لماذا وصلت العلاقات بين روسيا وإسرائيل لأدنى مستوى منذ انهيار الاتحاد السوفيتي؟
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
يبدو أن الموقف الروسي المؤيد للفلسطينيين، فاقم التوترات بين إسرائيل وروسيا، وهي بالفعل موجودة بقوة منذ الحرب الأوكرانية، حينما اتخذت إسرائيل موقفا يميل للغرب ضد موسكو.
وأوضح تحليل لصحيفة "غارديان" البريطانية، أن العلاقة الطيبة التي جمعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، لدرجة أن الأخير استخدم صورة له مع بوتين خلال انتخابات العام الماضي، تصدعت بعد الموقف الروسي إثر هجوم حماس في السابع من أكتوبر.
وتدعو روسيا بشكل مستمر إلى وقف الأعمال القتالية في غزة بشكل كامل، مشيرة إلى "المشاكل الإنسانية" التي يشهدها القطاع، في وقت ترفض فيه إسرائيل وقف عملياتها العسكرية إلا بعد "القضاء" على حركة حماس الفلسطينية.
وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بوقت سابق من ديسمبر الجاري، إن موسكو "تدين بشدة" هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر، لكن استخدام إسرائيل ذلك مبررا "لعقاب الملايين من الشعب الفلسطيني بشكل جماعي عن طريق القصف العشوائي" أمر مرفوض، بحسب وكالة رويترز.
"أدنى مستوى"نقلت غارديان عن الدبلوماسي الروسي السابق والأستاذ المساعد بجامعة قطر، نيكولاي كوزانوف، قوله إن العلاقات بين البلدين وصلت إلى "أدنى مستوياتها منذ سقوط الاتحاد السوفيتي".
كما قالت المسؤولة السابقة بمجلس الأمن القومي الإسرائيلي والمتخصصة في السياسة الخارجية الروسية، فيرا ميتشلين شابير، إن البيانات المتضاربة التي نشرتها إسرائيل وروسيا في أعقاب المحادثة التي أعلن عنها يوم 10 ديسمبر بين بوتين ونتانياهو، "دليل على العلاقة المتوترة".
وحينها قال نتانياهو إنه تحدث مع بوتين وأعرب عن استيائه من "المواقف المناهضة لإسرائيل" الي تتخذها موسكو في الأمم المتحدة، كما أشار إلى أنه عبّر عن رفضه الشديد لتعاون روسيا "الخطير" مع إيران.
أما البيان الروسي حول المكالمة، فقد سلط الضوء على الوضع "الكارثي" في قطاع غزة، حيث نقل عن بوتين قوله إن الرد العسكري الإسرائيلي على "هجوم حماس الإرهابي" يجب ألا يتسبب في مثل هذه "العواقب الوخيمة على السكان المدنيين"، وفق الصحيفة.
وأوضحت ميتشلين شابير: "لم يكن حوارا، بل طرح الزعيمان هذه المرة مواقفهما".
وقبل يوم واحد من المكالمة، دعمت روسيا قرارا في مجلس الأمن الدولي، يدعو لوقف إطلاق نار فوري في قطاع غزة، وانتقدت الولايات المتحدة لدعمها لإسرائيل وحملتها العسكرية على قطاع غزة.
"علاقات مدمرة لفترة طويلة"وقتل أكثر من 21 ألف شخص، أغلبهم من النساء والأطفال في قطاع غزة، بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية، وفق السلطات الصحية في القطاع.
وبدأت تلك العمليات في أعقاب هجوم حماس (المدرجة على قوائم الإرهاب الأميركية) في السابع من أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، أغلبهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، واختطاف نحو 240 على يد الحركة الفلسطينية ونقلهم إلى قطاع غزة، وفق السلطات الإسرائيلية.
ويأتي الموقف الروسي ضمن تحول أكبر في السياسة الروسية بالشرق الأوسط، منذ أن بدأ بوتين حربه في أوكرانيا، بحسب كوزانوف، الذي أضاف: "أدركت روسيا سريعا أن علاقاتها مع الغرب دُمرت لمدة طويلة مقبلة".
وأشار كوزانوف إلى أنه منذ بدء الحرب الأوكرانية، "تنظر موسكو في طرق تعزيز علاقاتها الاقتصادية والعسكرية مع الدول العربية، بجانب تقاربها من إيران، التي زودتها بذخائر ومسيرات وصواريخ لاستخدامها في أوكرانيا".
وفي وقت سابق من ديسمبر الجاري، أجرى بوتين رحلة نادرة ليوم واحد إلى الإمارات والسعودية، سلطت الضوء على علاقته الدافئة مع لاعبين رئيسيين في الشرق الأوسط، حيث تم استقباله بحفاوة كبيرة، على الرغم من أنه مطلوب للعدالة في الغرب بعد قرار من المحكمة الجنائية الدولية بشأن اتهامه بارتكاب جرائم حرب.
"براغماتية بوتين"ولفت تحليل "غارديان" إلى أن صحيفة "إزفستيا" الروسية الموالية لبوتين، عقب الرحلة، اعتبرت أنها كانت "دليلا على أن الحديث عن عزلة روسيا هو مجرد ضجيج".
وواصل كوزانوف حديثه بالقول: "الحرب بين إسرائيل وحماس، وفرت لموسكو فرصة نادرة، حيث توجد انتقادات حول العالم، تتهم الدول الغربية بالنفاق، بسبب القتلى الفلسطينيين.. الكرملين تحدث كثيرا خلال الفترة الأخيرة عن الأخلاقيات، على الرغم من سجله المدمر في حروب مثل الشيشان وسوريا، ومؤخرا في أوكرانيا".
