حاتم الطائي
◄ العام الجديد يحمل الخير والنماء لعُمان وأهلها ويُبشِّر بالازدهار والتقدُّم
◄ انتصار غزة سيتحقق في 2024.. والاحتلال سيندحر في مذلة وخساسة
◄ آن الأوان لتغيير النظام الدولي الظالم القائم حاليًا وبناء منظومة أكثر عدالة وإنسانية
حفلَ العام 2023 بقدر كبير من المُستجدات والتطورات، على المستويات كافةً، محليًا ودوليًا، تغيّرت معها مجريات الأحداث، وساقت الأقدار الأمور نحو مسارات لم تكن متوقعة.
وبينما نقف على أعتاب عام جديد، تحفُّنا الآمال والتطلعات في غدٍ أكثر إشراقًا وضياءً، تغمرُنا رغبات النجاح وإرادة النصر، ونسعى جاهدين لتهيئة الأرض لما هو قادم، وما هو مُتوقع. نترقبُ العام الجديد 2024 ونحن والعالم نسبح في أفلاك تتباعد وتتقارب حسب بوصلة القدر، ففي كثير من الأحيان تُشير لنا إلى اتجاه النمو، بينما في أحيان أخرى تنقلب رأسًا على عقب، فتتغير الخُطط وتتبدل الأمنيات.
ما هي إلّا ساعات ودقائق معدودات، ونستيقظ على ميلاد صباح العام الجديد، لنستقبل أول شعاع من نور الشمس، ونحث الخطى نحو نهضة تتجدد، وتنمية تتواصل، وبناء يعلو صرحه عامًا تلو الآخر.. ففي يناير المجيد، وفي مستهل العام، نحتفل بالذكرى الوطنية الغالية لتولي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم، لنبدأ السنة الخامسة من مسيرة النهضة الهيثمية، التي تنثر الرخاء والنماء في ربوع وطننا الحبيب. ورغم أن السنوات الماضية شهدت العديد من التحديات، خاصة على المستوى الاقتصادي، إلّا أن رُبان سفينتنا الحكيم، نجح باقتدار في أن يقود دفة الفُلك نحو مرافئ الاستقرار، وبفضل الرؤية السامية السديدة، حقق وطننا نقلة نوعية على مختلف المستويات. ففي ظل العهد الزاهر لجلالة السلطان المفدى- أيده الله- نجحنا في إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، وصياغة توجه وطني مُتجدد مفاده التطوير المتواصل والمستمر، فتطوّرت منظومة التشريع، واستُحدثت القوانين، وبدأ اقتصادنا في التعافي، وأطلقت الحكومة منظومة الحماية الاجتماعية التي تمثل طفرة غير مسبوقة في توفير مظلة حماية اجتماعية لمختلف فئات المجتمع، وتدعم على نحو أكبر الفئات الأكثر احتياجًا، وتؤكد حرص حكومتنا على أن يظل المواطن هو هدف أي تنمية وغايتها الرئيسية والأولى.
كما تواصلت الجهود من أجل تعظيم الاستفادة من موارد الدولة وخيراتها، فانطلقنا في تنفيذ مشاريع واعدة حققت نتائج إيجابية خلال فترة وجيزة، واستطعنا تبوؤ مكانة مرموقة في قطاعات مختلفة، في المقدمة منها قطاع الهيدروجين الأخضر، الذي نجحت عُمان في أن تضع لها موطأ قدم راسخة بين كبار مُنتجيه، وأبرمت العديد من الاتفاقيات لتصدير هذه الطاقة المتجددة النظيفة إلى أكبر الأسواق في العالم.
