جهود دولية مكثفة لإنهاء الانقسام الليبي
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
حسن الورفلي (بنغازي)
أخبار ذات صلة الإمارات: أفغانستان تكافح للحصول على احتياجاتها الأساسية الأمم المتحدة: إيصال المساعدات إلى غزة أصبح مستحيلاًشجّعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا خلال العام 2023 الأطراف السياسية والعسكرية في ليبيا على الدخول في حوار وطني ليبي - ليبي، وذلك لمعالجة الانقسام الذي كاد أن يعصف بالتوافقات التي تمت في جنيف خلال العامين الماضيين، فضلاً عن تحييد العسكريين عن حالة الاستقطاب السياسي التي سعت أطراف لتوجيهها باتجاه يضر بالمصلحة الليبية.
وسخرت البعثة الأممية كل مساعيها خلال العام الجاري في حشد الدعم الإقليمي والدولي لكل تحركاتها التي تهدف إلى رأب الصدع بين مختلف الأطراف، والعمل على بناء الثقة بين السياسيين والعسكريين والتأكيد على أهمية الوحدة من أجل تجاوز هذه المرحلة الدقيقة التي تعيشها البلاد.
الحوار الوطني
أرسلت البعثة الأممية لدى ليبيا إشارات لكل الأطراف بأنها تدعم الحوار الليبي - الليبي وأهمية تنظيمه داخل الأراضي الليبية لدفع العملية السياسية إلى الأمام، ومواصلة تنفيذ الاتفاقات المبنية على توافق الآراء، واستكمال عملية المصالحة الوطنية العليا.
وركزت الجهود الأممية والدولية خلال العام الجاري على تعزيز الحوار الشامل بين الليبيين في جميع أنحاء البلاد، وتعزيز العمل مع الأطراف الإقليمية لمساعدة القادة الليبيين على تجاوز خلافاتهم والعمل من أجل إعادة توحيد المؤسسات الليبية، والدعوة إلى وضع إطار قانوني للانتخابات والدعوة إلى تكافؤ الفرص داخل الفضاء المدني لجميع الليبيين.
قوانين الانتخابات
دعمت البعثة الأممية الاجتماعات التي جرت بين أعضاء لجنة «6+6» التي شكلت من مجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة»، وقدمت مشاريع قوانين الانتخابات الرئاسية ومجلس الأمة، وشجعت مجلس النواب على الإنصات لكل الأصوات والشرائح الليبية، وتضمين ملاحظاتهم ضمن القوانين الانتخابية كي تحقق التوافق شبه الكامل.
وعملت اللجنة المشكلة من «النواب» و«الأعلى للدولة» على التواصل مع المفوضية الوطنية للانتخابات، وإجراء اتصالات مع أطراف فاعلة للخروج بنسخة توافقية لقوانين الانتخابات، ومع تقديم النص النهائي لمشروعي قانوني الانتخابات الرئاسية ومجلس الأمة أقره البرلمان الليبي.
وورد في النص بند يدعو إلى ضرورة تشكيل حكومة موحدة في البلاد تتولى عملية الترتيب للعملية الانتخابية وفق إطار زمني محدد، على أن يتم منع أعضاء هذه الحكومة من الترشح في الانتخابات الرئاسية، ما تسبب في إحداث تعثر دفع البعثة الأممية للبحث عن حل يحافظ على حالة التفاعل السياسي بين الليبيين.
المبادرة الأممية
أجرى المبعوث الأممي لدى ليبيا عبدالله باتيلي، مشاورات مع كل الأطراف السياسية والعسكرية حتى خلص إلى نتيجة بأن هناك 5 أطراف فاعلة في المشهد السياسي والعسكري، ما دفعه إلى اقتراح تنظيم اجتماع خماسي لهذه الأطراف للتشاور حول آلية تفعيل الانتخابات وضمان قبول الجميع بنتائج العملية الديمقراطية، وعملت البعثة مع الأطراف الخمسة وطلبت أسماء ممثليهم في الاجتماع التحضيري الذي يجري الترتيب له، لوضع الأجندة الرئيسية لأفكار الاجتماع الخماسي بين الأطراف السياسية والعسكرية.
ورأت البعثة الأممية أن المجلس الرئاسي الليبي، وحكومة الوحدة الوطنية، والأعلى للدولة، ومجلس النواب، وقيادة الجيش الوطني الليبي، أبرز الأطراف الفاعلة في المشهد والتي يجب دعوتها لهذا الاجتماع.
ورغم طرح بعض الأطراف شروطاً للمشاركة في الحوار فإن جمعيهم اتفقوا على ضرورة أن يكون هناك اجتماع جامع لليبيين على طاولة واحدة.
وتعمل البعثة الأممية على جمع كل الملاحظات والشواغل لدى مكونات سياسية واجتماعية وشبابية ونسوية وقبلية لم يتم دعوتها إلى الاجتماع الخماسي، وذلك لتضمين أفكار ورؤى هؤلاء في المشاورات التي تخطط البعثة الأممية لتنظيمها في الربع الأول من العام 2024.
