يمن مونيتور:
2024-09-19@21:06:51 GMT

الولايات المتحدة.. سياسة كابوسية

تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT

الولايات المتحدة.. سياسة كابوسية

في عام 1796، حذر جورج واشنطن مواطنيه من مخاطر السماح “للارتباط العاطفي” بدولة أخرى بالتأثير على السياسة. لكن يبدو أن إدارة بايدن تذهب بعيداً عن هذا التحذير!

في اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أعلن البيت الأبيض دعماً “أعمى” وغير مشروط للإسرائيليين ضد الفلسطينيين في قطاع غزة؛ بعث بايدن وزير خارجتيه “بلينكن” إلى إسرائيل ليقول إنه وصلها كيهودي وليس كوزير خارجية للولايات المتحدة.

بايدن خرج يقول “أنا صهيوني ودعمي لليهود لا يتزعزع”. لقد تبنى بايدن المسؤولون والصحافة الأمريكية كل الأكاذيب والدعاية الإسرائيلية. بالتزامن مع سلسلة من ردود الفعل السلبية التي تفتح الطريق بشكل مؤلم “أمام توسيع حرب واشنطن التي لا تنتهي التي بدأت في أعقاب 11 سبتمبر”- كما أوضح أندرو باسيفيتش عالم السياسة الأمريكي في مقاله الأخير.

وطول عقود سعت الولايات المتحدة إلى عدم ربط سياساتها الخارجية بالصراع “العربي-الإسرائيلي”. ففي حين مدّت إسرائيل بالأسلحة والغطاء الدبلوماسي سعت واشنطن إلى وضع نفسها باعتبارها “وسيط نزيها” ملتزم بتعزيز الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط، وتبنت “عملية السلام”، وهي عملية مثيرة للسخرية أصبحت مقترنة بفشل الدبلوماسية والمؤسسات الدولية، وأفول نجم تزعم العالم رغم حالة الانكار في دوائر واشنطن.

ولإبقاء تربعها على رأس الهيمنة كانت أمريكا قد حوّلت استراتيجيتها باتجاه المحيطين الهندي والهادئ، ولم يكن الشرق الأوسط ضمن أولوياتها. حتى السابع من أكتوبر مع العدوان الإسرائيلي على غزة دفعت بالقوات والقطع البحرية بشكل مستغرب، وسيرت جسر جوي عسكري لا يتوقف من الولايات المتحدة إلى إسرائيل. وهي تعتقد أنها ستمنح النجاح لدبلوماسية بلينكن وكأنه كسينجر الجديد!

ولا يمكن مقارنة الدبلوماسية الخرقاء الأمريكية الحالية، بالدور الذي لعبه كيسنجر لصالح بلاده رغم أنه لم يكن لصالح العرب. إذ كان ينظر للخريطة الاستراتيجية الأكبر، بينما ينظر بايدن إلى صهيونيته وبلينكن إلى يهوديته. بل إن البيت الأبيض يستخدم سياسة السوفييت في الحرب الباردة، حيث استبعدوا أنفسهم كوسطاء محتملين لقضايا الشرق الأوسط بسبب ردود فعلهم السلبية. وهي أخطاء استخدمها كسينجر لإيهام الزعماء العرب أن الولايات المتحدة وحدها القادرة على تقديم التنازلات الإسرائيلية، وأن الثمن ــ السلام مع إسرائيل والانفصال عن الفلك السوفييتي ــ يستحق العناء لأجل الاستقرار والتنمية في المنطقة! وأخرج مصر من الفلك السوفيتي وانتج اتفاق “كام ديفيد” ثم أوسلو الذي دفن الوعود الأمريكية بمنح الفلسطينيين بلداً مقابل اعترافهم بإسرائيل!

لذلك لم يعد لدى الأمريكيين ما يقدمونه للعرب، ودعاية واشنطن لم تعد صالحة، فليست وسيطاً نزيها، ولم تعد تستطيع تقديم “التنازلات الإسرائيلية” بل أصبحت طرفاً في الحرب. فلم يكن مستغرباً ظهور العرب بعيداً عن واشنطن، وهي نتاج تحوّلات سبعة عقود من علاقاتها مع دول المنطقة.

