أبعاد الضربة الاستراتيجية التي وجهها أبطال اليمن للصهاينة
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
يمانيون – متابعات
تلقى اقتصاد الكيان الصهيوني المنكوب بالأزمة، والذي دخل مرحلة جديدة من الفوضى والارتباك في ظل حرب غزة، ضربة استراتيجية كبرى قبل عدة أيام بعد تنفيذ تهديدات القوات المسلحة اليمنية ضد هذا الكيان في البحر الأحمر.
وتدخل السفن التجارية المتجهة نحو فلسطين المحتلة إلى البحر الأحمر عبر مضيق باب المندب، ومن هناك يتم نقلها إلى ميناء ام الرشراش “إيلات” أو قناة السويس في مصر، ومن ثم إلى ميناء أسدود أو حيفا في الأراضي المحتلة، لكن اليوم، وفي ظل حرب غزة والمعادلة البحرية الجديدة التي رسمها اليمن ضد الكيان الصهيوني وهدد بأنه حتى يتم رفع الحصار عن غزة ووصول الغذاء والدواء وغيرها من الضروريات الأساسية إلى هذه المنطقة، لا سفن “إسرائيل” ولا السفن الدولية يمكنها أن تتحرك نحو فلسطين المحتلة، ولكي يأخذ هذا الكيان البضائع والأغذية وغيرها، فإن السفن التي تذهب إلى الأراضي المحتلة لم تعد قادرة على المرور عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وبالتالي يتعين عليها أن تجوب أفريقيا للوصول إلى فلسطين المحتلة عبر مضيق جبل طارق، وحول هذا السياق، أعلن “أسامة ربيع” رئيس هيئة قناة السويس، قبل عدة أيام، في بيان له، أنه منذ 19 نوفمبر الجاري، غيرت 55 سفينة طريقها إلى رأس الرجاء الصالح.
تصدير واستيراد الكيان الصهيوني قبل حرب غزة
ومن الواضح أن طريق الشحن البديل للبحر الأحمر بالنسبة للسفن المتجهة إلى الأراضي المحتلة يزيد الوقت الذي تستغرقه هذه السفن للوصول إلى وجهتها بين 17 و22 يوما، ويتسبب في ارتفاع تكلفة النقل وأسعار البضائع، وحتى بعض المعاملات والتبادلات التجارية، يجب تأجيلها أو إلغاؤها في “إسرائيل”.
ووفقا لبيانات وزارة الاقتصاد في الكيان الصهيوني، بلغت قيمة صادرات “إسرائيل” العام الماضي أكثر من 166 مليار دولار، وارتفعت بنحو 10% مقارنة بعام 2021، وتم تصدير 38% من البضائع الإسرائيلية إلى الأسواق الأوروبية، و35% منها صدرت إلى أمريكا، و24% إلى آسيا، والباقي إلى أفريقيا وأوكرانيا. وارتفعت صادرات البضائع الإسرائيلية إلى الولايات المتحدة عام 2022 بنحو 19% إلى إنجلترا بنسبة 113%، والبرازيل بنسبة 90%، والهند بنسبة 39%، وتركيا بنسبة 17% مقارنة بعام 2021.
في المقابل، وبناء على هذه المعلومات، بلغت قيمة استيراد البضائع إلى الأراضي المحتلة عام 2022، 107.7 مليار دولار، مرتفعة بنحو 16% مقارنة بعام 2021، وسيشمل حجم التجارة الإسرائيلية عام 2022 نحو 34.4% من الناتج المحلي الإجمالي لهذا الكيان؛ بحيث بلغت قيمة صادرات الكيان الصهيوني هذا العام 73.8 مليار دولار ووارداته 107.2 مليار دولار، وتظهر معلومات هيئة الشحن والموانئ التابعة لوزارة المواصلات في الكيان الصهيوني، أنه في عام 2022، أفرغت موانئ فلسطين المحتلة بضائع تزن 40.6 مليون طن، وصدرت 18.2 مليون طن من البضائع من الأراضي المحتلة إلى دول أجنبية.
