حقوق وآمال مُرحّلة للعام الجديد 2024
تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT
د. محمد بن عوض المشيخي **
تفصلُنا سويعات عن العام الجديد 2024، ومن عادة الإنسان في هذا الكون، أن يتطلع إلى استقراء المستقبل على أمل أن يُطوِّر من ذاته ويعمل على تحسين أوضاعه المعيشية وتحويل البيئة المحيطة به إلى الأفضل؛ لأن سنوات العمر تمضي بنا سريعًا ولم نصل بعد إلى تحقيق الأهداف والآمال التي رسمناها لأنفسنا منذ البدايات الأولى لقدومنا إلى الحياة.
الإنسان مِنّا لا يملك قرار قدومه إلى هذه الدنيا؛ فهو مُسيّر وليس مُخيَّر في هذا الجانب الذي يبدو عند مُعظم الناس أنه صعب ومُحيِّر، ونستغرب في بعض الأحيان ونلوم التحديات التي تواجهنا يوميًا وتمنعنا من تحقيق ما نصبو إليه ونتمناه. وفي واقع الأمر ربما نكون نحن سببًا في تلك المُعوٍّقات دون أن نعلم ذلك، لكوننا من يفترض أن يُقرر ويُخطط ويُنفِّذ ما يمكن أن نعتبره المستقبل المشرق ومشروع العمر الذي يُعد جواز سفر لسعادتنا في الدنيا والآخرة؛ فالذين نعيش معاهم باختيارنا مثل الأصدقاء أو الأهل والأقارب الذين قُدِّر لنا أن نتقاسم معهم أقدار الدهر وظروف الحياة بخيرها وشرها وحلاوتها ومرها، هم الشركاء الذين يوجِّهون ويصنعون بوصلة إنجازتنا نحو المستقبل، ولكن قد يتسببون أيضًا في كثير من الأحيان في تعاستنا وعدم نجاحنا، وذلك بسبب الاتكالية على الغير والخوف والقلق وعدم وجود تفكير إيجابي ومنطقي خارج الصندوق.
من هنا يجب علينا أن نكون على إطلاع وإدارك للواقع الذي نعيشه ثم نستنتج الحقائق والعِبَر ونتعلم الدروس لكي نرسم مسارًا جديدًا لمستقبلنا الذي نريد. وليس بالضروة هنا أن نقلِّد الآخرين أو نتبع الأصدقاء الذين نعرفهم، خاصةً في ما تحقق لهؤلاء من أهداف، فكل إنسان يجب أن يعيش حياته الخاصة التي ليست بالضرورة تشبه وتتقاطع مع الآخرين من الأهل والأصدقاء؛ فالاختلاف بين الناس وارد ومُستحسَن، فلكل فرد له خصوصيته وذوقه وأحلامه مثل بصمات الأصابع فالاختلاف رحمة وميزة تجعل من هذا التنوع سر النجاح.
صحيحٌ أن هناك خططًا استراتيجية وسياسات تعليمية تضعها الوزارات المختصة بالعمل والفرص المتاحة في معظم دول العالم المُتطوِّر، وذلك لربط المخرجات بالوظائف المتوفِّرة تُعرف بـ"التعليم من أجل السوق"، ولكن تأكد لنا هنا في السلطنة وجود فجوة كبيرة بين ما يُدرَّس بالمؤسسات التعليمية وسوق العمل؛ فمعظم الوظائف العليا في الشركات والجامعات العمانية يشغلها أجانب، على الرغم من وجود كوادر عُمانية تحمل شهادات أعلى من شهادات الذين يعملون في تلك القطاعات المذكورة، والسبب المعلن هو عدم وجود مهارات وخبرات وطنية تتولى تلك الوظائف التي تقدر بالآلاف في هذا البلد!! ما يؤكد أن سياسة الإحلال تواجه تحديات ومعوقات لا تنتهي.
وهكذا تدور عجلة الزمن وينطلق بنا قطار العمر إلى الأمام، فإذا نظرنا إلى الخلف نرى بعض الملفات الساخنة لم تتوفر لها الإمكانيات المطلوبة لتحقيق طموحات الشباب الذين هم ثروة الوطن ومستقبلها الواعد، على الرغم من تحسُّن الأوضاع الاقتصادية في البلاد والسيطرة على المديونية العامة للدولة وانخفاضها بشكل قياسي خلال السنوات الأخيرة بفضل من الله والقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق المعظم، الذي تولّى شخصيًا هذا الملف مُنذ توليه مقاليد الحكم. كما إن موازنة الدولة قد سجّلت فوائض تقدر بمئات الملايين.
وعلى الرغم من ذلك كله؛ هناك طابور طويل من الباحثين عن عمل يُقدَّر بعشرات الآلاف الذين يحملون شهادات جامعية وعُليا وثانوية منذ عقود، وأعرف- شخصيًا- بعض الحالات التي تعود لعام 2009، ولم يُكتب لها النجاح في الحصول على وظيفة حتى الآن. ومن المفارقات العجيبة أن يتم استبعاد هؤلاء الفئة من منظومة الحماية الاجتماعية، على الرغم من أنهم الأكثر استحقاقًا؛ نظرًا لظروفهم وجهادهم في سبيل العلم لسنوات طويلة. صحيحٌ أننا نُثمِّن منظومة الحماية الاجتماعية التي تهدف إلى توفير مظلة اجتماعية واقتصادية للمجتمع العُماني بمختلف شرائحه، بداية من العام الجديد 2024، لكن استبعاد الباحثين عن عمل من هذه المظلة غير منطقي، وسوف تُفضي مثل هذه السياسات غير المدروسة إلى آثار اجتماعية ونفسية خطيرة على المجتمع العماني.
أتذكرُ لقاءً جمعني بأحد المسؤولين عن منظومة الحماية الاجتماعية خلال فترة تأسيس هذا الصرح الوطني الذي ينطلق من سياسة الحكومة الرشيدة بتحقيق الرفاهية والامن الاجتماعي للجميع في هذا الوطن العزيز، فقد طرحتُ عليه السؤال مُستنكرًا، استبعاد الشباب العاطل من تلك المظلة؟ فقد كانت إجابة المسؤول صادمة وغير مُقنعة؛ إذ قال "بحثنا في العديد من دول العالم ولم نجد من يصرف مساعدات لأكثر من بضعة اشهر لمثل تلك الفئة من الشباب". فكان ردِّي هو أن الدول المذكورة توفر وظائف عاجلة لمواطنيها خلال سنوات قليلة، وذلك عكس الأوضاع الموجودة هنا في السلطنة. هنا أدركتُ بما لا يجعل مجالًا للشك، أننا بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في المنهجية التي تُتَخذ فيها بعض القرارات المُهمة التي تفتقدُ إلى الدراسات الواقعية، وكذلك إلى المنطق وحقوق بعض أفراد المجتمع. كما إن نزيف التسريح المُمنهج مُستمرٌ في شركات القطاع الخاص، دون رقابة من أي جهة كانت، ولعل ما تابعناه قبل عدة أسابيع والمتمثل بتسريح 18 موظفا عمانيا في المنطقة الحرة بصلالة خير دليل على هذه القرارات التعسفية.
وفي الختام.. نقترحُ من هذا المنبر الإعلامي، أن يتم تضمين الباحثين عن عمل في المظلة الاجتماعية الجديدة، وأن يُمنح الخريجون إعانة مالية شهرية مقدارها 250 ريالًا عمانيًا؛ لكي يعُم الخير وتُرفف أجنحة السعادة على جميع أبناء الوطن، في هذا العهد الزاهر الذي يقوده بحكمة واقتدار سُلطان الحكمة والعطاء جلالة السلطان هيثم المفدّى، ونأمل أن يكون ذلك اعتبارًا من 11 يناير 2024؛ هذا اليوم التاريخي للعهد السعيد.
** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
كيف يمر الشتاء على غزة؟.. شعب منهك وآمال هشة
نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن معاناة سكان غزة في فصل الشتاء، في ظل الحرب التي أودت بحياة أكثر من 45 ألف شهيد.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"؛ إن استئناف المفاوضات يولد آمال جديدة لوقف إطلاق النار، فبعد أشهر من المحاولات والمفاوضات التي باءت بالفشل وعدم الوصول إلى تسوية، يبدو أن الضغط المستمر الذي يمارسه فريق إدارة دونالد ترامب يؤتي ثماره.
وبخصوص هذا قالت مرام فرج، وهي لاجئة في خان يونس، تبلغ من العمر 27 سنة: "هذه المرة سيتم التوصل إلى تسوية إن شاء الله".
مع ذلك، تواصل الطائرات الإسرائيلية قصفها المستمر وكثفت غاراتها في الأيام الأخيرة. وحسب التقارير اليومية الصادرة عن وزارة الصحة في غزة، أودت هذه الغارات بحياة 46 شخصا يوم الأحد 15 كانون الأول/ ديسمبر، و52 شخصا يوم الاثنين، و31 يوم الثلاثاء، و38 يوم الأربعاء.
وأضافت الصحيفة، أن فظاعة الجرائم المرتكبة من قبل الجانب الإسرائيلي، تثير استياء رواد مواقع التواصل الاجتماعي، على غرار المجموعة التي احترقت من بين العشرين ضحية، الذين لقوا حتفهم خلال ضربة استهدفت مدرسة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين غرب خان يونس مساء الأحد.
إظهار أخبار متعلقة
ويقول متطوّع في فريق طبي طارئ تابع لجمعية العون الطبي للفلسطينيين في مستشفى ناصر: "لم أستطع إحصاء عدد المصابين الذين وصلوا بإصابات لم أرَ مثلها طوال مسيرتي المهنية". وأضاف: "أول مصابة وصلت كانت طفلة تبلغ من العمر 3 سنوات. اخترقت شظايا القذائف جمجمتها وأصابت جبهتها.
هؤلاء اللاجئون تعرضوا لمجزرة. لا توجد كلمات لوصف ذلك". وحسب المتطوع، فإنه بين صفوف الضحايا 12 طفلا دون سن الـ 12 عاما.