وأوضح: "روسيا البوتينية براغماتية جدا. شعرت موسكو أن أحداث غزة تدفع منطقة الجنوب العالمي بعيدا عن الغرب، وربما تجعل مواقفهم أكثر تعاطفا مع روسيا".
وقالت غارديان في تحليلها: "عملت روسيا وإسرائيل على مدار عقدين من حكم بوتين، على تحقيق توازن في العلاقات، على الرغم من أوقات كان فيها البلدان على خلاف تام في الأهداف، فعلى سبيل المثال كانت إسرائيل تتواصل مع روسيا بأن الأوضاع في سوريا، فيما كانت حريصة على عدم استعداء موسكو التي تربطها مع إيران علاقة قوية".
وأوضحت ميتشلين شابير: "لم يكن تحالفًا أبدا، بل تفاهما استراتيجيا. يحتاج كل بلد إلى الآخر"، لكن الغزو الروسي لأوكرانيا جعل بوتين "منبوذا في الغرب، ووضع إسرائيل في مأزق".
وأوضح الحاخام الأكبر السابق في موسكو، بنحاس غولدشميت، إن الكثيرين في إسرائيل "شعروا بعدم ارتياح شديد فيما يتعلق بسردية روسيا حول مبرر الغزو"، مشيرا إلى مقارنة موسكو للحكومة الأوكرانية بألمانيا النازية.
وفي هذا الصدد، أضافت شابير: "في السابع من أكتوبر، وجدت إسرائيل روسيا على الجانب الآخر من الحرب، لكن أسس الانقسام بالفعل تم وضعها حينما قرر بوتين غزو أوكرانيا".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی السابع من أکتوبر هجوم حماس قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
ممثل بوتين يلتقي وفد البرلمان العربي ويؤكد دعم روسيا لموقف مصر والأردن
استقبل ميخائيل بوجدانوف ليونيدوفيتش الممثل الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، بالعاصمة الروسية موسكو، محمد بن أحمد اليماحي رئيس البرلمان العربي والوفد المرافق له، وذلك في إطار الزيارة الرسمية التي يقوم بها وفد البرلمان العربي إلى روسيا الاتحادية، تلبيةً للدعوة الواردة من رئيسة المجلس الفيدرالي الروسي.
وخلال اللقاء، أكد ميخائيل بوجدانوف ليونيدوفيتش الممثل الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، دعم روسيا الاتحادية بقوة لمواقف مصر والأردن الرافضة للتهجير القسري للشعب الفلسطيني، مشددًا على أنه لا سلام أو استقرار في المنطقة طالما استمر الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
كما أكد بوجدانوف ليونيدوفيتش أن المبادرة العربية للسلام تمثل أساس عادل ومتوازن للتوصل إلى حل شامل ونهائي للقضية الفلسطينية.
وفي مستهل اللقاء، قدم بوجدانوف ليونيدوفيتش التهنئة لليماحي بمناسبة انتخابه رئيسًا للبرلمان العربي، مؤكدًا على أن روسيا الاتحادية تنظر إلى زيارة وفد البرلمان العربي باهتمام بالغ، كونها الزيارة الأولى على هذا المستوى.
كما تطرق بوجدانوف ليونيدوفيتش إلى التطورات الجارية في منطقة الشرق الأوسط، مشددًا على أن التوافق الوطني الداخلي يمثل الأساس الوحيد للتوصل إلى حلول نهائية ومستدامة لما تشهده بعض الدول العربية من أزمات، مؤكدًا في الوقت ذاته دعم روسيا لتحقيق هذا التوافق على كافة المستويات.
من جانبه، أكد "اليماحي" دعم البرلمان العربي للتطور المتنامي الذي تشهده العلاقات العربية الروسية، والتي ترقى إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية في الكثير من المجالات، مؤكدًا كذلك دعم البرلمان العربي لمخرجات اجتماعات منتدى التعاون العربي الروسي بين جامعة الدول العربية وروسيا الاتحادية.
كما أكد "اليماحي" دعم البرلمان العربي لمبادرة الرئيس فلاديمير بوتين بشأن التحضير لعقد أول قمة عربية روسية على مستوى رؤساء وقادة الدول، لما ستمثله من نقلة نوعية في تعزيز وتطوير العلاقات العربية الروسية.
وأعرب "اليماحي" عن شكر وتقدير البرلمان العربي لمواقف روسيا الاتحادية الشجاعة تجاه القضية الفلسطينية في كافة المحافل الدولية، مؤكدًا على أهمية دعم روسيا الاتحادية للجهود العربية التي تهدف إلى تسوية الأزمات القائمة في المنطقة العربية، بإرادة عربية خالصة بعيدًا عن أية تدخلات خارجية في الشئون الداخلية للدول العربية.
حضر اللقاء من البرلمان العربي، اللواء طارق نصير نائب رئيس البرلمان العربي، والنائب حمد الملا رئيس لجنة الشؤون الخارجية والسياسية والأمن القومي، و النائب يوسف رحمانية عضو البرلمان العربي، والدكتور طارق الشمري عضو البرلمان العربي، ومن الأمانة العامة للبرلمان العربي، الدكتور أشرف عبدالعزيز المستشار السياسي لرئيس البرلمان العربي ومدير إدارة العلاقات الخارجية.
جدير بالذكر أن ميخائيل بوجدانوف ليونيدوفيتش الممثل الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لديه خبرة كبيرة في الشئون العربية، حيث سبق أن عمل كسفير لروسيا الاتحادية في اليمن ولبنان ومصر وسوريا وجامعة الدول العربية.