إصابة النشاط التجاري في ميناء ام الرشراش “إيلات” بالشلل
وبما أن التجارة البحرية للكيان الصهيوني تعتمد بشكل كبير على البحر الأحمر، بعد تنفيذ تهديدات القوات المسلحة اليمنية ضد هذا الكيان في ظل عدوان المحتلين على غزة، فإن الإسرائيليين قلقون للغاية من العواقب الاقتصادية للحصار البحري الذي فرضته اليمن على “إسرائيل”.
وحسب جدعون غلبار المدير التنفيذي لميناء “إيلات”، فإنه عقب تهديدات اليمنيين ومنع مرور السفن المتجهة إلى “إسرائيل” (فلسطين المحتلة)، أصيب ميناء ام الرشراش “إيلات” بالشلل على المستوى التجاري.
وأكد هذا المسؤول الصهيوني أن ميناء ام الرشراش “إيلات” يعتبر من أهم المصالح الحيوية لـ”إسرائيل” ولا يجوز السماح لليمنيين بمنع دخول السفن إلى هذا الميناء، ويعاني المستوردون من الكثير من المخاوف وارتفاع تكاليف النقل، وهذا الوضع الأمني الجديد في البحر الأحمر يمكن أن يشل تماما حركة السفن إلى الأراضي المحتلة، وتدخل المركبات المستوردة إلى “إسرائيل” عبر ميناء إيلات، و44% من المركبات المستوردة عبر هذا الميناء تصل إلى مناطق مختلفة من فلسطين المحتلة.
التأثير الاستراتيجي لعمليات اليمن في البحر الأحمر على الاقتصاد الإسرائيلي
يقول “محمد الجسار”، رجل الأعمال الفلسطيني، إن سفن الشحن المختلفة من الصين والهند تستغرق 3 أسابيع للوصول إلى الأراضي المحتلة عبر البحر الأحمر وقناة السويس، وبالتالي إغلاق مضيق باب المندب سيكون له تأثير سلبي كبير على التبادلات التجارية الإسرائيلية لأن الطريق البديل للبحر الأحمر هو تحرك السفن باتجاه مضيق جبل طارق ما يزيد مدة الإبحار إلى فلسطين المحتلة إلى 6 أسابيع.
وذكر في حديث له، أن ذلك سيرفع سعر الحاوية من 1500 إلى 3000 دولار، بالإضافة إلى ذلك، سترتفع رسوم شركات التأمين بسبب التهديدات الإقليمية ومخاطر الحرب في قطاع غزة وتبعاتها على الاقتصاد الإسرائيلي.
كما أعلن “متانس شحادة” الخبير في الشؤون الاقتصادية والسياسية، في هذا السياق، أن التهديدات اليمنية ضد “إسرائيل” في البحر الأحمر ستؤدي إلى ارتفاع أسعار مختلف السلع بما فيها المواد الغذائية الأساسية، بسبب عدم توافر هذه السلع وهذه المواد في الأسواق نتيجة ارتفاع تكاليف النقل البحري.
إن الواقع الجديد للشحن البحري في باب المندب في ظل إغلاق هذا المضيق أمام السفن التي تتجه نحو فلسطين المحتلة، سيزيد من حدة أزمة “إسرائيل” الاقتصادية وسيشكل ضربة استراتيجية كبيرة للمعاملات التجارية لهذا الكيان، لأن بدائل النقل البحري للبحر الأحمر مكلفة للغاية بالنسبة للصهاينة ولا يستطيع الاقتصاد الإسرائيلي تحمل هذه التبعات على المدى الطويل.
ولقد أعلن مويان بارتي، محلل الشؤون الاقتصادية للكيان الصهيوني، أن أجزاء كثيرة من الاقتصاد الإسرائيلي تتأثر بالعمليات البحرية اليمنية، ومن أهمها إنتاج القطع الكهربائية وقطع غيار السيارات والمواد الخام للإنتاج المحلي. . حاليا، تواجه العديد من المصانع الإسرائيلية مشاكل في الاستيراد؛ لأن المواد الخام لا تصل في الوقت المحدد، هذا بينما من المتوقع أن ترتفع الأسعار وترتفع تكاليف التأمين وتواجه سلسلة توريد السلع العديد من المشاكل.
– الوقت التحليلي
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الاقتصاد الإسرائیلی إلى الأراضی المحتلة الکیان الصهیونی فی البحر الأحمر فلسطین المحتلة ملیار دولار هذا الکیان باب المندب عام 2022
إقرأ أيضاً:
أبطال غزة يكسرون “السيفَ” الصهيوني الواهِن
يمانيون../
من تحت ركام المجازر، ومن بين رماد الإبادة والتوحش الصهيوني على قطاع غزة، ينهضُ الوعيُ من جديد، كما تنهض البندقية والقاذفات، لليوم الـ 562 من عمر طوفان الأقصى.
وعيٌ جاء مرافِقًا للسلاح ومتمسكًا بخياره المقاوم، ليواجه المشروع الأخطر في تاريخ الشعب الفلسطيني، المتمثل بالحلم الاستراتيجي بحلّته الترامبية: اقتلاع غزة من جذورها، وتفريغها ديمغرافيًّا، لصالح خرائط الضم والهيمنة والاستثمار.
ما يجري اليوم في غزة ليس عمليةً عسكرية هي محاولةٌ يائسةٌ لإعادة رسم خريطة غزة بالدم والبارود والتهجير، وتنفيذ ممنهج لخطة إبادة جماعية تغطيها هالةٌ من الأكاذيب الأمنية والسياسية الصهيونية والعالمية، وهدفُها ليس فقط كسر المقاومة، بل كسر إرادَة الحياة في غزة.
الدمار الهمجي: الوجه العملي للخطة
على مدى 34 يومًا من الجحيم المفتوح بعد إعلانه استئناف العدوان في عمليةٍ أسماها (العزة والسيف)، يشن جيش الاحتلال الصهيوني حربَ إبادة لا تستثني مدرسة أَو مستشفى أَو مخيمًا، آلاف الشهداء، وأضعافهم من الجرحى، ومئات الآلاف من النازحين داخل القطاع المحاصَر.
“المنطقة العازلة” التي يحاولُ الاحتلال إنشاءَها شرقي القطاع ليست سوى حزام طرد منها السكان قسرًا، ليعيد رسمَ حدود جغرافية جديدة تتماشى مع خطة تهويد الأرض، وتدمير البنية المجتمعية بدعمٍ أمريكي لا محدود، غير أنَّ الحقيقة -ومن عمق المشهد- تسطع لكن هذه المرة من تحت الأرض.
“كسر السيف”.. نفقٌ إلى قلب الأُسطورة العسكرية:
كمين “كسر السيف”، وتمريغ “العزة” الصهيونية المصطنعة والذي نفّذته كتائب القسام شرقي “بيت حانون”، يمثل نقطة تحوّل عملياتية ونفسية في حرب الطوفان.
في المشهد ومن قلب الأرض، خرج المجاهدون بهدوءٍ واحترافية، ليضربوا آلية عسكريَّةً نوع “ستورم” من النقطة صفر، ويُوقعوا جنديًّا قتيلًا وخمسة جرحى في صفوف النخبة الصهيونية، ثم ينسحبوا دون خسارة.
المشهد، الذي وثقته عدساتُ المجاهدين ببراعة، كان صدمة معنوية لجيشٍ يتغنّى بـ”التفوق الاستخباري” و”الردع المدمّـر”، محللون عسكريون أجمعوا، بأن العملية محكمة، مُعدة مسبقًا، نابعة من فهمٍ عميقٍ لتحَرّكات الاحتلال، ونفذت على مرأى ومسمع من مواقعَ عسكرية قرب نفقٍ معروف.
