السعودية في دوامة غزة وإسرائيل والحوثي وإيران.. هذا ما ستفعله
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
من المرجح أن تواصل السعودية نهجها الدبلوماسي تجاه قطاع غزة وفلسطين عامة عبر تقديم مساعدات إنسانية والدعوة إلى وقف التصعيد، مع الاستمرار في التعامل مع الحوثيين وإيران، بينما أصبح ملف التطبيع المحتمل مع إسرائيل في موقف صعب، بحسب تحليل لموقع "أمواج. ميديا" (Amwaj.media) ترجمه "الخليج الجديد".
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي هجوما مدمرا على غزة، خلّف حتى السبت 21 ألفا و672 شهيدا، و56 ألفا و165 جريحا، ودمارا هائلا في البنى التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
وأظهرت نتائج استطلاع للرأي، أجراه "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" في 21 ديسمبر/كانون الأول الجاري، أن معظم السعوديين يرون أنه "على الرغم من الدمار والخسائر في الأرواح، فإن الحرب في غزة هي انتصار للفلسطينيين والعرب والمسلمين".
كما أظهرت النتائج انخفاضا حادا في الدعم بين السعوديين لأي نوع من التواصل مع إسرائيل، بما في ذلك العلاقات التجارية، بينما قبل الحرب على غزة، بدا عدد متزايد من السعوديين منفتحين على روابط تجارية مع تل أبيب.
وقال حوالي 81% إن إيران وحلفائها في جميع أنحاء المنطقة "مترددون في مساعدة الفلسطينيين".
وتضامنا مع غزة، شنت جماعات موالية لإيران، بينها "حزب الله" في لبنان والحوثيون في اليمن وجماعات أخرى في الجارتين العراق وسوريا، هجمات على أهداف إسرائيلية و/ أو أمريكية.
وذكر "أمواج. ميديا" أن هجمات الحوثين على سفن شحن مرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر "تغذي المخاوف الأمنية السعودية، ويبدو أن الرياض قلقة بشأن احتمالات اندلاع حريق إقليمي أوسع".
اقرأ أيضاً
محللون: مذبحة غزة تقرب بين إيران والسعودية.. ولكن
كيان هش
وردا على جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، شنت "حماس" في 7 أكتوبر الماضي هجوم "طوفان الأقصى" ضد قواعد عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في محيط غزة.
وقتلت "حماس" في الهجوم نحو 1200 إسرائيليا وأسرت حوالي 240، بادلت قرابة 110 منهم مع الاحتلال، الذي يحتجز في سجونه أكثر من 7800 فلسطيني، وذلك خلال هدنة استمرت أسبوعا حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، بوساطة قطرية مصرية أمريكية.
و"بعد نحو ثلاثة أشهر من الحرب بين حركة حماس وإسرائيل، يؤكد بعض الصحفيين والنقاد السعوديين على "فشل" الحملة العسكرية الإسرائيلية"، بحسب "أمواج. ميديا".
وكتب حسن اليمني في صحيفة "الجزيرة" أن "إسرائيل كيان هش لا يمكنه منفردا مواجهة المقاومة الفلسطينية"، مشددا على أن الدعم الغربي، بقيادة الولايات المتحدة، "لم يفلح في نصرة الكيان (الإسرائيلي) وإن حماه من هزيمة فاضحة".
واعتبر الصحفي صالح الفهيد أن "أفضل نتيجة للحرب في غزة هي أن يكون النصر الإسرائيلي الحتمي أشبه بهزيمة، بالنظر إلى التكلفة التي دفعها الإسرائيليون ثمنا لهذا النصر".
وبحسب الموقع، فإنه "على الرغم من الزيادة الكبيرة في شعبية "حماس" بين السعوديين، وفقا لاستطلاع 21 ديسمبر، إلا أن المملكة ما تزال تنظر إلى الحركة الفلسطينية على أنها جهة معادية نظرا لصلاتها بإيران وجماعة الإخوان المسلمين".
ومشيرا إلى عدم الاستقرار في البحر الأحمر بسبب هجمات الحوثيين، قال الصحفي السعودي طارق الحميد إنه "لم يتم إلحاق أي ضرر بإسرائيل، بل إن الضرر يقع في المقام الأول على بلدان المنطقة".
فيما حذر المفكر السعودي عبد الرحمن الراشد من الآثار غير المباشرة لحرب غزة، معتبرا أن "استراتيجية طهران، باتخاذ الحوثي وكيلا لها، لم تكن فقط السيطرة على اليمن وتهديد السعودية ودول الخليج الأخرى، بل أيضا لبلوغ (مضيق) باب المندب (تمر منه 40% من التجارة العالمية) لتعظيم دورها ونفوذها الإقليمي".
