صحيفة صدى:
2024-10-05@01:40:51 GMT

قطرات الندى

تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT

قطرات الندى

نعم الله عز وجل كثيرة لا تعد ولا تحصى في هذه الدنيا، فالواحد الأحد هيأ الأرض للبشرية ومهدها ليمشوا في مناكبها وسخر البحر لتجري الفلك فيه بأمره، وجعل الشمس ضياءً والقمر نوراً، والنجوم لنهتدي بها في ظلمات البر والبحر، وجعل الليل لباساً والنهار معاشاً، وَفي كُلِّ شَيءٍ لَهُ آيَةٌ….تَدُلُّ عَلى أَنَّهُ الواحِدُ.

فالكل مسخر بأمره وكل شيء في هذه الدنيا مكمل لغيره، فالله أحاط بعلمه كل شيء، وقدر الأقدار وكور الليل على النهار، عالم بالحاجات البشرية والنواميس الكونية سبحانه جلا في علاه .

قبل أيام ازدانت مملكتنا الحبيبة روعة وجمالاً ورونقاً وبهاءً عندما انطلقت تلك القطرات من السماء متجهة للأرض وفي طياتها تحمل البركة والحياة بإذن الله، إنه لشعور عظيم عندما تعيش تلك اللحظة الماتعة والسعادة التي لاتوصف! عندما تنزل تلك القطرات تبتهج النفس أنساً وطرباً بسماع زخاتها وهي تتساقط على الأرض، هذه المشاعر لايمكن أن أصفها بقلمي وأنا على منضدتي مهما كتبت، ولايمكن أن يصفها شاعر مهما فاضت قريحته، ولا أن يرسمها فنان مهما نسج من الخيال إنه منظر بديع وأنت ترى تسابق قطرات الندى تنهمر وتلك النسمات الباردة المزدانة بالجمال، تلك الصورة الربانية الزاهية المفعمة بالحياة تحيي القلوب والأبدان قبل الزرع والكائنات الأخرى.

ومهما بلغت البشرية من التقدم والرقي وتحلية مياه البحر فهي ليست في غنى عن تلك القطرات فالغيث يهطل بالرحمات وبه تجاب الدعوات ويسقى البلاد والعباد .

فعندما تتأمل الآيات الواصفة لتلك القطرات تجدها تارة توصفها بالبركة وتارة أخرى بالرحمة التي يرسلها الله بالرياح والسحاب الثقال بشرى بين يدي رحمته ليحيي بها بلدة ميتاً ويسقي بها الأنعام وأناسيَ كثيراً ، فهي ليست للشرب والارتواء فقط بل هي الخير والرحمة والبركة ولذلك الدعاء مستجاب عند نزول المطر فيستحب مد اليدين وسؤال الله والتضرع له وشكره على تلك النعمة العظيمة ، عندما تجدب السماء ويقنط الناس شرع الله صلاة الاستسقاء التي تكون سبباً بعد الله لنزول المطر ونشر رحمته .

فالنبي صلى الله عليه وسلم كان من هديه إذا أجدبت الأرض نادى إلى صلاة الاستسقاء وإذا نزل المطر شكر ربه وحسر عن ثوبه حتى يصيب جسده ويقول “إنه حديث عهد بربه” .

وفي حديث أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال: (خرج سليمان -أي: ابن داود النبي عليه الصلاة والسلام- يستسقي، فرأى نملةً مُستلقيةً على ظهرها، رافعةً قوائمها إلى السَّماء تقول: اللهم إنَّا خلقٌ من خلقك، ليس بنا غنًى عن سُقياك، قال: ارجعوا؛ فقد سُقيتُم ).

فالله عزوجل سميع لكل من في هذا الكون ويقضي حاجاتهم فالكل محتاج له والكل يتضرع إليه والكل يسأله من واسع فضله وعطائه فيجزل لهم العطاء والثواب ، عندما تتراكم السحب يستبشر الناس خيراً ينتظرون الرحمات تنزل عليهم وتداعب مشاعرهم فتنطلق ساعة الصفر وتبدأ بالنزول فتتغير النفوس وتبتهج القلوب إذا كان صيباً نافعًا وسقيا رحمة لا سقيا عذاب ولاهدم ولا غرق ، تأمل الناس مع نزول المطر ترى الابتسامة والمصالحة وسعة البال والتسامح ولين الجانب وغيرها من الأخلاق الكريمة، فنسأل الله سبحانه أن يديم علينا تلك القطرات ونحن في أمن وأمان وصحة وإسلام .

المصدر: صحيفة صدى

إقرأ أيضاً:

لا تكن ظالمًا وممن يكيلون بمكيالين

 

 

خليفة بن عبيد المشايخي

khalifaalmashayiki@gmail.com

 

من المُسلَّم به أنَّ هذه الحياة الدنيا قامت على العداوة والبغضاء والكره والحقد والحسد والظلم والضلالة والابتلاءات والنقص، ووجد فيها الخير والشر وحب النفس وتمجيد الذات، وكل ما هو جيِّد وحسن وسيئ، وربما الكيل بمكيالين هنا وهناك، لتكون أنت متضررا من ذلك بشكل أو بآخر، والله تعالى قال: "وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ" (البقرة: 155).

