أصبح التلويح بإستخدام الأسلحة النووية أمرًا متكررًا خلال السنوات الأخيرة، فبين الحين والآخر وكلما حدثت أزمة أو خلاف بين دولة وآخرى يحدث التهديد بالضرب بالأسلحة النووي، فالعالم تفصله خطوة واحدة غير محسوبة عن حرب نووية مدمّرة، بحسب ما يراه أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، وحذر منه في أغسطس من العام الماضي، مشيرًا أنذاك إلى أن فكرة الصراع النووي أضحت موضع نقاش، وهذا غير مقبول على الإطلاق.

 

اقرأ أيضًا.. 

واشنطن وسول يعتزمان وضع مبادئ توجيهية مشتركة لاحتواء تهديد بيونج يانج النووي

وبعد عملية طوفان الأقصي في فلسطين التي قامت بها حركة حماس، صرح عميحاي إلياهو، وزير التراث للكيان الإسرائيلي المحتل بأن أحد الخيارات أمام إسرائيل هي إسقاط قنبلة ذرية على قطاع غزة، ولم يكن هذا هو التهديد الوحيد باستخدام النووي ضد من الجانب الكيان الصهيوني، ولكن تالي جوتلييف النائبة في الكنيست، دعت لاستخدام القوة النووية في قطاع غزة، ردًا على هجمات الفصائل الفلسطينية.

 

ودعا كذلك موشيه فيجلين، عضو الكنيست السابق دعا على حسابه بمنصة "إكس" بشكل ضمني إلى استخدام السلاح النووي ضد قطاع غزة، من خلال نشر صورة لمدينة هيروشيما اليابانية بعدما دمرتها القنبلة النووية الأميركية عام 1945، إبان الحرب العالمية الثانية، كاتبًا عليها: "كم عدد الجنود الأميركيين الذين قتلوا في معركة هيروشيما؟.

وتقوم إسرائيل منذ بداية عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر الماضي، بعمليات عسكرية وقصف وحشي لأهالي قطاع غزة، نتج عنهما استشهاد أكثر  20 ألف شخص، مع قيامها سلسلة من المجازر في مخيمي جباليا والنصيرات وحيي الشجاعية والصبرة، حتى أصبح أكثر من 70% من سكان القطاع نازحين، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي هناك.

قصف وحشي من الاحتلال لأهالي قطاع غزةامتلاك النووي.. سر تخفيه إسرائيل 

وتأتي تهديدات الكيان الصهويني بضرب أهالي قطاع غزة بالنووي، رغم أنه لم يعلن من قبل امتلاكه سلاح نووي، فإسرائيل لم تؤكد أو تنفي رسميًا أبدا حيازتها السلاح النووي، لكن الكثير من التحقيقات والشهادات في هذا المجال  بالإضافة إلى التهديدات الأخيرة تشير إلى امتلاكهم سلاحا نوويا، بالإضافة إلى تهديدهم الأخير في حربهم على غزة لاستخدام هذا السلاح مما يؤكد امتلاكهم له. 

الأمم المتحدة تعرف الأسلحة النووية بأنها أخطر الأسلحة على وجه الأرض، فبإمكانها تدمير مدن بأكملها وكذلك قتل الملايين وتعريض البيئة الطبيعية للخطر للأجيال القادمة وحياتها، من خلال آثاره الوخيمة الطويلة الأجل. 

وتشير التقديرات إلى أن إسرائيل تملك من 90 إلى  400 رأسا حربيا نوويًا، ويصنف السلاح النووي الإسرائيلي بأنه واحد من أخطر ترسانات الأسلحة السرية، وإسرائيل كانت تقول في الماضي إن البرنامج النووي مخصص لأغراض سلمية مثل إيجاد مصادر للطاقة، كما أنها أكدت لأمريكا في أواخر الستينيات من القرن الماضي، أنها لن تكون الدولة الأولى التي تدخل السلاح النووي إلى الشرق الأوسط. 

لكن الواقع كان عكس ذلك، وفي الثمانينيات تم الكشف لأول مرة عن معلومات بشأن امتلاك اسرائيل لسلاح نووي ، عندما سرب موردخاي فعنونو مهندس إسرائيلي كان يعمل في مفاعل ديمونة، الذي شيدته إسرائيل بمساعدة فرنسية في منطقة النقب الصحراوية جنوب فلسطين، معلومات بشأنه وتأكيد لامتلاك إسرائيل لأسلحة نووية.

قال السفير رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، وعضو الجمعية المصرية للأمم المتحدة، إن السلاح النووي هو سلاحًا رادعًا ولكنه غير قابل للاستخدام، خاصة بعد تجربة هيروشيما.

وأضاف رخا في تصريحات خاصة لـ"جريدة الوفد"، أنه أكبر دليلي على ذلك أن باكستان والهند لم يستخدما هذا السلاح في معاركهما، لحل مشكلة كشمير، موضحًا أنه فهو سلاحًا مدمرًا وضد جميع المبادىء على الإطلاق.

واستطرد عضو المجلس المصري للشئون الخارجية،:"تهديدات اسرائيل باستخدام السلاح النووي يؤكد أننا انتقلنا لمرحلة أخرى تُهدد الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، خاصة أن المسافات لا تسمح باستخدامه مطلقًا، فإسرائيل أصبحت خطرًا يجب مواجهته ولا بُد من شن حملة من العقوبات عليها".

