ركزت إيران في العام 2023 على زيادة نفوذها في الجنوب السوري بمحاذاة الحدود مع الأردن والجولان السوري المحتل، مستغلة ضعف الوجود الروسي أو انكماشه في هذه المنطقة الاستراتيجية من سوريا.

وبدأت إيران بنشر ميليشيات تابعة لها قبل بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، لكن مع تواصل الحرب سرعت إيران من وتيرة انتشار ميليشياتها و"حزب الله" اللبناني.



وينص اتفاق "تسوية الجنوب" الذي رعته وضمنته روسيا في العام 2018 بين فصائل المعارضة والنظام، على إبعاد الميليشيات الإيرانية مسافة تزيد عن 50 كيلو متراً عن الحدود، غير أنه وفق مركز "جسور للدراسات"، لا تمارس روسيا أي ضغوط حقيقية على إيران لتقليص نفوذها في الجنوب.


ورأى المركز في دراسة نشرها في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أن تجنُّب موسكو لممارسة ضغط على طهران هو "أمر مقصود" نظراً لتدهور علاقة روسيا مع "إسرائيل" وتراجع التنسيق بينهما في سوريا، مقابل تعزيز العلاقة بين موسكو وطهران بعد أن قامت الأخيرة بدعم الجانب الروسي بالأسلحة وخاصة الطائرات المسيرة في حربها على أوكرانيا.

إيران تكثف وجودها في الجنوب
ومقابل وجود 9 مواقع عسكرية روسية في الجنوب السوري، أسست إيران 82 موقعاً تتنشر بها قوات من الحرس الثوري و"حزب الله".

ويقول مدير مركز "رصد للدراسات الاستراتيجية" العميد عبدالله الأسعد، إن الهيكلية العسكرية في الجنوب السوري لم تتغير على الصعيد الشكلي، فلا زالت قوات النظام تنتشر في مواقع محددة ولا يسمح لها بالانتشار داخل القرى والمدن.

وأضاف لـ"عربي21" أن الذي تغير على الأرض هو زيادة وجود الميليشيات الإيرانية والخلايا التابعة لإيران، المسؤولة عن عمليات تهريب السلاح والمخدرات إلى الأردن.

ويتابع الأسعد، أن خلايا إيران أسست ما يشبه القواعد الثابتة على مقربة من الحدود الأردنية في منطقة نصيب الحدودية ومزارع السويداء وغيرها لتهريب السلاح والمخدرات نحو الأردن.

كما أكد الخبير العسكري أن بعض المناطق الحدودية صارت تعج بالإيرانيين و"الفرقة الرابعة" التي يتتبع للنفوذ الإيراني، معتبراً أن "وجود إيران في الجنوب السوري تبلور في العام 2023".

ويتفق مع الأسعد، المتحدث باسم "تجمع أحرار حوران" أيمن أبو نقطة، الذي يؤكد لـ"عربي21" أن شكل النفوذ العسكري في الجنوب السوري لم يتغير على الصعيد الإداري، مستدركاً: "لكن شاهدنا زيادة ملحوظة للوجود الإيراني".

وتابع: "كذلك النظام اتجه نحو خلق مجموعات محلية تابعة له، للقيام بالتعاون مع الميليشيات الإيرانية بمهام تهريب السلاح والمخدرات نحو الأردن".

ولفت أبو نقطة إلى توجه إيران أيضاً نحو استقطاب المجموعات المحلية في الجنوب السوري، معتبراً أن "إيران تسعى إلى خلق ورقة ضغط على الأطراف الإقليمية من خلال تمركزها في الجنوب السوري".

قلق أردني
وتصاعدت الشكاوى الأردنية مؤخراً من زيادة الوجود الإيراني في الجنوب السوري، وتقول الصحفية الأردنية المختصة بالشأن السوري هديل الروابدة، إن الأردن تتعامل بحزم على حدودها الشمالية منذ العام ٢٠١٨ بعد أن قامت الميليشيات الإيرانية بملء الفراغ الروسي.

وأضافت لـ"عربي21" أن مرد القلق الأردني هو تسرب المخدرات أو الأسلحة من سوريا، وتؤكد أن "القوات المسلحة الأردنية تطبق قواعد الاشتباك ضد أي أهداف تقترب من الحدود، وبالتوازي بدأت منذ أيام بتنظيف الداخل من المتواطئين مع عصابات الخارج".