ولذلك، وفي ظل المؤشرات الإيجابية الراهنة من تحسُّن التصنيف الائتماني وتحقيق فائض مالي توازيًا مع مساعي الدولة لزيادة الإيرادات غير النفطية، فإننا نستشرف مستقبلًا أكثر ازدهارًا في عام 2024. ونتطلع بكل جدية لأن تتواصل مسيرة التعافي الاقتصادي، وإيلاء مسألة نمو القطاع الخاص وتوسيعه، أولوية رئيسية، لأن هذا القطاع هو القاطرة الأساسية لما نطمح له من مُستهدفات في رؤية "عُمان 2040"، خاصة إذا ما وضعنا في عين الاعتبار المنافسة الإقليمية من حولنا على جذب الاستثمارات الأجنبية، وضرورة أن نحرص على أن يكون نصيب عُمان من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المنطقة يتناسب مع حجم الإمكانيات الهائلة التي تزخر بها بلادنا. نقول ذلك ونحن ما زلنا لم نحقق الاستفادة الحقيقية من مواردنا؛ إذ ما زال ينقصنا الكثير على مسار التطوير، وجميع الخبراء وذوي الشأن يُدركون جيدًا أن أولى الخطوات المطلوبة هي تسهيل الائتمان المصرفي، لمساعدة القطاع الخاص على التوسع؛ سواء في الداخل عبر تعزيز قاعدته في المحافظات، أو في الخارج، من خلال السعي للتوسع في الدول التي أبرمنا معها اتفاقيات تعاون ومذكرات تفاهم لتشجيع الاستثمارات المشتركة. ولعل من المُبشِّر الإشارة إلى نجاح حكومتنا في خفض التضخم والسيطرة عليه عند مستويات منخفضة، بينما العالم من حولنا يئن من معدلات تضخم مرتفعة للغاية، والبعض يعاني من تضخم جامح، غير قادرين على السيطرة عليه، ولذلك فإنَّ خفض معدلات الفائدة المصرفية وتسهيل تمويل القطاع الخاص يمثل واحدة من الأولويات الرئيسية في 2024.
في عام 2024، نأمل أن تتضاعف جهود توظيف الشباب، عبر مواصلة مختلف البرامج النوعية التي حققت نتائج إيجابية خلال السنوات الماضية، وتشجيعهم على العمل الحر وريادة الأعمال، وفي الوقت نفسه أن تتوازى المسارات التعليمية مع متطلبات سوق العمل، وأن نتوقف عن استقبال الطلبة في تخصصات لم يعد لها سوق عمل فعلي، ولا شك أنَّ ذلك سيُسهم في تقليل أعداد الباحثين عن عمل.
أما على المستوى الخارجي والدولي، فلا ريب أن غزة الأبية ستكون المُتصدِّرَة للمشهد، فكما تصدرته منذ السابع من أكتوبر المجيد، ستظل مُحتفظة بمكانتها السامية في نفوس الشرفاء والمناضلين، وستكون غزة عنوان التغيير الهائل في النظام العالمي الذي يتشكل حاليًا، فأمريكا وحلفاؤها سيتلقون الهزيمة النكراء عاجلًا غير آجلٍ، أما دولة الاحتلال البربري فقد تجرّعت الهزائم مُرًا علقمًا واحدة تلو الأخرى، لأنَّ "طوفان الأقصى" لن يتوقف، حتى لو توقف العدوان الإسرائيلي الوحشي الغاشم، وسيظل الطوفان يجرف كل ما يُعيق طريق الحق ونُصرته، وسيبتلع كل باطل؛ إذ بات مستحيلًا أن تعود عقارب الساعة إلى الوراء، وقد انطلقت ساعة النصر المُبين في السادسة من صباح 7 أكتوبر.
لقد باتت غزة التجسيد الحي المُعبِّر عن قيم الشرف والإباء والصمود والبسالة والمقاومة والنضال والتغيير ونصرة الحق، لكنها في الوقت نفسه بوابة الجحيم للصهاينة المُعتدين، الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، فصب عليهم ربنا أسواطًا من العذاب المُهين، على أيدي أبطال المقاومة، فالملاحم التي تجري على أرض العزة في غزة، لم يُسجلها تاريخ من قبل، ولم تحفظها الأرشيفات العسكرية في أي معركة سابقة.
في 2024، سيُكتب النصر لفلسطين، وسيندحر الاحتلال وتتوالى هزائمه المُذلة، وستنتكس رؤوس أبالسته نتنياهو وجالانت وبن غفير وغيرهم من شياطين الصهاينة المجرمين، قتلة الأطفال والنساء، أولئك الذين لم يتوانوا عن قصف كل شبر في غزة، وتنفيذ الإبادة الجماعية الأكثر وحشية في التاريخ. في العام الجديد، نستبشر ببدء محاكمة الاحتلال على جرائم الحرب التي ارتكبتها القوات الصهيونية في غزة، وإننا لنأمل أن ينضم جو بايدن وكل من موّل وسلّح الكيان الغاصب، وساعده على إسقاط عشرات الآلاف من الأطنان من المتفجرات على مساحة محدودة لا تتجاوز 360 كيلومترًا مربعًا.
