تتعرض سلطنة عمان كغيرها من دول شبه الجزيرة العربية والشرق الأوسط للعواصف الرملية والترابية وموجات الغبار التي تؤدي أحيانا إلى توقف الحركة في العديد من القطاعات، وتخلّف وراءها حوادث وأضرارا واسعة النطاق، وتحديات صحية، وبيئية، واقتصادية، تدفع الدول للبقاء في حالة تأهب قصوى لاحتواء تأثيراتها الخطيرة على مرافق التنمية والخدمات العامة وصحة المجتمع.

ووفقا للخبراء، فإن التغيّر المناخي يعد عاملا أساسيا في ازدياد العواصف الرملية والترابية، حيث أصبحنا نشهد تلاحقا غير مسبوق لموجات الغبار الشديدة العابرة للحدود، وتسارعا في وتيرة حدوثها، ما يستدعي على نحو خاص توعية المجتمع بالمخاطر الصحية والبيئية والاقتصادية التي قد تنجم عن هذه العواصف وسبل تجنبها، عبر اتخاذ إجراءات استباقية على جميع المستويات. وإسهاما في تحقيق هذه الغاية، تنشر «عمان» ملفًا في عدة حلقات عن العواصف الترابية.. أسباب نشوئها.. ومناطق تأثيرها.. وتداعياتها على الإنسان والتنمية.. وسبل تجنبها.. والمبادرات الوطنية والدولية للتصدي لها والحد من أضرارها.

تأثيرات بيئية واجتماعية

تصل العواصف الرملية إلى سلطنة عمان على شكل عوالق ترابية، كما تحمل الرياح الموسمية كميات كبيرة من الغبار والرمال، ويبدو أثرها واضحا على محافظات جنوب الشرقية والوسطى وظفار.

وقال الباحث البيئي محمد بن مبارك عكعاك، من محافظة ظفار: إن للغبار تأثيرا سلبيا على المحاصيل الزراعية، والأراضي العشبية، وقد يؤدي إلى زحف الجفاف والتصحر، ويأتي الغبار مع العواصف الرملية أو ينتج عن الأنشطة البشرية المتمثلة في المحاجر التي تنثر كميات هائلة من الغبار في الهواء فيؤثر على الكائنات الحية، لذا علينا أن نركز على زراعة أحزمة خضراء من الأشجار المحلية المتنوعة في المناطق المواجهة للعواصف الرملية، وزراعة الكثبان الرملية القريبة بالأشجار سيسهم في تثبيت التربة والتخفيف من زحف الرمال على الطرق والمناطق السكنية، والتخفيف من آثار الغبار الصحية على السكان في المناطق المكشوفة.

زحف الرمال

وقال الدكتور خلفان بن سالم السنيدي، من ولاية جعلان بني بوعلي: تنشط في محافظات شمال وجنوب الشرقية والوسطى وظفار الرياح الموسمية التي تبدأ من شهر أبريل إلى أغسطس من كل عام وهذه الرياح تؤدي إلى زحف الرمال وانتشار العوالق الترابية، وتؤثر كثيرا على مرافق البنية الأساسية وعلى القاطنين في تلك المحافظات، إذ تؤدي إلى تكدس الرمال في الطرق ما يعرّض سالكيها وخاصة في فترة الليل لحوادث مرورية مميتة، والكثبان الرملية يمكن أن تغطي الطرق في ساعات معدودة نتيجة لسرعة الرياح، ويمكن مشاهدة تلك التأثيرات في ولاية جعلان بني بوعلي، حيث اضطر الأهالي إلى هجرة مناطق سكناهم لكثرة تعرّضها للعواصف الرملية وعدم قدرتهم على مواجهتها، كما في قرية المر ومنطقة الجفن بنيابة الأشخرة، حيث دفنت الرمال منازل القرية وأصبحت أثرا بعد عين، ولا يزال العديد من القاطنين في بعض المناطق يتركون قراهم أثناء هبوب الرياح الموسمية. وأضاف السنيدي: إن نشاط العواصف الرملية أدّى إلى تغيير مسارات بعض الأودية نتيجة غمرها بالرمال، وفي الجانب الصحي يتأثر السكان نتيجة استنشاق الغبار والعوالق الترابية في تلك المناطق؛ لذلك أثناء الرياح الموسمية ينتقل السكان في المناطق المكشوفة إلى الحواضر والولايات الداخلية البعيدة عن تأثيرات الرياح، وتؤدي العوالق الترابية إلى إصابة السكان بنوبات الربو وخاصة الأطفال وكبار السن ومن الصعب علاجها رغم أخذ الأدوية إلا بالابتعاد عن المناطق المتأثرة بالعوالق الترابية، مشيرا إلى أن الحد من تأثيرات الرياح على الإنسان والحيوان والبنية الأساسية والمساكن لن يتأتى إلا من خلال توسعة رقعة الغطاء النباتي وزراعة الأشجار على الطرق لصد الكثبان الرملية من دخول مسارات الطرق الرئيسية للحد من الحوادث المرورية بالإضافة إلى زيادة الغطاء النباتي بمحاذاة القرى السكنية، ولا بد من شراكة حكومية ومجتمعية للحد من تأثيرات العواصف الغبارية بتشجيع زراعة الغاف والسمر؛ لمكافحة الكثبان الرملية وتعزيز الصحة المجتمعية.

