بعيداً من التوتر النفسي... سبب علمي يدفع بالكثيرين إلى تصديق الأبراج
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
إذا كنت مهتماً بعلم التنجيم، فأنت بلا شك ملمّ بالأبراج بشكل كبير، ولا تعرف برجك الشمسي فحسب، بل برجك القمري وبرجك الصاعد أيضاً وكل ما يتعلق بمخططك الفلكي. ولكن هل تساءلت يوماَ عن السبب الذي يدفع بالكثيرين إلى تصديق الأبراج؟ وما هي الأسباب النفسية والعلمية وراء ذلك؟
أكثر ما يثير قلق الإنسان هو المجهول، وشعوره بأنه لا يمتلك السيطرة الكاملة على مجريات حياته.
بهذه العبارة اختصرت الأخصائية في علم النفس العيادي والأستاذة الجامعية كارول سعادة، علاقة البعض الوثيقة بالأبراج وعلم التنجيم.
وأشارت في حديث لـ"لبنان 24" إلى أن "الأشخاص الذين يعانون من القلق الزائد لأسباب جينية أو تربوية، هم من الأكثر ميلاً لتصديق الأبراج، إلا أن من يعانون أيضاً من الغرابة في شخصيتهم، أي أن معتقداتهم قد تكون مغلوطة، نراهم يلجأون إلى الأبراج، إلا أن الأمر يختلف بحسب تركيبة الشخصية فالأمر لا ينطبق على الجميع.
وأوضحت سعادة أنه في حين أن جزءاً من الأبراج مرتبط بعلم التنجيم ويمكن تصديقه، إلا أن جزءاً آخر مرتبط بما يعرف بالـBarnum – Forer effect الذي هو خطأ وتشوّه معرفي يدفع بالإنسان إلى تصديق سمات عامة جداً من الشخصية والتي يمكن أن تنطبق على أي كان من البشر.
ما هو تأثير بارنوم؟
تأثير بارنوم، المعروف أيضًا باسم تأثير فورير، هو الظاهرة النفسية التي تفسر سبب اعتقاد الأفراد بأوصاف الشخصية المعممة كما لو كانت أوصافًا دقيقة لشخصيتهم الفريدة. ببساطة، يشير تأثير بارنوم إلى ميلنا إلى الاعتقاد بأن المعلومات المقدمة عن شخصياتنا تتعلق بنا بغض النظر عن قابليتها للتعميم.
يعد هذا التأثير أمرًا بالغ الأهمية في شرح الآليات الأساسية لقابليتنا السلوكية لقبول المعتقدات والممارسات الخارقة مثل الأبراج، وقراءة الطالع، واختبارات الشخصية عبر الإنترنت.
تم اكتشاف تأثير بارنوم من قبل عالم النفس بيرترام فورير في عام 1948 عندما أجرى تجربة حول مغالطة التحقق من صحة الشخصية. في دراسته، أجرى فورير اختبار شخصية لطلابه، وأخبرهم أنه سيتم تقييم كل استطلاع بشكل منفصل وتزويدهم بالتعليقات من قبل فورير نفسه. ومع ذلك، قدم لهم عالم النفس التعليقات بفقرة مليئة بعبارات عامة للغاية دون إخبارهم بذلك.
وكان يستخدم جملاً مثل "أنت تميل إلى انتقاد نفسك"، "الأمان هو أحد أهدافك الرئيسية في الحياة"، و"في بعض الأحيان يكون لديك شكوك جدية حول ما إذا كنت قد اتخذت القرار الصحيح"، فاعتبر جميع الطلاب تعليقات فورير بمثابة وصف دقيق لشخصيتهم الفريدة. وخلص فورير إلى أن النتائج يمكن أن تعزى إلى ميلنا إلى السذاجة.
هل تصديق الأبراج هو مرض؟
إلا أن الأهم بالنسبة لسعادة، هو التأكد من أن حشرية الإنسان التي تدفعه للإطلاع على الأبراج أو على الأمور الفلكية ليست مرضاً، إلا أنه يصبح كذلك حين يركّز الشخص كل حياته على أفكار غير موضوعية و"سحرية"، فيعيش حياته نسبة لما تمليه عليه الأبراج بشكل يومي".
