نساء سمراوات يقاومن خطر العنف.
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
((عدن الغد )) خاص
كتب:محمد الحربي.
في ظل مجتمع مبني على الثقافة السائدة تتجسد فيه ثقافة التراتيية الطبقية. يمثل العنف ضد النساء المهمشات في اليمن مشكلة مستديمة وكبيرة وانتهاكاً لحقوق الإنسان التي تتمتع بها المرأة، حيث وصل وصل التمييز الذي يتعرض له المهمشون إلى المستوى الحرمان من الحقوق والاستغلال الجنسي والتحرش مقابل الحصول سلة غذائية فضلاً عن الإقصاء والتمهمش السياسي.
فئتة (المهمشين) هي أقلية عرقية، وجماعة ضعيفة محرومة من أبسط الحقوق، وتتعرض للتمييز العنصري في المعاملة الشخصية؛ بسبب: العرق والنسب واللون رغم اهميتهم وتأثيرهم في المجتمع.. وهم منتشرون ومتواجدون في مختلف مناطق البلاد. إذ يتوزعون في المناطق الوسطى والجنوبية القريبة من سواحل البحر العربي، والبحر الأحمر. خاصةً في محافظات (عدن، لحج، أبين، الحُديدة، تعز، إب)، ويعتبرون من أشد الفئات (فقرا وأمية) في البلاد. ويجب أن تتحقق مصالحها، وفقًا للدستور والقانون اليمني ومبدأ (التمييز الإيجابي) في حقوق الإنسان.
منذ اندلاع النزاع المسلح في مارس ٢٠١٥ تعرضت النساء المهمشات في اليمن لمختلف أشكال الاستغلال، أبرزها ما يتعلق بالعنف القائم على النوع الاجتماعي، من أجل الحصول على المساعدات الغذائية والإنسانية التي تقدمها المنظمات.
وتواجه النساء من هذه الفئة خطر الحصول الغذاء من قبل وسطاء الإغاثة "طلبات الجنس مقابل المساعدات"، حيث يستغل بعض القائمين الإغاثة سلطتهم لتحقيق تحرشات جنسية ضد النساء والفتيات، مقابل الحصول على سلع أو خدمات ضرورية للبقاء على قيد الحياة.
ينطوي هذا الوضع على مخاوف من عواقب رفض الطلب، فتلجأ العديد من النساء المهمشات إلى تجنب الحصول على الخدمات خوفاً من خطر الاستغلال الجنسي.
تحكي امرأة من فئة المهمشين تعيل 5 أطفالها بمفردها بعد رحيل زوجها."تفضل عدم ذكر اسمها" حاول أحد الأشخاص المسؤولين عن توزيع المساعدات الإنسانية في الحي الذي تعيشه الاقتراب منها وتقديم سلة غذائية لها. وأخبرها أن عليها الذهاب إلى مكان معين لاستلام سلتها، والذ تم إدراج اسمها في قائمة المساعدات هناك.
ومن أجل الحصول على طعام لأطفالها الجائعين، قررت تلبية النداء وذهبت إلى المكان المخصص لاستلام سلتها. وبعد أن وصلت هناك، اكتشفت أنها وقعت في كمين الاغتصاب. قاومت محاولة اغتصابها بشجاعة ونجت من الواقعة بصعوبة.
المهمشات يتعرضن لأبشع أنواع الاستغلال من خلال فخ المساعدات والسلال الغذائية، كونهن أكثر فقراً، ويعشن ظروفا اقتصادية صعبة، ويفتقرن للحماية الاجتماعية والقانونية وحالات الاستغلال والتحرش تتزايد بين هذه الشريحة، خصوصاً مع الأزمة التي تمر بها البلاد، وعدم تفاعل المجتمع مع شكاوى المهمشات.
يجدر بالذكر أن النصوص الدستورية اليمنية على ورق رغم أنها تشرع كفالة حقوق الإنسان أفراداً وجماعات إلا غير أنها تظل مغلقه أبوابها أمام شكاوي وقضايا مجتمع المهمشين حيث نصت المادة (٤١) من الدستور اليمني على أن المواطنين متساوون جميعًا في الحقوق والواجبات العامة، إلا أن هذه المساواة ظلت على الورق فقط.
ونصت المادة (٢٦٩) من قانون العقوبات: "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سبع سنوات من اغتصب أي شخص، ذكراً كان أو أنثى، بدون رضاه."
وقد شدد القانون عقوبة الاعتداء الجنسي إلى السجن لمدة لا تزيد على عشر سنوات إذا وقعت الجريمة من شخصين فأكثر، أو إذا كان الجاني أحد القائمين على الإشراف على المجني عليه، أو إذا أصيب المجني عليه بضرر جسيم نتيجة للحادث، أو إذا حملت الضحية نتيجة للجريمة.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، ولا تزيد على خمس عشرة سنة، إذا لم يبلغ سن المجني عليه الرابعة عشرة، أو إذا أدى الفعل إلى انتحار المجني عليه.
وهنا يتساءل العديد مثقفي فئة المهمشين إذا هل يمكن أن يقتل المغتصب ضحيته حتى يتم ثبوت جريمة الاغتصاب ضده ام أن نظام قانون العدالة لا يخص مجتمع المهمشين؟!
وعلى الرغم من وجود نصوص قانونية في اليمن تؤكد على ضرورية المساواة بين المجتمع اليمني وتمكينه من الحصول على الحماية القانونية وتحظر العنصرية، إلا أنها لا تكفل حماية النساء المهمشات من الاستغلال والتحرش والاغتصاب، وذلك بسبب الفجوات المبنية على التراتيية الطبقية التي تعيق تنفيذ هذه القوانين إضافة إلى هشاشة الدور الأمني والقضائي في البلاد، مما قد يعرضها للعديد من أشكال العنف من قبل شركائها أو أفراد المجتمع المحيط بها. وهنا يكمن التحدي الكبير الذي تواجهه المرأة المهمشة في اليمن، حيث يتعين عليها أن تكافح من أجل التغيير والمساواة في مواجهة هذه العقبات وتعزيز حقوقها. لذلك، يظهر أن واقع المرأة المهمشة في اليمن هو تحدي مستمر ومعقد يتطلب جهوداً تشاركية من كافة فئات المجتمع والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية على حد سواء لتحقيق المساواة الجندرية وتمكين المرأة المهمشة لتتمتع بحقوقها بالكامل وكذلك تعزيز دورها وإسهاماتها في تنمية المجتمع وحمايتها من العنف الذي قد يصل إلى درجة تجاوز حدود حقوق الإنسان التي تتمتع بها المرأة، بما في ذلك الحقوق الملكية للأراضي السكنية.
فالنساء يعانين من التمييز والحرمان من ذلك الحق. علاوة على ذلك، فإن المرأة المهمشة تواجه تمييزًا اضطهادياً سياسيا، حيث يتم استبعادهن وتجاهل قضاياهن وآرائهن في العمل السياسي. تشكل النساء المهمشات في اليمن فرقا صغيرة العدد وضعيفةً في المقارنة مع باقي المجتمع، وبالتالي فهن جماعة محرومة من حقوقهن وضعيفة التأثير.وفقًا للدستور والقانون اليمني، يجب أن تحقق مصالح هذه الفئة ضمن المجتمع، وهذا يعني أنه يتوجب على الجهات المعنية أن تعتمد تدابير وإجراءات تهدف إلى تحقيق استقرار ورفاهية هذه الفئة المهمشة، لضمان تنمية مستدامة للمجتمع في مجمله.
تلعب مبادئ حقوق الإنسان دورًا مهمًا في ضمان العدل والمساواة، إذ تضمن حماية حقوق جميع أفراد المجتمع، بغض النظر عن جنسهم أو توجههم الجنسي أو أي سمات أخرى. ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، يتم تطبيق مبدأ "التمييز الإيجابي" في حقوق الإنسان لدعم وتعزيز حقوق المرأة المهمشة في اليمن، حيث يعمل هذا المبدأ على توفير فرص إضافية للمرأة ومعاملة عادلة تساعدها في تحقيق تمكينها وتطورها الشخصي والمهني. وبالتالي، يسمح هذا المبدأ بتحقيق التكافؤ والعدالة الاجتماعية بشكل شامل، بما في ذلك تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي للنساء والفئات المهمشة الأخرى في المجتمع اليمني.في النهاية، يجب أن نعمل جميعًا كمجتمع للتصدي لمشكلة العنف ضد النساء والتمييز المستمر الذي يواجههن في اليمن. وأن نسعى جاهدين لتعزيز الوعي حول هذه القضية الهامة والعمل على توعية الناس بأن هذا العنف يتعارض مع قيمنا الاجتماعية والأخلاقية. ومن المهم أن يكون هناك عمل جدي من قبل السلطات المحلية في تطوير وتطبيق سياسات وبرامج تهدف إلى حماية المرأة وتوفير بيئة آمنة لها.
كما يجب أن يفعل دور تعزيز وحماية حقوق المرأة المهمشة وتوفير فرص متساوية لهن في المجتمع، بدءًا من النماذج القائمة على المساواة في التعليم وفرص العمل. يجب أن نتأكد من أن المرأة لديها الحق في اتخاذ القرارات المهمة في حياتها وأنها لا تواجه أي تمييز أو عدم عدالة بسبب جنسها.
بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكفل القانون ضمان مشاركة المرأة في العمل السياسي والاقتصادي وغيرها من المجالات المختلفة.
في النهاية، يعتبر تعزيز حقوق المرأة ومكافحة العنف ضد النساء والتمييز التي تواجههن في اليمن مسألة لا يمكن التغاضي عنها. إنها مسؤولية أفراد ومجتمع يفترض العمل عليه بشكل فعال ومستمر لتحقيق العدالة والمساواة في حياة المرأة اليمنية.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: حقوق الإنسان المجنی علیه الحصول على ضد النساء فی الیمن یجب أن أو إذا من أجل
إقرأ أيضاً:
يوم المرأة العالمي.. آمال وتحديات
في العاشر من مارس من كل عام تحتفل كافة دول العالم بيوم المرأة، وهو ذكرى سنوية تأتي هذه الأيام وسط أحداث وصراعات عالمية أدت الى التأثير على وضعية المرأة في كافة الدول المتصارعة إلى جانب ما نتج عنه من تداعيات على الأصعدة المجتمعية والظروف الاقتصادية للمرأة خاصة في البلدان الأقل نموا والأكثر احتياجا.