وقال الباحث عصام بن محمد عبدالله زعبنوت المهري، من ولاية المزيونة: إن العواصف الرملية والترابية زادت في السنوات الأخيرة بسبب التصحر وتحريك طبقة التربة في المناطق المفتوحة، ناهيك عن الرعي الجائر والتدهور في الأشجار المحلية والاحتطاب وغيرها من العوامل، إذ يعاني منها القاطنون في المناطق الصحراوية المفتوحة وتتعدد تأثيراتها على الصحة العامة وعلى مستخدمي الطرق؛ حيث تتسبب في انعدام الرؤية ناهيك عن دخولها لمنازل المواطنين والمرافق العامة وهو ما يستدعي القيام بالصيانة المستمرة لا سيما في فترات التحولات الموسمية.

وأشار المهري إلى أهمية قيام مبادرات في سلطنة عمان لا سيما في جنوب الشرقية والوسطى وظفار للتوسع في الزراعة والتشجير، خاصة على الطرق الرئيسية، وأن تساهم الشركات الكبرى في قطاع النفط والغاز وتحت إشراف المحافظات وهيئة البيئة ووزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، حيث يمكن أن تنجح هذه المبادرات في الحد والتخفيف من حركة الأتربة والغبار؛ كون الأشجار تعمل حاجز حماية على جوانب الطرق الرئيسية والمدن.

يمكن أن تسبب العواصف الرملية والترابية وموجات الغبار ضررا كبيرا على صحة الإنسان، خاصة إذا كان من الأطفال أو كبار السن أو من يعاني من مشاكل في الجهاز التنفسي.

وتشير الأبحاث إلى أن التعرّض لجزيئات الغبار الدقيقة، التي تبقى في الهواء من ساعات إلى أيام، يمكن أن تؤدي إلى مشاكل صحية والتهابات فيروسية وبكتيرية، وفي حالات أخرى يمكن أن تؤدي إلى الوفاة، وقالت الدكتورة آمنة بنت عبدالله المنذرية، اختصاصية طب الأسرة: إنه كلما تعرّض الإنسان للغبار لوقت أطول ازدادت الخطورة على صحته، ولكن هناك فئات هي الأكثر عُرضة للخطر من العواصف الرملية والترابية وهي: كبار السن والأطفال، والأشخاص الذين يعانون من أمراض الجهاز التنفسي، مثل الربو والتهاب الشعب الهوائية، والأشخاص المصابون بأمراض القلب، ومرضى السكري، وارتفاع ضغط الدم أو أمراض الأوعية الدموية الدماغية، والأشخاص الذين يعانون من أمراض المناعة والحساسية، وتسبب العواصف الرملية أو الغبارية حكة أو حرقانا في العينين، وتهيّج الحلق، وتهيّج الجلد، والسعال أو العطس، وصعوبة في التنفس، والصداع واضطرابات النوم، مؤكدةً أن هناك أدوية «إسعافية ووقائية» يمكن للمرضى المعرّضين لنوبات الربو أو الحساسية الشديدة استخدامها للوقاية من أية مضاعفات صحية مرتبطة بالتعرّض للغبار.

لكن هل يمكن أن تسبب العواصف الرملية حالات اختناق؟ أجابت الدكتورة آمنة المنذرية: نعم يمكن للعواصف الترابية أن تهدد حياة الإنسان وخاصة الفئات الأكثر عُرضة لخطر مضاعفات الغبار.