وعن مخاطر استخدام السلاح النووي، أكد رخا، أن إطلاق قنبلة نووية متواضعة التصنيع، قادرة على تلويث التربة والهواء والماء، والمجال الجوي، فآثارها مدمرة على الجميع، فهي تقتل كل من يمس الشعاع، ومن يعيش يبقى مشوهًا، بل أن المباني أيضًا تتشبع بالطاقة الذرية والخطر لا يزال منها إلا بعد سنوات.

دول العالم التي تمتلك أسلحة نووية 

هناك 9 دول تمتلك أسحلة نووية في العالم، وهم بريطانيا وروسيا والولايات المتحدة وفرنسا والصين والهند وباكستان وكوريا الشمالية بالإضافة إلى إسرائيل، وتمتلك هذه الدول نحو 9 آلاف سلاح نووي منها صواريخ على الأرض أو البحر أو في الجو أو مخزنة، وهناك 1800 منها في حالة تأهب قصوى ويمكن إطلاقها في أية لحظة.

وفي يونيو الماضي، قال معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام، إن القوى النووية تزيد أسلحتها لشكل متسارع على خلفية الوضع الجيوسياسي المتدهور حول العالم، ويقول اتحاد العلماء الأمريكيين إن الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا قلصوا ترساناتهم النووية فيما لم يتغير حجم الترسانتين الفرنسية والإسرائيلية بينما زاد حجم ترسانات الصين وباكستان والهند وكوريا الشمالية.

وتمتلك الولايات المتحدة وروسيا أكبر ترسانات من السلاح النووي، الدولتان لديهم نحو ما يقرب من 90% من جميع الأسلحة النووية، ووفقًا لمعهد "سبيري" فإن حجمي الترسانتين الروسية والأميركية ظلا دون تغيير منذ العام 2022.

وفي 1970 انضمت الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين إلى معاهدة حظر الانتشار النووي،  وتعترف هذه المعاهدة بحيازة هذه الدول الخمسة فقط للسلاح النووي، في حين لم توقع عليها كلا من الهند وباكستان وإسرائيل على المعاهدة، وتراجعت عنها كوريا الشمالية في عام 2003.

وفي يوليو 2017 وقعت أكثر من 100 دولة اتفاقية دولية لحظر السلاح النووي، تبنتها منظمة الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية، ولكن الولايات المتحدة وبريطانيا لا تعتزمان الانضمام لهذه المعاهدة. 

أكد العقيد حاتم صابر الخبير العسكري والاستراتيجي، أن التلويح باستخدام قوة الردع النووية من قبل أكثر من مرة، دلالاته أن هناك من يسعى لمحاولة إقحام الأسلحة النووية في المعركة لبيان مدى قوتها. 

وذكر صابر في تصريحات خاصة لـ جريدة الوفد"، أن هذه التهديدات غير قابلة للتنفيذ حاليًا، موضحًا أن هناك تريث وحكمة من الجميع في استخدام الردع النووي خاصة أن آثاره مدمرة على الجميع، وما يُردد هي تلويحات ليس إلا.

وأكد الخبير العسكري والاستراتيجي، أن استخدام السلاح النووي بأي شكل من الأشكال يُنذر بفناء البشرية، إذ يبدأ بنووي تكتيكي محدود التأثير ثم قد يتطرق الأمر لاستخدامه بشكل أعلى من ناحية القدرة النووية، وهو ما قد يؤدي لفناء البشرية.

تهديدات استخدام النووي.. عرض مستمر

وروسيا هي الآخرى لوحت أكثر من مرة باستخدام النووي ضد أوكرانيا، وذلك منذ بداية العملية العسكرية الروسية على كييف في 24 فبراير 2022، ففي ديسمبر من العام نفسه قال الرئيس الروسي السابق، ديمتري ميدفيديف، إن أي أسلحة في ترسانة موسكو، بما في ذلك الأسلحة النووية الاستراتيجية، يمكن أن تُستخدم للدفاع عن الأراضي التي تنضم لروسيا من أوكرانيا.

وفي يوليو 2023، كرر دميتري ميدفيديف، الرئيس الروسي السابق، تهديده لأوكرانيا، عندما قال إن موسكو كانت ستضطر لاستخدام السلاح النووي لو نجح الهجوم المضاد الذي شنته كييف في يونيو من العام نفسه. 

 

ونشرت روسيا دفعة أولى من الأسلحة النووية التكتيكية في بيلاروسيا، في يونيو الماضي، وكانت موسكو قد عملت على في تدريب العسكريين البيلاروسيين على استخدام أسلحة نووية "تكتيكية، كما أعلن بوتين أنه تم تجهيز 10 طائرات في بيلاروسيا لاستخدام أسلحة مماثلة، في أبريل الماضي. 

والقوة التدميرية للسلاح النووي التكتيكي تعادل 200-300 طن من مادة "تي إن تي" المتفجرة، كما أن هذه الأسلحة تفيد في تدمير أرتال الدبابات والمدرعات والجسور والتجمعات الكبيرة للمشاة.

