لماذا لم تطلب تونس تحقيقا بجرائم الحرب في غزة لدى الجنائية الدولية؟
تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT
تحدثت الكاتبة ألفة بن حسين -في تقرير بموقع "جاستس إنفو"- عن "جدل كبير" بشأن تدوينة نشرها عالم الرياضيات التونسي الشهير أحمد عبّاس على صفحته في فيسبوك بخصوص عدم فهمه لموقف الحكومة من عدم مساهمتها في تحريك ملف مجازر إسرائيل في غزة أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وذكرت أن عبّاس، وهو مدير أبحاث بالمركز الوطني للبحث العلمي في باريس ومعروف بنشاطه الداعم للقضية الفلسطينية، كان قد قال في تدوينته إن تونس قادرة على "تقديم دعم حقيقي لفلسطين بدلًا من مجرد الاكتفاء بالخطابات الجوفاء" بالنظر إلى أنها وقّعت -إلى جانب فلسطين والأردن- على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وتابع بأن الفرصة كانت سانحة أمام تونس لأن تنضم إلى جنوب أفريقيا وبنغلاديش وبوليفيا وجزر القمر وجيبوتي في طلبها -إلى المدعي العام للجنائية الدولية في 17 نوفمبر/تشرين الثاني- لفتح تحقيق في الجرائم الإسرائيلية في غزة.
عريضة
وذكرت الكاتبة أن منشور عبّاس سرعان ما تحوّل إلى عريضة نُشرت يوم 5 ديسمبر/كانون الأول، وضمت مجموعةً من الأكاديميين في تونس الذين وزّعوها على الشخصيات العامة والمنظمات غير الحكومية.
ويدعو نص العريضة المكتوب بالعربية السلطات إلى "إحالة المسألة رسميًا إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، وطلب فتح تحقيق في جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي ارتكبها المستوطنون الإسرائيليون على مدار الـ 75 عامًا الماضية. وقد تزايدت هذه الجرائم بشكل كبير منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023".
وتابعت بأن السفير الفلسطيني في تونس هائل الفاهوم رحّب بهذه المبادرة في 13 ديسمبر/كانون الأول، إلا أنها لم تثِر أي رد فعل من الحكومة التونسية. فقد التزمت السلطات الصمت تجاه تصرفات واحتجاجات وطلبات المنظمات غير الحكومية المحلية التي سبق أن وصفتها بـ "الفاسدة" و"العميلة للأجانب" وحتى "المقرّبة من الحركة الصهيونية".
وتوضح الكاتبة أن الرئيس قيس سعيّد أعرب في عدة مناسبات عن دعم بلاده الكامل وغير المشروط للمقاومة الفلسطينية، وذهب إلى حد القطع مع "حلّ الدولتين" الذي غالبًا ما يؤيّده السياسيون في البلاد. كما لم يحدث من قبل أن أدلى وزير الخارجية نبيل عمّار بهذا العدد الكبير من التصريحات في جميع أنحاء العالم، تأكيدا لـ"موقف تونس الصارم والثابت بشأن الحقوق المشروعة وغير القابلة للتغيير للشعب الفلسطيني".
تفسيرات
وذكر موقع "جاستس إنفو" -في التقرير- أن حكومة تونس لم تغتنم بعد الفرصة التي أتاحتها المحكمة الجنائية الدولية لتقديم الدعم الرمزي "للشعب الشقيق والصديق".
واستبعدت الكاتبة فرضية عدم ثقة تونس بالجنائية الدولية كمبرر لعدم التحرك، بالنظر للطريقة التي اشتغلت بها الدبلوماسية من أجل انتخاب القاضي التونسي هيكل بن محفوظ لعضوية المحكمة في لاهاي، الذي أصبح أول قاض عربي ينضم إلى لهذه المحكمة، وهو ما أشادت به الحكومة التونسية.
وذكّرت بامتناع تونس عن التصويت على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الداعي إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة، لتُغيّر موقفها في 12 ديسمبر/كانون الأول وتصوّت هذه المرة لصالح الدعوة ذاتها لوقف إطلاق النار.
كما أعربت تونس في 12 نوفمبر/تشرين الثاني عن تحفظاتها على معظم البنود الواردة في قرار القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المنعقدة بالرياض لدعم فلسطين، بما في ذلك القرار الذي يدعو إلى اللجوء إلى الجنائية الدولية.
استهلاك محلي؟
ونقلت الكاتبة -عن مدير الدبلوماسية العامة والإعلام بالخارجية محمد الطرابلسي- قوله ردا على سؤال عن أسباب تباين ردود فعل الحكومة "نحن لا نستبعد أي خيار من شأنه تمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه".
وأضاف "أولويتنا الحالية وقف فوري لإطلاق النار، ونحن نعمل على تحقيق هذا الهدف من خلال قنواتنا الدبلوماسية والسياسية". ودعا للتركيز على "السبب الحقيقي للصراع" واصفا ما يجري بأنه "احتلال نُدينه ونجرّمه".
وأشارت الكاتبة إلى أن الاقتصاد التونسي غارق في الديون ويعتمد لسدادها على كتل تعتبر حليفة لإسرائيل، مثل الولايات المتحدة وأوروبا. فحسب بعض المحللين، قد تكون هشاشة الوضع الاقتصادي لتونس السبب وراء عدم لجوء السلطات إلى العدالة الجنائية الدولية.