وبحسب الروابدة، ليس لدى الأردن أي مخاوف من الخطر الطائفي، مشيرة إلى تحذير العاهل الأردني عبد الله الثاني منذ العام ٢٠٠٤ من الهلال الشيعي السياسي، وتقول: "بالعموم هناك وعي أردني سياسي وشعبي للبعد المذهبي، وخاصة في ظل ما شهدناه من دمار في سوريا والعراق واليمن ولبنان بعد دخول إيران إلى تلك الدول"، وثانيا لتماسك النسيج الأردني.

وحول ردود فعل الأردن على زيادة التموضع الإيراني، تقول الروابدة إن "الأردن ستعمل بالوسائل السياسية أولا مع الدول التي تشترك معنا في حذرها من إيران وهي مصر والسعودية ودول الخليج، وكذلك بالوسائل العسكرية حيث ستقوم القوات المسلحة بما يلزم للدفاع عن الوطن بالتدرج المناسب".

والواضح من وجهة نظر بعض المراقبين، أن العدوان على غزة قد خلق الفرصة أمام إيران لزيادة انتشارها في الجنوب السوري، وخاصة في ظل عدم اعتراض روسيا على ذلك.

في المقابل، تفسر مصادر أخرى زيادة الانتشار العسكري الإيراني في الجنوب السوري إلى تحضر طهران لتوسع العدوان الذي يشنه الاحتلال الإسرائيلي على غزة، نحو جبهات لبنان وسوريا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية إيران سوريا إيران سوريا الاردن المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المیلیشیات الإیرانیة فی الجنوب السوری

إقرأ أيضاً:

كيف يتصرف ترامب مع مصر والأردن بعد رفض استقبال سكان غزة؟.. فيديو

جاء اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لاستقبال مصر والأردن للاجئين الفلسطينيين من قطاع غزة، الذي يعاني من آثار الحرب، برفض قاطع من مصر والأردن، إضافة إلى الفلسطينيين أنفسهم الذين يخشون من عدم السماح لهم بالعودة إلى أراضيهم. 

وتتمسك مصر والأردن بموقفهما الرافض لاستقبال الفلسطينيين من غزة أو الضفة الغربية، حتى بعد اقتراح ترامب، ويؤكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، ردًا على تصريحات ترامب، أن "الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين". 

الخارجية الفرنسية: أيّ تهجير قسري لفلسطينيي غزة غير مقبول ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 47 ألفا و354 شهيدًا

وأوضح الصفدي في مؤتمر صحفي مشترك مع سيجريت كاك، منسقة الشؤون الإنسانية في غزة، أن ثوابت المملكة واضحة ولن تتغير، وهي دعم الفلسطينيين في أرضهم ورفض التهجير.

وتتشارك مصر مع الأردن في موقفهما الرافض لاقتراح ترامب، حيث تعتبر وزارة الخارجية المصرية أن نقل الفلسطينيين، سواء بشكل مؤقت أو طويل الأمد، قد يؤدي إلى تفاقم الصراع في المنطقة ويقوض آفاق السلام، وقد حذر الرئيس عبد الفتاح السيسي في مناسبات عدة من العواقب الأمنية المترتبة على نقل أعداد كبيرة من الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء.

وتأتي مواقف السلطة الفلسطينية في نفس السياق، حيث ترفض ما تصفه بالتهجير، في وقت يجري فيه رئيس السلطة محمود عباس اتصالات عاجلة مع قادة الدول العربية والغربية. 

ولم يصدر أي تعليق من إسرائيل على تصريحات ترامب، لكن هناك دعوات من بعض شركاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من اليمين المتطرف للهجرة الطوعية لعدد كبير من الفلسطينيين وإعادة إنشاء المستوطنات في غزة.

ويطرح ترامب اقتراحه بخصوص سكان غزة، مشيرًا إلى رغبته في استقبالهم في مصر والأردن بشكل مؤقت أو طويل الأمد. لكن السؤال الذي يثير قلق القاهرة وعمان، اللتين تتلقيان مليارات الدولارات من المساعدات الأمريكية، هو مدى جدية ترامب في اقتراحه.

نقل الصراع لمصر والأردن

الكاتب والمحلل السياسي الأردني عريب الرنتاوي، يؤكد أن هذا الموقف ليس جديدًا، فقد سبق للأردن أن أعلن رفضه لمشاريع التهجير والتوطين، مشددا على أن هذا الاقتراح يثير قلقًا كبيرًا في عمان والقاهرة، حيث يعتبر تهديدًا للأمن والاستقرار.