وقال اللواء فؤاد علام الخبير الأمني والعسكري، إنه لم تجرؤ أي دولة على الإطلاق أن تستخدم السلاح النووي، موضحًا أن ما تُلوح به بعض الدول هو مجرد تهديدات، لا يُمكن تنفيذها على أرض الواقع.

وأشار علام في تصريحات خاصة لجريدة الوفد، إلى أنه في حال قيام أي دولة بتنفيذ تهديدها فسيكون هناك موقف عالمي صارم وجد من العالم أجمع تجاه هذه الدولة، فكانت هناك نتائج وخيمة لاستخدام هذا السلاح المدمر، مؤكدًا أن استخدام السلاح النووى سيكون له انعكاسات مدمرة على الحضارة البشرية.

وفي أكثر من مناسبة هددت كوريا الشمالية باستخدام الأسلحة النووية لضرب جارتها كوريا الجنوبية، من بينهم تحذير شقيقة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، في يوليو الماضي، من ردع نووي ساحق ما لم تتخلَّ الولايات المتحدة عمّا وصفته بـ سياستها العدائية ضد بيونج يانج.

وفي أبريل الماضي قالت شقيقة الزعيم الكوري الشمالي، إن بيونج يانج سترد بضربات نووية، إذا شنت كوريا الجنوبية هجوماً استباقيا عليها.وتحظر الأمم المتحدة على كوريا الشمالية إجراء تجارب على الأسلحة الباليستية والنووية، لكنها تتحدى الحظر.وفي سبتمبر الماضي، اعتمد مجلس الشعب الأعلى لكوريا الشمالية، تعديلات دستورية تحدد وضع القوات النووية وسياسة تطويرها المتسارع من أجل ضمان حق البلاد في الوجود.

قال السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الجميع  يعلم أنه لا أحد يستطع استخدام السلاح النووي على الإطلاق، فالجميع يُدرك فداحة اللجوء إلى هذا الخيار لما قد ينتج عنه من مدمار شامل للبشرية.

وأوضح هريدي، في تصريحات خاصة لـ "جريدة الوفد"، أن هذا السلاح لم يُستخدم إلا مرتان قرب نهاية الحرب العالمية الثانية، ولازال البعض يُعاني من آثاره السلبية حتى الآن، مؤكدًا أن استخدام هذا السلاح يُعد شروع في تدمير الدولة المستخدمة له أيضًا.

وقبل عامين، قالت وسائل إعلام حكومية صينية إن على الدولة الاستعداد لحرب نووية مع الولايات المتحدة بعد أن طلب الرئيس الأمريكي جو بايدن التحقيق في سبب انتشار فيروس كورونا.

حدث بالفعل.. السلاح النووي دمر العالم 

كانت أمريكا هي أول دولة تمتلك السلاح النووي في 1945، واستخدمته في أواخر الحرب العالمية الثانية، ففي 6 أغسطس من العام 1945، أسقطت قاذفة القنابل "بي 29"، مدينة هيروشيما اليابانية، وهي قنبلة ذرية تزن 4 أطنان، وتسببت هذه القنبلة في قتل 80 ألف شخص، ثم ارتفع عدد القتلى إلى أكثر من 120 ألفا، كما لحق دمار هائل بالمدينة والمناطق المحيطة بها.

وبعد أيام من ضرب القنبلة الأولى كررت أمريكا الأمر، وأسقطت قنبلة أكبر وزنا على مدينة ناجازاكي وقتلت 70 ألف شخص على الفور،وإلى جانب الخسائر البشرية أحدث الإشعاع النووي الناتج عن القنبلة تشوهات وأمرأض كثيرة لسكان تلك المناطق في اليابان.

وفي فبراير 1960، أجرت فرنسا تجربتها النووية الأولى بتفجير قنبلة ذرية في صحراء الجزائر تحت اسم "اليربوع الأزرق"، ووفقًا للتقارير الجزائرية فإن باريس أجرت 57 تفجيرا وتجربة نووية في صحراء الجزائر الكبرى، هذه التجارب التي نتج عنها قتلى من المدنيين والعسكريين بالإضافة للأمراض والتشوهات للسكان.

ووفقًا للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، فإن الجيش الفرنسي عرّض عمدا 150 سجينا جزائريا لهذه الإشعاعات لمعرفة مدى تأثير الإشعاع على البشر، وأن 24 ألف شخص تعرَّضوا لمشكلات بسبب هذه الإشعاعات النووية. 

وكان العالم على موعد مع كارثة آخرى في أبريل عام 1986، عندما وقعت كارثة في محطة تشيرنوبل للطاقة النووية بشمال أوكرانيا، بخطأ في التشغيل بعد إغلاق توربينات المياه المستخدمة في تبريد اليورانيوم المستخدم وتوليد الكهرباء، ونتج عن ذلك ارتفاع حرارة اليورانيوم بالمفاعل الرابع إلى درجة الاشتعال. 

وبعدها حدثت موجة انفجار كيميائية، أطلقت بدورها ما يقرب من 520 نويدة من النويدات المشعة الخطرة إلى الغلاف الجوي، وووفقًا للأمم المتحدة فإن قوة الانفجار أدت إلى انتشار التلوث في بيلاروسيا وأوكرانيا وروسيا، ولقي 31 شخصا حتفهم على الفور، وتعرض 600 ألف من المشاركين في مكافحة الحرائق وعمليات التنظيف لجرعات عالية من الإشعاع.

