لماذا يخشى بايدن استهداف الحوثيين؟ وهل يردعهم تحالفه البحري؟
تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT
يخشى الرئيس الأمريكي جو بايدن من توسع الحرب في منطقة الشرق الأوسط في حال هاجم جماعة الحوثي في اليمن ردا على استهدافها لسفن شحن في البحر الأحمر، لكن في الوقت نفسه ليس بإمكان قوة العمل البحري درء هجمات الحوثيين، وفقا لستيفن كوك في تحليل بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية (Foreign Policy).
وتضامنا مع قطاع غزة الذي يتعرض منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي لحرب إسرائيلية مدمرة بدعم أمريكي، استهدف الحوثيون، المدعومين من إيران، بصواريخ ومسيّرات سفن شحن في البحر الأحمر تملكها و/ أو تشغلها شركات إسرائيلية و/ أو تنقل بضائع من وإلى إسرائيل.
وقال كوك، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إن "إدارة بايدن تشعر بالقلق من أنها إذا تحركت ضد الحوثيين، فسيؤدي ذلك إلى توسيع نطاق الحرب في غزة، وهو تطور عملت جاهدة لمنعه؛ ولهذا وضعت البحرية الأمريكية في المنطقة في وضع دفاعي".
وتابع: "ستقوم القوات الأمريكية بإسقاط الطائرات الحوثية بدون طيار والصواريخ التي تستهدف الشحن التجاري وبالتالي الاقتصاد العالمي، لكنها لن تدمر قدرة الجماعة على مضايقة الشحن".
واعتبر أن "الإعلان الأخير عن عملية "حارس الازدهار"، وهو جهد متعدد الأطراف لحماية الشحن التجاري، هو مظهر من مظاهر سياسة بايدن".
وفي 18 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن تشكيل قوة عمل بحري باسم "حارس الازدهار"، تضم 10 دول، بينها دولة عربية واحدة هي البحرين؛ بهدف مواجهة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، وهو ممر حيوي للتجارة العالمية يقود إلى قناة السويس ومضيق باب المندب (تمر عبره 40% من التجارة العالمية).
اقرأ أيضاً
تقدير موقف إسرائيلي يحذر من تصاعد نفود الحوثيين بعد إنهاء حرب اليمن.. كيف؟
صراع إقليمي
"وإذا كان بايدن وفريقه قلقين بشأن توسع الصراع إقليميا، فإن الحوثيين (مثل "حزب الله" في لبنان) قاموا بالفعل بتوسيع نطاق الصراع باستهداف الشحن في البحر الأحمر"، بحسب كوك.
وتستحوذ التجارة البحرية على 70% من واردات إسرائيل، ويمر 98% من تجارتها الخارجية عبر البحرين الأحمر والمتوسط. وتساهم التجارة عبر البحر الأحمر بـ34.6% في اقتصاد إسرائيل، بحسب وزارة المالية.
وأردف كوك: "يبدو أن إدارة بايدن تسيء فهم سبب وقوع الأحداث في البحر الأحمر، ولو كان لديها فهم أفضل للموقف، لعرفت أن قوة المهام البحرية، مهما كانت هائلة، لن تتمكن بمفردها من درء الهجمات".
وحتى السبت قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة 21 ألفا و672 فلسطينيا، وأصاب 56 ألفا و165 بجروح، بالإضافة إلى دمار هائل في البنى التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
واعتبر كوك أنه "لم يكن من المستغرب أن يستهدف الحوثيون الشحن البحري قبل الصراع في غزة، لكن يبدو أن الإيرانيين شجعوهم على التصعيد التدريجي الآن لتعطيل الاقتصاد العالمي؛ بهدف الضغط على الولايات المتحدة والقوى الكبرى الأخرى لدفعها إلى التصعيد".
ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، شنت جماعات موالية لإيران، بينها الحوثيون و"حزب الله" وجماعات أخرى في الجارتين العراق وسوريا، هجمات بصواريخ وطائرات مسيّرة على أهداف إسرائيلية و/ أو أمريكية.
وتعتبر كل من طهران وتل أبيب العاصمة الأخرى العدو الأول لها، وتحتل إسرائيل منذ عقود أراضٍ في فلسطين ولبنان وسوريا.
اقرأ أيضاً
رويترز: هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر تكبد عمليات التوريد والتجزئة خسائر باهظة
حركة "حماس"
كوك قال إنه "إذا تمكنت إسرائيل من القضاء على حماس، فسيكون ذلك بمثابة ضربة استراتيجية كبيرة لطهران، ولهذا تقاوم إسرائيل الضغوط الدولية بأي ثمن لإنهاء هجومها العسكري، ولذلك لن يتوقف الحوثيون عن مهاجمة السفن".
ويُصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنامين نتنياهو على مواصلة الحرب، على أمل الاستمرار في منصبه بعدها، من خلال إعادة الأسرى، وإنهاء حكم "حماس" المستمر لغزة منذ يونيو/ حزيران 2007، والقضاء على القدرات العسكرية للحركة التي تؤكد أنها تقاوم الاحتلال الإسرائيلي المتواصل لفلسطين منذ عقود.
وردا على جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، شنت "حماس" في 7 أكتوبر الماضي هجوم "طوفان الأقصى" ضد قواعد عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في محيط غزة.
وقتلت "حماس" في الهجوم نحو 1200 إسرائيليا وأسرت حوالي 240، بادلت قرابة 110 منهم مع الاحتلال، الذي يحتجز في سجونه أكثر من 7800 فلسطيني، وذلك خلال هدنة استمرت أسبوعا حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، بوساطة قطرية مصرية أمريكية.
و"إذا أرادت الولايات المتحدة حماية حرية الملاحة في البحر الأحمر وضواحيه، فسيتعين عليها نقل المعركة مباشرة إلى الحوثيين"، كما زاد كوك.
وأردف أنه "في عام 1987، وفرت الولايات المتحدة مرافقة عسكرية للناقلات الكويتية بعد تعرضها لمضايقات من القوات الإيرانية، وأمر الرئيس (الأمريكي) رونالد ريجان بعمليات عسكرية لتدمير قدرة إيران على تعطيل حرية الملاحة في الخليج".
اقرأ أيضاً
واشنطن تفرض عقوبات على متهمين بنقل الدعم المادي إلى الحوثيين
المصدر | ستيفن كوك/ فورين بوليسي- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: بايدن الحوثيون تحالف بحري البحر الأحمر هجمات غزة إسرائيل فی البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
لماذا تدّمر إسرائيل القرى الحدودية؟
إذا أراد المرء تعداد الغارات الإسرائيلية التي تستهدف القرى الحدودية الأمامية لما استطاع احصاءها نظرًا إلى كثرتها، مع ما ينتج عنها من خسائر بشرية ومادية، علمًا أن معظم أهاليها قد غادروها، ولم يبقَ فيها سوى العناصر الحزبية المقاتلة، الذين لا يزالون يقاتلون، وإن في المواقع الخلفية غير المتقدمة. فما تقوم به إسرائيل من تدمير ممنهج لهذه القرى يهدف بالتأكيد إلى إفراغها من المسلحين أولًا، ومن سكّانها ثانيًا، بحيث لا تعود العودة إليها ممكنة، خصوصًا أن الأراضي الزراعية لم تعد صالحة لحراثتها من جديد. فمعظم أهالي الجنوب يعتمدون في معيشتهم على الزراعات الموسمية كشتول التبغ والزيتون. وقد لفت مشهد تفجير حيّ بكامله في بلدة ميس الجبل دفعة واحدة أنظار المراقبين الدوليين، الذين تصل إليهم تقارير أمنية يومية عن التطورات الميدانية. وما يخشاه هؤلاء المراقبون هو تحويل القرى الحدودية الأمامية على طول الخطّ الأزرق من الناقورة حتى مزارع شبعا أرضًا محروقة قد يصبح من المتعذّر على أهاليها العودة إليها قريبًا حتى ولو تمّ التوصّل إلى وقف للنار في المدى المنظور.