لقد آن الأوان أن يكون 2024 عام التغيير في النظام الدولي الظالم القائم حاليًا، والذي تقوده الولايات المتحدة، وتخضع له الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي التابع لها، وهي المنظومة التي أثبتت فشلها في أداء الواجب المنوط بها، فمجلس الأمن هو مجلس أمن أمريكا فقط، بما تملكه من حق النقض "فيتو" لكي تمنع أي قرار يسعى المجلس لتمريره، حتى لو كان القرار يهدف إلى حفظ النفس البشرية ومنع مزيد من القتل العشوائي والهمجي. نريد أن يكون العام الجديد بداية ميلاد نظام جديد لا تتحكم فيه مصانع السلاح وصفقات بيع المعدات والعتاد العسكري، فتصبح الحروب ودماء الأبرياء وقودًا لاقتصادات لطالما نهبت مُقدَّرات الشعوب واغتصبت ثرواتها.. ففي كل دقيقة يرتقي شهيد في فلسطين، بينما مصانع السلاح في أمريكا تنتعش وتقفز مبيعاتها، ليس ذلك وحسب؛ بل يتعمد رئيس أمريكا أن يُرسل صفقة أسلحة وذخائر فتّاكة إلى دولة الاحتلال لمواصلة جرائم الإبادة والقتل الجماعي في غزة، دون أن يحصل على موافقة الكونجرس.. فهل هناك تعريف للوقاحة أكثر من ذلك؟ وهل هناك حقارة أدنى مما تقوم به أمريكا في حماية إسرائيل وتشجيعها على إبادة الشعب الفلسطيني؟
ويبقى القول.. إنَّ 2024 عامُ التغيير الإيجابي والانتفاضات حول العالم، عام الحركات الاجتماعية الحُرّة التي تشتعل في كل مكان احتجاجًا على القتل ورفضًا للجشع، واعتراضًا على فقدان الأمل في بناء مجتمع إنساني مُتراحم، يحمي الضعيف، ويمنع القوي من البطش الأعمى.. ورغم هذه الوحشية التي نشاهدها ليل نهار، ورغم الألم الذي يعتصر قلوبنا، إلّا أننا على يقين تامٍ بأنَّ النصر المُبين بات قريبًا، وأنَّ زوال الظالمين ليس سوى مسألة وقت.. فالحق لا تغيب شمسه، وإن حجبتها سحائب الباطل، والنصر آتٍ مهما تأخّر، وسنرفع راية الانتصار عالية خفّاقة في كل ربوع العالم الحُر.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مؤمن الجندي يكتب: مسرحية بلا فصل أخير
في مسرح الحياة، تُضاء الأنوار على خشبة متآكلة، تتكرر على سطوحها الوجوه ذاتها، بملامح حفظناها عن ظهر قلب.. وجوهٌ اعتادت الوقوف تحت الأضواء، تدّعي التغيير وهي ذاتها التي صنعت الغبار فوق أحلام الإصلاح، كلما هلّت بشائر الأمل، عادوا لينتزعوا من قلوبنا شرارة الترقب، ويغرسوا مكانها رماد الخيبة.
مؤمن الجندي يكتب: كأس مها سلامة مؤمن الجندي يكتب: ولي العهد والنيل الذي لا يجف أبدًاإنها الوجوه التي تتقن التحول، ترتدي أقنعةً جديدة عند كل انتخابات، وتبيع شعارات مطلية بوعودٍ زائفة، نرى الطموحات معلقة بين صخب الشعارات، بينما الحقيقة تكمن في تلك الأيادي التي ألفت احتكار الكراسي، تتشبث بها بإصرار غريب، وكأنها جذور زرعت تتغذى على حلم التغيير حتى يموت قبل أن يولد.