إجراءات وقائية

ولفتت إلى أنه ينبغي خلال العواصف الرملية أو الغبارية تجنّب الأنشطة الخارجية وتجنّب الخروج للأماكن المفتوحة؛ بسبب الغبار العالق في الهواء الذي يمكن أن يسبب أضرارا على صحة الإنسان، وإغلاق أبواب ونوافذ المنزل بإحكام خلال موجات الغبار؛ لمنع دخول الغبار والأتربة وتجنّب التعرّض للغبار إلا للضرورة القصوى، وغسل الوجه والأنف والفم بشكل متكرر؛ للتخلص من الغبار والأتربة العالقة وتجنّب وصولها إلى الرئتين، وعدم فرك العينين خاصة بعد التعرّض للغبار لتجنّب خدش العينين وغسلهما بالماء فورا، والحرص على ارتداء النظارات الواقية لحماية العينين من الغبار وارتداء الكمامات الواقية للأنف والأذن مع الحرص على تغييرها باستمرار، ومَن يعانون من أمراض الجهاز التنفسي والقلب عليهم الالتزام بعلاج الحساسية الموصى به من قبل الطبيب، والتأكد من توفر الأدوية في المنزل. وتشير الدراسات إلى أن جميع الجسيمات التي تحملها العاصفة الترابية بإمكانها الدخول للجهاز التنفسي، وغالبًا الجسيمات الأكبر يمكن أن تترسب في الجهاز التنفسي العلوي فتؤدي للعطاس والسعال، بينما استنشاق جزيئات الغبار الدقيقة المجهرية العالقة في الجو يمكن أن تتراكم في أنسجة الرئة وبذلك قد تؤدي إلى مشاكل خطيرة في الجهاز التنفسي كـ«الالتهابات» ويمكن أن تلحق الضرر بالدماغ والقلب والأوعية الدموية والمناعة.

الطقس المغبر

من جهتها قالت الدكتورة أسمهان بنت راشد اليعقوبية، استشارية أمراض صدرية بالمستشفى السلطاني: يسبب الطقس المغبر وانتشار الملوثات والأتربة، التي لها القدرة على الدخول إلى جسم الإنسان عن طريق الأنف، أو العين، أو الأذن، الكثير من المشاكل لجسم الإنسان وخصوصا على مستوى الجهاز التنفسي، وهناك بعض الفئات من الناس تكون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض في مثل هذه الأجواء مثل كبار السن، والأطفال، ومرضى الجهاز التنفسي، وهؤلاء تكون حساسيتهم للملوثات والأتربة أعلى، وتسبب لهم الكثير من المشاكل، لذا يجب أن تتجنب هذه الفئات الخروج في الأجواء المغبرة، موضحة أنه في حالة الأشخاص الذين يجب أن يخرجوا بسبب ظروف عملهم فيجب عليهم ارتداء كمامة ذات مرشحات هواء عالية الجودة؛ لتجنب استنشاق جزيئات الملوثات الصغيرة، وارتداء نظارة واقية من الأتربة.

الثروة الزراعية

تمتد تأثيرات العواصف الغبارية أو الترابية إلى القطاع الزراعي؛ إذ يقول الدكتور أحمد بن بخيت بن سالم الشنفري، مدير دائرة البحوث الزراعية والحيوانية بمحافظة ظفار: يتمثل التأثير المباشر على القطاع الزراعي في تكوُّن طبقات رملية أو حبيبات على أسطح النباتات، ويؤدي ذلك إلى انسداد المسامات في الأوراق وحجب أشعة الشمس، وبالتالي خفض التمثيل الضوئي للنبات مما ينتج عنه جفاف هذه الأشجار بالإضافة إلى تأثيره على نموها وإنتاجها وربما يؤدي أيضا إلى موت هذه الأشجار، كما تؤدي العواصف الرملية إلى سد بعض قنوات المياه المفتوحة مثل العيون أو الأفلاج وغيرها من طرق الري في المزارع، كالذين يعتمدون على الري المفتوح على أسطح الأرض ولا يستخدمون طرق الري الحديثة، كما تؤدي العواصف الرملية إلى اقتلاع بعض الأشجار المعمّرة مثل بساتين النخيل والحمضيات وأشجار الفاكهة بشكل عام وغيرها من الأشجار المثمرة، بالإضافة إلى ذلك فإن العواصف الرملية من الممكن أن تساعد في نقل بعض الآفات الزراعية من مناطق مصابة إلى أخرى غير مصابة مما يزيد من انحسار القطاع الزراعي في هذه المناطق، كما تؤثر هذه الرياح على صحة المواشي وبعض مناطق الرعي، وكل هذه العوامل في مجملها تزيد من نسبة التصحر وينتج عنها تأثير مباشر على الأمن الغذائي.