ونتج أيضًا عن هذه الكارثة تعرض نحو 8 ملايين و400 ألف شخص في بيلاروسيا وروسيا وأوكرانيا للإشعاع، وتعرض للتلوث 155 ألف كيلومتر مربع من الأراضي التابعة للبلدان الثلاثة".

أكد ناجى الشهابي الخبير السياسي، أن التلويح باستخدام السلاح النووى من أكثر من دولة وآخرها من وزير التراث الاسرائيلى يُمثل تهديد خطير خاصة أن نتائجه خطيرة فهى ستنهي كل مظاهر الحياة فى تلك البقعة التى سيستخدم فيها السلاح النووى من إنسان ونبات وحيوان.

وأضاف الشهابي، في تصريحات خاصة لـ"جريدة الوفد"، أن هذه التهديدات تُعبر عن حالة يأس من الانتصار بالأسلحة التقليدية مشيرا أن التهديد باستخدام النووى يختلف من دولة إلى أخرى فهو إذا انطلق من روسيا الاتحادية فهو يريد إخافة الدول الأوربية الداعمة لأوكرانيا والتى تمدها لكل ما يطيل الحرب ويؤخر تحقيق الجيش الروسى لاهدافه لذلك هو يستهدف أن تراجع الدول الأوربية موقفها وأن توقف انغماسها فى الحرب ضدها فهو بمثابة إرهاب فقط لهذه الدول.

وتابع الخبير السياسي، :" أما فى حالة التهديد الذى أطلقه وزير التراث الاسرائيلى المتطرف فهو يعبر عن حالة مزاجية متطرفة لديه وانهيار اخلاقى واستعداد لدى حكومة الاحتلال الصهيونى باستخدام كل الوسائل البشعة لك يسكت مقاومة الشعب الفلسطينى ومنها هذا السلاح المدمر ".

وأكد الشهابي أن أمريكا هى وراء انتاج إسرائيل للقنابل النووية وان اوجه الشبه بين إسرائيل وامريكا كبير من حيث النشأة فكلاهما دولة أقيمت على حساب سكانها الأصليين لافتا أن أمريكا استخدمت كل الأسلحة الفتاكة وقتها لإسكات مقاومة الهنود الحمر سكان قارة أمريكا الشمالية الأصليين ونفس الأمر تكرر مع حكومة الاحتلال الإسرائيلى التى تقوم بحرب إبادة ضد المدنيين العزل فى قطاع غزة.

وشدد الشهابي على خطورة استخدام السلاح النووي، فهو بمثابة تدمير شامل للبشرية وسيؤدي إلى عودته إلى الحياة البدائية التى صاحبت نشأة الإنسان على الأرض، مستطرًدا:" فإنه استخدم من قبل أكثر من مرة من الولايات المتحدة الأمريكية التى استخدمه فى لإنهاء الحرب العالمية الثانية بالقائها قنابلها على هيروشيما ونجازاكى اليابانية واستخدمته مرة أخرى فى احتلالها العراق ولكن بشكل محدود".

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: استخدام الأسلحة النووية التهديد حرب الصراع النووي عملية طوفان الأقصي قنبلة ذرية مدينة هيروشيما اليابانية الحرب العالمیة الثانیة استخدام السلاح النووی فی تصریحات خاصة لـ الولایات المتحدة الأسلحة النوویة کوریا الشمالیة فی بیلاروسیا على الإطلاق جریدة الوفد هذا السلاح هذه الدول النوویة ا نوویة فی ا السلاح من العام قطاع غزة ألف شخص أکثر من نووی ا سلاح ا

إقرأ أيضاً:

هل تفكك إيران الثلاثية المقدسة.. النووي والصواريخ وشبكة الحلفاء؟

بعد أسابيع من التهديد الأميركي وممانعة من جانب إيران، وفي ظل مشهد إقليمي شديد التوتر والاضطراب، انطلقت في 12 من أبريل/نيسان الجاري الجولة الأولى من المباحثات بين واشنطن وطهران التي تجري بوساطة عمانية للوصول إلى اتفاق جديد حول البرنامج النووي الإيراني.

وفي وقت لاحق؛ أجريت الجولة الثانية يوم السبت 19 أبريل/نيسان في العاصمة الإيطالية روما، لم تسفر الجولتان عن شيء معلن، لكن الطرفين وصفا كلًّا من الجولتين بأنها "بنّاءة".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الزورق في مواجهة البارجة.. الحرب البحرية المحتملة بين أميركا وإيرانlist 2 of 2الصين تعلمت الدرس من اليابان.. كيف تهزم البحرية الأميركية؟end of list

تجري المفاوضات في ظل استمرار التهديد الأميركي بأن طهران ستواجه عملا عسكريا يستهدف منشآتها النووية إذا فشلت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق خلال 60 يوما من بدايتها، في حين أنه قبل عقد من الزمن؛ استغرقت المفاوضات بين القوى الكبرى وطهران 18 شهرا كاملة للوصول إلى الاتفاق النووي الذي وُقع في مدينة لوزان السويسرية في 2 أبريل/نيسان 2015، والذي انسحب منه ترامب لاحقا في 8 مايو/أيار 2018، مما أدى إلى انهياره.