في ظلال هذه الدوامة، يبقى الأمل محاصرًا، وحلم الإصلاح طيفًا بعيدًا، يهيم في أفق مستحيل.. تستمر الوجوه، وتستمر معها الخيبات، كأننا في مسرح عبثي يتكرر بلا نهاية، يتركنا نتساءل: هل هناك حقًا أملٌ في تغيير، أم أن حكايتنا ستبقى مسرحية بلا فصل أخير؟
في ظلال الملاعب المصرية، حيث كنا نشهد على مرّ العقود مواسم من الشغف والانتصارات، تتصاعد اليوم أصوات الشكاوى، وتملأ المشهد ملفات قضائية وبلاغات، وأحكام بحبس لاعبين، وتسريبات تهدد أساس اللعبة الجميلة، لتتحول كرة القدم المصرية إلى ميدانٍ للجدل والخيبة، في مشهد يعكس تراجيديا مركبة من الفساد، والغموض، والانهيار.
من ساحات للتنافس الشريف إلى ميدانٍ لتسريبات وبلاغاتمن بين التفاصيل الصغيرة التي أُغفلت لتتضخم وتصبح جزءًا من صورة شاملة من التدهور، يبرز فساد الإدارة الرياضية، وكأن الفساد نسيج أصيل، يعانق الفشل ويخترق الساحة الرياضية.. أصبحت الرياضة بشكل عام تُدار بطرق لا تتوافق مع تطلعات الجماهير التي تبحث عن المتعة والنزاهة في لعبة يعشقونها، وبدلًا من أن تكون الملاعب ساحات للتنافس الشريف، تحولت إلى ميدانٍ تسريبات وبلاغات.
وصلنا الآن إلى أحكام بحبس بعض اللاعبين، وتورطهم في قضايا نصبٍ واحتيال والتعدي على المواطنين داخل وخارج الدولة، جعلهم يقفون في صفوف المتهمين في قاعات المحاكم بدلًا من الركض على أرض الملاعب، وبدلًا من تحقيق الانتصارات، أصبحوا مادةً للإثارة الصحفية والاجتماعية.. تلك الأخبار التي كانت تروّج لمجدهم، تروّج اليوم لانهيارهم، وكأنهم فقدوا بوصلة شرف الرياضة، وانحرفوا عن درب الأخلاق، لتبدأ رحلتهم من الشهرة إلى المحاكم.
ولا ننس التسريبات التي تفجرت كقنبلة موقوتة، محملة بأسرار غرفة التحكيم داخل الاتحاد المصري لكرة القدم والتي كشفت عما يدور خلف الكواليس، وكأن هذا الحلم الرياضي أضحى صراعًا تملؤه النزاعات والتآمرات.. تلك التسريبات لم تكتفِ بكشف المستور، بل حطمت الثقة بينهم وبين الجماهير ومنظومة كرة القدم ذاتها، وكأن تلك التسريبات فتحت أبواب الجحيم على سمعة كرة القدم المصرية.
مؤمن الجندي يكتب: حسن "سبانخ" الكرة المصرية مؤمن الجندي يكتب: نشر الغسيل بالمقلوب مؤمن الجندي يكتب: وداعًا قصاص السيرة مؤمن الجندي يكتب: مُحلل خُلعفي النهاية، يقف المشجع المصري حائرًا، بين ولاءه للعبة التي أحبها وبين خيبة الأمل التي أصبحت تعصف به.. كرة القدم التي كانت تنبض بأحلام الفقراء وتمنحهم مساحة من الفرح وسط صعوبات الحياة، أضحت اليوم مرآة تعكس الخيبة والمصالح الضيقة، بعدما تغلغل الفساد ليأكل من جذورها ويفسد طعمها.
إذا كان هناك أمل في عودة كرة القدم المصرية إلى سابق عهدها، فإن هذا الأمل لن يتحقق إلا بانتفاضة رياضية، يقودها إصلاح شامل، يعيد بناء الثقة، ويزيح المصالح عن ميدان اللعبة.. ولكن كيف والأمل هو ترشح نفس الأشخاص والوجوه القديمة لتتصدر المشهد مرة أخرى! فهل نرى قريبًا عودة للبهجة، أم أن هذه الأزمة ستحفر في الذاكرة كحقبة سوداء من تاريخ كرة القدم المصرية؟
للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا