لجريدة عمان:
2024-09-20@01:03:42 GMT

العالم العربي عند لحظة تاريخية خطيرة

تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT

العالم العربي عند لحظة تاريخية خطيرة

في هذه اللحظة التي يقف فيها الجميع عند حافة العام 2023 الذي توشك ساعاته الأخيرة على الرحيل، والعتبة الأولى للعام الجديد 2024 يطرح الجميع في العالم الكثير من الأسئلة حول مسارات العام الجديد وآفاقه، سواء كانت تلك المسارات والآفاق مبنية على استقراء الأحداث أم كانت مبنية على أمنيات العام الجديد التي تأخذ، في الغالب سقفا متفائلا أكثر من ركونها للواقع.

وفي العالم العربي تكون المسارات أكثر التباسا لوقوع الجميع تحت ضغط الأحداث المتسارعة بالتحولات والصراعات الأبدية التي من شأنها أن تساهم في تشكيل العالم حتى أكثر من تشكيل المنطقة التي ما زالت تبحث عن ذاتها.

ويبدو واضحا أن الحرب التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ الزلزال الكبير الذي أحدثته حركة المقاومة الفلسطينية «حماس» في السابع من أكتوبر الماضي عندما كسرت أسطورة «الجيش الذي لا يقهر»، من شأنها أن تؤثر في مجمل الأحداث في العام الجديد سواء كان ذلك في الأحداث السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية أو العسكرية حيث من المنتظر أن تعيد القوى الكبرى في العالم تموضعها حول المنطقة بما يحفظ مصالحها الاقتصادية والسياسية.

لكن الأحداث في غزة تؤثر بشكل كبير جدا على مجمل العالم العربي.. وتضعه على صفيح ساخن جدا.

ولا يتعلق التأثير المنتظر وفق سيرورة الأحداث بالصواريخ الأمريكية التي تطلقها إسرائيل لإبادة الشعب الفلسطيني وتحويل غزة إلى أكبر ساحة للركام في العالم، ولكن الأمر يتعلق بشكل أساسي بمسارات التحول في الرأي العام العالمي الذي يشهد هذه الأيام تحولات مبنية على السردية الفلسطينية بعد أن أخذت السردية الإسرائيلية بالتداعي لضعف منطقها وعنصريتها. وهذا المشهد العالمي الذاهب نحو التشكل على مشهد الجرائم الإسرائيلية من شأنه أن يسهم في تنامي تيارات الغضب والإحباط في العالم العربي الذي قد يؤدي إلى تفكيك نسيج «معاهدات السلام» التي وقعتها حكومات بعض الدول العربية مع إسرائيل «برعاية أمريكية»، كما قد يؤدي إلى وضع اتفاقيات التطبيع على المحك في الوقت الذي تتجه فيه الحرب على غزة إلى الخروج من إطارها الجغرافي بغزة إلى مسارح عمليات خارجها وبتأثيرات سلبية أقوى سواء على إسرائيل أم على الغرب الداعم الأبدي لها.

صحيح أن الأحداث في منطقة الشرق الأوسط ليست مسرحية من فصل واحد كما يقال، ولكنها رواية معقدة تتشابك فيها التحولات الجيوسياسية، والاضطرابات الاقتصادية، ومعضلات الأمن البحري.. وهذا التعقيد من شأنه أن يخلق الكثير من التوترات التي قد تؤدي إلى مسارات مفاجئة.

ودق صندوق النقد الدولي، بالفعل، ناقوس الخطر، فخفض من التوقعات الاقتصادية للمنطقة بسبب التأثيرات غير المباشرة الناجمة عن الحرب على غزة.. والعالم أجمع بما في ذلك العالم العربي في لحظة ضعف اقتصادي حيث ما زال يحاول التعافي من الأزمة الاقتصادية والمالية الناتجة عن جائحة فيروس كورونا والتي كانت حتى عام ونصف مضى تؤثر على العالم بشكل مخيف.

ومع ذلك، وفي خضم هذه الرياح الاقتصادية المعاكسة، ترسم بعض الدول مسارًا نحو التنويع. وتتجه سلطنة عمان والسعودية في منطقة الخليج نحو تنويع مصادر الدخل والاعتماد على مشاريع الطاقة المتجددة، وهي دول تحاول جادة بناء تصورات جديدة لمكانها في عالم ما بعد النفط.

