النقش على النحاس في دار الثقافة السليمانية بتونس
تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT
كتب/ مجيب الرحمن الوصابي:
النقش على النحاس من أبرز الفنون التي ما زالت تحتفظ ببريقها الخاص، رغم مظاهر العصرية وطغيان الحداثة، وما زالت منتجات النحاس المزخرفة بالنقوش تجد من يرغب بها من أهل البلد وتجذب بشكل خاص السياح الأجانب.
ويعد تسجيل هذا الفن ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو حدثًا مهمًا يستحق الاحتفال به ، وفي إطار الجهود الرامية إلى تسليط الضوء على هذا الفن وتعريف الجمهور به مع البرنامج الوطني "حوارات ثقافية"، نظمت دار الثقافة السليمانية مساء أمس الجمعة 29 ديسمبر 2023 ندوة حول النقش على النحاس.
شارك في الندوة باحثون وحرفيون تونسيون متخصصون في هذا الفن التقليدي. حيث ناقش المشاركون تاريخ النقش على النحاس في تونس، وتقنياته المختلفة، ومستقبله واشترك في الحوار الفعال كلا من الأستاذ و الباحث محمد المقدم عن معهد التراث والاستاذ زين العابدين بالحارث عن جمعية تراثنا والاستاذ طاهر الحبيب وهو ناشط و فاعل ثقافي.
يرى بعض الباحثين أن حرفة النقش على النحاس وصناعة الأواني النحاسية في تونس تعود إلى عهد الدولة الحفصية في القرن الثالث عشر الميلادي، خصوصاً في المدن الكبرى من قبيل تونس وصفاقس والقيروان. ويعدّ سوق النحاسين في السوق العتيق لمدينة تونس من أكبر أسواق المدينة، وكان يعرف بـ "سوق الصفارين" نسبة إلى ألوان الأواني النحاسية. والمنتوجات النحاسية كانت تعدّ في الماضي من أساسيات البيوت التونسية...كما تجدر الإشارة إلى أن عائلات تونسية كثيرة ما زالت تحتفظ بأوان نحاسية يفوق عمرها مائة عام.
دار الثقافة السليمانية: منارة ثقافية في قلب تونس
تقع دار الثقافة السليمانية في قلب مدينة تونس العتيقة، وهي واحدة من أهم المؤسسات الثقافية في البلاد. تأسست عام 1962، وهي تلعب دوراً محورياً في إحياء التراث الثقافي التونسي وتعزيز التبادلات الثقافية بين تونس والعالم.
تضم دار الثقافة السليمانية مجموعة واسعة من المرافق الثقافية، بما في ذلك مكتبة، وقاعة عرض، ومسرح، ومركز ثقافي. تقدم هذه المرافق مجموعة متنوعة من الأنشطة الثقافية، بما في ذلك المعارض الفنية، والعروض المسرحية، والندوات، والورش الفنية.
وتعد ندوة النقش على النحاس مثالاً على الجهود التي تبذلها دار الثقافة السليمانية للحفاظ على التراث الثقافي التونسي وتعزيزه. تلعب هذه المؤسسة دوراً مهماً في إحياء الثقافة التونسية وتعريف العالم بها.
تشمل الأنشطة الثقافية الأخرى التي تقدمها دار الثقافة السليمانية ما يلي:
* عروض الأفلام والمسرحيات
* معارض الفنون الجميلة والتصوير الفوتوغرافي
* ورش العمل الفنية والحرفية
* الاحتفالات الدينية والوطنية
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: دار الثقافة السلیمانیة
إقرأ أيضاً:
محاكمة تاريخية في تونس
محاكمة ثلة من القيادات المعارضة التي بدأت أمس في تونس في ما عرف بـ«قضية التآمر» هي بلا جدال أغرب محاكمة سياسية عرفتها البلاد منذ استقلالها عام 1956.
كثيرة هي المحاكمات التي شهدتها تونس في العقود الماضية سواء تعلقت بمجموعات يسارية، أو وزراء سابقين أو نقابيين أو قوميين موالين لليبيا رفعوا السلاح ضد الدولة أو إسلاميين، لكنها المرة الأولى التي تجمع فيها محاكمة واحدة كل هذه المثالب جميعها.
المحاكمة تجري، بشهادة كل المحامين، بملف فارغ بالكامل لا يعتدّ به في «مؤامرة ضد أمن الدولة الداخلي والخارجي» فلا وجود لمخطط لتغيير هيئة الدولة بالقوة أو جمع سلاح أو محاولات اختراق للمؤسستين العسكرية والأمنية ولا تخابر مع الخارج. الحقيقة أن الأمر لا يتعدّى مجموعة لقاءات علنية بين شخصيات معارضة تبحث عن سبل لتوحيد صفوفها وتقديم نفسها بديلا، أي هو عمل سياسي شرعي لا معنى لتجريمه أبدا.
