لجريدة عمان:
2024-09-16@12:46:26 GMT

عام 2024: محاور التركيز الاجتماعي

تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT

على المستوى الاجتماعي، كان عام 2023 عامًا محوريًّا من ناحية تحديث موجهات العلاقة بين الدولة والمجتمع (العقد الاجتماعي)؛ بصدور جملة من القوانين والتشريعات الناظمة لهذا العقد؛ كالقوانين المتصلة بالحماية الاجتماعية، والعمل، والتعليم المدرسي، والتعليم العالي، وتحديث الضوابط والتشريعات المتصلة بزواج العُمانيين من أجانب، وتحديث قانون انتخاب أعضاء مجلس الشورى، وانضمام سلطنة عُمان للميثاق العربي لحقوق الإنسان.

وصاحَبَ العام كذلك فترة انتخابٍ جديدةٍ لأعضاء مجلس الشورى، وتعيين أعضاء جدد لمجلس الدولة، وتسمية أعضاءِ اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان. كل هذه المعطيات التشريعية والتأسيسية تجعل من عام 2023 يرسم مسارات وتوقعات لعلاقة الدولة والمجتمع خلال الأعوامِ المُقبلة. على المستوى التنموي، مكّن التعافي الاقتصادي المتحقق في مؤشرات أداء الاقتصاد العُماني من دفع بعض المشروعات التنموية ذات الأولوية، وخاصة في قطاع البنى والهياكل الأساسية، وهي دون شك ستكون ركيزة لعمليات تنموية أخرى، إضافة إلى تلبيتها لاحتياجات المجتمعات المحلية وأولوياتها الإنمائية. شهد العام كذلك نقاشات موسعة، لعل آخرها كان حيال الأدوار المنتظرة للمجالس البلدية، وآليات تمكينها، وحسم العلاقة بينها وبين المجالس الأخرى، ورسم العلاقة بينها وبين وحدات الإدارة المحلية داخل المحافظات في سياق التحول نحو اللامركزية. وملف اللامركزية في ذاته شهد اهتمامًا موسعًا سواء على مستوى خطاب القيادة السياسية، أو على مستوى العمل التنفيذي، من خلال مجمل النقاشات أو الحراك التنموي الموسع داخل المحافظات لتلبية المقاصد الكبرى للتنمية المحلية.

إذن ما هي محاور التركيز الاجتماعي المنتظرة من قبل الدولة والمجتمع خلال عام 2024 في ضوء ما تم التأسيس والبناء عليه من معطيات في عام 2023. نعتقد أن هناك ثمة إلحاحات مهمة في هذا الصدد، حيث إن المرحلة الراهنة تستحق نقاشًا موسعًا حول ملفات (التعليم بمختلف مستوياته)، و(تحسين آفاق إنتاجية العمل)، و(تمكين المجتمعات المحلية من المشاركة المنهجية في التحول نحو اللامركزية)، و(إعادة التفكير في الأدوار القيمية والتكوينية للأسرة)، هذه أربعة ملفات تشكل في تقديرنا إطارًا للعمل الاجتماعي الأكثر أولوية للعمل عليه خلال الفترة المقبلة. فالممكن التشريعي المتحقق لقطاع التعليم، يدفع نحو إعادة التفكير في منظومته من ناحية (التوقعات الاجتماعية - آليات تواكبه واستيعابه للمتغيرات في ثورة البيانات والذكاء الاصطناعي في سبيل الانتقال إلى المرحلة التالية من عصر التعلم - مقتضيات وأطر تأهيل المخرجات التعليمية لتكون أكثر استدراكًا لعقلية المرونة والتكليف والابتكار التي تؤطر مختلف أنشطة العمل والإنتاج والتنافسية في عالم اليوم). هذا على مستوى التعليم بمفهومه العام. وعوضًا عن ذلك أصبح من الملح تحريك ملف الابتعاث الخارجي على مستوى الدراسات العليا، ومراجعته وإخراجه بالشكل المتوافق مع مقتضى جودة المخرجات من ناحية، والاحتياجات الوطنية من ناحية أخرى، والتمويل المبتكر والتشاركي لأنشطة الابتعاث وبرامجه من ناحية ثالثة.

وفيما يتصل بتحسين آفاق إنتاجية العمل، حفل عام 2023 بنقاشات جدلية حول الأنظمة المستجدة لتقييم أداء الموظفين خاصة في القطاع الحكومي، غير أن المسألة تفترض اليوم إعادة التفكير في منظومة ومحددات الإنتاجية بمفهومها الأوسع، بالانتقال إلى نظم عمل مرنة ومواكبة، تركز بالمقام الأول على القيادة بالنتائج، وتحتضن الموهبة والابتكار في قلب أنظمة الإنتاج، وتوفر الظروف المادية التنافسية لاستخراج أفضل ما في الموظف من مهارات ومكن، وتعتمد على منظور دورة التعلم المستمر لتطوير الإنتاجية. ونعتقد أن هذا الملف في ذاته يحتمل أن تكون له برامج وطنية مستقلة تعنى بالتركيز عليه والتفكير في منظومته وأبعاده. أما فيما يتعلق بتمكين المجتمعات المحلية من المشاركة المنهجية في التحول نحو اللامركزية؛ فمع التركيز الراهن على حوكمة وتمكين وحدات الإدارة المحلية، نرى بضرورة توحيد الأطر والممارسات التي من خلالها يُشرك المجتمع المحلي في مختلف مراحل دورة الإدارة المحلية، سواء فيما يتعلق باقتراح مشروعات التنمية، أو عصف وترتيب أولويات البرامج والأنشطة التنموية، أو التواصل الفعال والمستديم والمحكم مع الإدارات المحلية وأعضاء المجالس البلدية، أو في تقييم العمل البلدي، أو في الاستفادة من الأعمال المحلية في صيغة قيمة محلية مضافة، سواء لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة أو للأسر المنتجة أو التكوينات الشبابية الفاعلة في المحافظات، أو للتكوينات النسائية فيما يتعلق بالأنشطة والبرامج المتصلة بها. إن توحيد هذه الممارسات من شأنه أن يسهل عمليات تقييم وتقويم العمل المحلي، ويمهد لتحقيق الهدف الأسمى للامركزية بوجود المجتمعات الممكنة من الوصول إلى ترتيب الأولويات، والمشاركة الفاعلة في استثمار الموارد، والعدالة في الفرص جغرافيًّا.