واختتمت الكاتبة تقريرها بأنه من المحتمل أن يكون الخطاب الرسمي الحماسي للرئيس سعيّد موجهًا أكثر "للاستهلاك المحليّ" على حد تعبير وزير خارجية سابق طلب عدم الكشف عن هويته في ظل حملة اعتقال منتقدي الحكومة التي بدأت السنة الماضية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الجنائیة الدولیة فی غزة
إقرأ أيضاً:
ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
تناولت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية العبرية التقارير الأجنبية عن "هجوم إسرائيلي مُخطط على إيران"، ونقلت تحليل معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي بشأن تلك القضية، موضحة أن طهران تحاول إخفاء وضعها الاقتصادي البائس.
وقالت "غلوبس" تحت عنوان "الانهيار الاقتصادي الإيراني يشعل فتيل البرنامج النووي.. على الورق على الأقل"، إن التقارير الأجنبية بشأن النووي الإيراني أثارت استغراب الكثيرين في إسرائيل، وجاء في أحدها بصحيفة "ذا تلغراف" البريطانية، أن إيران رفعت مستوى التأهب في نظام الدفاع الجوي بمنشآتها النووية، خوفاً من هجوم إسرائييل أمريكي، مشيرة إلى أنه على الورق، يبدو توقيت مثل هذا الهجوم مثالياً من حيث الأمن الإقليمي، لأن حركة حماس الفلسطينية ضعفت بشكل كبير، وأصبح حزب الله في وضع حرج، وفي الوقت نفسه سقط نظام بشار الأسد في سوريا، وتعطلت سلاسل الإمداد الإيرانية بالأسلحة والأموال.
ونقلت عن معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، أنه منطقياً وعسكرياً، هذا هو الوقت المناسب لضرب إيران، ولكن يبدو أن طهران تسيء تفسير نوايا إسرائيل التي لن تهاجم وحدها، مشيراً إلى أن الرئيس الأمريكي يفرض عقوبات في وقت ينفتح فيه على المفاوضات مع طهران.
في أول تعليق له.. محمد جواد ظريف يكشف كواليس استقالتهhttps://t.co/jFwmRVqVik
— 24.ae (@20fourMedia) March 3, 2025 تأثير العقوبات الأمريكيةوتقول الصحيفة الإسرائيلية إن سياسة العقوبات التي ينتهجها دونالد ترامب تسير على قدم وساق، مشيرة إلى أنه قبل نشر تقرير "ذا تلغراف"، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على أكثر من 30 تاجراً ومشغلا لناقلات النفط وشركات الشحن المشاركة في أسطول الظل الذي يخدم صناعة النفط الإيرانية، وتشمل القائمة عقوبات على تجار النفط في عدد من الدول، بالإضافة إلى مدير شركة النفط الوطنية الإيرانية، ومديري ناقلات النفط من الصين.
وتحدثت الصحيفة عن تأثير عقوبات النفط على الوضع الاقتصادي في إيران، التي يعيش أكثر من ثلث سكانها تحت خط الفقر، في الوقت الذي يقدم النظام الإيراني أكثر من 10 آلاف دولار لأسر أعضاء حزب الله الذين أصيبوا في الحرب، فيما ظلت المكاتب الحكومية والبنوك والمدارس في 22 من محافظات إيران البالغ عددها 31 مغلقة اليوم الإثنين بسبب عدم توفر الكهرباء اللازمة لتشغيلها.
تقدم البرنامج النووي
وعلى النقيض تماماً من حالة الاقتصاد المحلي، فإن البرنامج النووي الإيراني أصبح الآن في أكثر مراحله تقدماً على الإطلاق، وفقاً لتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ونقلت غلوبس عن المعهد أنه "من الممكن أن يكون هذا نابعاً من مصلحة داخلية في إيران لإظهار قدرتها على الصمود في الخارج، بعد التصريحات الإسرائيلية بشأن القضاء على الدفاع الجوي الإيراني، وليس من المستحيل أن يرغب النظام، بسبب الوضع الاقتصادي الصعب في البلاد، في إيصال رسالة مفادها أنه على الرغم من أن الوضع الداخلي رهيب، فإن التهديد الخارجي أعظم، كما كانت الحال خلال الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينيات القرن العشرين".
في السياق ذاته، أجرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية حواراً مع بيني سباتي، الباحث البارز في برنامج إيران في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، والذي عكس في حديثه صورة قاتمة عن إيران، مؤكداً أن الأزمة الحالية أكثر خطورة من الحرب الإيرانية العراقية.
هل يُسقط تعدين البيتكوين النظام الإيراني؟https://t.co/tepd2E95XR
— 24.ae (@20fourMedia) February 28, 2025 إقالة دون تأثيروعلى الرغم من أن إقالة وزير الاقتصاد الإيراني عبد الناصر همتي تثير تساؤلات حول قدرة الحكومة على التعامل مع الأزمة الاقتصادية المستمرة، إلا أن سباتي يقول إن هذه الإطاحة لن يكون لها أي تأثير تقريباً، وأن "حكومة هذا الرئيس لا تتخذ القرارات حقاً، ولا تتمتع بأي تأثير حقيقي، ولكن من يتمتع بتأثير حقيقي هو الزعيم، في إشارة للمرشد علي خامنئي، ومستشاريه، وغالبيتهم من الحرس الثوري.
وبحسب سباتي، فإن إشارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى أن الوضع الحالي أكثر خطورة من الحرب الإيرانية العراقية، تكشف عن الضعف الإيراني.
ورأى أن رفض خامنئي استئناف المحادثات مع الولايات المتحدة الأمريكية يسبب أضراراً جسيمة، لأنه يحط من قدر الدولة الإيرانية والاقتصاد الإيراني، والمجتمع أيضاً، ويذهب بكل شيء نحو الهاوية على شكل كرة من الثلج.