لا شك أن أحد أبرز السمات التي طبعت عام 2023، هو انتشار استخدامات الذكاء الاصطناعي في أكثر من مجال وقطاع، وتمكنت شركات التكنولوجيا من استقطاب 50 مليار دولار من الاستثمارات في هذا العام، بنمو فاق 70% خلال الأعوام الخمسة الأخيرة.

أخبار غـزة الآن لحظة بلحظة عبر قناة تليجرام وكالة سوا الإخبارية

بل إن تقريرا لشركة الاستشارات الإدارية "ماكينزي" توقع أن يضيف "الذكاء الاصطناعي التوليدي" ما يتراوح بين 2.

6 تريليون إلى 4.4 تريليونات دولار للاقتصاد العالمي كل عام.

وهذا النمو المتسارع لشركات الذكاء الاصطناعي يؤكد على أن العالم مقبل على ثورة في استخدامات "الذكاء الاصطناعي التوليدي"، بل إنه دخل فعلا وبخطى متسارعة في هذا المجال، إذ لا يكاد لا يخلو قطاع إلا وبإمكانه الاستفادة من خصائص "الذكاء الاصطناعي".

فمن قطاعات التعليم إلى الصحة والبيئة والإعلام.. إلى القطاعات العسكرية والأمنية، ناهيك عن القطاعات الاقتصادية مثل النقل والتصنيع والزراعة.

ورغم خصائصه المتميزة والتي من شأنها جعل حياة الناس أكثر يسرا، إلا أنه أثيرت عدة علامات استفهام حول استخدامات مثيرة للجدل للذكاء الاصطناعي خاصة ما تعلق بالمسائل العسكرية والأمنية، فضلا عن المساس بالحياة الشخصية للأفراد، ما جعل التركيز يتزايد حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، و"الاستخدام المسؤول والشفاف والمساءلة في تطبيقاته".

وأبرز استخدامات الذكاء الصناعي في عام 2023، تجلت في القطاعات العسكرية والتعليمية والبيئة.

الحرب على غزة .. حقل تجارب

حولت إسرائيل قطاع غزة إلى ميدان تجارب لاستخدامات الذكاء الاصطناعي في الحرب، حيث ضاعفت عدد الأهداف التي ضربتها في القطاع بفضل استخدام الذكاء الاصطناعي.

فوفق الباحثة الفلسطينية العاملة في مجال أخلاقيات الذكاء الاصطناعي نور نعيم، في مقابلة سابقة مع الأناضول، فإن "إسرائيل ضربت 15 ألف هدف باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي المسماة غوسبيل، في أول 35 يوما من الهجمات".

وأشارت نعيم، إلى أن "هذا الرقم أعلى بكثير من عدد الأهداف التي تم ضربها في العمليات السابقة في المنطقة، حيث إن إسرائيل تمكّنت من ضرب ما يقرب من 6 آلاف هدف خلال الصراع الذي استمر 51 يوما في 2014".

لكن أخطر ما تحدثت عنه المختصة في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، أن برنامج تحديد الأهداف التلقائي "غوسبيل" الذي استخدم لأول مرة في غزة "يمتلك القدرة على اتخاذ القرار، ويتمتع بخاصية القتل والتدمير بغض النظر عن عدد الأهداف، وبالتالي فإن عدد الضحايا يمكن أن يتراوح من صفر إلى مليون".

أي أن الذكاء الاصطناعي بإمكانه التسبب في مضاعفة عدد ضحايا الحروب، وجعلها أكثر مأساوية للشعوب وللإنسانية، وهذا أحد سلبيات استخدامه، خاصة إذا وقع في أيدي طرف يمارس "الإبادة الجماعية" ولا يخضع لأي رادع قانوني أو أخلاقي.

وعلى الصعيد الأمني والاستخباراتي، تشتعل حرب من نوع آخر بين المخابرات الأميركية ووزارة أمن الدولة الصينية، ميدانها التنافس على استخدام وتطوير الذكاء الاصطناعي لأغراض تجسسية.

فوفق تحقيق نشرته صحيفة نيويورك تايمز، فإن وزارة أمن الدولة الصينية (المخابرات الصينية)، تقوم بتشغيل برنامج للذكاء الاصطناعي يتولى "إنشاء ملفات فورية عن الأفراد محل الاهتمام، من خلال تحليل البيانات من مصادر مختلفة، بما في ذلك كاميرات المراقبة، ولوحات أرقام السيارات، وسجلات الهاتف المحمول، والمزيد".

كما تبذل وكالة المخابرات المركزية الأميركية، بحسب الصحيفة، جهودا لمواجهة التحدي الصيني، من خلال العمل على "جمع البيانات عن الشركات الصينية المتخصصة في الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية وغيرها من التقنيات المتقدمة".

إذ كشف نائب مدير وكالة المخابرات المركزية ديفيد كوهين، عن إنشاء واشنطن مركز مهمات صيني، ومركز استخبارات تكنولوجي تحت قيادة الرئيس الأميركي جو بايدن.