ثمة دوافع لدى الطرفين لإنجاح المباحثات، في ظل رغبة طهران في تفادي تبعات التصعيد المحتمل في المنطقة وتفويت الفرصة على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي يمارس ضغوطا شديدة على ترامب لإقناعه بأن العمل العسكري هو السبيل الوحيد لتحييد الخطر النووي الإيراني.

إعلان

لكن السقف المرتفع -المعلن حتى الآن- من قبل الرئيس الأميركي الذي يشمل تخلي طهران عن برنامجها النووي بشكل كامل، فضلا عن تقليص قدراتها الصاروخية وتحجيم حضورها الإقليمي، قد يجعل طهران أمام موقف لا تستطيع فيه التخلي عمّا يمثل لها ضرورات أمنية وجودية، مما يعقد فرص الوصول إلى اتفاق ويفتح الباب للتصعيد مجددا.

بدأت إيران في إحياء برنامجها النووي منذ قرابة ثلاثة عقود، لم تنتج فيها القنبلة النووية ولم تتخلّ عن البرنامج، ومنذ ذلك الحين ظلّ هذا البرنامج يمثل مادة رئيسية لصراعها مع الغرب من جهة ولرحلتها الذاتية لاستعادة المكانة التاريخية من جهة أخرى. فماذا يمثل البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية الإيرانية؟ وما هي احتمالات التخلي عنه أمام الضغوط الأميركية؟ وهل يمكن أن تنجح جولات المباحثات الجارية؟

قصة البرنامج النووي والضرورات الجيوسياسية

خلال سنوات الحرب الباردة؛ اعتبرت الولايات المتحدة إيران البهلوية جزءًا من إستراتيجيتها لاحتواء الاتحاد السوفياتي في آسيا. كانت إيران التي يحكمها الشاه وتركيا التي يحكمها الكماليون تمثلان بالنسبة للولايات المتحدة حزاما أمنيا جيواستراتيجيا يفصل بين الاتحاد السوفياتي ومنطقة الخليج العربي والشرق الأوسط.

استطاع الشاه الاستفادة من برنامج الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور "الذرة من أجل السلام"، الذي عبر عنه للمرة الأولى في خطابه عام 1953. اقترح أيزنهاور على الدول النامية -في سياق الحرب مع الاتحاد السوفياتي- فرصة لحيازة القدرات النووية، ولكن في إطار الاستخدامات المدنية في قطاعات الزراعة والطب وتوليد الكهرباء وغيرها، ولمتابعة هذه المبادرة تأسست "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" وحددت العاصمة النمساوية فيينا مقرا لها.

في هذا السياق؛ وقّعت إيران اتفاقية تعاون نووي مع الولايات المتحدة عام 1957. وفي عام 1959، أنشأ الشاه مركز أبحاث نووية في جامعة طهران، وبعد تسع سنوات، بدأ تشغيل المفاعل النووي الإيراني -الذي وفّرته الولايات المتحدة- بقدرة 5 ميغاواتات.

إعلان

حصل الشاه على الخبرة التقنية وشرع في تخصيب اليورانيوم لخدمة البرنامج النووي. وحتى الإطاحة به عام 1979، كانت إيران قد تعاونت مع الولايات المتحدة وفرنسا والهند والأرجنتين وجنوب أفريقيا وألمانيا، بحسب جيوبوليتيكال فيوتشرز، للمساعدة في بناء مفاعل بوشهر النووي. أنفق الشاه 6 مليارات دولار لبناء منشآت نووية، وخطط لإنفاق 30 مليار دولار أخرى لبناء 20 مفاعلًا نوويًّا.

بلغ إجمالي الميزانية السنوية لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، التي أسسها عام 1974، 1.3 مليار دولار، محتلةً المرتبة الثانية بعد شركة النفط الوطنية الإيرانية. ورغم توقيع إيران على اتفاقية حظر الانتشار النووي عام 1968، لم يكن ثمة شك في أن الهدف النهائي للشاه هو تطوير وامتلاك أسلحة نووية.

لاحقا؛ بعد نجاح الثورة الإسلامية الإيرانية؛ أفتى آية الله الخميني بأن تصنيع الأسلحة النووية مخالف للشريعة الإسلامية تأسيسا على أن مبدأ "الدمار الشامل" يتناقض مع أخلاقيات الجهاد والقتال في المنظور الإسلامي، ومن ثم أصدر توجيها بتفكيك البرنامج النووي للبلاد، مما أدى إلى هجرة علماء الذرة الإيرانيين إلى دول أجنبية.

وبعد عام واحد وبضعة أشهر من الثورة؛ أشعل العراق شرارة الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثمانية أعوام كاملة (1980- 1988)، ويبدو أن قادة إيران الجدد قد شعروا بالندم على تفكيك البرنامج النووي الذي جرى بالتزامن مع عمليات تفكيك وإعادة هيكلة واسعة لقوات الجيش في أعقاب محاولة الانقلاب على حكومة الحسن بني صدر في يوليو/تموز 1980، وكلاهما أضعف القدرات العسكرية والردعية للبلاد في مواجهة العراق على نحو بالغ، وربما لو كان البرنامج النووي قائما لما أقدم العراق أصلا على مهاجمة إيران.

