عقد معهد التخطيط القومي حلقة نقاشية حول فرص التمويل الأخضر في ضوء مخرجات مؤتمر الأطراف للتغيرات المناخية (COP28)، وذلك في إطار تنفيذ مبادرة "مصر تتحضر للتحول الأخضر: نحو تضييق فجوة التمويل المناخي المتنامية في ضوء التطورات العالمية الأخيرة"، الممولة من أكاديمية البحث العلمي و التكنولوجيا.

 أدارت الجلسة الدكتورة هالة أبو علي نائب رئيس المعهد لشئون البحوث والدراسات العليا السابق وأستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ومستشار الفريق البحثي القائم بتنفيذ المبادرة.

وقدم كل من شريف سامي الرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية، ومحمد بيومي مساعد للممثل المقيم ورئيس فريق البيئة في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عرضين متميزين حول تغير المناخ بعد COP28، والتمويل الأخضر والأزرق (الفرص، والتحديات، والمخاطر)، وذلك بحضور أشرف العربي رئيس المعهد، و أشرف صلاح الدين نائب رئيس المعهد لشئون التدريب والاستشارات وخدمة المجتمع، وهبه الباز أستاذ الاقتصاد المساعد ورئيس قسم السياسات المالية والنقدية بمعهد التخطيط القومي، رئيس الفريق البحثي القائم بتنفيذ المبادرة، وكذا بقية أعضاء الفريق البحثي، بالإضافة إلى عدد من أساتذة التخطيط والاقتصاد والبيئة، والمهتمين بهذا الشأن.


 أوضحت هالة أبو على أن الجلسة النقاشية استهدفت تسليط الضوء على مخرجات مؤتمر المناخ COP28 فيما يتعلق بالتمويل الأخضر، وكيف يمكن أن تشكل تلك المخرجات محطة فاصلة وبداية جديدة في مساعي العالم لمواجهة التغيرات المناخية من خلال قرارات ونتائج ملزمة تسهم في الحد من تداعياتها وأثارها المتوقعة، إلى جانب استعراض التحديات التي تعوض توفير التمويل اللازم للعمل المناخي، وكذلك البدائل التمويلية التي يمكن أن تلعب دوراً ملموساً في حشد الموارد المالية اللازمة لسد فجوة تمويل العمل المناخي والتحول نحو الاقتصاد الأخضر.

 أكد شريف سامي أن التمويل الأخضر يستهدف تحقيق النمو الاقتصادي مع الحد من التلوث وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتقليل النفايات إلى الحد الأدنى، وتحسين كفاءة استخدام الموارد الطبيعية، مشيراً إلى أن الدولة المصرية اتخذت عدة مبادرات حكومية لدعم التمويل الأخضر من بينها إحلال المركبات للعمل بالوقود المزدوج، ومبادرة الري الحديث، إلى جانب تحويل المخابز للعمل بالغاز الطبيعي، وكذلك التوسع في إنشاء محطات الغاز الطبيعي.


وأوضح سامي أن قنوات التمويل الأخضر تشتمل على قنوات مباشرة  مثل الصكوك والسندات، والاقتراض المصرفي، والتمويل غير المصرفي، والتأمين، وحقوق الملكية، وقنوات غير مباشرة كصناديق الاستثمار، وإعادة توجيه التحسن في قيمة الأراضي، والشراكة بين القطاعين العام والخاص.


وأشار إلى أن الجهات الإشرافية والتنظيمية ذات العلاقة بالتمويل الأخضر المتمثلة في البنك المركزي المصري وهيئة الرقابة المالية تشجعان على الإفصاح عن الممارسات البيئية والمناخية، وإصدار منتجات وأدوات المالية الخضراء، لافتًا إلى أن تحديات تحقيق المستهدفات الخضراء تتعلق بمحاولة توفير أقل تكلفة للمستهلك النهائي في بيئة تضخمية عالية متوازنة مع أهداف تعزيز شبكة إزالة الكربون وضمان بقاء التأثير البيئي منخفضا.

وحول آليات الاستفادة من التمويل الأخضر نوه إلى أنها تتضمن تحقيق مستهدفات التعامل مع المخاطر البيئية والمناخية، وجذب جزء من الأموال المرصودة  للتمويل الأخضر، وكذلك تنويع أدوات التمويل والاستثمار المعروضة.


مخرجات الأطراف للتغيرات المناخية (COP28)

وبشأن مخرجات الأطراف للتغيرات المناخية (COP28) أوضح  محمد بيومي أنها ارتكزت على تفعيل صندوق الخسائر والأضرار، والتحول من استخدام جميع أنواع الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة لتمكين العالم من الوصول إلى الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050، إلى جانب مضاعفة مصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات ومضاعفة كفاءة استخدام الطاقة بحلول عام 2030، وزيادة تمويل التكيف بشكل كبير، وكذلك بناء الزخم نحو إصلاح الهيكل المالي العالمي.

وأضاف بيومي أن الدولة المصرية أولت اهتمامًا كبيرًا بالمشروعات الصديقة للبيئة حيث تبنت استراتيجية متكاملة للطاقة النظيفة والمستدامة مستهدفة الوصول بها إلى 42% من إجمالي القدرة الإجمالية للشبكة القومية للكهرباء، وذلك بحلول عام 2035، وإنشاء  مجمع بنبان للطاقة الشمسية الذي يعد أكبر مجمع لمحطات توليد الكهرباء النظيفة في الشرق الأوسط ، وتشجيع استخدام الإضاءة والأجهزة المنزلية الموفرة للطاقة، وكذلك الأنظمة الكهروضوئية ذات الأسطح المتصلة بالشبكة.

وشدد بيومي على ضرورة تعزيز دور القطاع الخاص في دعم مشروعات  التخفيف والتكيف مع التغير المناخي، ودعمها في مجالات عدة لاسيما تلك المتعلقة بالابتكارات التكنولوجية اللازمة، وجذب التمويل الخاص والمستثمرين بشروط تمويل خضراء، وكذلك تحفيز وحشد استثمارات القطاع الخاص لمكافحة التغير المناخي والتي تتمثل في إطلاق مشاريع خضراء قابلة للاستثمار وذات عائد جذاب للتخفيف والتكيف مع آثار التغير المناخي.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: التمويل التمويل الأخضر أكاديمية البحث العلمي التخطيط القومي النمو للتغیرات المناخیة التمویل الأخضر إلى أن

إقرأ أيضاً:

المشتبه بهم المعتادون وكذلك غير المعتادين في هجوم المزة بدمشق

نقلت وكالة الأنباء السورية "سانا" عن وزارة الدفاع أن العاصمة دمشق تعرضت لهجوم بصارخين اثنين من طراز "كاتيوشا" يوم الجمعة الفائت. وذكر الخبر أن الصاروخين أُطلقا من أطراف المدينة باتجاه الأحياء السكنية في منطقة المزّة ومحيطها، ما أسفر عن إصابة عدد من المدنيين.

وقالت وزارة الدفاع إنها تعمل على "جمع الأدلة اللازمة وتحديد مسار الصواريخ ومصادر الإطلاق"، قبل أن تؤكد وصولها لمكان إطلاق الصاروخين وعملها على كشف باقي ملابسات الهجوم.

وبالنظر إلى طريقة الهجوم، وفي غياب كامل التفاصيل، يمكن القول إن معنى الرسالة أكثر حضورا من معنى الاستهداف والضرر المباشر، أي أن استهداف العاصمة وإطلاق صواريخ داخلها يشمل انتهاك السيادة من جهة، وتأكيد الثغرات الأمنية التي يمكنها إتاحة تكرر الاستهداف من جهة أخرى.

التوقيت والسياق من أكثر ما يُعتمد عليه في مسعى تحديد الأطراف المتورطة في أي اعتداء عادة، ولذلك تبرز زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع للولايات المتحدة كالسياق الأبرز في فك شفرات الهجوم. بمعنى آخر، فالأطراف المتضررة و/أو المستاءة من الزيارة وما تخللها هي "المشتبه بهم المعتادون"، ويضاف لها أعداء و/أو خصوم القيادة السورية بشكل عام بطبيعة الحال.

فماذا حصل في الزيارة؟ ومن استاء أو تضرر منها؟

كانت الزيارة هي الأولى من نوعها منذ عقود، وشملت لقاء مباشرا مع الرئيس ترامب، ووعودا برفع العقوبات (لم تصل بعد للتنفيذ الفعلي الكامل)، وجدول أعمال على رأسه نقاش انضمام سوريا للتحالف الدولي ضد "داعش"، واجتماعا ثلاثيا ضم وزراء خارجية كل من الولايات المتحدة وسوريا وتركيا "لمتابعة تنفيذ ما اتُفق عليه" بين ترامب والشرع.

أعطى ذلك إشارات على تفاهمات محتملة بين الدولتين -ومعهما تركيا- بخصوص ثلاثة ملفات؛ "إسرائيل" و"داعش" وقوات سوريا الديمقراطية "قسد".

تمثِّل "إسرائيل" التهديد الأكبر والعدو الأخطر لسوريا منذ سقوط نظام الأسد قبل 11 شهرا، بكل ما أقدمت عليه ميدانيا من قصف وتوسيع احتلال وقتل واعتقال وتثبيت نقاط عسكرية، فضلا عن التدخل بشكل سلبي وخطير في الشؤون الداخلية السورية وتحديدا ما يتعلق بالأقليات، مع تصريحات مباشرة تدعو لتقسيم سوريا، كما أن المفاوضات مع سوريا لم تصل لاتفاق أمني بسبب رفع "إسرائيل" لسقف المطالب والاشتراطات ومن ضمنها "ممر إنساني" نحو السويداء.

يضاف لكل ما سبق أن الأوساط السياسية والإعلامية في تل أبيب عبّرت بشكل واضح عن قلقها من زيارة الشرع (الذي ما زالت تسميه "الجولاني" وتصفه بالإرهابي)، ومن أن تشكل منعطفا في العلاقات السورية- الأمريكية في غير صالحها. ولذلك تأتي دولة الاحتلال في مقدمة المشتبه بهم خلف الاعتداء، ورسالة الضغط والتهديد المقصودة منه أوضح ما تكون في هذه الحالة.

بشكل مشابه، تبرز "قسد" كمشتبه به محتمل في الوقوف خلف الهجوم، بالنظر لتلكئها في تنفيذ اتفاق آذار/مارس الفائت مع الرئاسة السورية (والذي سقفه الزمني نهاية العام الجاري)، والتي تتوجس أيضا من الاجتماع الثلاثي في واشنطن الذي يُفترض أنها أحد أهم ملفاته، حيث ترى أن تغيير الإدارة الأمريكية موقفها لصالح رؤية دمشق وأنقرة خطر وجودي على مشروعها.

وأخيرا، فإن فكرة انضمام سوريا للتحالف الدولي ضد "داعش"، سواء تم أم ما زال في طور النقاش والتفكير، يشكّل قرينة كافية لوضع التنظيم في مقدمة الأطراف المشتبه بها، خصوصا وأن السنوات الفائتة شهدت مواجهات بينه وبين هيئة تحرير الشام والفصائل الأخرى.

يضاف للأطراف سالفة الذكر -"إسرائيل" و"قسد" و"داعش"- خصوم التجربة السورية الجديدة وفقا لتعبير وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى، والذي يحيل ضمنا فيما يبدو إلى إيران أو أطراف مرتبطة بها، بالنظر لتحالفها مع النظام السابق.

بيد أن الأقل تداولا، بل غير المتداول، أن هناك مشتبها بهم آخرين، "غير معتادين"، ينبغي وضعهم في إطار الاشتباه وبالتالي البحث والتمحيص والتحقيق. وسبب غيابهم عن قائمة الاتهام المحتمل هو أنهم يصنفون ضمن "أصدقاء" سوريا الجديدة على الساحتين الإقليمية والدولية.

لماذا نقول ذلك؟ لأن الدول والأنظمة التي كانت تسعى لإعادة تأهيل نظام الأسد وطالما وَصَمَتْ الرئيس السوري وهيئة تحرير الشام بالإرهاب، بل ظلت على هذه التسمية والسياسة حتى خلال عملية "ردع العدوان"، فضلا عن الولايات المتحدة التي كانت قد وضعت جائزة 10 ملايين دولار على رأس الشرع (الجولاني سابقا)، لم تصبح بين يوم وليلة في صفوف "أصدقاء سوريا" ولا حلفاء الشرع. سيكون من السذاجة أن نرى ما حصل ويحصل حتى اللحظة اصطفافا بهدف الدعم وليس سياسة تسعى للاحتواء.