ثورة في التعليم

لا شك أن قطاع التعليم كان من بين أكثر القطاعات استفادة من الذكاء الاصطناعي، ومن المتوقع بحسب مراقبين أن يشهد في الأعوام القليلة القادمة ثورة في استخدامات تطبيقاته على نطاق واسع، خاصة في المدارس الدولية والجامعات.

إذ من المرتقب أن يساهم الذكاء الاصطناعي في تحسين مستوى التعليم خاصة في الدول العربية، التي تواجه تحديات في إصلاح منظومتها التربوية.

وفي هذا الصدد يسمح الذكاء الاصطناعي بتعزيز طرق التدريس، وتقييم التلاميذ والطلبة وإرشادهم وتوجيهم، وتحليل التعلم، بل وحتى تطوير المناهج الدراسية.

كما يمكن تخصيص دروس لكل طالب حسب مستواه، على مدار ساعات اليوم وأيام الأسبوع.

ما يحسن جودة التعليم، ويرفع من قدرات الطلبة ويمكنهم من التغلب على الصعوبات التي تواجههم، من خلال إنشاء تجارب تعليمية مخصصة وجذابة لهم، تحببهم في الدراسة، وتجعل سرعة التلقين والفهم أسرع لديهم.

كما يوفر الذكاء الاصطناعي إمكانية التعلم عن بعد، دون الحاجة إلى السفر وإنفاق مصاريف باهظة للتعلم في الخارج مثلا، أو خلال الأوبئة مثلما حدث خلال جائحة كورونا (2019 ـ 2021).

بيئة أكثر أمانا

من شأن الذكاء الاصطناعي أن يساهم في تقديم خدمات جليلة للبيئة، وأن يقلص التلوث البيئي، وحجم الحرائق، ما سيساعد على إنقاذ الكثير من الأرواح.

وعلى سبيل المثال، قام فريق بحثي من جامعة فاخينينجن الهولندية، بتطوير نموذج جديد للذكاء الاصطناعي يستخدم صور الأقمار الصناعية للتعرف على المواد البلاستيكية العائمة.

وبحسب وسائل إعلام، يتوقع باحثون أن تساعد هذه التقنية في "الكشف عن البلاستيك المنتشر في المحيطات، وإزالته بشكل منهجي، كما سيساهم النظام الجديد في الكشف عن تراكمات القمامة على طول الشواطئ وفي البحار".

وبالنسبة لمكافحة الحرائق، التي تتسبب في خطف الكثير من الأرواح سنويا، ناهيك عن القضاء على آلاف الهكتارات من الغابات، فإن الذكاء الاصطناعي من شأنه التخفيف من هذه الأضرار.

حيث تُجهّز الكاميرات المدعومة بالذكاء الصناعي بأجهزة استشعار حرارية تُمكّنها من رصد النقاط الساخنة المرتبطة بالحرائق، بفضل أنظمة التعلم الآلي، يمكن للذكاء الصناعي تحليل البيانات الحرارية وتحديد أماكن اندلاع الحرائق حتى في الظروف المناخية الصعبة، وفق وسائل إعلام.

وفي هذا الصدد، تستعين ولاية كاليفورنيا الأميركية، التي طالما عانت من حرائق الغابات، بأنظمة الذكاء الاصطناعي.

حيث يتولّى برنامج معلوماتي بشكل مستمر مسح 1040 كاميرا، نشرتها جامعة سان دييغو في نقاط عالية في مختلف أنحاء الولاية، وتعمل على تنبيه عناصر الإطفاء في الولاية حين ترصد دخانا.

فعام 2023، شكل بداية انتشار واسع لأنظمة الذكاء الاصطناعي، التي من المتوقع أن تتطور بسرعة، لتصبح قابلة للاستخدام في مختلف القطاعات والمجالات، ما من شأنه تغيير نمط حياة البشر في مختلف النواحي.

المصدر : وكالة سوا - عرب 48

المصدر: وكالة سوا الإخبارية

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی فی هذا

إقرأ أيضاً:

خبير أميركي: الذكاء الاصطناعي نفط المستقبل

في الوقت الذي يعج فيه المجال العام بالحديث عن الذكاء الاصطناعي والتشفير، لا يزال مجتمع الأمن القومي الأمريكي يبحث عن سبل لمواجهة تداعيات هذه التطورات الجديدة وإمكانية تحويلها إلى أدوات مفيدة للدولة الأمريكية.

ويقول أدريان كرانز، رئيس شركة بارا تريد كوربورشن، الرائدة في مجال الاستفادة من قوة الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة لإعادة تشكيل عملية صنع القرار المالي في المؤسسات، إن التكنولوجيا دائماً ما تغير موازين القوة الجيوسياسية من الناحيتين العسكرية والاقتصادية.