وصف قيس سعيّد قادة المعارضة المتهمين بعد أيام قليلة من اعتقالهم بأنهم «إرهابيون»
المحاكمة تجري لزهاء الأربعين شخصية من مشارب مختلفة، وقد تصل العقوبة فيها إلى الإعدام، بملف مثقل بعيوب لا تغتفر أبدا في أي عرف قضائي سليم. ظل المتهمون رهن الإيقاف لأكثر من عامين، لم يُستجوب فيهما أحد، ولم تجر أية مكافحة لهم مع من اتهموهم بالتآمر. أكثر من ذلك، حاكم التحقيق الذي أعد قرار ختم البحث، هارب الآن خارج تونس وملاحق بتهمة «التآمر (هكذاّ)!!. أما مدير الشرطة العدلية الذي أوقف المتهمين فهو في السجن، فيما يقبع شاهد رئيسي في القضية في السجن منذ 2017. وكل ما سبق كفيل وحده بإسقاط القضية لانعدام الذمة الأخلاقية والمهنية لكل من سبق ذكرهم.
المحاكمة تجري في وضع يعيش فيه القضاء «وضعية كارثية تتعمق يوماً بعد يوم، وسنة بعد أخرى، خاصة بعد نزع كل ضمانات الاستقلالية عنه» كما ورد في بيان أخير لجمعية القضاة التونسيين. لقد بات معروفا، وبالأسماء، من هم القضاة الذين وقع طردهم أو نقلهم تعسفيا لاعتبارات سياسية، دون أن ننسى «مجزرة القضاة» التي حدثت صيف 2022 بإعفاء رئيس الدولة لسبعة وخمسين قاضيا رفضت الدولة لاحقا إنصافهم حتى بعد أن أمرت «المحكمة الإدارية» بإعادة معظمهم إلى مناصبهم.
المحاكمة تجري في أجواء تهديد واضحة من رئيس الدولة شخصيا فقد وصف قيس سعيّد قادة المعارضة المتهمين بعد أيام قليلة من اعتقالهم بأنهم «إرهابيون» بل واعتبر أن من «يبرّئهم فهو شريك لهم» في نسف كامل ومسبق لمقومات المحاكمة العادلة. فضلا عن ذلك، يوجه الحقوقيون الاتهامات علنا إلى وزيرة العدل ليلى جفال باعتبارها المهندسة المباشرة لسير التحقيق وتعيين القضاة وفق أوامر سياسية لا علاقة لها بالعدل أو البحث عن الحقيقة.
المحاكمة تجري دون حضور المتهمين إلى قاعة المحاكمة فقد تقرر إجراؤها «عن بعد» في سابقة لم تعتمد إلا خلال جائحة كورونا، لمنع شلل المحاكم وتكدّس القضايا العالقة. لقد رفض المتهمون ألا تكون محاكمتهم مفتوحة وعلنية وأن يقفوا أمام كاميرات جامدة بعد أن انتظروا لعامين هذه الجلسة لدحض ما اتهموا به وجها لوجها، وأعينهم في عيني القاضي الذي ساقه قدره إلى هذا الموقف الذي سيدخل به التاريخ من الباب الذي سيختاره هو لنفسه.
المحاكمة تجري وسط تعتيم إعلامي غير مسبوق، فقد صدر قبل أشهر قرار غريب «يمنع التداول الإعلامي» في القضية مع أنه كان من المفروض أن يقف الرأي العام على تفاصيل خطيرة مزعومة تهدد أمن الدولة والسلم الاجتماعي. وبناء على ذلك، ظلت القضية لأكثر من عامين بعيدة عن الأضواء فلا المتهمون مثلوا أمام المحكمة ليقف الناس على حقائق الأمور، ولا الاعلام سُمح له بالقيام بدوره. ولولا جرأة بعض المحامين والصحافيين وبعض نشطاء حقوق الانسان في الداخل والخارج الذين تحدّوا القرار وخاضوا، في مواقع التواصل خاصة، في تفاصيل القضية وحيثيات تحقيقها لما عرفنا حجم الاخلالات الرهيبة التي شابتها. المفارقة هنا، أن السلطة التي تمنع الصحافيين والمحامين من كشف جوانب من القضية هي نفسها التي تفسح المجال واسعا لأحد أبواقها في برنامج تلفزيوني على قناة خاصة يهذي فيه لأكثر من ساعة دون وجود لرأي آخر، مما يدل على حجم الخوف وغياب الثقة في النفس.
سُمح في جلسة الأمس بدخول أهالي المتهمين، وبعضهم في حالة سراح، وكذلك بدخول الصحافيين، ولكن دون معدّاتهم، في حين كانت كل المحاكمات السياسية التي عرفتها تونس طوال عهدي الرئيسين الراحلين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي تجري تغطيتها دون قيود، حتى في أحلك فترات القمع، وكانت الصحف تفرد عديد الصفحات لنقل كل ما يقال في ردهات المحكمة دون رقيب.
المحاكمة تجري والسلطة السياسية في أعلى درجات انكشاف خواء خطابها وفشل سياساتها وتفاهة مؤيديها القلائل وافتضاح كذب ما سبق أن أعلنته من قبل من مؤامرات مزعومة، مثل قضية تسميم الرئيس، مما يجعل من هذه المحاكمة في النهاية محاولة يائسة لاغتيال العمل السياسي، وبالتالي فهي محاكمة لهذه السلطة قبل أن تكون لأي طرف آخر.
المصدر: القدس العربي