كيف سيغير الذكاء الاصطناعي التوليدي جميع الوظائف في عام 2024
تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT
مع دخولنا عام 2024، يشهد مشهد العمل تحولًا لم يسبق له مثيل، مدفوعًا في المقام الأول بالتقدم في الذكاء الاصطناعي التوليدي. هذه التكنولوجيا الثورية، التي بدت ناشئة قبل بضع سنوات فقط، تستعد الآن لإعادة تعريف وظائفنا وصناعاتنا وروتيننا المهني اليومي.
صعود الآلات الإبداعية
يتضمن الذكاء الاصطناعي التوليدي، في جوهره، خوارزميات يمكنها إنشاء محتوى جديد وأصلي، من النص إلى الصور والموسيقى وما بعدها.
تعزيز عملية صنع القرار والتخطيط الاستراتيجي
هناك تأثير مهم آخر للذكاء الاصطناعي التوليدي يتمثل في مجال صنع القرار والتخطيط الاستراتيجي. يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي تحليل مجموعات كبيرة من البيانات والتعرف على الأنماط والتنبؤ بالنتائج، وبالتالي تقديم رؤى يمكن أن تكون لا تقدر بثمن لاستراتيجية الأعمال. سيجد المسؤولون التنفيذيون والمديرون في مختلف القطاعات أنفسهم يستفيدون من الذكاء الاصطناعي لاتخاذ قرارات أكثر استنارة. ومن التنبؤ باتجاهات السوق إلى تحسين سلاسل التوريد، من المقرر أن يتعمق دور الذكاء الاصطناعي في التخطيط الاستراتيجي في عام 2024.
تطور خدمة العملاء
يعمل الذكاء الاصطناعي التوليدي أيضًا على إعادة تشكيل خدمة العملاء. أصبحت روبوتات الدردشة والمساعدين الافتراضيين المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، القادرة على فهم الاستفسارات المعقدة والرد عليها، أكثر شيوعًا. إنهم يوفرون مستوى من التفاعل لا يمكن تمييزه بشكل متزايد عن ممثلي خدمة العملاء من البشر. لا تعمل هذه التقنية على تحسين كفاءة وتوافر دعم العملاء فحسب، بل تسمح أيضًا للموظفين البشريين بالتركيز على الجوانب الأكثر تعقيدًا ودقة في علاقات العملاء.
تحويل التعليم والتدريب
في مجال التعليم والتدريب المهني، يعد الذكاء الاصطناعي التوليدي بمثابة تغيير جذري في قواعد اللعبة. يمكنه تخصيص تجارب التعلم، والتكيف مع أنماط التعلم الفردية، وتوفير الموارد التي يتم تحديثها باستمرار بأحدث المعلومات. بالنسبة للمحترفين، هذا يعني أن التعلم المستمر وتنمية المهارات سيصبح أكثر سهولة ومصممًا خصيصًا لتلبية الاحتياجات الفردية. تعد القدرة على مواكبة التغيرات التكنولوجية السريعة أمرًا بالغ الأهمية، ويساعد الذكاء الاصطناعي في عملية التعلم التكيفية هذه.
إعادة اختراع البحث والتطوير
تُحدث قدرة الذكاء الاصطناعي التوليدي على محاكاة السيناريوهات ونمذجةها ثورة في البحث والتطوير عبر الصناعات. من المستحضرات الصيدلانية إلى تصميم السيارات، يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي التنبؤ بالنتائج ووضع السيناريوهات وإنشاء حلول مبتكرة للمشكلات المعقدة. تعمل هذه القدرة على تسريع وتيرة الابتكار، مما يقلل الوقت والتكلفة اللازمة لتطوير منتجات وخدمات جديدة.
ظهور أدوار ومهارات جديدة
عندما يتولى الذكاء الاصطناعي التوليدي مهام معينة، فإنه يخلق في الوقت نفسه أدوارًا وظيفية جديدة ومتطلبات مهارات جديدة. إن علماء أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وأمناء البيانات ومدربي الخوارزميات هم مجرد أمثلة قليلة على المهن الناشئة. سيحتاج المحترفون إلى التكيف من خلال اكتساب مهارات جديدة، مثل معرفة القراءة والكتابة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، وفهم كيفية العمل جنبًا إلى جنب مع أنظمة الذكاء الاصطناعي. سيتم تحديد القوى العاملة لعام 2024 من خلال قدرتها على التعايش والتعاون مع الآلات الذكية.