وبنظرة سريعة لدول العالم، نجد أن هناك معاناة للمرأة في مناطق الصراعات العسكرية في العالم، فعلى سبيل المثال سقط آلاف النساء والأطفال ضحايا للحرب الروسية الأوكرانية والتي دارت رحاها منذ فبراير 2022، إلى جانب التأثيرات المجتمعية السلبية، كذلك الحال فيما يتعلق باستمرار معاناة المرأة في بعض البلدان الإفريقية نتيجة الصراعات الداخلية العسكرية مثل بعض دول الساحل والصحراء والتي شهدت انقلابات عسكرية، كذلك ما يرتبط بالمعاناة الإنسانية وعدم الحصول على الاحتياجات الأساسية من الغذاء والماء والخدمات الطبيعية العلاجية نتيجة تلك الظروف والتي أثرت بالسلب على أحوال المرأة الإفريقية.
وبالنظر إلى عالمنا العربي والذي يحتفل كذلك بيوم المرأة العالمي نجد أن هناك حاجة ماسة الى مزيد من العمل الجماعي لبلورة دور أكبر للمرأة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، خاصة في ظل ما تشهده دولنا العربية من أزمات وصراعات، ففي الأراضي الفلسطينية وعلى مدار ستة عشر شهرا من العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 الى المبادرة المصرية التي أوقفت العمليات العسكرية في يناير 2025، نجد أن المرأة ما زالت تعاني من جراء الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على المدنيين من النساء والأطفال، والتي راح ضحيتها أكثر من خمسين الفا من الشهداء ثلثهم من النساء، واللائي راحوا ضحية تلك الاعتداءات الوحشية على الآمنين وهو أمر يستدعي منح المرأة الفلسطينية مزيدا من الحقوق الحياتية البسيطة والتي تم حرمانهم منها نتيجة تلك الصراعات. أضف لذلك ما يحدث من اعتداءات مماثلة في الضفة الغربية وهو أمر مؤثر على وضعية المرأة.
وبالانتقال الى دول عربية أخرى تعاني كذلك من عدم الاستقرار السياسي ومواصلة الاعتداءات والصراعات العسكرية، نجد أن الدولة السودانية واستمرار الصراع العسكري بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع قد ألقى بظلاله السلبية على وضعية المرأة السودانية، والتي راح ضحيتها عشرات الالاف من القتلى أغلبهم من النساء والأطفال، الى جانب تعرض النساء في مناطق عدة بالسودان الى اعتداءات مختلفة وحالات اغتصاب جماعي في عدة ولايات بالسودان وهو أمر يستدعي مساءلة ومحاسبة عن وضعية المرأة في هذا البلد الطيب والذي أدى الى نزوح ملايين النساء والأطفال هروبا من جحيم الحرب السودانية المتواصلة منذ ابريل 2023.
أضف لذلك أن ثمة دولا عربية أخرى لا تزال غير مستقرة سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، فلا تزال الدولة اللبنانية في حالة استعادة للبحث عن الاستقرار السياسي والمجتمعي عقب الصراع العسكري بين إسرائيل وحزب الله الى جانب تبعات انفجار مرفأ بيروت منذ سنوات وهو أمر ظل مؤثرا على الواقع الاقتصادي للدولة اللبنانية وحالة المرأة في هذه الدولة العربية التي عانت كثيرا في ظل أزمات متتالية ومتلاحقة، كما أن الصراعات السياسية قد أثرت بدورها على حالة حقوق المرأة وحاجتها الى مزيد من التمتع بتلك الحقوق مثل الحالة الليبية والسورية واليمنية وكلها أمور أدت في مقامها الأخير الى البحث عن الاستقرار السياسي والذي يؤدي بدوره الى مزيد من منح المرأة لحقوق أقرتها الدساتير والقوانين المحلية والدولية.
جملة القول، ويستمر قدوم يوم المرأة العالمي وسط حالة ضبابية من عدم الاستقرار السياسي والمجتمعي في دول عدة بالعالم وهو أمر يتطلب البحث عن الأمن المجتمعي خاصة مع تنامي الصراعات العسكرية والسياسية سواء داخل المنطقة العربية أو خارجها مما يستدعي إعادة التفكير العالمي في البحث عن عالم آمن خاصة أن تلك الصراعات لم تؤدي إلى أية نتائج إيجابية بل أثرت بالسلب على كافة مناحي الحياة البشرية وكانت المرأة هي الأكثر معاناة وتأثرا بتلك الحالة السلبية في كافة دول العالم.
اقرأ أيضاًالرقابة المالية تحتفل بيوم المرأة العالمي
السيدة انتصار السيسي: تحية لكل نساء مصر في يوم المرأة العالمي