ويتأتى محور الأسرة محورًا أساسيًّا في ضوء خطاب القيادة الأساسية، والذي هو انعكاس لبعض مؤشرات الظواهر الاجتماعية الناشئة والمتصلة بالأسرة. هناك عمل موسع ينتظر كافة المؤسسات الاجتماعية للتأكيد على عدة أبعاد تتصل بحماية الأسرة والتأكيد على دورها القيمي، ومن هذه الأبعاد: تعميق الحوار داخل الأسرة، وإشاعة الحديث الموسع والنقاش المفتوح والجاد حول الظواهر والمشكلات والمخاطر التي تعتري عمليات التربية، والتأكيد على دور الوعي القانوني كمحدد وقائي لبعض المشكلات التي تواجه الأسر، بالإضافة إلى تركيز ومحورة كافة السياسات العامة لتكون معززة لترابط وديمومة وتماسك وانجذاب الأفراد إلى التكوينات الأسرية. وإن كانت هذه الملفات الأربعة -حسب تقديرنا- أولويات مهمة؛ فبالتأكيد هناك ملفات أخرى تؤطر العمل الاجتماعي في 2024 خصوصًا مع بدء تقديم منافع وامتيازات الحماية الاجتماعية، وأهمية العناية بمنظومة كبار السن تشريعيًّا وخدماتيًّا، ومواصلة الجهد الراهن المبذول في سياق ملف الأشخاص ذوي الإعاقة، إلى جانب إعادة التفكير في برامج الإعلام المخصصة لمناقشة الشؤون الاجتماعية والقضايا الأسرية، خصوصًا البرامج التلفزيونية.

مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية في سلطنة عمان

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: إعادة التفکیر فی على مستوى من ناحیة عام 2023

إقرأ أيضاً:

خبير تربوي: ممارسة الأنشطة تساعد الطلاب على التركيز أثناء المذاكرة

أكدت الدكتورة ماري رمسيس، خبير تربوي وتعديل سلوك، أنه لا يصح إلغاء أو إرجاء أي أنشطة ومهارات يمارسها الأبناء بسبب ضغط المذاكرة، موضحة أن ممارسة الأنشطة يعد الحافز لوجود شغف وحماس بالمذاكرة ويحسن الصحة النفسية للأطفال ويزيد من التركيز في الدراسة والمذاكرة، متابعة: «خطط إرجاء الأنشطة في فترة الدراسة فكر غير صحيح».

ممارسة الأنشطة في فترات الدراسة

وشددت «رمسيس»، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية داليا أشرف، ببرنامج «8 الصبح»، عبر شاشة «دي أم سي»، على أن زيادة فترات وساعات ممارسة الأنشطة بفترة الدراسة جانب إيجابي ولكنه يمثل عبئا على الأسرة في تنظيم الوقت وإدارته بطريقة صحيحة، موضحة أن المهارة هو تنظيم الوقت بشكل جيد لكي يحدث توازن بين فترات النوم وممارسة الأنشطة والهوايات وأيضًا الدراسة والمذاكرة.

 

وأوضحت الخبيرة التربوية، أن المهارات وممارسة الأنشطة تساعد على المذاكرة والتحصيل الدراسي، متابعة: «الكتاب المدرسي ليس كل الحياة، وهناك العديد من المهارات، وصعب التركيز على جانب واحد ويعاني من القصور في باقي الجوانب، والتجارب أثبتت أنه مع مرور الوقت أن الشخصيات التي اعتمدت فقط على الدارسة عانت من قصور في الحياة العملية».

مقالات مشابهة

  • عاجل تحت رعاية الملك.. وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تنظم النسخة الثانية من المؤتمر الدولي لسوق العمل يناير القادم
  • تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تنظم النسخة الثانية من المؤتمر الدولي لسوق العمل يناير القادم
  • فئات العمالة غير المنتظمة المؤهلة للانضمام إلى مظلة التأمين الاجتماعي وفقًا لقانون التأمينات الاجتماعية
  • لملس يناقش سبل تطوير عمل صندوق الرعاية الاجتماعية بعدن
  • وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تعلن عن انتهاء تطبيق قرار حظر العمل تحت أشعة الشمس
  • طرح كبير لوحدات الإسكان الاجتماعي لمحدودي الدخل في هذا الموعد.. الشروط والأوراق
  • قبل طرحها.. الأوراق المطلوبة لحجز شقق الإسكان الاجتماعي
  • الإبراهيم: الهلال تجاريًا يُعد الأعلى من ناحية الإيرادات
  • ما هي الدولة الأوروبية التي تتمتع بأفضل توازن بين العمل والنوم؟
  • خبير تربوي: ممارسة الأنشطة تساعد الطلاب على التركيز أثناء المذاكرة