قال الدكتور محمود محيى الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة المعنى بتمويل خطة التنمية المستدامة لعام 2030، رائد الأمم المتحدة السابع رفيع المستوى المعنى بتغير المناخ، إن العالم يشهد حروباً وصراعات مسلحة لم يألفها منذ وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، أدت إلى فقدان أسباب الحياة والمعيشة، كالمأساة التى تعيشها غزة على مدار الساعة.

وأضاف «محيى الدين» فى حواره لـ«الوطن»، أن الاقتصاد المصرى لديه كل الإمكانات التى تدعو إلى التفاؤل، ويستحق استعادة الثقة لاجتذاب ما فاته من تحويلات المصريين العاملين بالخارج، أو تراجع بعض الاستثمارات، فكل هذا سيعود لطبيعته بعد التوصل إلى اتفاق متوازن مع صندوق النقد الدولى، بالإضافة إلى ما يتم القيام به بشأن استكمال عملية البناء والتنمية، والاستثمارات والتعمير.

مبعوث الأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة: انضمام مصر لتجمع «بريكس» خطوة على الطريق الصحيح

بداية.. كيف ترى انضمام مصر لتجمع بريكس؟ وما العائد عليها من ذلك؟

- الفائدة الأكبر من انضمام مصر للبريكس هو ما تم الإعلان عنه بأن يكون هناك تنسيق بين الدول الخمس المؤسسة للتجمع، وهى الصين، الهند، جنوب أفريقيا، روسيا، والبرازيل، والدول المنضمة حديثاً منها مصر اعتباراً من شهر يناير 2024، على أن يكون التنسيق بين هذه الدول جيداً وفعالاً ومؤثراً لمصالح دول عالم الجنوب عموماً والدول الداخلة فى البريكس تحديداً، خاصة فى المؤسسات المالية الدولية.

وهناك أيضاً موضوع تهتم به دول البريكس كثيراً، وهو ما يرتبط بمستقبل النظام النقدى العالمى، الذى يعنى الاهتمام بمدى عدالة نظم الصرف المتبعة ومدى اتفاقها ومناسبتها لأوضاع البلدان المختلفة، والتنسيق فى السياسات النقدية الدولية، وإمكانية تسوية بعض المعاملات من خلال العملات المحلية، وهناك بعض التجارب الجيدة فى هذا الشأن، وهنا يجب التوضيح أن النظام النقدى العالمى يختلف عن النظام المالى العالمى، فالأخير يهتم بمستقبل المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولى، وصندوق النقد وبنك التنمية الأفريقى ومؤسسات القطاع الخاص.

ووجود مصر ضمن «بريكس» فرصة وخطوة جيدة لإجراء حوارات ونقاشات ثنائية مع دول التجمع، علماً بأن روسيا هى التى سترأس دورة البريكس المقبلة فى عام 2024، مما يخلق حالة من التعاون وزيادة الفرص للتعرف على المجالات المختلفة للتطوير ووضع الاقتصاد والاستثمار فى البشر والاستثمار بشكل جيد فى البنية الأساسية، بالإضافة إلى زيادة فرص التصدير وغيرها من الأمور التى تؤدى إلى تطويرها، ودول «بريكس» المنتظر انضمام مصر إليها بداية من شهر يناير المقبل، تستحوذ على 25% من صادرات العالم، وعدد سكانها يمثل 46% من سكان العالم.

هيمنة الدولار مستمرة.. واستبداله بعملات أخرى يثير المخاوف رغم تأثيره السلبى على البلدان منخفضة الدخل

