بكركي والمواجهة المارونية - الماكرونية
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
كتب آلان سركيس في "نداء الوطن":
في مطلع نيسان وصلت الأمور بين المسيحيين والفرنسيين إلى الإنفجار الكبير، فللمرة الأولى يصل التوتر إلى هذا الحدّ، وتكوّن إجماع من الكتل المسيحية على رفض فرض "الثنائي الشيعي" لفرنجية، لكن باريس أكملت صفقة إيصال فرنجية، وحصرت تواصلها مع "حزب الله" وإيران، وكأنّ لا موارنة في لبنان، وانفجرت الأزمة وتشنجت العلاقات المارونية - الفرنسية، ولم يساوم البطريرك مع الفرنسيين، بل دعا إلى نزول الجميع إلى مجلس النواب والبطريرك سيبارك لمن يفوز.
وتصدّى الراعي لسياسة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورفض صفقة "سماسرة الإليزيه"، كما أطلق عليه، وأتى تاريخ 12 نيسان وعقدت اللجنة الخماسية إجتماعاً لها، ورفضت السياسة الفرنسية في لبنان.
وتصاعدت حدّة الخلاف بين المسيحيين وفرنسا، وحاولت السفيرة الفرنسية آن غريو في 9 أيار تطمين البطريرك، لكن موقف بكركي كان حازماً في رفض تهميش المكوّن المسيحي في الإستحقاق الرئاسي. بقي الأخذ والردّ بين بكركي والمسيحيين وفرنسا إلى أن التقى ماكرون الراعي في 29 حزيران، وقدّم الرئيس إعتذاراً لسيد بكركي، مؤكداً إنتهاء المبادرة الفرنسية والتطلع إلى مبادرة أخرى والحرص على التنسيق مع البطريركية المارونية، لكن حتى الساعة وعلى رغم الزيارات الدورية للمبعوث جان ايف لودريان، هناك شيء انكسر في العلاقة بين بكركي وفرنسا، ويحتاج الى وقت لإصلاحه، حسب مصادر كنسية.
منذ بزوغ فجر 2023 والراعي يحمل همّ فراغ المواقع المسيحية والوطنية، فبعبدا بلا رئيس، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة انتهت ولايته في 31 تموز، ويبقى الاستحقاق الأكبر هو الفراغ في المؤسسة العسكرية.
ومن يعدّ المرات التي توجّه فيها وزير الدفاع موريس سليم إلى بكركي يعرف المتابعة الحثيثة لهذا الملف من قبل سيد الصرح. أول مرّة أكدت بكركي أنها مع التمديد لقائد الجيش إذا لم ينتخب رئيس للجمهورية كانت في أول تموز، وبعد عودته من رحلته الاوسترالية والفاتيكانية في تشرين، فتح الراعي المعركة وأدارها بحزم، واتخذ الموقف الواضح.
وأراد البطريرك حصول التمديد بإجماع وطني، وكان من يفاتحه بالموضوع يؤكد له أنه مع التمديد و"أنتم من عليكم تدبير الوسيلة سواء في مجلس الوزراء أو مجلس النواب".
وعاد البطريرك الى المحاولة مجدداً مع وزير الدفاع والتقى النائب جبران باسيل، لكن كل الأمور لم تصل إلى خواتيمها السعيدة، فكان القرار بالتمديد في مجلس النواب. تنفست بكركي الصعداء بعد التمديد لقائد الجيش لتعود إلى معركة رئاسة الجمهورية، ويأمل البطريرك إنتخاب رئيس في أسرع وقت ممكن ومنع تفكك الدولة، ويبحث الراعي مع الداخل والخارج عن تأمين هذا الإنتخاب وحماية البلد، مع أنّ المؤشرات لا تدل على حلحلة قريبة للملف.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
رسالة مفتوحة من النائب أديب عبد المسيح إلى البطريرك يوحنا العاشر
صدر عن المكتب الإعلامي للنائب أديب عبد المسيح رسالة مفتوحة إلى صاحب الغبطة البطريرك يوحنا العاشر الجزيل الإحترام، ملاك الكرسي الإنطاكي للروم الأورثوذكس، جاء فيها:
"لقد تابعنا يا صاحب الغبطة و بدقة، عظتكم التاريخية من كنيسة الصليب المقدس تاريخ ١٥ كانون الأول ٢٠٢٤. إننا فيما ننوّه بدعوتكم أطياف الشعب السوري للتلاقي و العيش الواحد بدل المشترك، مع ضرورة المساواة بين الجميع و أمام القانون، فقد صوبتم حسناً نحو الشراكة التاريخية بين المسلم و المسيحي بينما يبقى المصير المنتظر واحداً.