تحدي الاستخدام الأخلاقي والمسؤول للذكاء الاصطناعي
الجوانب المهمة لظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي هي الاعتبارات الأخلاقية والتحيزات المحتملة الكامنة في خوارزميات الذكاء الاصطناعي. إن ضمان عدالة أنظمة الذكاء الاصطناعي وشفافيتها ومسؤوليتها هي مهمة ستقع بشكل متزايد على عاتق جميع المهنيين، وليس فقط العاملين في المجالات المرتبطة بالتكنولوجيا. يتضمن ذلك فهم مصادر البيانات المستخدمة لتدريب الذكاء الاصطناعي، والتحيزات المحتملة في مجموعات البيانات هذه والآثار الأخلاقية للقرارات والمحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي.
المشهد المتغير للعمل عن بعد والمختلط
يؤثر الذكاء الاصطناعي التوليدي أيضًا على طريقة عملنا، خاصة في بيئات العمل البعيدة والمختلطة. تعمل أدوات الذكاء الاصطناعي على تسهيل التواصل وإدارة المشاريع والتعاون بشكل أكثر سلاسة بين الفرق المتفرقة جغرافيًا. ويؤدي هذا إلى قوى عاملة عالمية أكثر اتصالاً وكفاءة، حيث يصبح الموقع الفعلي أقل عائقًا أمام التعاون الفعال.
التأثير على الصناعات التقليدية
وحتى الصناعات التقليدية مثل الزراعة والتصنيع والبناء ليست محصنة ضد التغييرات التي أحدثها الذكاء الاصطناعي التوليدي. من تحسين إنتاجية المحاصيل إلى تصميم المباني الأكثر ذكاءً في عمليات التصنيع، يقدم الذكاء الاصطناعي كفاءات وقدرات جديدة. سيعتمد المحترفون في هذه القطاعات بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي لاتخاذ القرارات التشغيلية، مما يؤدي إلى دمج عمليات العمل الرقمية والمادية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی التولیدی
إقرأ أيضاً:
كيف أصبحت غزة ساحة لتطوير الاحتلال قدرات الذكاء الاصطناعي وتجريبه؟
كشف تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، عن مدى توغل التكنولوجيا المتقدمة، وخاصة الذكاء الاصطناعي، في العمليات العسكرية الإسرائيلية خلال حربها المستمرة على قطاع غزة.
وأوضح التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أن الاحتلال الإسرائيلي اعتمد بشكل متزايد على أدوات وتقنيات الذكاء الاصطناعي لتحقيق تفوق نوعي في ميدان المعركة، وهو ما أدى في بعض الأحيان إلى نتائج قاتلة طالت المدنيين.
وأشار التقرير إلى أن أبرز مثال على هذا الاستخدام جاء في أواخر عام 2023، عندما حاولت القوات الإسرائيلية اغتيال إبراهيم البياري، أحد القادة البارزين في حركة حماس. ونظراً لصعوبة تحديد مكانه الفعلي، نظراً لاحتمال اختبائه في شبكة الأنفاق المنتشرة تحت غزة، لجأ جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى تقنية تحليل صوتي مدعومة بالذكاء الاصطناعي، كانت قد طُورت قبل نحو عقد من الزمن لكنها لم تُستخدم في ساحات القتال من قبل.
وبحسب مصادر أمريكية وإسرائيلية مطلعة تحدثت للصحيفة، فقد تولى مهندسون في الوحدة 8200، المكافئة الإسرائيلية لوكالة الأمن القومي الأمريكية، تطوير الأداة ودمجها بتقنيات ذكاء اصطناعي متقدمة.
وتم تحليل مكالمات البياري، واعتمادا على تلك البيانات الصوتية، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بشن غارة جوية في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2023 استهدفت الموقع المشتبه به. غير أن الغارة، التي فشلت في قتل البياري، أسفرت عن استشهاد 125 مدنيا، بحسب منظمة "إيروورز" المعنية بتوثيق ضحايا الحروب.
ويمثل هذا الهجوم، وفق التقرير، نموذجاً مصغراً لطريقة استخدام إسرائيل لتقنيات الذكاء الاصطناعي في حربها ضد غزة، حيث دمجت هذه التقنيات بمجالات متعددة تشمل التعرف على الوجوه، وتحليل البيانات النصية، وتحديد الأهداف العسكرية المحتملة. وقد أشارت مصادر الصحيفة إلى أن عمليات تطوير هذه الأدوات جرت عبر تعاون وثيق بين ضباط الوحدة 8200 وعدد من جنود الاحتياط العاملين في شركات تكنولوجية كبرى مثل غوغل، مايكروسوفت، وميتا.