ماذا عن هيمنة الدولار؟ وما علاقة بريكس بذلك؟

- هيمنة الدولار مستمرة، باعتباره العملة المفضلة للبنوك المركزية بما يجعله اليوم عملة احتياطى دولى بنسبة 60% بعدما كانت 70% فى عام 2000، ورغم انخفاض نسبته فى إجمالى الاحتياطى الدولى، فإنها الأعلى بما يعادل ثلاثة أمثال نصيب اليورو، الذى يمثل 20% من إجمالى الاحتياطى الدولى، فيما زادت حصة الدولار فى تسوية المدفوعات وكعملة لعقود السلع الأساسية والديون الدولية فى فترة أقدمت فيها الولايات المتحدة على إجراءات تضعف تلقائياً ثقة المتعاملين فى عملتها، خاصة بعد ارتفاع معدلات التضخم فيها، والمسيطر أيضاً على هذا أمران، هو حالة الاعتياد على عملة واحدة، وهو أمر أشار إليه أيضاً الرئيس البرازيلى لولا دا سيلفا، فكلما طُرح موضوع استبدال الدولار بعملة بديلة أثار ذلك مخاوف بعض الناس، رغم تأثيره السلبى على تجارة البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، والأمر الثانى هو النسبية، فأداء الاقتصاد الأمريكى أفضل من منافسيه رغم كل مشكلات الاقتصاد الأمريكى، بخاصة مع زيادة ديونها بما تجاوز 31 تريليون دولار فى بداية العام 2023.

أما عن علاقة تجمع بريكس بمسألة هيمنة الدولار، فإن البريكس يستهدف منافسة الولايات المتحدة والغرب، وكسر هيمنة الدولار الأمريكى، لا سيما فيما يخص التمويل والديون، من خلال طرح بدائل وحلول مختلفة لشغل مساحة أكبر على الساحة الاقتصادية الدولية، وبخاصة فى ظل الخطر الآتى من المشكلات المالية الأمريكية المتصلة بسوء الحوكمة وتبنى سياسة خارجية متشددة تقوم على استخدام العقوبات الاقتصادية سلاحاً دبلوماسياً.

هل تحتاج مصر إلى وزارة استثمار فى الوقت الحالى؟

- وجود وزارة معنية بملف معين هو أمر جيد، فى حالة إذا كانت الدولة ترى أولوية لهذا الملف، علماً بأن الملف فى أحوال كثيرة تقوم بإدارته وزارات أخرى ليس فقط فى مصر، بل نجد أن هناك وزارات أخرى تقوم بنفس المسمى الوظيفى لبعض المهام، من الممكن أن تكون هناك وزارة منفصلة تسمى وزارة الاقتصاد، أو وزارة منفصلة للتجارة، وهذه النماذج توجد فى أكثر من دولة، لكن الشكل التنظيمى فى يد من يقوم بعملية التنسيق، والأهم من ذلك أن وظيفة الاقتصاد يتم الاهتمام بها، وتكون هناك متابعة لوظيفة الاستثمار، لكن إذا كان المسمى يساعد فى تقديم رسالة وتكريس جهود لهذا الملف فمن الممكن ذلك.

كيف ترى مستقبل الاقتصاد المصرى مع بداية عام جديد؟

- مع استقبال عام جديد، أرى أن ممكنات انطلاق الاقتصاد المصرى خلال الفترة المقبلة متوافرة، وهنا نتحدث عن انطلاق الاقتصاد وليس فقط استقراره، لأن استقراره هو الحد الأدنى والضرورى، باعتبار ما فى الدولة من ممكنات واستقرار أمنى، وقد اختبر هذا وبشدة على مدار الفترة الماضية، واستطاعت مصر أن تثبت متانة وصلابة، ولم يقتصر هذا على حدود مصر فقط، بل كانت مصدراً لدعم واستقرار من حولها من البلدان، ومانعة من التوتر والتدهور من خلال التنسيق الدولى وبحكم مكانتها فى هذا الشأن، بالإضافة إلى تنوع الاقتصاد المصرى والبنية الأساسية التى تم الاستثمار بها فى السنوات الماضية، ووضع الأولويات فى علاج المشكلات الاقتصادية، وجزء منها يدخل فى إطار صندوق النقد الدولى.

