نعم الله عز وجل كثيرة لا تعد ولا تحصى في هذه الدنيا، فالواحد الأحد هيأ الأرض للبشرية ومهدها ليمشوا في مناكبها وسخر البحر لتجري الفلك فيه بأمره، وجعل الشمس ضياءً والقمر نوراً، والنجوم لنهتدي بها في ظلمات البر والبحر، وجعل الليل لباساً والنهار معاشاً، وَفي كُلِّ شَيءٍ لَهُ آيَةٌ….تَدُلُّ عَلى أَنَّهُ الواحِدُ.
فالكل مسخر بأمره وكل شيء في هذه الدنيا مكمل لغيره، فالله أحاط بعلمه كل شيء، وقدر الأقدار وكور الليل على النهار، عالم بالحاجات البشرية والنواميس الكونية سبحانه جلا في علاه .
قبل أيام ازدانت مملكتنا الحبيبة روعة وجمالاً ورونقاً وبهاءً عندما انطلقت تلك القطرات من السماء متجهة للأرض وفي طياتها تحمل البركة والحياة بإذن الله، إنه لشعور عظيم عندما تعيش تلك اللحظة الماتعة والسعادة التي لاتوصف! عندما تنزل تلك القطرات تبتهج النفس أنساً وطرباً بسماع زخاتها وهي تتساقط على الأرض، هذه المشاعر لايمكن أن أصفها بقلمي وأنا على منضدتي مهما كتبت، ولايمكن أن يصفها شاعر مهما فاضت قريحته، ولا أن يرسمها فنان مهما نسج من الخيال إنه منظر بديع وأنت ترى تسابق قطرات الندى تنهمر وتلك النسمات الباردة المزدانة بالجمال، تلك الصورة الربانية الزاهية المفعمة بالحياة تحيي القلوب والأبدان قبل الزرع والكائنات الأخرى.
ومهما بلغت البشرية من التقدم والرقي وتحلية مياه البحر فهي ليست في غنى عن تلك القطرات فالغيث يهطل بالرحمات وبه تجاب الدعوات ويسقى البلاد والعباد .
فعندما تتأمل الآيات الواصفة لتلك القطرات تجدها تارة توصفها بالبركة وتارة أخرى بالرحمة التي يرسلها الله بالرياح والسحاب الثقال بشرى بين يدي رحمته ليحيي بها بلدة ميتاً ويسقي بها الأنعام وأناسيَ كثيراً ، فهي ليست للشرب والارتواء فقط بل هي الخير والرحمة والبركة ولذلك الدعاء مستجاب عند نزول المطر فيستحب مد اليدين وسؤال الله والتضرع له وشكره على تلك النعمة العظيمة ، عندما تجدب السماء ويقنط الناس شرع الله صلاة الاستسقاء التي تكون سبباً بعد الله لنزول المطر ونشر رحمته .
فالنبي صلى الله عليه وسلم كان من هديه إذا أجدبت الأرض نادى إلى صلاة الاستسقاء وإذا نزل المطر شكر ربه وحسر عن ثوبه حتى يصيب جسده ويقول “إنه حديث عهد بربه” .
وفي حديث أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال: (خرج سليمان -أي: ابن داود النبي عليه الصلاة والسلام- يستسقي، فرأى نملةً مُستلقيةً على ظهرها، رافعةً قوائمها إلى السَّماء تقول: اللهم إنَّا خلقٌ من خلقك، ليس بنا غنًى عن سُقياك، قال: ارجعوا؛ فقد سُقيتُم ).
فالله عزوجل سميع لكل من في هذا الكون ويقضي حاجاتهم فالكل محتاج له والكل يتضرع إليه والكل يسأله من واسع فضله وعطائه فيجزل لهم العطاء والثواب ، عندما تتراكم السحب يستبشر الناس خيراً ينتظرون الرحمات تنزل عليهم وتداعب مشاعرهم فتنطلق ساعة الصفر وتبدأ بالنزول فتتغير النفوس وتبتهج القلوب إذا كان صيباً نافعًا وسقيا رحمة لا سقيا عذاب ولاهدم ولا غرق ، تأمل الناس مع نزول المطر ترى الابتسامة والمصالحة وسعة البال والتسامح ولين الجانب وغيرها من الأخلاق الكريمة، فنسأل الله سبحانه أن يديم علينا تلك القطرات ونحن في أمن وأمان وصحة وإسلام .
المصدر: صحيفة صدى
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: كل الطرق تُوصل إلى الله عندما تكون مقيدة بالكتاب والسنة
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان كُلُّ الطرق تُوَصِّلُ إلى الله عندما تكون مقيدة بالكتاب والسُنَّة، فإن انحرفت فبقدر انحرافها عن الكتاب والسُنَّة تنحرف عن الوصولِ إلى الله.
واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، انه لذلك يقول الْجُنِيد رحمه الله: طريقُنَا هذا مُقَيَّدٌ بالكتاب والسنة.فما الفرق بين عُبَّاد المسلمين وعباد الهندوك، فالكل يقوم بعبادة؟! الفرق هو الكتاب والسُنَّة.
فلو أردت أن تعبُدَ الله على هواك فهى نزعة إبليسية، كما قال إبليس -لعنه الله- سوف أسجد لك أنت فقط - مخاطبا المولى عز وجل - ولا أسجد لآدم.
يروى فى الأثر أن إبليس جاء موسى عليه السلام فقال له: يا موسى أنا أريد أن أتوب فهل لك أن تسأل الله أن يتوب علىّ؟ وهو كذاب، لكن سيدنا موسى لأنه نبى من أولى العزم قام بدعاء ربنا وقال له: يا رب إن إبليس مخلوق وهو يريد أن يتوب، فجاء رد المولى أن قبر آدم فى مكان كذا فليسجد إليه، فقال سيدنا موسى لإبليس اذهب للسجود فى مكان كذا - لقبر آدم - وسوف يتوب الله عليك. فجاء رد إبليس مستنكراً رافضاً: إذا كنت لم أسجد له حيّاً أفأسجد له ميتاً ! هذا هو إبليس.
إذن فالأمر ليس تلبيس الطُّرُق عليك وإنما الهوى؛ فإبليس عنده هوى فاتخذ إلهه هواه، فالقضية ليست كثرة الطرق الموصلة إلى الله .. إنها رحمة، ولكن القضية هى قضية هواك.
فاحذر من اتباع هواك إلا أن يكون تبعاً لما جاء به المصطفى صلى الله عليه وآله سلم كما ورد فى الحديث (لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُم حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ) أى تتحول إلى عبداً نبوياً محمدياً .. تحب ما أحب، وتكره ما يكره. وهذا عندما تخلط السنة بعظمك وعصبك.