وأشار إلى أن الحد من تأثيرات العواصف الرملية يكمن في زيادة الأحزمة الخضراء؛ والمقصود بها زيادة نسبة التشجير وزراعة مصدات الرياح في المناطق الزراعية، وكذلك سن القوانين والأنظمة في الدول لمنع التعدي على المناطق الخضراء والعمل على زيادة الرقعة الزراعية خاصة في المناطق المعرّضة لمثل هذه الظواهر.

جهود المكافحة

وأوضح أن سلطنة عمان تقع ضمن حزام المناطق الصحراوية، ومن البديهي تعرّضها للعواصف الرملية في أغلب مناطقها، إلا أنها تعدُّ ربما الأقل عُرضة للعواصف الرملية، ويعود ذلك إلى طوبوغرافية أراضيها، حيث تتمتع بوجود سلاسل جبلية في بعض محافظاتها، موضحا: إن انحسار الغطاء النباتي في بعض مناطق سلطنة عمان يؤدي إلى إثارة الرياح المحمّلة بالرمال والأتربة، وعوامل أخرى ذات أهمية أكبر، وتكمن في زيادة نسبة الملوحة وشح الأمطار ومصادر المياه بالإضافة إلى التمدد العمراني.

وأكد أن ظاهرة العواصف الرملية أكثر ظهورا في المناطق الزراعية المفتوحة، مثل محافظتي جنوب وشمال الشرقية ومنطقة النجد التي تعد من المناطق الواعدة في توفير الغذاء في المستقبل وزيادة الرقعة الزراعية في البلاد.

وأضاف: إن الجهود التي تقوم بها وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه للحد من ظاهرة العواصف الرملية تتمثل في تعزيز الإرشاد الزراعي والحيواني من خلال توعية المزارع ومربي الحيوانات بمخاطر هذه الظاهرة وكيفية الحد منها، بالإضافة إلى توفير الشتلات الزراعية بالمجان أو بأسعار رمزية، والتركيز على الزراعات الرأسية واستخدام التقنيات الحديثة في الزراعة وطرق الريّ مثل زيادة البيوت المحمية، وكذلك العمل على وضع الاستراتيجيات والخطط للاعتماد على سياسات الاقتصاد الأخضر من خلال زيادة الاستثمار في القطاع الزراعي وتعزيز الأمن الغذائي، ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لزيادة أنشطتها في القطاع الزراعي، والاستفادة من الهندسة الوراثية بإنتاج محاصيل ذات مواصفات عالية لتحمّل الجفاف وزيادة الإنتاج مثل القمح وأصناف التمور المقاومة للملوحة والأمراض والآفات الزراعية، وإنشاء السدود والنهوض بالقطاع الزراعي والحيواني بحسب رؤية عمان 2040 بكل مكوناته، والعمل على التقليل من ظاهرة التصحّر، ورفع مستوى الوعي بأهمية زيادة الرقعة الزراعية بمساهمة القطاعين الحكومي والخاص في ذلك.

تهديد حقيقي

وقال الأستاذ الدكتور راشد بن عبدالله اليحيائي، من قسم علوم النبات بكلية العلوم الزراعية والبحرية في جامعة السلطان قابوس: إن العواصف الرملية والعوالق الترابية تمثلان تهديدا حقيقيا للثروة الزراعية والحيوانية، وتشير كثير من الدراسات إلى تزايد حالات العواصف الترابية بشكل مستمر لأسباب كثيرة، منها الاحتباس الحراري والمرتبط بزيادة الغازات الدفيئة والتغيّر المناخي، مما يؤدي إلى آثار تشمل؛ انتقال وانتشار العديد من الآفات الزراعية التي تنتقل محمّلة في هذه العواصف بين المناطق الزراعية أو بين الدول، كما تنشط أنواع من الآفات التي تسبب ضررا للمحاصيل مثل آفة حلم الغبار التي تصيب ثمار النخيل وينتج عنه ضعف في النمو والإنتاج، كما تقلل هذه العوالق الترابية من جودة المحاصيل الزراعية، وتزيد من تكلفة الإنتاج، حيث تصبح المحاصيل الورقية مثلا، رديئة الجودة، وتتعرّض الحيوانات كذلك للآفات التي تنتقل عن طريق العواصف الترابية والرملية، كما أن العوالق تسبب أضرارا لا حصر لها على الأجهزة والمعدات الزراعية، بما فيها نظام فلاتر البيوت المحمية؛ مما يتسبب في زيادة كلفة الإنتاج الزراعي.