ونحن نستبشر خيراً وخصوصاً أنه جرى التأكيد على خلق إطار لكبح التضخم، فى إطار تطورات اقتصادية جديدة، ويجب أن يكون استهداف التضخم بالتنسيق مع المالية العامة، والانضباط المطلوب من عجز الموازنة، وتوجيه الاستثمارات العامة لتشجيع الاستثمارات الخاصة والبناء عليها وزيادة التصدير، واستعادة الثقة فى الاقتصاد المصرى وهو يستحقها، ليجتذب مرة أخرى ما فاته من تحويلات المصريين العاملين بالخارج، أو تراجع بعض الاستثمارات، فكل هذا سيعود لطبيعته بعد التوصل إلى اتفاق متوازن مع صندوق النقد الدولى، بالإضافة إلى ما يتم القيام به من استكمال العمل فى عملية البناء والتنمية، والاستثمارات والتعمير، والاهتمام بأولوية نراها الآن فى البنى الأساسية للجامعات، مع الاهتمام الموجه للعملية التعليمية ذاتها والرعاية الصحية، فمصر فى نطاقها الجغرافى ليس أفريقياً وعربياً فقط ولكن فى منطقة البحر المتوسط ينتظرها مستقبل متميز وواعد، والاقتصاد المصرى لديه كل الإمكانات التى تدعو للتفاؤل.

وماذا عن حرب أوكرانيا وتأثيرها على الاقتصاد المصرى؟

- فيما يخص حرب أوكرانيا، نتمنى لها أيضاً التوقف، لأن هناك أبرياء يسقطون من الجانبين، ونهاية أى حرب هى مائدة المفاوضات والسلام، والتأثير الاقتصادى لحرب أوكرانيا قائم مع استمرار الحرب، وتمت الاستعانة بما يمكن لاستيعاب التأثيرات السلبية، مثل التداعيات على الوقود والغذاء مع بداية الحرب فى عام 2022، وجرى استيعاب تلك التداعيات فى العام التالى وتدبير مصادر أخرى للطاقة فى أوروبا، وللوقود والغذاء فى بلدان أخرى مثل مصر، ولكن يجب التحوط ضد التغيرات المفاجئة فى هذا الشأن.

مساندة المبادرة المصرية لإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة واجبة لتحقيق السلام فى المنطقة

كيف ترى المؤشرات الاقتصادية للعام الجديد فى ظل الحروب والنزاعات القائمة؟

- الحروب أدت إلى إهلاك البشر، وهناك دمار وضحايا أبرياء، بغض النظر عن الأثر الاقتصادى لذلك على مستوى العالم، لكن يجب ألا ننسى أن هناك أبرياء من المدنيين على مدار الساعة يسقطون، وهنا أنوه بأن المساندة للمبادرة المصرية ومناشدة الأمين العام للأمم المتحدة واجبة، ولا شك أنه من الممكن مع السلام والاستقرار تختلف الأوضاع من خلال منح تدفقات أكثر للسياحة والاستثمار، لكن الأولوية الآن أهم من المال والاقتصاد، فهناك بشر يضحى بهم وبحياتهم ومستقبلهم، مما يترتب عليه مخاطر تضر بالاقتصاد، وهناك توجيه نفقات وتكلفة تتحملها البلدان خاصة البلدان المجاورة للكارثة التى تعيشها غزة، وتؤثر على قطاعات مثل السياحة، وتحمل تكلفة عالية على النشاط الاقتصادى وزيادة المخاطر، وتهديد لحركة النقل، كل هذا يزول بتحقق السلام والاستقرار الأمنى.

هل الحديث عن إعادة إعمار غزة فى وقته؟

- ما نتمناه الآن بالنسبة لغزة هو السلام والاستقرار الأمنى، ثم يأتى بعد ذلك الحديث عن إعادة إعمار غزة، إذا ما نظرنا إلى الدول التى تعرضت إلى حروب سابقة ودمرت، نجد أن إعادة إعمارها يتطلب الكثير من الوقت، وفى الوقت الحالى الأهم وما يجب السعى إليه وتحقيقه هو السلام والأمن داخل غزة، فعملية إعادة الإعمار تأتى بآمال وفرص عمل وتشغيل ومشاركات فى هذا الأمر.

ماذا عن معدلات النمو الدولية بعد 7 أكتوبر 2023؟

- فيما يخص معدلات النمو الدولى المحدثة، والتى جاءت بعد 7 أكتوبر 2023، أدخلت فى اعتبارها سيناريوهات أخرى، فكان الحديث عن معدلات نمو ما بين 2.5 و3.5%، وهى الأقرب من المستويات الأدنى من الأعلى عالمياً، والدول الأقرب هى الأكثر تأثراً، وبالتالى كلما كان هناك دفع لعمليات السلام وحقن للدماء، تكون الفائدة الكبرى هى إنقاذ الضحايا، بينما الفوائد الأخرى ستكون اقتصادية.