وهنا تكمن المفارقة، قوات الاحتلال كانت على علمٍ مسبق بوجود النفق، لكنها فشلت في تحييده، فشلٌ -بحسب الخبراء- يعكسُ ليس فقط الإخفاق الاستخباري، بل حجم الغرور والارتباك في عقلية القيادة الميدانية الصهيونية، التي اعتقدت أن “الردع” كافٍ لمنعِ أي هجوم.
كسر الصورة.. وخلخلة البنية النفسية:
الفيديو الذي بثته كتائب القسام، عده مراقبونَ عملًا ميدانيًّا من الطراز الأول، وضربة موجعة في عمق الوعي الصهيوني، بسرعته وجرأته؛ فاختراق الحدود، واستهداف الآلية، واستخدام العُبوات، وقذائف RPG، كلها رسائل تؤكّـد أن المقاومة لم تُكسر، بل تتطوّر وتنتظر المعركة الكبرى.
المعركة النفسية هنا -بحسب مراقبين- تتجاوز الحدود؛ فكل مشهدٍ من “كسر السيف” يُعيد رسم صورة الجندي الصهيوني من “جبَّار لا يُقهر” إلى فريسةٍ محاصَرةٍ في أرضٍ تجهلُها أقدامُه ويخشاها قلبه.
ورغم سياسة التكتم والتضليل والتي يتخذها الاحتلال، إلا أن الإعلامَ العبري لم يُخفِ الصدمة، والتسريبات من داخل جيش الكيان نفسِه تؤكّـدُ “فشلًا، إرباكًا، وتضليلًا متعمّدًا”.
اعترافاتُ من داخل الكيان: الحقيقة تتكلم
اللواء الاحتياط الصهيوني “إسحاق بريك” يقرّ: “خسرنا الحربَ، وحماس استعادت قوتها، وعدد مقاتليها عاد إلى 30 ألفًا، والجيش دمّـر أقلَّ من 10 % من الأنفاق، وكل ما يُقال رسميًّا أكاذيب، والقيادة ضلل الجمهور بمساعدة الإعلام المجنَّد”.
هذا الاعتراف -وَفقًا لتقاريرَ عبرية- ليس مُجَـرّد تصريح؛ إنه نذيرُ انهيار داخلي، يتحدث عن جيشٍ مُنهك، ومجتمع منقسِم، وقيادة تكذِب، وحملة “العزة والسيف” تُدفن بين رمال غزة وتحت أقدام المقاومة.
اليوم، ومع كُـلّ صاروخ يسقط على مغتصَبةٍ صهيونية، ومع كُـلّ كمينٍ يُنصَب في غزة، ومع كُـلّ فيديو يُنشَر من خلف خطوط التماس، يتآكلُ ما تبقّى من رصيد مجرم الحرب نتنياهو.
ويرى مراقبون أن الرجلَ الذي نكث الاتّفاق واستأنف الحرب الإبادية الإجرامية، قد يدفنُ معها حياته السياسية، بعدما تحولت مغامرتُه في غزة إلى ورطةٍ استراتيجية وأخلاقية، وجريمة لا تُغتفَر، ورغم تباهيه بالإنجازات الوهمية تثبت غزة أنها لا تُكسر.
بالنتيجة، مهما اشتدت نارُ الحصار والمحرقة، فَــإنَّ غزة ليست جغرافيا قابلة للطمس، بل روح مقاومة تتناسلُ من تحت الركام، وكل محاولةٍ لفرض الخُطَّة الأمريكية الصهيونية بالقوة، ستقابَلُ ليس فقط بالرفض، بل بكمائنَ تكسرُ “السيفَ” الصهيوني الواهن، لتعيد تعريفَ مَن يملك زمامَ المعركة.
عبدالقوي السباعي| المسيرة