فلقاء ترامب مع الشرع في الرياض كان تضمن "طلبات" أو "نداءات" من الأول للثاني، أميلُ لعدِّها شروطا لما أسماه ترامب نفسه "منح فرصة" ورفع العقوبات، ومن بينها التطبيع مع "إسرائيل" ومحاربة الإرهاب، طبعا وفق الرؤية الأمريكية. شيء من هذا القبيل ردده المبعوث الأمريكي لسوريا توم باراك حين قال، بعد لقاء الشرع بترامب، إن سوريا سوف تشارك مع الولايات المتحدة في محاربة أطراف ذكر من بينها "داعش" وحزب الله وكذلك حركة حماس الفلسطينية.

كما أن مسار التفاوض بين سوريا و"إسرائيل" لم يفض حتى اللحظة إلى اتفاق أو تفاهم ما، بسبب ما يبدو أنه رفض سوري لبعض الاشتراطات والمطالب "الإسرائيلية"، فضلا عن أن الشرع كرر رفضا ضمنيا لانخراط بلاده في "الاتفاقات الإبراهيمية"، تاركا موضوع التطبيع مع "إسرائيل" لمرحلة "ما بعد الجولان".

بمعنى أن سوريا الجديدة، ورغم لغة الانفتاح وخطاب الطمأنة وأولوية الاقتصاد والبناء، ورغم المرونة الكبيرة التي أبدتها في كثير من الملفات الداخلية والخارجية، لم تصل بعد للمرحلة التي تريدها -أو تشترطها- واشنطن وبعض العواصم المرتبطة بها في المنطقة. فتكون فرضية الرسالة من خلال الهجوم الأخير لمزيد من الضغط بهدف الحصول على المزيد من التنازلات و"الالتزام" بالخط المطلوب أمريكيا؛ فرضية منطقية ولا ينبغي استبعادها، خصوصا وأن "رفع العقوبات" ليس قرارا أمريكيا في طور التنفيذ، وإنما أداة ابتزاز مستمرة بوجه دمشق المطالَبة بالتزامات واستحقاقات.

لا يعني هذا أن السيناريو الأخير هو الأعلى احتمالا، بل لعله الأقل مقارنة بكل من "إسرائيل" و"قسد" و"داعش"، وحتى "خصوم سوريا"، لكنه احتمال ينبغي وضعه على الطاولة وفي الذهن لدى صانع القرار وكذلك لدى النخبة السورية الجديدة، حتى يبنى على الشيء مقتضاه بغض النظر عن اللغة الدبلوماسية وإكراهات السياسة.

x.com/saidelhaj

مقالات مشابهة

  • إعصار ميليسا بجامايكا يطرح فجوات التمويل والعدالة المناخية
  • بنك ظفار يدعم أهداف الاستدامة عبر التمويل الأخضر ومبادرات كفاءة الطاقة
  • الرواشدة يؤكد أهمية البحث الزراعي في مواجهة التغير المناخي وتعزيز الأمن الغذائي
  • المشتبه بهم المعتادون وكذلك غير المعتادين في هجوم المزة بدمشق
  • المنتخب العراقي يرتدي الزيّ الأخضر أمام الإمارات في مواجهة الحسم
  • مدير المتحف المصري الكبير: لا يمكن تنفيذ العقوبة المالية على المخالفين
  • وزير المالية: توسيع نطاق التمويل الميسر وتخفيف مخاطر الاستثمارات المناخية ببنوك التنمية متعددة الأطراف
  • المالية: نعمل على مبادلة الديون باستثمارات في البنية التحتية والطاقة المتجددة والمجالات الخضراء
  • رئيس الوزراء يتفقد أجنحة الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات والشركة المصرية للاتصالات والبريد
  • رينارد يعقد مؤتمرًا صحفيًا غدًا للحديث عن استعدادات الأخضر لمواجهة الجزائر