ومع حرب غزة ظهر الحزم الدبلوماسي الإيجابي لدول الخليج –السعودية وقطر على وجه خاص- وتأثيره في العالم الإسلامي، والتوسط في القضايا ذات التأثير الكبير على المنطقة بعد عقود من تأثير غربي منفرد على السياسات الإقليمية. وهو يأتي ضمن موقف عربي أظهر أنه لا يقف على الهامش ويستطيع التأثير في مجلس الأمن وقيادة الدول الإسلامية للتوحد حول مبادئ واحدة تدعم القضايا العربية. وتم تجريد البيت الأبيض من نفوذه في الأمم المتحدة، فلم تجد واشنطن بجانبها في تصويت الجمعية العمومية إلا دولاً مجهرية مثل ميكرونيسيا وتونغا؛ والتفت المجتمع الدولي مع العالم الإسلامي وروسيا والصين التي يروج بايدن أنها تسعى لإنهاء “النظام القائم على القواعد”.

ولتأكيد السخرية من “النظام القائم على القواعد” ردت إدارة بايدن منذ السابع من أكتوبر بإرسال المزيد من القوات والقطع البحرية إلى البحر الأحمر وشرق المتوسط، في عمل عسكري أحادي دون اعتبار لمجلس الأمن ولدول المنطقة وحلفاءها التقليديين بما في ذلك الأوروبيين؛ في وقت تجرف المزيد من الأسلحة إلى إسرائيل. فرفضت الدول المطلة على البحر الأحمر الانضمام إلى “عملية حارس الازدهار” فيما رأى الأوروبيون أنهم لم يعودوا قادرين على الانخراط في حماقة حرب جديدة في الشرق الأوسط بعد الهزائم بقيادة الولايات المتحدة من العراق وحتى أفغانستان؛ فرد الفعل السلبي دون ملاحظة الفروق الدقيقة يجد العواقب أمامه.

 وكما أوضح جورك كينان في “نقد الديناصورات”، فإن الولايات المتحدة تتخذ قراراتها في فورة غضب وعاطفة دون تمييز في الفروق الدقيقة بما فيها مصالحها، “ديناصورات تتجاهل كل شيء لفترة طويلة بشكل خطير”. وتقدم السياسة الكابوسية في غزة، مع موزانة جديدة للدفاع وقعت الأسبوع الماضي بقيمة 886 مليار دولار، أي قرابة التريليون، خيالاً لديناصور الحرب الأمريكي وهو يتجاهل كل شيء عائداً إلى الشرق الأوسط.

ونظرياً فإن جر الولايات المتحدة إلى حملة صليبية جديدة في الشرق الأوسط سوف يكون قمة الحماقة. إلا أنه وفي ظل قدر ضئيل من الاهتمام العام وإشراف أقل من جانب الكونجرس، فإن هذا هو على وجه التحديد ما قد يحدث. ففي محاولتها لاستيعاب حرب غزة، وفقدان ثقة المنطقة والعالم بها في حرب غزة، تبدو أمريكا مع عودة للحرب في الشرق الأوسط بطريقة جديدة يحتمل أن تكون كارثية، وهي طريقة قد تساعد في حملة إعادة انتخاب دونالد ترامب، الجمهوري الشعبوي الأكثر غروراً بـ”أمريكا أولاً” وأسهل قراراته هي الحرب، لكنها لن تخدم إلا ظهور عالم متعدد الأقطاب.

تؤكد سياسات الولايات المتحدة خلال العقد الأخير أن الإمبراطورية المهيمنة تتحول إلى اللون البني مثل رأس خس قديم، فهي منهكة سياسياً، ومنقسمة للغاية، ومختلة وظيفياً، وفاشلة في الاحتفاظ بالحلفاء، إلى حد لا يسمح لها بالازدهار في عالم تنافسي.