لكن منطقة الخليج العربي في طريقها لدخول تسابق جديد من نوعه في المرحلة القادمة بعيدا عن التسابق في تنويع مصادر الدخل.. إنه سباق التسلح وتعزيز القدرات الدفاعية خاصة في بعض دول الخليج التي تسعى للظهور كقوة إقليمية قائدة في مجال التكنولوجيا والدفاع.. وكل منها تضع عينها بقوة على المستقبل.

ماذا يعني كل هذا بالنسبة للشرق الأوسط في عام 2024؟ إنها منطقة تقف على مفترق طرق، وتواجه الاختيار بين طريق تصعيد الصراع والطريق نحو السلام والاستقرار. كل دول الشرق الأوسط تريد الذهاب نحو السلام والاستقرار والانشغال بتنمية المجتمعات.. لكن إسرائيل لا تريد هذا فهي تعتبره مهددا لاستقرارها ومستقبل بقائها كدولة في الشرق الأوسط.. فهل ستعيد إسرائيل تشكيل هُويتها بناء على أسئلة المرحلة أو ستبقى تعيش على مسارات رسمتها أطروحات مرحلة قديمة ثبت تساقطها مع الزمن؟!

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: العالم العربی فی العالم

إقرأ أيضاً:

تفجيرات “البيجر” واللاسلكي الإرهابية.. من الذي يجب أن يقلق؟

يمانيون – متابعات
لا يختلف اثنان على أن التفجيرات الأخيرة للأجهزة اللاسلكية في لبنان هو عمل إجرامي ناتج أولاً عن وجع صهيوني كبير وعميق ومؤلم بدرجة عالية من الإسناد الكبير من حزب الله لغزة، ومقاومتها على مدى قرابة العام، كما ينم عن عجز صهيوني عن إعادة سكان الشمال المحتل من الصهاينة الذين يقارب عددهم مئتي ألف مطرود.

كما لا يختلف اثنان أيضاً، على أنه عمل متوحش وجبان، وعلى أن كل الأوصاف القذرة والدنيئة تنطبق عليه، وعلى أنه جريمة موصوفة، تنم عن حقد فاعلها وبشاعته، وإجرامه، وعدائيته المفرطة، وخلوه من كل معاني الإنسانية وأدنى صفات بني البشر، وانعدام أي احترام للقواعد والأخلاق سواء الدينية أو الوضعية أو العرفية، وتجاوز لكل القوانين وحتى قوانين الغاب نفسها.

النقطة الثالثة في دلالات هذه الجريمة، ما تثيره من مخاوف من استخدام التكنولوجيا في القتل، صحيح أن القوى الاستكبارية مثل أمريكا والغرب عموماً وكذلك كيان العدو “الاسرائيلي”، تعتمد في ممارستها القتل بنحو كبير على هذه التكنولوجيا والتقنيات المتطورة، لكن المقصود هنا، هو استخدام التكنولوجيا النافعة والخدمية، في القتل، مثل استخدام أجهزة اللاسلكي، وهذا لم يقم به أحد إلى حد هذه اللحظة سوى كيان العدو “الإسرائيلي” بدعم أمريكي مؤكد لا يحتاج إلى أدلة.

من هنا، فإن فتح باب هذا النوع من الحروب خطير جدًا، وخصوصاً إذا رجحنا الفرضية التي تقول بإرسال “الموساد” “الإسرائيلي” برامج خبيثة، قام فيها الكيان، حسب الخبراء: “باستغلال نطاق تردي لتنفيذ هجوم سيبراني معقد ومتزامن؛ تسبّب في انفجار البطاريات الموجودة في داخل البيجرات”، من حيث أن تكرار هذه الحادثة وارتكاب هذه الجريمة مرة أخرى وفي أماكن أخرى، وفي حروب أخرى، قد يكون خياراً، وليس فقط للدول الإجرامية، و”الإرهابية”، ولكن حتى من قبل الهواة المجرمين الذين يعج بهم الغرب نفسه، والذين يرتكبون الجرائم فقط من أجل التسلية، فمن سيمنع هؤلاء من الوصول إلى هذه الأساليب “السيبرانية”، وقد نجح الهواة في أكبر عمليات الهجمات “السيبرانية”، إذ تشير التقارير إلى أن أغلبهم كان يستخدمها من أجل التسلية.