وأوضحت أنه في هذه الحالة يصبح الإنسان مسيّراً، فيزيل اللوم عن نفسه في أي عمل سيء يقوم به، واضعاً الملامة كاملة على حركة الكواكب أو تركيبة الشخصية التي ينتمي إليها برجه.
وشددت على أن تداعيات سلبية كثيرة تترتب إثر ذلك على المستوى الشخصي، المهني والعاطفي، ما يدخل المرء بشكل من أشكال الشخصيات المرضية Schizotypal personality disorder ، وتحديداً تلك التي تحلل الأمور بشكل غير منطقي، ما يجعلها مشابهة تقريباً لحالات الفصام.
وأضافت سعادة أنه في حين يتعلّق الأمر بالشخصية المرضية، لا يقتصر الأمر فقط على الأبراج، "بل نلاحظ أن معتقداته غير منطقية في الأغلب، فيرتكز على مشاعره في اتخاذ القرارات، يحلّل الأمور بطريقة جدّ عاطفية عبر "الحاسة السادسة" وبعض التهيّؤات"، بحسب سعادة.
من هنا، جزمت سعادة بأن تصديق الأبراج بحد ذاته ليس المشكلة الفعلية، طالما أن الشخص قادر على وضع الأمور في نطاق معيّن لا يشكّل خطورة على حياته، موضحة أن الحشرية طبيعية في الحياة.
وشددت على أن أي تشوّه معرفي أو تفكير متطرّف يعايشه الإنسان يستدعي معالجة نفسياً كي يستعيد إمساك زمام الأمور في حياته مجدداً وكي يعود للتحليل المنطقي.
في المحصّلة، لا ضرر في الإطلاع على توقعات الأبراج من باب الحشرية والتسلية، خاصة مع تدفقها علينا من كل حدب وصوب مع بزوغ فجر كل عام جديد، خاصة وأن جزءاً منها علميّ بالفعل. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: إلا أن
إقرأ أيضاً:
السودان في القلب.. عن زيارة سعادة الوزيرة مريم المسند
تابعت باهتمام زائد واحتفاء خاص زيارة سعادة السيدة مريم بنت علي بن ناصر المسند، وزيرة الدولة للتعاون الدولي، بوزارة الخارجية، إلى بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة، للسودان الشقيق، يوم الخميس 10 أبريل 2025. ويعود اهتمامي واحتفائي إلى أمرين: الأمر الأول أن زيارة سعادة الوزيرة عبرت عما نكنه للشعب السوداني من تقدير واحترام، تراكما عبر عقود من الزمان، وفقاً لمبادئ الأخوة والتضامن، التي تعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين. وتشهد على ذلك محطات إنسانية متعددة ومتنوعة ظل ديدنها التبادل والتآزر، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، وكذلك على المستوى الشخصي. ولهذا كانت متابعتي لزيارة سعادة الوزيرة بمثابة بعث لشريط ذكريات راسخة وجميلة، تعود لأيام الطفولة والدراسة في مختلف المراحل الدراسية منذ الابتدائية، وأنا بين صديقاتي السودانيات في الدوحة، فتجلت أمام ناظري مواقف أصيلة ونبيلة ومشرقة، ظلت تميز أهل السودان.
* لذلك عشت مع زيارة سعادة الوزيرة كأني أجدد عهد المحبة والاحترام للشعب السوداني. والأمر الثاني يتصل بشخص سعادة الوزيرة وبطبيعة زيارتها، حيث كان المعنى الإنساني هو القاسم المشترك، وكرامة الإنسان هو شاغل الوزيرة وعنوان زيارتها. حيث نقلت سعادتها رسالة تضامن وشراكة مع الأشقاء في السودان. وأكدت في تصريح للصحفيين بأن الزيارة تجيء للوقوف على الأوضاع الإنسانية التي يعيشها الشعب السوداني، والعمل على تلبية الاحتياجات الضرورية له في ظل تداعيات الصراع الذي أدى إلى انهيار المنظومة الصحية والتعليمية وتدمير البنيات التحتية. ودعت سعادتها أطراف النزاع إلى تغليب المصلحة الوطنية ووقف إطلاق النار، وتيسير وصول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين والمرافق المدنية، والانخراط الجاد في جهود المصالحة، بما يضمن تحقيق السلام والحفاظ على وحدة السودان وتوجيه الموارد نحو الاستقرار والتنمية.