ومنذ 20 شهرا يشهد اليمن تهدئة من حرب اندلعت قبل نحو 9 سنوات بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، وقوات الحوثيين، المدعومين من إيران، والمسيطرين على محافظات ومدن بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ عام 2014.
اقرأ أيضاً
استطلاع رأي: 96% من السعوديين يعارضون التطبيع مع إسرائيل
تطبيع صعب
و"على الرغم من المواقف المتشددة تجاه إسرائيل في وسائل الإعلام وبين المواطنين في السعودية، إلا أنه من المرجح أن تواصل المملكة نهجها الدبلوماسي مع التركيز على تقديم المساعدات الإنسانية وتشجيع وقف التصعيد"، كما أردف "أمواج. ميديا".
وأضاف أن "التركيز والهدف الرئيسي للسعودية هو تعزيز بيئة إقليمية مستقرة لتنفيذ رؤية 2030 (التنموية)، ولذلك، من المرجح أن تستمر المملكة في التعامل مع الحوثيين وإيران".
ويركز ولي العهد السعودي، الحاكم الفعلي للمملكة، الأمير محمد بن سلمان على جذب استثمارات أجنبية وتمويل مشروعات في قطاعات متنوعة، بينها الطاقة المتجددة والتكنولوجيا والسياحة، لتنويع وتوسيع اقتصاد المملكة، أكبر مصدّر للنفط في العالم، بعيدا عن الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للإيرادات؛ في ظل تقلبات أسعاره وتحول العالم نحو الطاقة النظيفة غير الملوثة للبيئة.
وبوساطة الصين، استأنفت السعودية وإيران علاقتهما الدبلوماسية بموجب اتفاق في 10 مارس/ آذار الماضي، ما أنهى قطيعة استمرت نحو 7 سنوات بين بلدين يقول مراقبون إن تنافسهما على النفوذ الإقليمي أجج صراعات عديدة في المنطقة.
و"في حين أن الرياض لم تعلق جهود التطبيع مع إسرائيل بشكل نهائي، فإن تغيير المشاعر المحلية والصورة الإقليمية الأوسع جعلت من الصعب على المملكة تحقيق توافق مع أحد الأهداف الرئيسية للسياسة (التطبيع) الخارجية الخاصة بإدارة (الرئيس الأمريكي) جو بايدن "، وفقا للموقع.
وقبل الحرب، كانت السعودية تتفاوض مع واشنطن من أجل تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب مقابل توقيع المملكة معاهدة دفاع مشترك مع الولايات المتحدة، والحصول على أسلحة أكثر تطورا، وتشغيل دورة وقود نووي مدني كاملة، بما فيها تخصيب اليورانيوم داخل السعودية، والحصول على التزامات إسرائيلية نحو إقامة دولة فلسطينية.
ومن أصل 22 دول عربية تقيم 5 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، التي تواصل منذ عقود احتلال أراضٍ في فلسطين وسوريا ولبنان.
اقرأ أيضاً
مودرن دبلوماسي: رغم حرب غزة.. السعودية أكثر حرصا على التطبيع مع إسرائيل
المصدر | أمواج. ميديا- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: السعودية غزة إسرائيل الحوثيين إيران حرب تطبيع مع إسرائیل
إقرأ أيضاً:
نذر حرب في اليمن بتحركات عسكرية ولافتات متعددة والحوثي يستبق الإجراءات (تحليل)
تتجه الأحداث في اليمن إلى حالة التأزم من جديد، وهذه المرة تأخذ منحى عسكري، وفقا للعديد من المؤشرات الراهنة.
فخلال الأيام الماضية تواصلت المواقف وتواترت المعلومات عن تحركات لعدة دول، وسط تصاعد وتيرة الأحداث في البحر الأحمر، واستمرار هجمات الحوثيين، وتراجع الموقف الأمريكي المحبط.
بريطانيا
تحضر بريطانيا كأحد أبرز الأطراف الفاعلة حاليا، وذلك من خلال الإمداد العسكري الذي تقدمه للحكومة اليمنية المقيمة في عدن، والذي تركز على مكافحة القرصنة البحرية، ودعم قوات خفر السواحل بزوارق سريعة، وتقديم دعم لوجيستي في مجال التدريب والمساعدة، وهي الخطوة التي أعلنت عنها السفارة البريطانية، وأشاد بها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي.
ويشير الدعم المقدم لقوات خفر السواحل من قبل بريطانيا، إلى أن الوضع البحري يهيمن على المباحثات بين الحكومة ولندن، التي تشارك في تحالف عسكري بجوار أمريكا في اليمن منذ أكثر من عام، وسبق أن تحركت في هذا المضمار كثيرا.
أمريكا
بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، فتشعر بالإحباط تجاه هجمات الحوثيين، خاصة مع التطورات الأخيرة، وإعلان الجماعة توجيه ضربات لحاملة الطائرات الأمريكية، إبراهام لينكولين، والتي سحبتها واشنطن لاحقا، لتخلو المنطقة من حاملة الطائرات الأمريكية، للمرة الثانية منذ اندلاع المواجهات البحرية.