من هنا، فإن مواجهة هذه الجريمة يجب أن تكون مسؤولية عالمية، وألا تقتصر على لبنان أو المقاومة في لبنان، ممثلة بحزب الله، لأن فتح باب كهذا، يشكل تهديداً للبشرية بشكل عام ولا يقل خطورة عن القنابل النووية، أو الأسلحة الكيميائية.

بناء على حجم الجريمة وأسلوبها، والذي يجب أن يقلق العالم، ويدفع لاجتماع طارئ في مجلس الأمن، فإن سحب الاستغراب الكثيفة تخيم على الصمت الذي يبديه المجتمع الدولي، واعتبار أن ما جرى هو مجرد حرب، بين طرفين وهي وسيلة من وسائل تلك الحرب منذ ما يقارب العام.

نعلم أن العالم لا يهتم لشأننا نحن المسلمين، فليقتل منا أي رقم، ملايين، لا يهم، ليس الحديث الآن عن حماية المدنيين في لبنان أو فلسطين، وإن كان مهمًا، وواجبًا إنسانياً، لكن الأمر أخطر بكثير، نحن نتحدث عن إنقاذ الإنسانية، من خطورة هذه الوسيلة التي ينظر إليها، حسب متابعة المواقف، والصمت الرهيب، إلى أنها عادية.

لا . لا . لا .. هذه ليست وسيلة عادية، بل هي تتجاوز مفهوم الحرب والاشتباك الحاصل، وحتى تتجاوز ما يمكن توقعه من حرب إقليمية شاملة، لسبب بسيط، هو أنها تهديد خطير للبشرية، من يضمن ألا تكون كل أجهزة الخليوي، قابلة للتفجير بنفس تلك الطريقة، أو أجهزة “اللابتوب”، وكل جهاز يحمل بطارية. كل التقارير التقنية، تقول إن الأمر قابل للتطبيق على كل تلك الأجهزة، وهذا ما كشفته هذه العملية الإجرامية.

هل هناك من يضمن ألا يحصل شيء مشابه، في الصين، في روسيا، في أي بلد في العالم، أو ألا يتم استخدام هذه الطريقة المتوحشة، في التنافس التجاري بين الشركات؟

في الحقيقة، إن أسلوب الحرب، وآلته الجديدة التي ابتدعها الصهاينة، لن تتوقف بخطورتها عند حد، إلا إذا وقف العالم أجمع في وجه العدو الصهيوني واعتباره عدواً للإنسانية، وهذا ما أكد عليه سماحة السيد القائد في خطاباته الأخيرة، ويركز عليه منذ بدء طوفان الأقصى، وفي آخرها، أكد أن الحل مع هؤلاء هو الجهاد فقط، والعودة إلى مبدأ التضحية في سبيل الله، لإنقاذ الأمة، وإنقاذ البشرية، من عدو وفئة تنظر لهذه البشرية على أنها مجرد حيوانات خلقت في صورة آدمية، لتسهيل خدمة بني “إسرائيل”، حسب النظرة التلمودية الخطيرة.
—————————————————*
– موقع العهد الاخباري/ علي الدرواني

مقالات مشابهة

  • تفجيرات “البيجر” واللاسلكي الإرهابية.. من الذي يجب أن يقلق؟
  • حسن نصر الله: إذا قررت إسرائيل شن حرب برية فهو لنا أُمنية وفرصة تاريخية
  • السيد نصر الله: الحزام الأمني الذي يتحدث عنه العدو سيتحول إلى جهنم لجيشه ونعتبره فرصة تاريخية ستكون لها تأثيرات كبرى على المعركة معه
  • أستاذ قانون دولي: قرار الجمعية العامة بانسحاب إسرائيل خطوة تاريخية
  • الأمين العام للأمم المتحدة يعرب عن قلقه بشأن الأحداث في لبنان
  • وزير الخارجية المصري: حماس تؤكد لنا التزامها الكامل باقتراح وقف إطلاق النار الذي توصلنا إليه في 27 مايو والتعديلات التي أجريت عليه في 2 يوليو
  • انطلق في العالم المثير للساحة الأدبية في قطر، بمكتباتها الحديثة واستخدامها الفريد للخط العربي
  • أين كان نتنياهو وغالانت لحظة الهجوم على لبنان وكيف تتأهب إسرائيل؟
  • جامعة خليفة تنظّم أول قمة للمواد المبتكرة ثنائية الأبعاد في العالم العربي
  • صحيفة عبرية تتحدث عن أخطر لحظة وقرار تواجهه إسرائيل منذ 7 أكتوبر