وخلال مقابلتها لفخامة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي لجمهورية السودان الشقيقة، أكدت سعادة الوزيرة على موقف دولة قطر الثابت والراسخ في دعم وحدة واستقلال وسيادة وسلامة أراضي جمهورية السودان. وأعرب فخامة الرئيس البرهان من جانبه، عن تقدير السودان لمواقف دولة قطر الداعمة والمساندة له في كافة المحافل الدولية والإقليمية وحرصها على سيادة ووحدة واستقرار البلاد، ودعمها المستمر لتقديم العون الإنساني للمتأثرين من الحرب. كما التقت سعادتها وزيري التعليم والصحة السودانيين.
* وفي تقديري، أن لا شيء يضاهي المواقف الإنسانية في زمن الأزمات، كون المواقف الإنسانية هي الميزان الحقيقي لعمق العلاقات وصدقها بين الدول والشعوب. لقد ظلت دولة قطر من خلال تاريخ ومسيرة علاقتها الثنائية مع السودان، تؤكد بأن الشراكة الحقيقية لا تقتصر على المصالح السياسية فحسب، بل تُبنى أيضًا على مبادئ الإخوة التضامن والوقوف مع الشعوب في محنها. وبينما يستمر السودان في سعيه نحو الاستقرار والسلام، والحفاظ على استقلاله وسيادته ووحدة أراضيه، يبرز البُعد الإنساني في علاقته مع دولة قطر كأحد أبرز مظاهر الأمل والدعم المستمر حتى تجاوز الأزمة.
* كانت سعادة الوزيرة تلامس القلب، وهي تزور دار نوّل للأيتام، ودار أمان للنساء الناجيات من العنف في بورتسودان، وهي تقف خلال زيارتها للدارين، على أوضاع الأيتام، وقصص صمود بعض النساء الناجيات ومعاناتهن من ويلات الحرب والعنف. وأوضحت سعادتها بأن دولة قطر ستعمل من خلال مبادرتها لدعم النساء والفتيات في مناطق النزاعات، ومنها جمهورية السودان، على تعزيز جهود دار أمان التي توفر الحماية والدعم بمختلف أشكاله للنساء الناجيات من العنف. كما أكدت على التزام دولة قطر الراسخ بمواصلة دعم الشعب السوداني الشقيق في هذه الظروف العصيبة والأوقات الصعبة، معربة عن بالغ القلق إزاء تدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية في السودان. وفي بادرة تجسد القيم الإنسانية، أعلنت عن تخصيص دولة قطر لمبلغ (10) ملايين دولار لدعم النساء والفتيات المتضررات من النزاع وتمكينهن اجتماعياً ونفسياً، فضلاً عن دعم القطاع الصحي بالدفعة الثانية من سيارات الإسعاف بالإضافة إلى توفير أجهزة غسيل الكلى. كما أشارت سعادتها إلى التزام دولة قطر الثابت بتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية والإنمائية، وشددت على أهمية تعزيز التعاون والتنسيق المشترك مع جميع الشركاء الدوليين والإقليميين والمحليين بما يسهم في تخفيف معاناة الشعب السوداني وتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في السودان.
* حقاً لقد كانت زيارة سعادة السيدة مريم بنت علي بن ناصر المسند، إلى السودان، زيارة مشرفة، ومعبرة عن المعاني والقيم الإنسانية، وتعكس عمق العلاقات بين دولة قطر وجمهورية السودان، ومدى فيض المحبة في وجدان الشعبين القطري والسودان، تجاه بعضهما البعض. وأكدت زيارة سعادتها كذلك على التزام دولة قطر بتقديم الدعم الإنساني والتنموي للشعب السوداني في ظل التحديات الراهنة، فهو شعب يستحق وبحق.
أ. عائشة محمد الرميحي – الشرق القطرية