بعد انتهاء الحرب، وفي ظل حصار دولي يمنع طهران من تحديث قدراتها العسكرية التقليدية على النحو الأمثل وخاصة قدرات سلاح الجو؛ خلص قادة إيران إلى ضرورة إعادة بناء البرنامج النووي جنبا إلى جنب مع برنامج آخر لتطوير الصواريخ الباليستية بغية تعويض نقص الطائرات المقاتلة المتطورة.

إعلان

وفي عام 1989، وقّعت إيران مع الاتحاد السوفياتي أول اتفاقية نووية بينهما. وفي عام 1993، بعد أن رفضت ألمانيا استئناف بناء مفاعل بوشهر النووي، أعلن بوريس يلتسين أن روسيا ستكمله.

إحياء البرنامج النووي تزامن مع توسع إيران الإقليمي لتحقيق ما يسمى "الردع الأمامي" عبر شبكة من الحلفاء والوكلاء على امتداد مجالها الحيوي، مما مثل تهديدا مباشرا لإسرائيل التي تصر منذ ذلك الحين على أنها لن تسمح لإيران بالتحول إلى قوة نووية.

وعلى مدار السنوات القليلة التي سبقت طوفان الأقصى، اغتال عملاء، مرتبطون على ما يبدو بجهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد، أربعة علماء إيرانيين وأصابوا آخر. وفي أبريل/نيسان 2021، دمّر انفجار غامض، نفذه الموساد أيضا على الأرجح، ورشةً لأجهزة الطرد المركزي تُنتج اليورانيوم المُخصّب في منشأة نطنز النووية، على بُعد 200 ميل جنوب طهران.

لماذا نجح الاتفاق في 2015؟ وما الذي تغير الآن؟

في 2015؛ وافقت إيران في اتفاقية "خطة العمل الشاملة المشتركة" (JCOPA) التي وقعتها مع عدد من القوى الدولية (الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وألمانيا) على كبح تقدم البرنامج لمدة 15 عاما -على الأقل- بتعليق عمل أكثر من ثلثي أجهزة الطرد المركزي وتخفيض نسبة تخصيب اليورانيوم إلى أقل من 3.67%، وعدم بناء أي منشأة جديدة بغرض تخصيب اليورانيوم خلال 15 عاما. وذلك؛ مقابل رفع العقوبات الغربية عن طهران.

وزير الخارجية الأمريكي السباق جون كيري (يسار) يتحدث مع وزير الخارجية الإيراني السابق جواد ظريف (يمين)، قبل أن يُخاطب الوزير ووزير الخارجية حشدًا من الصحفيين الدوليين في مركز النمسا في فيينا، النمسا، في 14 يوليو/تموز 2015، بعد التوصل للاتفاق النووي. (رويترز)

في تلك السنوات حدث أمران جعلا الحل الدبلوماسي ليس ممكنا للطرفين فحسب، بل مفضلا، بحسب جاكوب شابيرو، مدير مركز العمليات الأسبق في ستراتفور. أولًا، برز تنظيم الدولة عدوا مُشتركا للولايات المتحدة وإيران، واحتاجت الولايات المتحدة إلى مساعدة طهران وحلفائها في العراق لخوض الحرب ضد التنظيم.

إعلان

وثانيًا، بدأ نظام العقوبات الذي تقوده الولايات المتحدة يؤثر بشدة في الأوضاع الداخلية في إيران، إذ كانت الأوضاع الاقتصادية تتدهور، وكانت إدارة حسن روحاني على استعداد لمقايضة أجهزة الطرد المركزي واليورانيوم بفتح البلاد أمام الاستثمار الأجنبي، ووصول النفط الإيراني إلى أسواق العالم دون قيود، وتحسين جودة الحياة في إيران.

بيد أن ترامب يقول إن الاتفاق كان "كارثيا"، ويوافقه آخرون في الولايات المتحدة، لأنه سمح لإيران بالاستفادة من رفع العقوبات وتحسين أوضاعها الاقتصادية وفي نفس الوقت الاحتفاظ بالقدرات النووية الأساسية وبالتقنيات اللازمة لإعادة تطوير البرنامج متى أرادت، فضلا عن امتلاك إيران العديد من الكهوف والأنفاق التي يُمكن إخفاء الأنشطة النووية فيها، في حين تُركز عمليات التفتيش على منشآت معروفة نظرًا إلى قلة المفتشين واتساع مساحة البلاد.

كما لم يتناول الاتفاق برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، الذي يتضمن صواريخ متعددة المدى والحمولة، ويقول معارضو الاتفاق إن بعضها مُصمّم لحمل رؤوس نووية متى وُجدت. والأهم من ذلك كله؛ أن الاتفاق لم يتضمن خططا لتحجيم نفوذ إيران الإقليمي الذي يتمثل في شبكة من الوكلاء تطوق المشرق العربي وتعرض حلفاء واشنطن للخطر.