وأشار إلى أن الظواهر الجغرافية السلبية مرتبطة ببعضها؛ فزيادة معدلات التصحر وتعرية التربة وانعدام الغذاء النباتي كلها عوامل تسهم في زيادة العواصف الترابية والرملية وخصوصا تلك التي تتوافق مع فصل الصيف وازدياد درجات الحرارة.

وأوضح أن كلية العلوم الزراعية والبحرية في جامعة السلطان قابوس تقوم بدور محوري في دراسة كل ما من شأنه التأثير على القطاعات الزراعية والحيوانية والبحرية والمائية والبيئية بما فيها التصحّر وتملّح التربة والجفاف والتغيّر المناخي والتي تكون حالات العواصف الترابية والرملية أحد أبرز ظواهرها التي تزايدت في الفترات الأخيرة، والتي صاحبتها تقلبات واضطرابات مناخية، وأقيمت العديد من الندوات والمؤتمرات الدولية في رحاب الجامعة لتدارس وتوفير الحلول التي تسهم في التقليل من آثار مثل هذه الظواهر على القطاعات الإنتاجية بما فيها الثروات الزراعية والسمكية والمياه في سلطنة عمان، وتعكس خطة العمل الوطنية لمكافحة التصحّر أهمية حماية البيئة والحفاظ على المراعي الطبيعية ومساحات الأراضي الصالحة للزراعة والمزروعة والعناية بترشيد استخدام موارد المياه المحدودة، كما تقوم الكلية بتدريس عدد من المقررات التي تتضمن مثل هذه الظواهر، ويقوم الطلبة الجامعيون وطلبة الدراسات العليا بدراسة الآثار البيئية والاقتصادية للغبار على القطاع الزراعي وأفضل الأساليب المتبعة للحد منها.

مصدات الرياح

وقال الدكتور أحمد الحضري، رئيس الجمعية الزراعية العمانية بمحافظة ظفار: إن آثار الرياح المحمّلة بالغبار والعوالق الترابية لم يتم التطرق إليها من خلال الدراسات العلمية والبحثية في سلطنة عمان بشكل كاف.

وأشار إلى أن الرياح القوية التي تهب على منطقة النجد الواعدة زراعيا -والتي توجد بها العديد من مزارع النخيل والفواكه والخضروات والثروة الحيوانية- تأتي من الجنوب وتبدأ مع بداية الخريف في محافظة ظفار مع بداية شهر يوليو إلى بداية سبتمبر من كل عام محمّلة بالغبار والأتربة والعوالق، وتكون درجات الحرارة مرتفعة في الصحراء وتصل في منطقة النجد إلى 48 درجة مئوية ظهرا و35 درجة مئوية ليلا، كما أن سرعة الرياح تصل إلى 30 - 35 عقدة في الساعة محمّلة بالغبار والأتربة والعوالق، وتؤثر على العاملين في منطقة النجد وسكانها بشكل كبير جدًا بالإضافة إلى تأثير الرياح على حركة القاطنين، وكذلك لها تأثير على الثروة الحيوانية وضعف الإنتاج في ظل عدم مقدرة العاملين على التوجه للعمل، وتؤدي إلى تكسر الأشجار وجفاف الأوراق، وعدم المقدرة على زراعة المحاصيل خلال هذه الفترة من العام نتيجة للرياح القوية، وتتأثر ولايات ثمريت ومقشن والمزيونة ونيابات قتبيت والشصر وحنفوت؛ حيث تصاب بتأثيرات مباشرة جراء هذه العواصف الرملية، وهنا تأتي أهمية التوسع في الغطاء النباتي سواء بالمحاصيل الاقتصادية أو مصدات الرياح التي كلما اتّسعت تسهم في تقليل تأثيرات الرياح والعوالق الترابية، ودائمًا ننصح المزارعين بضرورة زراعة مصدات الرياح حول مزارعهم وخاصة أشجار النخيل كونها من الأشجار القوية، والنية تتجه لاستحداث أراض زراعية لتوزيعها على المزارعين وأصحاب المشاريع، ومن المتوقع زيادة الغطاء النباتي في المستقبل، بالإضافة إلى أن أمطار الأنواء المناخية أصبحت الآن تصل إلى الصحراء ما أدّى إلى ترطيب التربة وانخفاض درجات الحرارة، وأتوقع أن يؤدي ذلك إلى تراجع حدة تأثيرات الرياح والعوالق الترابية، موضحا: إن محافظة الوسطى لا تتمتع بغطاء نباتي، لذلك تتأثر بالرياح القوية المثيرة للعوالق الترابية فيتأثر الإنتاج الزراعي، كما تصاب الحيوانات بالعمى والربو، فلا ترى في الصحراء إلا الإبل القادرة على التحمّل، لذا نقترح توسعة المحميات النباتية بأشجار الغاف والسدر والسمر للتقليل من حدة الرياح والغبار، وننصح بتوسعة الغطاء النباتي في المناطق المأهولة أو المخطط لها زراعيا في المستقبل، وأكد أن أثر الرياح والعوالق الترابية ليست مقتصرا على المناطق الصحراوية، بل تتأثر المزارع المأهولة في سهل صلالة، إذ مع فصل الشتاء تأتي الرياح الجافة من الشمال محمّلة بالغبار وتؤثر على محاصيل هذه المزارع مما يؤدي إلى سقوط بعض الأشجار وفساد المحاصيل، ويجب تعزيز زراعة الأشجار أينما كان سواء في المدن أو الجبال أو الصحاري لزيادة الغطاء النباتي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: العواصف الرملیة والترابیة العواصف الترابیة الغبار والأتربة الغطاء النباتی الجهاز التنفسی القطاع الزراعی بالإضافة إلى على القطاع سلطنة عمان فی المناطق من الغبار العدید من تؤدی إلى یؤدی إلى فی زیادة من خلال یمکن أن مثل هذه للحد من الحد من إلى أن