وقد أصبحت العملات الرقمية المشفرة تهدد فعالية “العصا الغليظة” الأمريكية، وهي العقوبات الاقتصادية التي تستخدم فيها واشنطن المكانة الفريدة للدولار الأمريكي في النظامين المالي والتجاري العالميين لمعاقبة ما تعتبرها دولاً مارقة.

على سبيل المثال، يستخدم الوكلاء الروس العملة المشفرة “تيتر” للالتفاف على العقوبات الأمريكية وشراء مكونات الطائرات المسيرة والأسلحة.

وانتهى الأمر إلى قدرة روسيا على الاستفادة من القبول العالمي المستقر لهذه العملة دون أن تضطر للالتزام بالقواعد التي حددتها الولايات المتحدة، ومثل هذا التطور سابقة تجاهلها كل السياسيين المخضرمين على جانبي المحيط الأطلسي. ورغم أن وكالة الأمن القومي الأميركي تستطيع تتبع بعض هذه التعاملات الروسية بالعملات المشفرة، فإنها لا تستطيع وقف تدفقها، خصوصاً في ظل الموقف المحير لأعضاء الكونغرس الذين يعانون سطحية الفهم في أفضل الأحوال، لطبيعة هذه التعاملات الجديدة.

في الوقت نفسه يوفر الذكاء الاصطناعي قدرات جديدة على التنبؤ والإنذار المبكر، بما في ذلك التنبؤ بنتائج الانتخابات ونمو المحاصيل وتدفقات الإيرادات والتحركات العسكرية، وكل هذا له تداعيات استراتيجية وعسكرية، ويمكن أن تصبح التشكيلات العسكرية الصغيرة المرتبطة بشبكات الاتصال وبإمكانات الذكاء الاصطناعي هي مستقبل الحرب الفعالة، وهذا ما بدأت تدركه العديد من الدول، ولكن وزارة الدفاع الأميركية لا تبذل الجهد الكافي من أجل دمج الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية، وهذا يجعل الجيش الأميركي في موقف أشبه بموقفه في بداية الحرب على الإرهاب في مطلع القرن الحالي، حيث لم يكن مستعداً تماماً لمواجهة مثل هذا النوع من الأعداء الذي يتحرك ويقاتل بشكل أسرع مما يتخيله كبار ضباط الجيش الأميركي.

كما يرى كرانز أن الذكاء الاصطناعي سيصبح نفط المستقبل، وستكون مراكز البيانات هي حقول النفط التي تستخرج منها كل قدرات الذكاء الاصطناعي. ونحن نرى انتشار الذكاء الاصطناعي في كل الصناعات تقريباً، وستعتمد هذه الصناعات في المستقبل القريب عليه لكي تعمل بالشكل الصحيح، وكلما زاد حجم مراكز البيانات زادت قوة نموذج الذكاء الاصطناعي المستخدم. وعلى عكس غالبية الصناعات الأخرى فإن مراكز البيانات تعتمد على عامل إنتاج رئيس وحيد هو الكهرباء وكميات كبيرة منها.

لذلك فالسؤال الآن هو: ما كمية الطاقة التي تحتاجها هذه التكنولوجيا؟ يستهلك حالياً نشاط تعدين العملة المشفرة الأشهر عالمياً «بتكوين» وأنشطة الدعم المرتبطة بها ما بين 67 و240 تيراواط/ساعة، أي ما يراوح بين 0.2% و0.9% من إجمالي استهلاك العالم من الكهرباء سنوياً. وبالنسبة للذكاء الاصطناعي فإن قوة أجهزة الكمبيوتر المطلوبة لاستخدامها تتضاعف كل 100 يوم، ومن المتوقع أن تستهلك هذه الأجهزة نحو 4% من إجمالي الطلب العالمي على الكهرباء بحلول 2028. هذا الاستهلاك الضخم للطاقة يعني أن توافر الطاقة الرخيصة وليس العمالة الرخيصة سيكون عنصر الجذب الرئيس لشركات التكنولوجيا لإقامة مراكزها في هذه الدولة أو تلك.

الامارات اليوم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ميتا تختبر روبوتات الذكاء الاصطناعي على إنستجرام
  • ميتا تبدأ في عرض شخصيات الذكاء الاصطناعي عبر إنستجرام
  • دعوى قضائية ضد OpenAI وMicrosoft
  • مستشار شيخ الأزهر تلتقى وزير الشئون الدينية الإندونيسي لمناقشة توثيق العلاقات العلمية
  • الذكاء الاصطناعي في التعليم: خطوة عراقية جديدة نحو المستقبل
  • هل اقترب عصر الذكاء الاصطناعي الواعي؟
  • الجابر: الذكاء الاصطناعي سيلعب دوراً مهما في تحول الطاقة
  • بيل جيتس: الذكاء الاصطناعي سيساعد على دفع تحول الطاقة
  • خبير أميركي: الذكاء الاصطناعي نفط المستقبل
  • جامعة السلطان قابوس والذكاء الاصطناعي