إذن ليس بمستغرب أن نكون في ضيق صدر ومس ضر وشتات من أمورنا لأننا في دار ابتلاءات ولسنا في الجنة التي وعد المتقون، أو في دار مثالية وعدم حدوث العسر بها وتقلب الأيام وتغير أحداثها.

فقد تغشانا غفلة فتزل بنا القدم، ونقع في تقصير وخطأ ونؤوب إلى ربنا، ولهذا علينا ألا نشذ عنّ القاعدة السوية في أحكامنا وقرارتنا وتعاطينا مع الواقع الذي نعيشه، إذا ما اصطدمنا بغدر أو خيانة من المحيطين بنا، وخاصة إن كانوا من الأصدقاء أو من الذين نرى بهم النزاهة والصلاح وحب الخير، أو من ذوي قرابة من الدرجة الأولى.

فسيدنا يوسف عليه السلام، كاد له إخوته من أبيه وأرادوا إنهاء حياته، إلا أنهم أرادوا شيئاً والله العلي القدير أراد شيئا آخر، لذلك اطمئن لمراد الله واختياره ومشيئته.

فقد لا يتفق معك كثيرون، وقد يكرهك مثلهم وآخرون، وقد يكرهك رهط من الناس، ويحبك ويرتاح لك شخص أو شخصان منهم، فلا تحزن ولا تبتئس.

قد تكون على حق وتتفاجأ بحسب لعبة المصالح وحب السلطة والبقاء عليها بأنك محارب وتصنف عكس ذلك، فلا يعترف لك بذاك الحق مسؤول ما أو أخ أو صديق، وإذا اصطدمت بهكذا تعامل فلا تحزن، بل فوض أمرك إلى الله تعالى، ألم يقل الحق تبارك وتعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" (التغابن: 14).

فالله تعالى حذَّر أن من أولادنا وأزواجنا من هو عدو لنا، فكيف إذن بالمسؤول علينا وذي الجاه والمنصب المتسلط والكاره لنجاح الغير، أو الصديق وزميل العمل والجار وغيرهم، ألا نتوقع منهم خيانة وغدرا وبيعا لذواتنا وآدميتنا وإنسانيتنا وأنفسنا والتضحية بنا.

ففي لعبة المصالح وحب الشهرة والمال والكرسي والمنصب كل شيء متوقع وجائز، فطبيعي أن تذهب الذمم وتموت الضمائر وتتحلل الأخلاق، وتذهب القيم وتختفي الفضائل.

فالحاصل أن هذه الحياة لن تكون كما تريد أنت، فقد تجبرك الظروف لترى عدوك أخاك أو ابنك أو ابنتك أو زوجك أو جارك أو المسؤول أو زميلا أو صديقا، وقد تحدك الأيام أن يراك البعض تقيا أو عاصيا، ولكل الفريقين أهل وجماعة وناس ومناصرون ومائلون ومحبون.

فما يجب أن نعلمه أن الإنسان على نفسه بصيره، فلا يغرك القادح والمحبط والفاشل، فقط كن مع الله كما يحب ويجب أن يراك، فافعل الطاعة إخلاصا لا تخلصا، وحافظ على النوافل تقربا لا تكرما منك، لأن الله هو الغني.

لا تجعل كره وإحباط بعض الناس لك فشلك أو كسرك أو ضعفك، ولا تكن ممن يحب إرضاء جميع الناس دون الله تعالى، كأن تلتهي بهم عن العمل الصالح، فتستجيب لهم بدافع المحبة لهم؛ إذ إنهم من الممكن أن يجروك أو يحملوك على الابتعاد عن طاعة الله، فكما إن ذنوب الخلوات مهلكات، كذلك حسنات الخلوات مُنجيات.

فما ستكون فيه من عسر وضيق وخير وشدة، هو اختبار ليقينك وصبرك وحسن ظنك بالله، فكن إنساناً نقيا تقيا سخيا نظيفا من الداخل طيب القلب تحب كل النَّاس.

فلا تكسر ولا تجرح قلبًا ولا تؤلم نفسًا، فهناك من يحيا بكلمة ويموت بأخرى، وقد يبنيه موقف، ويثنيه ويهدمه آخر، فاجعل جبر الخواطر سنة في حياتك، فكم من قلوب متصدعة رممتها كلمة طيبة، وكم من نفوس محطمة جبرتها نظرة أو مواساة أو عمل إنساني نبيل منك يحمل بين طياته الخير والرفق والرحمة.

مقالات مشابهة

  • عادل عسوم: إلى أستاذي مع التحية
  • خامنئي: إسرائيل لن تنتصر أبدا على حماس وحزب الله ولا تراجع للمقاومة مهما اغتالوا من رجالاتها
  • طقس الجمعة..مرور سحب عابرة قد تعطي بعض القطرات المطرية
  • أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ
  • عجائب حب وإيمان الصحابة لرسول الله
  • النزوح يتفاقم في بيروت.. عائلات بلا مأوى تبحث عن الأمان وسط زخات المطر
  • طقس الخميس: نزول قطرات متفرقة مع استمرار  الأجواء الحارة في الجنوب 
  • له علاقة بالرزق والحظ.. تفسير حلم رؤية المطر في المنام
  • لا تكن ظالمًا وممن يكيلون بمكيالين
  • وسع عقلك.. العفو