إقرأ أيضاً:

نحو إمداد كهربائي مستقر لسودان ما بعد الحرب

 

نحو إمداد كهربائي مستقر لسودان ما بعد الحرب

الفاتح يس

بورتسودان ومعظم مدن السودان تواجه نقصا كبيراً في الطاقة الكهربائية، وبالتأكيد سودان ما بعد الحرب؛ سيختلف عن سودان ما قبل الحرب في إدارة الدولة لمواردها الطبيعية والبنية التحتية وطريقة إستخدامها للطاقة.
سودان ما قبل الحرب يعتمد على الطاقة المائية من السدود ومن إنتاج وإستيراد منتجات الوقود الاحفوري كوقود الديزل وغيره؛ ومعروف أن الطاقة المنتجة من الوقود الاحفوري لها أضرار بيئية لا مجال لذكرها في هذا المقال؛ ولهذا لابد له أن يتجه الي الطاقات المتجددة؛ مثلما إتجه العالم المتقدم للطاقات المتجددة النظيفة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة من الكتل الحيوية وطاقة المد والجزر وطاقة الأمواج وغيرها من أنواع الطاقات المتجددة الأخرى.

هذه هي أنواع الطاقات المتجددة؛ وكل نوع يصلح في مكان معين وفي أنشطة معينة؛ وهذا هو مربط الفرس في إدارة وإستخدام وإختيار نوعية الطاقات المتجددة في المكان والزمان والنشاط المناسب؛ ولا يكون إختيار نوعية إستخدام الطاقة المتجددة من فراغ؛ وإنما بعد إحصاء عدد السكان ومعرفة أنشطتهم ومستوى ومعدل ثقافاتهم ومصادر رزقهم؛ وبعد عمل دراسات وأبحاث لطبيعة المنطقة وتضاريسها وجغرافيتها وهل هي منطقة زراعية أم صناعية أم سكنية ام تجارية؟
كل ما ذُكر أعلاه يُحتم علينا معرفة كل نوع من أنواع هذه الطاقات المتجددة ودراسته بالتفصيل المُمِل؛ حتى يتسنى لنا إختيار نوع الطاقة المتجددة في المنطقة المناسبة؛ إضافةً الي ضرورة عمل دراسة جدوى هندسية وفنية وإقتصادية وبيئية للمحطة المراد إنشاؤها.

هذا الحديث يقودنا الي أن كل نوع طاقة من هذه الطاقات المتجددة يتكون من معدات وأدوات تختلف بعض الشيء عن الطاقات المتجددة الأخرى؛ وكل نوع طاقة لديه طريقة تصميم وتشغيل خاصه به؛ وكل نوع طاقه له إيجابياته وفرصة تطبيقة وأيضاً لديه سلبياته وعقباته وتحدياته.