وفي بيان لها صادر بمناسبة عيد استقلال ليبيا، دعت البعثة الأممية، القادة الليبيين إلى الاتفاق على مسار انتخابي واضح، وجدول زمني للانتخابات، وضرورة الوصول إلى توافق بشأن تشكيل حكومة موحدة جديدة تسير بالبلاد نحو الانتخابات.
وقالت: «أي تلكؤ في التحرك الآن سيعمّق الانقسام، ويعرّض ليبيا لمخاطر مختلفة تهدد أرواح الناس في ليبيا، وتقوض الاستقرار الإقليمي».
اختلاف الرؤى
أطلق المجلس الرئاسي الليبي مبادرة تدعو إلى ضرورة تنظيم حوار بين كل الأطراف المتباينة في الرؤى على قاعدة «وحدة المصير المشترك»، وتفاعل رئيس المجلس الرئاسي مع أطراف ومكونات اجتماعية وسياسية وعسكرية ليبية إلا أن هذه الجهود تعثرت في مراحل عدة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الأمم المتحدة ليبيا الانتخابات الليبية مجلس النواب الليبي البعثة الأممیة خلال العام
إقرأ أيضاً:
مستقبل جهود الحكومة المصرية في مواجهة الوساطة التركية بين السودان والإمارات
زهير عثمان حمد
شهدت الساحة الإقليمية تنافساً دبلوماسياً لافتاً في ملف الأزمة السودانية، حيث برزت جهود كل من مصر وتركيا في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة. في ظل تصاعد التوترات بين السودان والإمارات، واتهامات الخرطوم لأبوظبي بدعم قوات الدعم السريع، يظهر دور الوساطة كأداة حيوية لتحقيق الاستقرار الإقليمي.
الجهود المصرية بين الأولويات الاستراتيجية والتنسيق الإقليمي
تعتبر مصر السودان عمقاً استراتيجياً مهماً لأمنها القومي، وهو ما يفسر انخراطها في محاولات حلحلة الأزمة السودانية. تعمل القاهرة على فتح قنوات تواصل مع الأطراف السودانية والإماراتية، بهدف معالجة الخلافات ودعم استقرار الدولة السودانية. كما تنسق مصر مع السعودية ودول أخرى لتشكيل موقف إقليمي موحد يُعنى بتجنب الاستقطاب الناجم عن التدخلات المتعددة في السودان.
من جهة أخرى، تسعى القاهرة إلى الحفاظ على التوازن الدقيق في علاقتها مع الإمارات، خصوصاً في ظل الضغوط الإماراتية لتخفيف الدعم المصري للجيش السوداني، أو قبول مسار تفاوضي يضمن مصالح قوات الدعم السريع. ورغم هذه التحديات، تظهر العلاقات المصرية الإماراتية تفاهماً مشتركاً يدعم أولوية الحفاظ على وحدة الدولة السودانية.
التنافس مع الوساطة التركية
في المقابل، تسعى تركيا، بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، للعب دور وسيط رئيسي بين السودان والإمارات، مستفيدة من علاقاتها القوية مع الطرفين. يرتكز الدور التركي على استثمار نجاحاته السابقة في الوساطات الإقليمية، مثل تلك التي ساهمت في تقريب وجهات النظر بين إثيوبيا والصومال.
ورغم التنافس الظاهر، لا يبدو أن هناك خلافات جوهرية بين مصر وتركيا في إدارة الملف السوداني. بل على العكس، يشير المراقبون إلى وجود تنسيق غير مباشر بينهما لتحقيق الهدف المشترك المتمثل في استقرار السودان. وقد عزز هذا التقارب زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لأنقرة، التي عكست رغبة البلدين في التعاون لحل القضايا الإقليمية.
التحديات والفرص أمام الجهود المصرية
يواجه الدور المصري تحديات متعددة في ظل التدخلات الخارجية، من بينها الدعم الإماراتي لقوات الدعم السريع. كما أن نجاح الوساطة التركية قد يقلل من التأثير المصري في الأزمة السودانية، ما يدفع القاهرة إلى التركيز على بناء جسور دبلوماسية أوسع مع الأطراف السودانية والإماراتية.
ورغم هذه التحديات، فإن مصر تمتلك العديد من نقاط القوة التي تعزز قدرتها على التأثير، بما في ذلك علاقاتها التاريخية مع السودان، ووجود مراكز أبحاث وخبرات متخصصة في القضايا الإقليمية.
بينما تستمر الجهود التركية للوساطة بين السودان والإمارات، تبدو مصر في موقف لا يسمح بالتراجع. تعتمد القاهرة على نهج متوازن يضمن استقرار السودان كأولوية استراتيجية، مع الحفاظ على علاقاتها مع الأطراف الإقليمية.
سيعتمد نجاح مصر في هذا الملف على قدرتها على تقديم مبادرات واقعية تحقق توافقاً بين الأطراف، واستثمار علاقاتها التاريخية مع السودان والإمارات في إطار رؤية استراتيجية تدعم السلام والاستقرار في المنطقة.
zuhair.osman@aol.com
///////////////////////////