والحقيقة أن أوباما لم يكن بأقل حرصا من ترامب على تفكيك مجمل قوة إيران، حيث لا يوجد داخل الولايات المتحدة خلاف يذكر على أن إيران تمثل تهديدا يجب تفكيكه وتحييده. لكن أوباما كان يدرك أن تلك الملفات لا يمكن حلها جملة واحدة، وأن طهران ليست بصدد الاستعداد لمناقشة نفوذها الإقليمي الذي تراكم عبر عقود تحت أيّ ضغوط. كانت الإستراتيجية البديلة هي استخدام الحوافز الاقتصادية لدفع إيران إلى مزيد من الاتفاقات الجزئية سعيا لمزيد من مزايا الانفتاح على الاقتصاد العالمي.

إعلان

في 2018 وأثناء وجود ترامب في السلطة؛ كان خطر تنظيم الدولة قد جرى تحييده نسبيا، مما سهل له الانسحاب من الاتفاق بشكل أحادي، وبدلًا من استخدام حافز تعزيز العلاقات الاقتصادية، فرض عقوبات صارمة على إيران دفعتها إلى النكوص عن التزاماتها تدريجيا، ومن ثم انهار الاتفاق.

واليوم يعود ترامب إلى البيت الأبيض وقد بدا له أن هناك فرصة تاريخية لتحييد التهديد الإيراني مرة واحدة إلى الأبد، بعدما تضررت قدرات إيران الإستراتيجية في السنتين الأخيرتين، وذلك من خلال إجبارها على تفكيك مصادر قوتها الثلاثية: البرنامج النووي، والقدرات الصاروخية، وشبكة الحلفاء من غير الدول.

في المقابل؛ ثمة أصوات في إيران أصبحت تقول إن طريقا واحدا تبقى أمام إيران لتحتفظ بقوتها الإقليمية وهي إنتاج القنبلة النووية، بل أوردت صحيفة التلغراف البريطانية في فبراير/شباط الماضي أن قادة عسكريين إيرانيين طلبوا من المرشد الأعلى، علي خامنئي، إعادة النظر في الفتوى التي سبق أن اعتمدها بتحريم أسلحة الدمار الشامل.

وطبقا لمركز الدراسات الإستراتيجية والأمنية الأميركي ستراتفور؛ كثفت إيران نشاطها النووي بشكل كبير خلال العام الماضي، وسرعت إنتاجها من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60٪، وهو ما يقترب جدًّا من معيار 90٪ الذي يُعد هو المطلوب لإنتاج القنبلة.

وفي فبراير/شباط الماضي، أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن مخزونات إيران من اليورانيوم العالي التخصيب ارتفعت بأكثر من 50٪ إلى 274.8 كيلوغراما في الأشهر الثلاثة الأولى بعد انتخاب ترامب في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

علاوة على ذلك، خلصت المخابرات الأميركية مؤخرًا إلى أن إيران كانت تجري أبحاثًا تقنية حول كيفية صنع قنبلة نووية بدائية بسرعة إذا قررت قيادتها تطوير أسلحة نووية، وفقا لتقرير قدمه مدير الاستخبارات الوطنية إلى الكونغرس في يوليو/تموز 2024.

إعلان

يعني ذلك أنه في حين يرى البعض أن ما تلقته إيران من ضربات استهدفت قوتها الإقليمية مؤخرا سوف يدفعها إلى المرونة في المفاوضات تفاديا لغضب واشنطن، فإنه في سيناريو آخر قد يدفعها إلى إسراع الخطى في طريق حيازة السلاح النووي لترميم ميزان الردع المتضرر، في ظل حالة العداء البنيوي مع الغرب التي يدرك معها قادة طهران أن طريق التسوية الشاملة مع الولايات المتحدة والغرب سيبقى مسدودا إلى الأبد.

كيف ستسير المفاوضات إذن؟

بعد وصوله إلى البيت الأبيض؛ أعاد ترامب تفعيل سياسية "الضغوط القصوى" على طهران واضعًا هدفا رئيسيا يتمثل في إيصال صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر، ويناقش مسؤولو إدارته خططا لتفتيش ناقلات النفط المشتبه في أنها تحمل نفطًا إيرانيًّا خاضعًا للعقوبات في نقاط اختناق عالمية رئيسية، مثل مضيق ملقا، حسبما ذكرت وكالة رويترز في 6 مارس/آذار.

وفي إطار ذلك؛ ألغت الولايات المتحدة إعفاء العراق من العقوبات على طهران في 8 مارس/آذار، الذي كان يسمح له باستيراد الكهرباء الإيرانية.

ورغم الآثار المباشرة لهذه الحملة على الاقتصاد الإيراني، مثل هبوط العملة المحلية إلى أدنى مستوياتها تاريخيا وارتفاع التضخم، فإنه على المدى المتوسط، تستطيع إيران التعايش مع هذه التهديدات واحتواءها داخليا، مما يجعلها تبدو ليست في عجلة من أمرها أثناء التفاوض.

بيد أنه على المدى البعيد لا تستطيع طهران تحمل العزلة الاقتصادية عن العالم، إذ لم يُصمَّم الاقتصاد الإيراني ليكون منعزلا كما في حالة كوريا الشمالية. تحتاج إيران إلى إيصال النفط لأسواق العالم بوصفه مصدرا رئيسيا من مصادر الدخل، كما اعتادت بنوكها العمل بنظام سويفت (جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك) الذي أخرجتها منه واشنطن بعد العقوبات، كما أن اقتصادها يعتمد أنماطا من السوق الحرة التي يحتاج فيها المستثمرون إلى التواصل مع الأسواق العالمية.