وتحدث التقرير عن إنشاء ما يعرف بـ"الاستوديو"، وهو مركز ابتكار تابع للوحدة 8200، يهدف إلى تسريع إنتاج وتطبيق أدوات الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية. وبيّن أن نشر هذه الترسانة التكنولوجية أدى أحياناً إلى نتائج كارثية، منها أخطاء في تحديد الهوية، واعتقالات عشوائية، بل ووقوع ضحايا مدنيين، وهو ما أثار تساؤلات أخلاقية لدى مسؤولين عسكريين إسرائيليين وأمريكيين على حد سواء.
وفي هذا السياق، قالت هاداس لوربر، المديرة السابقة لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي ورئيسة معهد الأبحاث التطبيقية في الذكاء الاصطناعي، إن "وتيرة الابتكار تسارعت تحت وطأة الحاجة الملحة للرد على التهديدات"، مشيرة إلى أن هذه الابتكارات التقنية منحت الجيش الإسرائيلي "مزايا استراتيجية"، لكنها "أثارت أيضاً قضايا أخلاقية جوهرية تتطلب وجود ضوابط صارمة".
ورغم امتناع جيش الاحتلال الإسرائيلي عن التعليق المباشر على هذه التقنيات لأسباب تتعلق بالسرية، إلا أن مصادر التقرير كشفت أن الجيش أطلق تحقيقاً داخلياً في الغارة التي استهدفت البياري. أما شركات التكنولوجيا التي ذُكر أن موظفيها شاركوا في هذه الجهود ضمن صفوف جنود الاحتياط، فقد رفض معظمها التعليق، بينما قالت شركة غوغل إن مشاركة موظفيها "لا علاقة لها بمهامهم داخل الشركة".
ويذكر التقرير أن الاحتلال الإسرائيلي دأب على استغلال الحروب، خاصة في غزة ولبنان، كمنصات لاختبار وتطوير قدراتها التكنولوجية، مثل الطائرات بدون طيار، وأدوات اختراق الهواتف، ونظام الدفاع الصاروخي "القبة الحديدية".
ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، فتح الاحتلال المجال أمام استخدام واسع النطاق لتقنيات الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع الوحدات العسكرية المختصة.
كما طوّر جيش الاحتلال الإسرائيلي نموذجاً لغوياً كبيراً باللغة العربية، أنشئ لتشغيل روبوت محادثة قادر على تحليل الرسائل النصية، ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي، وغير ذلك من البيانات. وتم تغذيته بكم هائل من البيانات التي جمعت خلال سنوات من المراقبة الإلكترونية، مما مكنه من تمييز اللهجات المختلفة وتحليل ردود الفعل العامة، كما حدث بعد اغتيال حسن نصر الله في أيلول/سبتمبر الماضي، وفق ما أفاد به ضباط إسرائيليون للصحيفة.
إلا أن النموذج لم يكن خالياً من العيوب، إذ فشل أحياناً في تفسير بعض المصطلحات العامية، أو أخطأ في فهم المحتوى البصري، ما تطلب تدخل ضباط مخضرمين لتصحيح هذه الأخطاء. وعلى الأرض، زودت إسرائيل نقاط التفتيش المؤقتة في غزة بكاميرات مدعومة بتقنيات التعرف على الوجه، لكنها أخفقت أحياناً في التعرف على الأشخاص بدقة، ما تسبب في اعتقال مدنيين عن طريق الخطأ.
ومن بين الأدوات التي أثارت جدلاً أيضاً، خوارزمية "لافندر"، وهي أداة تعلم آلي صممت لتحديد المقاتلين منخفضي الرتب في حماس، لكنها كانت غير دقيقة، ومع ذلك استخدمت لتحديد أهداف في بداية الحرب.
ويخلص التقرير إلى أن هذه التجارب التقنية، رغم ما توفره من قدرات عسكرية متقدمة، قد تؤدي إلى تسريع وتيرة العنف وسقوط ضحايا من المدنيين، في وقت لم تُحسم فيه بعد الأسئلة الأخلاقية الكبرى المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في ميادين الحروب.