فـ إذا مسكنا الطاقة الشمسية فنجد أنها تعتمد على إشعاع الشمس؛ وليس على درجة الحرارة كما يعتقد البعض؛ والعكس تماماً نجد أن درجة الحرارة تتلف الألواح؛ ولهذا تجد بعض الألواح يتم رصها فوق الأشجار وفوق المسطحات المائية. وتحتاج الطاقة الشمسية إلى أسطح مناسبة لوضع ألواح الطاقة الشمسية عليها، ومحول لتحويل الطاقة الإشعاعية الي طاقة كهربائية، وتحتاج أيضاً الي بطارية لتخزين هذه الطاقة وإستخدامها ليلاً؛ وواحد من سلبيات الطاقة الشمسية ان لهذه البطاريات عمر إفتراضي معين؛ ربما لا يزيد عن الخمسة أعوام؛ يعتمد على حسب نوع وجودة البطارية؛ ويمكن الإستغناء عن البطارية في حاله إستخدام الطاقة في وقت الإشعاع الشمسي (من الساعة الثامنة صباحاً حتى الرابعة أو الخامسة عصراً مع مراعاة الإختلاف في فصول السنة)؛ وهذا يقودنا إلى أن إستخدامها في المنازل والمباني يكون مناسب. ومن التحديات التي تواجه الطاقة الشمسية أن الألواح الشمسية تتأثر بالأتربة والغبار الذي يقلل من كفاءة الإنتاج الكهربائى؛ وبالتالي تراكم الغبار على الألواح يتطلب نظافتها؛ وهذا يزيد من إحتمالات حدوث كسر أو خدش لهذه الألواح الشمسية؛ ومعروف أن تكلفة الألواح الشمسية تمثل نسبة 60% أو أكثر من التكلفة الكلية لمحطة الطاقة الشمسية.

أما بالنسبة لطاقة الرياح (ممكن تصلح في شمال السودان)؛ فـ تحتاج إلى توربينات تحركها الرياح ومولد به ضاغط وملحقاته؛ لتحويل الطاقة الحركية (الرياح) إلى طاقة كهربائية.
هذه التوربينات تحتاج إلى مساحات خالية ولهذا تجدها في الصحراء والأماكن الخالية؛ وأفضل مكان لهذه التوربينات الهوائية هي فوق المسطحات المائية التي تزداد فيها سرعة الرياح؛ ولكن وضع التوربينات فوق المسطحات المائية مكلف للغاية؛ وتم التعويض عنه؛ بوضع هذه التوربينات في إرتفاعات عالية تصل فوق ال 60 متر فوق سطح الأرض للاستفادة من سرعة الرياح كلما إتجهنا الي الأعلى؛ وهذا يقودنا إلى أنه لا يصلح وضع هذه التوربينات الهوائية في المناطق السكنية؛ التي يقل فيها معدل سرعة الرياح بسبب المباني التي تصُد هذه الرياح.
من إيجابيات طاقة الرياح أن إنتاجها خلال ال 24 ساعة؛ عكس الطاقة الشمسية التي يكون إنتاجها في وقت النهار فقط؛ ومن سلبيات طاقة الرياح أنها غير مستقرة؛ ولهذه تحتاج إلى بطاريات لتخزين هذه الطاقة أو ربطها بالشبكة القوميـــة للكهرباء.

أما بالنسبة لطاقة الأمواج؛ فـ يتم الإستفادة من حركة الأمواج الترددية الأفقية؛ بــ تحويلها الي حركة ترددية عمودية عن طريق ربطها بــ الضاغط وملحقاته ومنها يتم تحويل هذه الطاقة الحركية الترددية العمودية إلى طاقة كهربائية. ومن سلبياتها أنها محصورة مع وبالقرب من المسطحات المائية؛ وهذا يؤدي إلى هدم وتكسير الموائل البحرية والرطبة للكائنات الحية؛ وهذا بدوره يؤثر على راحة وتكاثر ونمو وإنقراض هذه الكائنات الحية المائية والتي تعيش في الأراضي الرطبة؛ وهذا بدوره يؤدي إلى خلل النظام البيئي؛ وإنقراض هذه الكائنات الحية المائية؛ يؤدي إلى خلل في التنوع الحيوي؛ وبالتالي يحدث خلل في السلسلة الغذائية؛ وبالتالي بعض الكائنات الحية لن تتحصل على غذائها كاملاً ومنها بعض الأسماك التي تتغذي على بعض الكائنات الحية المائية والرطبة؛ وهذا بدوره يؤدي إلى نقص في الثروة السمكية بعض الشيء. طاقة الأمواج ربما يصعب الإستفادة منها في السودان.