تدمير حوالي 70 بالمئة من المباني في غزة
وذكرت الصحيفة أن جباليا باتت مجرد حقل من الأنقاض بلون الرماد والموت. خلال التحليق فوق سماء شمال غزة، وثّقت طائرة إسرائيلية مسيّرة آثار أربعة عشر شهرا من القصف والعمليات العسكرية، حيث تحولت جميع المباني إلى ركام وغبار، والأمر ذاته حدث في رفح في أقصى جنوب القطاع.
وحسب تقييم أجراه برنامج التطبيقات التشغيلية للأقمار الصناعية التابع لمعهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث، تسبب القصف الإسرائيلي في تدمير حوالي 70 بالمئة من المباني الموجودة في غزة.
ويقضي الغالبية العظمى من سكان غزة الشتاء الثاني منذ بداية الحرب تحت القصف مفترشين الأرض.
وفي هذا الصدد، يقول أمجد الشوا مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية: "هذا الشتاء سيكون أقسى من السابق". عثر النازحون السنة الماضية على مأوى لدى عائلاتهم أو في المدارس أو المستشفيات، غير أن حجم الدمار هذه السنة ألغى هذه الخيارات.
وفق بيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، يعيش 1.6 مليون شخص من أصل 2.1 مليون نسمة في ملاجئ مؤقتة. ومن جانبه يقول الشوا: "ظروف العيش المزرية بالفعل تدهورت في كل مكان، وخلّفت أجسادً متعبة تعاني من سوء التغذية، فضلا عن تكدس النفايات كالجبال بين الخيام ونقص الأدوية، يكاد يكون من المستحيل وصف ما نعيشه".
إظهار أخبار متعلقة
البرد طال جميع الأماكن
أوردت الصحيفة أن أكثر من 400 ألف فلسطيني لجؤوا إلى نحو مئة موقع في مناطق معرضة للفيضانات، خاصة على طول الساحل. وفي أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر، ومع أول عاصفة شتوية كبيرة، ارتفع منسوب المياه إلى حد جرف خيام وممتلكات مئات العائلات.
وحيال هذا يقول حسام صالح، الموظف في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بغزة: "لقد كافحنا منذ أشهر من أجل إنشاء ملاجئ وإدخال المواد الأساسية استعدادا لفصل الشتاء، ولكن حلّ فصل الشتاء دون تلبية الاحتياجات".
ويتسم الوضع بالتعقيد حتى بالنسبة للأشخاص الذين لازالوا يمتلكون مأوى.
وتقول أسماء صيام، التي تعيش في خان يونس مع والدتها وشقيقتها: "لم يعد لدينا نوافذ بسبب القصف. اضطررنا إلى وضع البلاستيك مكانها. البرد يتسلل من كل مكان في ظل غياب وسائل التدفئة". ورغم حجم الاحتياجات، تظل المساعدات الإنسانية الواردة محدودة.
وأضاف الشوا: "لم يعد لدى الناس مدخرات مما يدفعهم للاعتماد بشكل تام على المساعدات الإنسانية. ومنذ شهر أيلول/ سبتمبر، باتت المساعدات الإنسانية تغطي 5 بالمئة فقط من حجم الاحتياجات".
وجبة في اليوم
في الحادي عشر من كانون الأول/ ديسمبر، نُهِبت قافلة تضم 70 شاحنة من معظم مساعداتها الإنسانية بعد مرورها من معبر كرم أبو سالم، وعليه تسببت عمليات النهب في ارتفاع الأسعار واجتياح المجاعة جنوب القطاع.
تقول أسماء صيام: "نحن لا نتناول أكثر من وجبة واحدة في اليوم. عادة ما تكون أرزا أو معكرونة في الظهر. في الصباح والمساء، نتقاسم قطعة خبز بلدي نحن الثلاثة". وقد أدى التدافع للحصول على الخبز أو الطعام إلى وفاة حوالي سبعة أشخاص في شهر واحد.
من جانبه، يرى مراقب غزّاوي مقيم في جنوب القطاع، أن الانخفاض في الأسعار في السوق في الأيام الأخيرة، "علامة على اقتراب موعد وقف إطلاق النار، واستعداد التجار لتدفق كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية".
إظهار أخبار متعلقة
احتمالات التوصل إلى هدنة في غزة
بعد استمرار الصراع منذ أكثر من سنة، تُعَلَّقُ آمال على الوصول إلى هدنة بين حماس واسرائيل. وفي حين ادعى وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس يوم الاثنين 16 كانون الأول/ديسمبر أن المفاوضين "لم يكونوا أقرب من أي وقت إلى التوصل إلى اتفاق"، ذكرت حماس أنها أجرت "مفاوضات جادة وإيجابية".
وفي ختام التقرير، أشارت الصحيفة إلى أن الجهود الدبلوماسية استؤنفت في الدوحة في الأسابيع الأخيرة، بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب رغبته في تحرير جميع الرهائن الإسرائيليين، قبل توليه منصبه في 20 كانون الثاني /يناير المقبل.