مبادلة الديون

فكرة مبادلة الديون قديمة ومصر لجأت إليها بهدف تحويل بعض الديون إلى استثمارات مباشرة تتم مع عدد كبير من الدول، وقد جرى الحديث عن مبادلة الديون فى شرم الشيخ، ووجود إطار وتنظيم لهذه الفكرة، لتكون هناك مجالات لاستبدال المديونيات بمجالات الاستثمار فى موضوعات التكيف مع العمل المناخى واستثمارات تخفض من الانبعاثات، والأمر المهم فى هذا الشأن هو التحول من الشكل التجريبى إلى مجالات أكثر اتساعاً.

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الأمم المتحدة الاقتصاد المصرى التنمية المستدامة بريكس الاقتصاد المصرى هیمنة الدولار بالإضافة إلى انضمام مصر الحدیث عن من خلال

إقرأ أيضاً:

سعر الدولار مقابل الجنيه المصري في التعاملات المسائية اليوم الأربعاء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

استقر سعر الدولار مقابل الجنيه مساء اليوم الأربعاء 18-12-2024، وسط ترقب لقرار البنك الفيدرالى الأمريكي اليوم ، فيما سجل سعر الدولار نحو 50,76 جنيه للشراء، 50,86 جنيه للبيع، بحسب متوسط السعر بالبنك المركزي المصري.

سعر الدولار في البنك الأهلي المصري:


بلغ سعر الدولار في البنك الأهلي 50,74 جنيه للشراء، 50,84 جنيه للبيع.

سعر الدولار في بنك مصر:


سجل سعر الدولار في بنك مصر 50,74 جنيه للشراء، 50,84 جنيه للبيع.

سعر الدولار في البنك التجاري الدولي-مصر:
بلغ سعر الدولار في البنك التجاري الدولي-مصر 50,76 جنيه للشراء، 50,86 جنيه للبيع.

سعر الدولار في بنك قطر الوطني:
وسجل سعر الدولار في بنك قطر الوطني 50,75 جنيه للشراء، 50,85 جنيه للبيع.

سعر الدولار في بنك فيصل الإسلامي المصري:
وسجل سعر الدولار في بنك فيصل الإسلامي المصري 50,75 جنيه للشراء، 50,85 جنيه للبيع.

سعر الدولار في مصرف أبوظبي الإسلامي -مصر:
سجل سعر الدولار في مصرف أبوظبي الإسلامي -مصر 50,84 جنيه للشراء، 50,93 جنيه للبيع.

سعر الدولار في البنك العربي الافريقي الدولي:
سجل سعر الدولار بالبنك العربي الافريقي الدولي 50,73 جنيه للشراء، 50,83 جنيه للبيع.

مقالات مشابهة

  • سعر الدولار مقابل الجنيه المصري في التعاملات المسائية اليوم الأربعاء
  • بمشروع معماري للمهندس صلاح الدين| مصر في بينالي فينيسيا الدولي للعمارة.. وزير الثقافة: منصة مهمة لعرض الإبداع المصري.. والتنسيق الحضاري يُشيد بدوره العالمي
  • جدل بعد ظهور مدان باغتيال النائب العام المصري مع الجولاني
  • طرح شركات حكومية في البورصة.. هل يسهم في انتعاش الاقتصاد ‏المصري وجذب الاستثمارات؟
  • سعر الدولار مقابل الجنيه المصري بختام التعاملات.. «آخر تحديث»
  • برلماني: رسائل طمأنة من الرئيس السيسى للمواطنين عن الاقتصاد وسيادة الدولة
  • "الأغذية العالمي": هناك حاجة ماسة إلى مليارات الدولارات لمعالجة بؤر الجوع حول العالم
  • المالية النيابية:الأوضاع في سوريا لا تؤثر على الاقتصاد العراقي
  • لي كل الإمكانات لكن أهلي يرفضون استقلاليتي
  • النائب هاني العسال: حديث الرئيس للإعلاميين اتسم بالمصارحة والشفافية