وعن خطط ترامب بعد رفض خطته من قبل مصر والأردن، قال: "هو رجل يصعب التنبؤ بخطواته، ولا نعلم ما إذا كان سيلجأ إلى سلاحه المفضل الذي يستخدمه كتحية "صباح الخير" وهو فرض العقوبات والخنق الاقتصادي".

وتابع: “أعتقد أن اقتراحاً كهذا قد ينقل الصراع من كونه صراعاً فلسطينياً إسرائيلياً مستمراً لأكثر من 100 عام إلى صراع داخلي في مصر والأردن، وهذا لن يكون مقبولاً لا من الأردنيين ولا من الفلسطينيين، أما بالنسبة للفلسطينيين، فإن رفض المشروع لا يأتي فقط من الرئيس عباس، بل يتجلى أيضاً في ما شهدناه اليوم في غزة، حيث عادت مئات الآلاف من المشردين إلى شمال غزة المدمر بالكامل، مشياً على الأقدام وفي ظروف مزرية”.

فيل في دكان خزف

ولفت إلى أن القلق يتصاعد في عمان والقاهرة وفلسطين وفي جميع أنحاء المنطقة، خاصة من قبل الدوائر المرتبطة بالولايات المتحدة وحلفائها، وأن هذا القلق يمتد أيضًا إلى الخليج، حيث إذا كان ترامب مستعدًا للتخلي عن مصالح حليفين رئيسيين مثل الأردن ومصر، فما الذي يجعله يدافع عن مصالح دول خليجية مثل السعودية أو الإمارات أو البحرين؟ إن هذا التخلي عن الحلفاء عندما تتعارض مصالح إسرائيل مع مصالحهم يُعتبر رسالة مقلقة من الولايات المتحدة لحلفائها. 

وتابع: “لا يمكن أن يكون الأمن والاستقرار والوجود الوطني الأردني مجرد أضرار جانبية، لأن الأردن له مصلحة حقيقية في إقامة دولة فلسطينية، بينما إسرائيل لا ترغب في ذلك، إن الانحياز لإسرائيل، حتى على حساب أمن الأردن واستقراره، لا يعكس علاقة بين شركاء وحلفاء، كما أنه لا ينبغي لقائد الدولة العظمى أن يتصرف كالفيل في دكان الخزف، يضرب يمينًا ويسارًا، ثم يدعي أنه يفكر فيما يقوله وما يجول في خاطره”.

يتعامل مع غزة كمشروع عقاري

وأكد أن ترامب يتعامل مع الوضع في غزة كأنه مشروع عقاري من مشاريعه، دون أي اعتبار آخر، فهناك رائحة كريهة تنبعث من هذه التصريحات السياسية، رائحة المال والاستثمار، بالإضافة إلى قضايا مثل لاس فيغاس والضم والتهويد. لذا، يُنظر إلى هذا الموضوع بجدية، وللأسف، لم نعد نثق بما يُقال عن القيم والأخلاقيات التي يُفترض أن تحكم السياسة الخارجية الأمريكية. لقد شهدنا ذلك في غزة وفي أماكن أخرى.

أما بالنسبة للأردن، أكد: “الأردن يقوم بواجبه على أكمل وجه، وليس هناك وقت للاسترخاء أو المزاح. هذا هو وقت الجد في عمان. الرأي العام في الأردن يتحدث عن تصريحات ترامب، ولا يوجد أحد لم يشر إليها خلال الساعات القليلة الماضية. يجب أن نتحرك داخليًا لتعزيز الوحدة في مواجهة التحديات العربية والإقليمية والدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة”.

يفكر بصوت عال

ويضيف ديفيد شنكر، مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق لشؤون الشرق الأوسط ومدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، أن تصريحات الرئيس ترامب، كما شهدنا في آخر فترة له كرئيس، غالبًا ما يتحدث دون التعمق في الأفكار أو التشاور مع الخبراء والمستشارين، في كثير من الأحيان، كانت تصريحاته بمثابة بالونات اختبار، أو أنه يفكر بصوت عالٍ".

وأردف: “تذكروا أيام كورونا عندما قال : ”إن الناس يجب أن يفكروا في شرب الكلور، وهو ما قاله في مؤتمر صحفي، وكان من الواضح أنه لا ينبغي لأحد القيام بذلك، كما تحدث عن غزو غرينلاند وكندا، وهذه أمور لا أعتقد أن الولايات المتحدة ستنفذها، لكنها تعكس طريقة تفكير الرئيس".