وفي رأي هؤلاء المراقبين أن هدف إسرائيل قد أصبح واضحًا، وهو جعل الحياة في هذه القرى مستحيلة أقله على بعد ما يقارب العشرة كيلومترات عمقًا، خصوصًا أنها استطاعت أن تدّمر التحصينات والأنفاق التي أقامها "حزب الله" في "قرى – الحافة" على مدى سنوات طويلة. وبذلك تكون تل أبيب قد ضمنت عدم قيام "المقاومة الإسلامية" بأي هجوم على المستوطنات الشمالية على غرار عملية "طوفان الأقصى التي قامت بها حركة "حماس" في 7 تشرين الأول من العام الماضي، مع علمها المسبق أن "حزب الله" بما لا يزال يمتلكه من صواريخ بعيدة المدى قادر على استهداف هذه المستوطنات حتى ولو تراجعت عناصره إلى شمال الليطاني. إلاّ أن هذا الأمر لا يشكّل بالنسبة إلى القيادة العسكرية في تل أبيب مشكلة حقيقية، لأن إعادة المستوطنين إلى الشمال الإسرائيلي تفرض، وفق النظرية العسكرية الإسرائيلية، أن يكون الجزء الجنوبي من لبنان المحاذي للخط الأزرق خاليًا من المسلحين وحتى من الأهالي. وهذا هو التفسير الوحيد لعملية التدمير المبرمج والممنهج لهذه القرى، وذلك بالتزامن مع قصف لا يقّل حدّة للقرى الخلفية، والتي لها رمزيتها التاريخية في وجدان أهالي جبل عامل كالنبطية وبنت جبيل وصور والقرى المحيطة بهذه المحاور الجنوبية، فضلًا عن استهداف مناطق بقاعية لها رمزيتها التاريخية أيضًا كبعلبك وقرى قضائها، وذلك بحجّة أن القرى المستهدفة تشكّل خزانًا بشريًا لـ "المقاومة" وفيها مخازن للسلاح المتوسط والثقيل.
ولا يستبعد هؤلاء المراقبون أن يكون هدف إسرائيل من وراء تهجير ما يقارب المليون وثلاثمئة شيعي من قراهم الجنوبية والبقاعية ومن الضاحية الجنوبية لبيروت إلى المناطق، التي لا تزال في منأى عن القصف اليومي في الجبل بكل أقضيته والشمال. ومن دون هذا التهجير لن تكتمل حلقات ما اصطُلح على تسميته "مؤامرة"، وذلك انطلاقًا من نظرية لبنانية قائمة على الأمثال الشعبية، والتي يقول إحداها "بعود تحبك وقرّب تسبّك".
ولكي لا يُفسّر أي كلام يمكن أن يُقال في مجال الواقع التهجيري على غير مقصده فإنه لا بد من المسارعة إلى التأكيد أن لا نيّة لأي طرف، سواء أكان مهجّرًا أو مستضيفًا، الانزلاق إلى ما يُخطّط له في الخارج من "تشجيع" على فتنة يبدي كثيرون خشيتهم من وقوعها على خلفية طبقية وليس طائفية كما يحلو للبعض تسميتها. لكن هذا الحرص الذي يبديه الجميع على السلم الأهلي لا يعني عدم وجود بعض المشاكل الفردية، التي تتمّ معالجتها سريعا سواء عن طريقة "تبويس اللحى" التي تقوم بها أحزاب مناطق الايواء أو الاستضافة، أو عبر الاستعانة بالجيش في حال لم تمشِ سياسة "إزرعها بدقني".
فمهما طالت الحرب، وهي طويلة، ستنتهي في يوم من الأيام. ولكن على المعنيين البدء بالتفكير اليوم قبل الغد بما يمكن القيام به في اليوم التالي، وبالتحديد في ما يتعلق بعلاقة اللبنانيين بين بعضهم البعض. فالمطلوب من الجميع ترتيب الأولويات بدءًا بانتخاب رئيس للجمهورية وانتهاء بقرار الحرب والسلم وخطة الدفاع الاستراتيجية، فضلًا عن مناقشة كل "كبيرة" وكل "صغيرة" التي تجعل التقارب اللبناني – اللبناني مشوبًا بالحذر الدائم. المصدر: خاص "لبنان 24"