بينما نعُد العُدة لدخول عام جديد ها هي أيام عام 2023 تنفرط وتتأهب مرحلة من العُمر لرحيلها الأبديّ بأفراحها «المنقوصة» وأتراحها التي أثقلت علينا وخلّفت جروحًا غائرة لن تندمل ما حيينا.
يُلملمُ العام الذي ستأفل شمسه مساء ولن تعود لنبدأ في صياغة أُمنيات جديدة بعضها ما هو «مشروعُ» قابل للحياة وأُخرى مصيرها التعثر والتلاشي ثم الموت كسابقاتها.
وبرغم إدراكنا أن الأحلام مدعاة للشقاء تُجهدُ النفس وتُورث النّصَب كونها طيورا جميلة تنصِب أعشاشها في السماء البعيدة بينما نتخذ نحن من أكواخ القش سكنًا لكننا نظل متعلقين بها ولو من باب مداهنة النفس ومواساتها.
يقول ميخائيل نعيمة:
نتمنى وفي التمني
شقاءُ وننادي يا ليت كانوا
وكُنا ونُغني في سِرَنا للأماني
والأماني في الجهر يضحكن منّا.
من أمام ناظرينا مرت الشهور الإثني عشر كلمحِ البصر وتساقطت أوراقها كما تتساقط حبات الرمل من بين أصابع طفل.. كانت الريح تسفي عليها وسط دهشتنا وعجزنا وذهولنا.
بالطبع لم نكن نملك القدرة على إيقاف تصّرمها لكن المؤكد أننا ما زلنا هُنا على وجه هذه الأرض أحياء نتنفس وعما قريب سنشهد إذا كُنا من بين الأحياء ولادة سنة «ربما يُغاث المرء فيها وتُقالُ عثرته».
ستبزغ شمس عام 2024 الذي لا نعرف كُنه أيامه ولا ما ينتظرنا فيه من مقادير غير أننا سنظل متفائلين بأنه سيكون رائعًا ورائقًا سنحرص فيه على بناء أنفسنا ودخول تجارب ومجازفات جديدة في ميدان الحياة التي تُحِبُ من يُحبها وتجفل ممن يتخذها عدوًا.
حتمًا سنذكر العام الفائت بخير لأنه قرّبنا من أنفسنا فعَقدنا معها صُلحًا دائمًا اتفقنا من خلاله على الركون نحو الهدوء والتصالح مع النفس والرضى بما قسم الله لنا متذكرين قول النبي عليه الصلاة والسلام: «من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها».
لقد أكد لنا الحاضر أن كل تجارب الماضي بحُلوها ومُرها ستظل مهمة بل وضرورية فمن خلالها تعلمنا الدروس وتوصلنا إلى قناعاتنا حول كيفية التعامل مع مشاكسات الحياة ومع من حولنا.. أليس الزمن كفيلا بإكساب مهارات العيش وكشف مثالب العلاقات التي كُنا نحسبها ببراءة حقيقية لا تأتيها الهَناّت وتشخيص موطن الداء الذي يفتُ عضدها؟
سنأتي على ذِكر كل هدف حققناه رغم الصعوبات.. على سِيرة بلادنا التي نُحبُ ونحبُ ونحب لنقول إن العام الفائت كان عام إنجازات تحققت فيه طموحات كثيرة فيما مشاريع وتطلعات ورؤى تشق طريقها لترى النور قريبًا.
سنتوقف طويلا أمام ما يحدث في بلاد العرب.. في أرض فلسطين المحتلة حيث القتل والتهجير للإنسان وتدمير وحرق الأخضر واليابس.. أمام المآسي الإنسانية التي تعيشها دول كثيرة في العالم والحروب الدولية والأهلية التي تثير مشاعر الخوف والرعب في الإنسان الآمِن أينما كان متمنين أن ينعم العالم جميعه في العام الجديد بالسلام والاستقرار.
آخر نقطة..
عندما أستفيق صباحا على قلب ينبضُ ونفَس يسري وصحة تغمر من حولي أحمد الله سبحانه وتعالى على أنه منحني فرصة جديدة أُخرى لأشكره على هدايته وكرمه أينما يريد وكيفما يشاء.
عمر العبري كاتب عماني
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
أحمد هارون يكشف أسباب تكريم الله للإنسان «فيديو»
أكد الدكتور أحمد هارون، أستاذ العلاج النفسي والصحة النفسية، أن الله عز وجل كرم بني آدم وميزه عن سائر المخلوقات، موضحًا أن الله خلق الملائكة والإنسان والحيوان، ولكل منهم طبيعة مختلفة.
وأوضح أحمد هارون خلال تقديمه برنامج «علمتني النفوس» المذاع على قناة «صدى البلد»، أن الملائكة خلقوا بعقل بلا شهوة، بينما الحيوانات خلقوا بشهوة بلا عقل، أما الإنسان فهو الكائن الوحيد الذي يتأرجح بين العقل والشهوة، وهذا ما يجعله في اختبار مستمر.
وأشار أحمد هارون إلى أن تكريم الله للإنسان جاء لأنه يجاهد نفسه ويسعى لضبط رغباته، موضحًا أن النفس البشرية تتكون من جانبين: جسد يخضع للشهوات ونفس تسعى للارتقاء بالحكمة وإعمال العقل، فإذا استسلم الإنسان لشهواته اقترب من مرتبة الحيوان، وإذا استطاع التحكم في رغباته بعقله ارتقى إلى مراتب الملائكة.
وشدد على ضرورة مقاومة النفس لتحقيق التوازن النفسي، موضحًا أن تزكية النفس وحسن إدارتها يحمي الإنسان من الانجراف وراء الشهوات، وأن الجهاد الحقيقي هو جهاد الإنسان لنفسه، فلا يُطلب منه أن يكون ملاكًا، ولكن عليه ألا ينحدر إلى مرتبة الحيوان، مؤكدًا على أهمية الصدق مع النفس واتخاذ القرارات بناءً على العقل لا على الأهواء.
ونصح هارون بضرورة التفكير العميق قبل اتخاذ أي خطوة، محذرًا من خطورة الانسياق وراء الأفكار التلقائية دون وعي، مشددًا على أهمية أن يكون الإنسان يقظًا في كل ما يقوم به لتحقيق التوازن المطلوب في الحياة.
اقرأ أيضاًدعاء المظلومين.. هتريح قلبك مع الدكتور أحمد هارون
أحمد هارون يشرح مفهوم عبارة «اعتزل ما يؤذيك»
«أحمد هارون»: لا تتسرع في قبول الاعتذار قبل الإجابة عن هذه الأسئلة.. فيديو