إلى قوات نوعية وليس قوات بالأعداد وهي بلا تدريب متطور وبلا تجهيز حديث، فالعدد الكبير يؤثر على التدريب والتسليح، ولهذا على الجهات المختصة الحكومية متابعة هذا الأمر، كونه يتعلق بقوة القوات المسلحة وقدرتها على تحمل كل المصاعب ومواجهة كل التحديات”.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: جهاز مکافحة الإرهاب الأمنیة والعسکریة المجتمع العراقی القوات العراقیة
إقرأ أيضاً:
تكريم ألف محارب أصيبوا بإعاقة خلال الثورة السورية في إدلب
إدلب- كرمت وزارة الدفاع السورية ألف شخص من جرحى الحرب أصيبوا بإعاقات دائمة، ضمن حفل أقيم في مدينة إدلب تحت عنوان "حفل معايدة أهل التحية والفداء"، وفاءً لتضحياتهم خلال سنوات الحرب، والتي فقدوا بها البصر أو أحد أطرافهم أو كليهما.
ويعد معظم مصابي الحرب ذوي الإعاقة الدائمة من فئة الشباب الذين انضموا للفصائل العسكرية، معلنين وقوفهم لجانب الثورة السورية وانخراطهم في الصراع ضد النظام السابق، وبينهم الكثير من حاملي الشهادات الجامعية في الطب أو الهندسة وغيرهما من الاختصاصات.
وأصيب الآلاف خلال سنوات الحرب بإصابات بليغة سببت لهم إعاقة دائمة، مما جعلهم بحاجة إلى شخص يلازمهم لتقديم المساعدة إذا كانت الإصابة مسببة لشلل كامل، في حين تغلب القسم الآخر منهم على إصابته إذا كانت ببتر أحد الأطراف أو شلل نصفي.
أصيب أيمن الجدي (أب لـ4 أطفال) بحالة شلل منذ عام 2014 في مدينته معرة النعمان جنوب إدلب، والتي هُجر منها إلى مخيمات مشهد روحين شمال إدلب في عام 2020، لكن وبعد سقوط النظام السابق لم يستطع العودة إلى منزله المدمر، حيث يحتاج إلى إعادة إعمار، مما اضطره للبقاء في مخيم النزوح.
ويرغب أيمن في علاج لحالته، بالإضافة لتأمين مشروع عمل صغير يستطيع العمل به وهو على كرسيه، لعله يستطيع تأمين ما تحتاجه عائلته وأطفاله من مصاريف يومية.
أما أحمد غسان فأصيب بشلل نصفي خلال المعارك التي خاضتها الفصائل العسكرية عام 2020 ضد النظام السابق وروسيا، وقال للجزيرة نت "نحن نتلقى راتبا شهريا من قبل وزارة الدفاع، ولكننا كشباب ما زلنا قادرين على العمل والإنجاز، لذلك طالبنا بتأمين وظائف أو تأمين مشاريع صغيرة تتناسب ونوع الإصابة، لنكون منتجين لا مستهلكين فقط".
إعلانوأضاف أن "الإعاقة هي إعاقة العقل وليس البدن، وما دام العقل يعمل فنحن قادرون على العطاء والبذل لهذا الوطن، فأنا متعلم وحاصل على شهادة جامعية وأستطيع العمل بشهادتي وأنا على كرسي الإعاقة".
في حين يفكر عرفات دعبول الذي هجّر من مدينة الزبداني في دمشق إلى إدلب عام 2016، في العودة إلى مسقط رأسه هو وعائلته المؤلفة من 6 أشخاص، ولكنه فقد منزله خلال الحرب، ويأمل أن يجد من يعيد له بناء منزله وتأمين عمل له يسهل عودته.
ويسعى والد الشاب أحمد الحسين (25 عاما) الذي هجر مع عائلته من قرية الحماميات بريف حماة إلى الشمال السوري، إلى تأمين ما يستطيع لابنه الذي يجر كرسيه بعد أن أصيب بشلل نصفي خلال المعارك مع النظام السابق، من علاج أو مسكن أو حتى المستلزمات الطبية واليومية التي يحتاجها.
وناشد أن يكون الاهتمام بهؤلاء المصابين هو الأولوية لما قدموه من تضحيات في سبيل أن يعيش الشعب السوري بحرية وكرامة، مؤكدا على عدم التنازل عن المطالبة بالعدالة الانتقالية، التي تضمن معاقبة من تسبب بشلل ابنه وغيره من الشباب في سوريا.
وفي كلمة ألقاها وزير الدفاع السوري اللواء مرهف أبو قصرة أمام المصابين، شكر فيها ما قدموه من تضحيات خلال سنوات الحرب، "والتي فقدوا بها أجزاء من أجسادهم في سبيل نصر الثورة السورية، التي استطاعت بفضلهم تحرير سوريا من النظام البائد".
ونقل رسالة باسم رئيس الجمهورية أحمد الشرع، تقدم فيها بالتهنئة والتبريك لـ"رجال العز والكرامة.. الذين صبروا على جراحهم وآلامهم حتى تحقق النصر للثورة"، شاكرا لهم ما قدموه.
وأكد أن المصابين هم "وقود الثورة، وبآلامهم رسموا الطريق الذي عبرت من خلاله الثورة لتحقق النصر على النظام البائد"، وأضاف أن "جراحهم كانت مشاعل النور، والحافز الذي شجع على الاستمرار بالوقوف في وجه الطغيان، حتى تحررت الأرض وانتصر الحق".
إعلانووعد أبو قصرة ببناء جيش قوي حديث "يليق بتضحيات أهل سوريا، بالتزامن مع هذه المرحلة التاريخية الجديدة، التي تسير بها عجلة البناء بثبات، حتى تصبح سوريا كما أرادها السوريون".
من جهته، قال مدير مديرية شؤون الجرحى في وزارة الدفاع حذيفة السليمان للجزيرة نت إن المديرية تعمل على تنظيم أمور جميع الجرحى خلال سنوات الثورة الـ14، وتقوم بجمع المعطيات الخاصة بهم لتقديم الخدمات الطبية واللوجستية لهم في المستقبل، بالإضافة لمتابعة من يحتاجون لعلاج أو لتأمين أطراف صناعية.
ولفت إلى أن الوزارة تعمل على توثيق جميع الجرحى الذين كانوا مع الفصائل العسكرية، من خلال تقديم الوثائق الخاصة بهم لمديرية شؤون الجرحى، بمن فيهم من كانوا يتبعون لفصائل تفككت خلال سنوات الثورة، حيث سيتم التواصل معهم وإضافتهم لقائمة وزارة الدفاع.
وأشار السليمان إلى أن وزارة الدفاع لديها خطة لتأهيل المصابين وذوي الإعاقة لتوظيفهم في مؤسسات الدولة، بحسب خبراتهم ومهاراتهم ومستواهم العلمي ولمن يستطيع العمل، وذلك من خلال قانون -ربما يصدر في وقت لاحق- بتخصيص نسبة معينة في كل وزارة لتشغيل عدد من العاملين فيها ممن هم من ذوي الإعاقة.