كما لفتني تحديدكم خارطة طريق سيادية، إصلاحية و إنقاذية لبناء سوريا الجديدة على الأسس التالية:
1. دولة مدنية
2. دولة مواطنة
3. السلم الأهلي
4. دولة القانون
5. احترام الحريات و المعتقدات
6. دولة الديمقراطية
7. احترام حقوق الإنسان
بينما يبقى الضامن الأول و الأخير لهذه الأسس هو الدستور.
لن أدخل في تعقيدات الملف السوري و الأحداث الأخيرة مع أنني أعتبر يا صاحب الغبطة أن ما كتبتم هو إعتراف صريح بواقع إنعدام كل هذه الأسس المذكورة خلال حكم آل الأسد و أن سلمهم الأهلي الإفتراضي لم يكن إلا سلماً قمعياً من نظام جائر حكم شعبه كالطاغية نيرون، بعيداً عن منطق القانون و المساواة و الديمقراطية و حقوق الإنسان و حتى " محبة الله و الآخر " التي هي الركن الرئيسي في عقيدتنا الدينية المستقيمة الرأي. ". وتابع: "صحيحٌ يا صاحب الغبطة أنك سوري الجنسية و الهوى و التربية الصالحة في عائلة مؤمنة، لكنك بإنتمائك للكنيسة الأورثوذكسية، أنت إنطاكي الهوية والإيمان و الفكر، فلبنان هو بلدك كما سوريا و إنطاكية و سائر المشرق، و فيما تطالبون بدستور سوري، يتساوى فيه الجميع، أسوة بدستورنا المسيحي الذي نتساوى فيه جميعا بكنيسة واحدة جامعة مقدسة رسولية، أطلب منك أن ترفع أيضا صوتك من على هضبة الكرامة في بلمند الكوره، و تنادي الفئات الضالة في لبنان و الذين وضعوا رهانهم على أنظمة البطش و الشر و حسابات الخارج و محور الإنتحار الجماعي، أن يعودوا إلى العيش الواحد الذي نفتقده و أن نتساوى تحت سقف القانون و أن نحترم الدستور، تحديدا إتفاق الطائف المتفق عليه و أن نطبقه بالكامل، و أن تكون شرعية حمل السلاح الذي سبب لنا الدمار و الإنهيار بيد الحكومة اللبنانية و جيشها الشرعي و أن نحترم القرارات الدولية و الحريات العامة و أن نتساوى في الحقوق كافة. آن الأوان يا صاحب الغبطة أن تكون جسراً نعبر فيه من شريعة الغاب إلى شريعة القانون كما عمل القديس بولس كجسر بين شريعة موسى و شريعة المسيحية.
نريدكم يا صاحب الغبطة كقيادة روحية منتخبة بطريقة ديمقراطية عبر استدعاء الروح القدس، أن نحتمي تحت جناحيكم و أن تضربوا بعصا موسى، فتقفوا إلى جانبنا ليس فقط بالصلاة إنما بالعمل على تحرير مجتمعنا من عبودية الاخرين، بدءاً بأنفسنا و مؤسساتنا، و أن نعطي لقيصر ما لقيصر فقط، لا أن يحكمنا قيصران، الأول عاجز و الثاني مرتهن للخارج. عظتكم المميزة هي بداية ثورة تجدد في الكنيسة الإنطاكية و هذا ما كنت أتمنى أن أسمعه منذ وقت طويل، تطبيقاً لرسالة بولس الثانية إلى اهل كورنثوس التي جاء فيها: " و إن كان إنساننا الخارج يفنى، فالداخل يتجدد يوما بعد يوم".
رجاؤنا يا صاحب الغبطة أن يتكلل خطابكم المستقبلي بمزيد من التجدد و الصوت الصارخ في البرية و أن تضعوا لبنان تحت أعينكم كما سوريا و أن تقولوا كلمتكم و تمشوا فإننا بإتكالنا عليكم لن نخيب، و أن يكون المجتمع الأورثوذكسي اللبناني شريكا فعليا مع كنيسته و مؤسساتها كافة، آن الأوان لنتحرر جميعنا و أن تكون كنيستنا مرجعاً لإستعادة الشرعية و الحقوق، ليس فقط في المحاكم الروحية، كيف لا و المسيح هو ملجؤنا الحصين في جميع الشدائد. إفتحوا أبوابكم و قلوبكم و دعونا يا صاحب الغبطة نشارككم همومنا و مخاوفنا و أفكارنا، فقد أظهرت الأحداث السريعة أن الشعب الذي سكن الظلمة و لو بعد حين كان على حق و نحن نمثل أصحاب الحق و لا حل يبدأ إلا بالسياسة و الحقوق المدنية و الدستورية كما ذكرتم، فنسخرهم لخدمة شعبنا. إجعل البلمند منبراً للحرية و الديمقراطية و الكلمة كما كانت و ستبقى مزاراً للمؤمنين و الضعفاء و طالبي الخلاص الإلهي بشفاعة والدة الله أم النور."