واشنطن بدت في وضعية التأسف، وذلك من خلال تصريحات الخارجية الأمريكية التي قالت إن رفع الحوثيين من قوائم الإرهاب منذ صعود ترمب للسلطة كان بغرض إحلال السلام في اليمن، وهي إشارة إلى أن إزالتهم لم يكن قرارا موفقا، متهمة إيران والحوثيين بافشال مساعي السلام في اليمن.
الدور الأمريكي بدا متخبطا، وينتظر الخطوات القادمة للرئيس المنتخب دونالد ترمب، لكنه في نفس الوقت واصل تحميل عدة أطراف المسؤولية، ففي حين يتهم إيران بافشال المفاوضات، يذهب أيضا لاتهام روسيا بتقديم الإمدادات للحوثيين، بما يعزز قدراتهم البحرية.
السعودية
في المقابل تتحرك السعودية في العديد من المسارات، فقد التقت الصين وإيران على طاولة واحدة، وخرجا ببيان موحد حول العديد من القضايا، وبنفس الوقت بعثت الروح في الكيانات المحلية التابعة لها، عبر إحياء الأحزاب السياسية، وتقديمها للواجهة من جيد، كالتكتل الوطني للأحزاب، وكذلك مساعيها في إعادة الروح لمجلس النواب، والتنسيق لعودة جلساته من جديد.
وواصلت الرياض الدفع بأعضاء في مجلس القيادة الرئاسي للقاء العديد من السفراء الأجانب في الرياض، وكان النصيب الأكبر لعضو المجلس عيدروس الزبيدي، الذي كثف لقاءاته مع عدة سفراء، أبزرهم سفراء السعودية، والإمارات، والهند، واليونان، وروسيا، وكوريا الجنوبية، وتركيا، وفرنسا، والصين.
الإمارات
الإمارات العربية المتحدة من جهتها كان لها حضورها اللافت، اتضح ذلك من خلال ما تردد عن مقترح تقدمت به، لتشكيل قوات دولية تؤمن الملاحة في البحرين الأحمر والعربي، بخليط من قوات عربية، ودولية، وهو ما لم تكشف عنه أبوظبي رسميا.
لكن تحركاتها العسكرية تشير إلى تواجدها في صدارة هذه الأحداث، وتؤكد المعلومات وصول طائرة عسكرية إماراتية إلى مطار عتق المحلي، بمحافظة شبوة، على متنها مسؤولين إماراتيين، فيما قال وزير النقل السابق صالح الجبواني إن الطائرة كانت تحمل على متنها أسلحة ومعدات عسكرية.
وتستخدم الإمارات أيضا الأدوات التابعة لها، وظهر نجل الرئيس السابق أحمد علي عبدالله صالح المقيم في أبوظبي، مع محافظ شبوة عوض بن الوزير في لقاء جمعهما، بينما عاد ممثل الإمارات في أبوظبي خلفان المزروعي إلى جزيرة سقطرى، بعد خروجها منها في العام 2019 بموجب اتفاق سعودي إماراتي على مغادرته.
جماعة الحوثي
بالنسبة للحوثيين، فقد واصلوا عملياتهم العسكرية في البحرين الأحمر والعربي، وأعلنوا تنفيذ عدة عمليات هجومية مؤخرا، أبرزها عملية استهدفت سفينة تابعة لتركيا، وهو ما دفع بأنقرة للتنديد، فيما سارع عضو المجلس السياسي الأعلى لجماعة الحوثي محمد علي الحوثي، لاستدارك الموقف، والتأكيد على الدور المحوري لتركيا في نصرة فلسطين.
وتستشعر جماعة الحوثي هذه التحركات، وتواصل إزائها في مواصلة الاستعدادات، خاصة في محافظة الحديدة، إذ تكشف المعلومات عن إجبار الجماعة لست قرى سكنية في مديرية الجراحي بمحافظة الحديدة، تحسباً لمعركة قادمة في الساحل الغربي لليمن، وهو ما دفع بالسلطة المحلية التابعة للحكومة في عدن للتنديد بهذه الخطوة، وإعلان رفضها.
خريطة الصراع
تتضح من هذه التحركات أن خارطة جديدة للصراع تتشكل في اليمن، وهي مناطق تماس، بين الحكومة وجماعة الحوثي، سواء كانت برية أم بحرية، وجميعها تشير إلى أن الصراع يتجه نحو الصدام المسلح من جديد، فيما تغيب الجهود الدبلوماسية والأممية، عن لجم هذه التحركات، بل إن مجلس الأمن اعتمد مؤخرا القرار الأممي الذي يمدد حالة حظر السلاح عن الحوثيين، وسبق له التنديد بالهجمات البحرية التي ينفذونها.