وأكمل: “ما يقوله الرئيس بصوت عالٍ هو أنه لا يوجد حل مثالي لها، وأن عملية السلام بعد اتفاق أوسلو لم تتقدم، حيث تم طرد السلطة الفلسطينية عبر انقلاب من قبل حماس، التي لا تزال تسيطر على غزة وتمنع أي حركة في الاتجاه السياسي هناك”.

فقدان معاهدتي السلام مع مصر والأردن

واستطرد: “إذا قرر الرئيس متابعة أو تنفيذ ما أعلنه، فقد تنشأ مشكلة تتعلق بزيادة عدد الفلسطينيين في الأردن، حيث لن تقبل مصر بذلك، كما أن هناك مخاوف من فقدان معاهدة كامب ديفيد مع مصر ومعاهدة وادي عربة مع الأردن”.

ولفت إلى أنه عندما يتحدث الرئيس علانية، ينبغي أن تكون نبرته ورسائله هادئة، لكن هذا ليس ما نراه مع ترامب، فقد كان هناك تصريح خاطئ من وزارة الخارجية حول سعر النفط، حيث ذكر أنه دولارين للبرميل، وهذا أمر غير مقبول، يجب أن يُؤخذ الرئيس على محمل الجد، لأن استمرار سياسته الحالية قد يؤثر سلبًا على العلاقات الأمريكية مع كل من الأردن ومصر، بالإضافة إلى العلاقة بين إسرائيل والأردن ومصر كشركاء أساسيين في السلام.، حيث يُعتبر الأردن ومصر عمودين رئيسيين في السياسة الأمريكية بالمنطقة التي تدعم الاستقرار، وقد كانت هذه السياسة ناجحة إلى حد كبير، بغض النظر عن الأحداث التي تلت غزة.

دعم داخلي أمريكي لإسرائيل

وأردف: “أما بالنسبة لتخفيف قلق الحلفاء مثل الأردن ومصر بسبب الدعوة لاستقبال النازحين الفلسطينيين، فإن هناك نوعًا من الدعم الداخلي من قبل حملة ترامب، مثل تبرع مريم أدلسون بمبلغ 100 مليون دولار، حيث تسعى لتحقيق أهداف سياسية تتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وفي الولايات المتحدة، يدعم أكثر من 70% من الناس إسرائيل، وبالتأكيد 51% من الأمريكيين الذين صوتوا لترامب يدعمونها أيضًا. هذا موضوع يثير اهتمامًا خاصًا”.

وتابع: “لتخفيف الهواجس، نأمل أن تتحدث الولايات المتحدة مع حلفائها. تذكر أنه في بداية أزمة غزة، اقترح الرئيس بايدن على مصر فتح الحدود للسماح لبعض الفلسطينيين بالخروج، لكن مصر رفضت، ثم سافر وزير الخارجية بلينكن إلى مصر والتقى بالسيسي، مما أدى إلى فهم أفضل للموقف المصري، وتم تعديل الطلب الأمريكي، لا أعتقد أن هذا سيحدث مع ترامب، حيث أنه ليس لديه الآن فريق كامل للشرق الأوسط، وهناك مسؤولون في مجلس الأمن القومي يتعاملون مع هذا الشأن، لكن العديد من المسؤولين المعنيين بالدبلوماسية لم يتم تعيينهم بعد، مما يجعل هذه فترة انتظار صعبة لشركائنا في المنطقة”، جاء ذلك في حوار مع قناة “الحرة”.

 

مقالات مشابهة

  • 17 % زيادة في الصادرات الزراعية منذ عام 2023
  • وزير الزراعة لـ «بسمة وهبة»: 17% زيادة في صادراتنا الزراعية منذ عام 2023
  • إيران تعلن شرطها لبدء المفاوضات النووية
  • الربط الكهربائي بين سوريا والأردن.. متى يبدأ؟
  • بدلا من تهجير الفلسطينيين.. إيران تقترح على ترامب نقل الإسرائيليين إلى جرينلاند
  • هيئة البث: إسرائيل قلقة من اعتزام ترامب سحب آلاف القوات من سوريا
  • 34 % زيادة المستفيدين من خدمة نقل أصحاب الهمم
  • كيف يتصرف ترامب مع مصر والأردن بعد رفض استقبال سكان غزة؟.. فيديو
  • إسرائيل تُفصح عن نواياها الشريرة تجاه سوريا
  • تعاون بين التأمين الصحي وأملاك الدولة لإنشاء مراكز علاجية متخصصة بالجنوب