ويقول أندرو باسيفيتش إن تحذير جورج واشنطن -الذي ابتدأنا به المقال- “لا يزال صالحا حتى يومنا هذا. إن حرب غزة ليست ولا ينبغي أن تصبح حرب أمريكا”؛ واتخاذ مسار حرب جديدة في الشرق الأوسط يفقدها الحلفاء التقليديين، ولم تكن الولايات المتحدة قوية إلا بتحالفاتها، عندما تفقد ذلك ينتهي احتكارها قيادة العالم، لصالح عالم تنافسي متعدد الأقطاب!

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: البحر الأحمر السياسة الدولية الولايات المتحدة اليمن غزة الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط حرب غزة

إقرأ أيضاً:

اليمن أول دولة في الشرق الأوسط تتمتع بالإنترنت الفضائي.. ماذا قالت واشنطن عن انطلاق ستارلينك في اليمن؟

قالت سفارة الولايات المتحدة الأمريكية لدى اليمن إن انطلاق خدمة ستارلينك في اليمن يفتح فرصًا جديدة ويدفع عجلة التقدم.

ولفتت الى أن اليمن هي أول دولة في الشرق الأوسط تتمتع بإمكانية الوصول الكامل إلى الإنترنت عبر الأقمار الصناعية. ونقلت السفارة عن وزير الخارجية قوله "إن التكنولوجيا تعمل على إعادة تشكيل الدبلوماسية وتحديد ملامح المستقبل''.

يوم امس الاربعاء أعلن رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك تشغيل خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية "ستارلينك" في اليمن رسمياً.

وأعاد ماسك تغريدة للشركة التابعة له تضمنت الإعلان: "ستارلينك متوفر الآن في اليمن!"، مشيراً إلى أن الخدمة أصبحت متاحة للمستخدمين في اليمن.

من جانبها اكدت المؤسسة العامة للاتصالات في منشور على صفحتها في "فيسبوك" أنه "تم تفعيل خدمة ستارلينك بشكل رسمي في أراضي الجمهورية اليمنية".

وأضافت: "مستقبل الإنترنت في اليمن بين يديك.. استعد لتجربة إنترنت لا مثيل لها".

وتكلفت الاشتراك في الخدمة بحسب شركة "ستارلينك" لا تتجاوز (87 ألف ريال يمني)، إلا أن المؤسسة العامة للاتصالات بعدن، بصفتها الوكيل الرسمي للخدمة في اليمن، لم تعلن بعد عن السعر المعتمد، بسبب تغير سعر صرف الدولار، ويتوقع ان يصل سعر الجهاز 100 الف ريال، وباقات تبدأ بـ8 آلاف ريال.

 وأعلنت الحكومة في مطلع شهر أغسطس الماضي عن إطلاق خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية "ستارلينك" في اليمن، وذلك عقب الانتهاء من كافة الإجراءات اللازمة لإطلاق الخدمة، مما سيوفر الإنترنت الفضائي بأسعار تنافسية وجودة عالية لجميع فئات المستخدمين، حسب قولها.

مقالات مشابهة

  • واشنطن تحذر جميع الأطراف من التصعيد في الشرق الأوسط
  • واشنطن تحذر أي طرف من التصعيد في الشرق الأوسط
  • رغم تطورات لبنان.. واشنطن تبقي موقفها العسكري في الشرق الأوسط دون تغيير
  • وزير الخارجية الأمريكي: واشنطن وباريس تدعوان إلى خفض التصعيد في الشرق الأوسط
  • بلينكن: واشنطن وباريس تدعوان إلى الردع وخفض التصعيد في الشرق الأوسط
  • اليمن أول دولة في الشرق الأوسط تتمتع بالإنترنت الفضائي.. ماذا قالت واشنطن عن انطلاق ستارلينك في اليمن؟
  • الولايات المتحدة تهنئ اليمن على الريادة في الشرق الأوسط
  • الولايات المتحدة: تهانينا لليمن على كونها أول دولة في الشرق الأوسط تستخدم هذه التقنية
  • الولايات المتحدة تهنئ اليمنيين بإدخال تقنية اتصالات هي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط
  • العرب في مصيدة الانتخابات الأمريكية