إعلان

وبما أن البرنامج النووي قد أسسته إيران أصلا ليكون أداة للردع، فإنها ستكون مستعدة لمقايضة عملية تقييده مرة أخرى بمكتسبات تشمل الحفاظ على مصالحها وضروراتها الإستراتيجية مثل تعزيز الوضع الاقتصادي ووقف الانهيار الجاري، والأهم هو قطع الطريق على العمل العسكري الذي تهدد به الولايات المتحدة وتتحفز له إسرائيل. في هذه الحالة سيكون البرنامج أداة ردع يعمل بشكل فعال وكفء.

لكن ستكون هناك معضلة في المفاوضات إذا استمر ترامب في رفع سقف مطالبه بتحجيم القدرات الصاروخية أو توقف طهران عن دعم حلفائها في الإقليم، وليس مجرد التفاهم حول حدود هؤلاء الحلفاء فحسب. سيكون من المستبعد تماما أن يتخلى الحرس الثوري الإيراني عن أي من الملفين، حتى وإن كانت تيارات أخرى في الدولة أكثر مرونة ستكون مستعدة لذلك.

ولأن إدارة ترامب تبدو غير متفقة بشكل نهائي على ما تريده من طهران، فإن ذلك يفتح الباب لاحتمال الوصول إلى اتفاق جزئي، إذا جرت عقلنة المطالب والتصورات من الطرفين، ومن الولايات المتحدة أولا.

يُذكر أنه في 15 أبريل/نيسان، دعا المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إيران إلى إنهاء برنامجها للتخصيب النووي. وقبل ذلك بيوم، وبعد اجتماعه مع وزير الخارجية الإيراني في عُمان، صرّح ويتكوف لقناة فوكس نيوز بأن الإدارة تسعى فقط إلى فرض قيود على قدرات إيران على التخصيب، وليس إلى التفكيك الكامل.

وتقول صحيفة نيويورك تايمز إن هذا التحول جاء بعد اجتماع في البيت الأبيض ضمّ ويتكوف، ونائب الرئيس جيه دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الدفاع بيت هيغسيث، ومستشار الأمن القومي مايك والتز، ومدير وكالة المخابرات المركزية جون راتكليف.

ووفقًا للصحيفة، يرى كل من فانس وهيغسيث وويتكوف أن التوصل إلى اتفاق يتطلب الاكتفاء بوضع قيود على برنامج طهران النووي، بينما يرى روبيو ووالتز أن "التفكيك الكامل" للبرنامج على نمط ما فعله العقيد الليبي معمر القذافي عام 2003 هو الضمانة الوحيدة لإنهاء خطر إيران النووية.

إعلان

في المقابل؛ لا تزال لدى إيران أوراق قوة تحتفظ بها، فبرغم ما يمكن أن يقال عن أضرار تعرضت لها قوة إيران وحلفائها مؤخرا فإنه لا يزال لديهم الكثير جدا مما يمكن أن يؤذي الولايات المتحدة وإسرائيل في مواجهة صفرية. كما تعرف إيران أيضا أن ترامب -في الحقيقة- لا يريد سيناريو الحرب ولا يريد تحمل تكلفة صراع لن ينتهي في ظل حاجته إلى التفرغ لمعركته الإستراتيجية الطويلة الأمد مع الصين.

والخلاصة أنه إذا استمرت الولايات المتحدة في تصعيد مطالبها إلى السقف الذي يصطدم بضرورات إيران الإستراتيجية التي يستلهم منها النظام الحاكم شرعية وجوده، فإن احتمال الاتفاق يبدو منعدمًا، ويبقى احتمال العمل العسكري قائما. وإذا ابتعدت مطالب واشنطن عن فكرة التخلي عن البرنامج الصاروخي بصفة خاصة وعن شبكة الحلفاء الرئيسيين فإن احتمال الوصول إلى اتفاق جزئي سيكون مرتفعًا، في ظل حاجة الطرفين إلى ذلك.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية الإيراني: مُستعدون لإبرام اتفاق نووي مع واشنطن.. وفرص بتريليون دولار
  • لاحتواء الطموحات الصينية.. الولايات المتحدة تسعى لاتفاق نووي مزدوج مع طهران والرياض
  • الحوثيون: الطيران الأمريكي شن قرابة ألف غارة منذ منتصف مارس الماضي
  • "ورشة بمنزله".. تجديد حبس متهم بتصنيع السلاح الأبيض بالسيدة زينب
  • هل تفكك إيران الثلاثية المقدسة.. النووي والصواريخ وشبكة الحلفاء؟
  • الأمم المتحدة : منذ الشهر الماضي لم تدخل أي شاحنة مساعدات لغزة
  • موسكو في قلب "مفاوضات النووي".. ماذا تفعل بين واشنطن وطهران؟
  • تقرير: سياسات ترامب النووية تدفع العالم لسباق تسلح جديد
  • هذه الأشياء دمرت البشرية بعد السلاح النووي.. جمال شعبان يحذر
  • المؤتمر الإماراتي الدولي للطب النووي يوصي بتوسيع استخدام التقنيات الحديثة في علاج السرطان