أما بالنسبة لطاقة الكتل الحيوية؛ فـ الكتل الحيوية هي الإنسان والحيوان والنبات ومخلفاتهم. وإنتاج الطاقة من الكتل الحيوية يكون بــ جمع نفايات ومخلفات الإنسان (مياه الصرف الصحي) ونفايات ومخلفات النبات (كل أجزاء النبات من أوراق والفروع وغيره )، ونفايات ومخلفات الحيوان (كل أجزاء الحيوان من جلد وشحوم وروث وغيره)، بالإضافة إلى النفايات والمخلفات الغذائية. وبعد جمع هذه النفايات والمخلفات الحيوية يتم تقطيعها لقطع صغيرة، وإدخالها في مفاعل حيوي؛ هذا المفاعل الحيوي عبارة عن وعاء دائري الشكل مصنوع من مادة الفايبر جلاس، ويتم دفنه في الأرض (مثل السابتك تانك)؛ ليكتسب حرارة الأرض؛ لتسهيل عملية الهضم والتكسير التي تساعد على إنتاج الطاقة. يتم تكسير هذه الكتل الحيوية داخل هذا المفاعل الحيوي المحكم الإغلاق بواسطة البكتريا اللا هوائية (An Aerobic Bacteria) التي تحوِّل هذه الكتل الحيوية الي غاز الميثان وسماد عضوي سائل ينحدر الي أسفل المفاعل الحيوي.
غاز الميثان (CH4) أو ما يُسمى بالغاز الحيوي؛ هذا الغاز الحيوي يتصاعد إلى أعلى المفاعل الحيوي؛ وهو شبيه بــ غاز الطبخ؛ لذلك يُفضل إستخدامه مباشرةً كـ غاز طبخ أفضل من إستخدامه لإنتاج الكهرباء التي تحتاج إلى معدات أخرى. سهولة إستخدام الغاز الحيوي كـ غاز للطبخ؛ يدل على أن الطاقة المتجددة الناتجة من الكتل الحيوية؛ تصُلح أن تكون في المنازل والمباني والأبراج السكنية والمنتزهات والفنادق والمستشفيات؛ ويتم تصميم هذا المفاعل الحيوي بأحجام مختلفة يناسب المبنى الذي سيوضع فيه وكمية الكتل الحيوية الناتجه منه.
هذه هي أنواع الطاقات المتجددة؛ وإذا حاولنا نُجيب على سؤال:
ماهي الطاقة المتجددة المناسبة التي تناسب جغرافية ومناخ وطبيعة وأنشطة دولة السودان؟
فـ الإجابة: أن كل أنواع الطاقات المتجددة التي ذكرت في هذا المقال؛ يمكن أن يَصُلح إستخدامها في السودان؛ فقط نحتاج إلى دراسة نشاط وطبيعة وجغرافية وتضاريس المنطقة المعنية؛ وبموجب هذه الدراسات حتماً سنُحدد نوع الطاقة المتجددة المناسبة لهذه المنطقة أو هذه المكان.

أيضاً لابد من الإستفادة من جهاز الطباخ الشمسي (solar cooker) في الطبخ، وهو جهاز بسيط عبارة عن وعاء (حله) يوضع فيه الأكل المراد طهيهه، وحول هذا الوعاء يوضع العاكس الشمسي؛ ليعكس الأشعة الشمسية ناحية وعاء الطعام ليكثف ويزيد من درجة الحرارة الساقطة على الطعام؛ حتى يستوي، ومن ميزات الطباخ الشمسي أنه لا يحرق الأكل في حالة زيادة زمن سقوط الأشعة الشمسية عليه، وهو ساهل وبسيط ويمكن وضعه في اي مكان في المبنى أو المنزل.

*أستاذ جامعي وباحث في قضايا البيئة والاستدامة
alfatihyassen@gmail.com

الوسوماستقرار الفاتح يس الكهرباء امداد قطوعات

مقالات مشابهة

  • الخميس .. أجواء حارة متوقعة في جميع المناطق
  • غالانت: صفقة التبادل تعزز المصالح الوطنية وسنعرف كيف نتغلب على المخاطر
  • مصالح الداخلية تفتحص رخص السكن بإقليم الحوز
  • الأرصاد لـ "اليوم": موسم الغبرة ينشط صيفًا ويهدد صحة الإنسان والبيئة
  • الحرارة إلى مزيد من الإرتفاع.. وتحذير من التيارات المائية على الشواطىء الرملية
  • نحو إمداد كهربائي مستقر لسودان ما بعد الحرب
  • طقس العراق: ارتفاع درجات الحرارة وتصاعد الغبار خلال الأسبوع الحالي
  • الثلاثاء ..أجواء حارة نسبياً
  • طقس جد حار بهذه المناطق غدا الثلاثاء
  • كتلة الرعب الطائر.. 75% من أيام العراقيين مغبرة في اليوم العالمي لمكافحة العواصف الترابية