لماذا خذل النظام العربي المقاومة؟
تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT
الحقيقة أن النظام العربي الرسمي لم يخذل المقاومة الفلسطينية فقط، بل ذهب إلى أبعد من هذا بكثير، وبغض النظر عن كثير مما خفي من مداولات لرموز هذا النظام في غرفهم السرية، ومناجاتهم الثنائية والثلاثية، فثمة شواهد وفيرة تقول أن هذا النظام اتخذ قرارا صارما بالنأي بنفسه عن المقاومة، ومحاولة إجهاضها وقتلها، بوصفها حركة ثورية من جنس ثورات الربيع العربي، أو حلقة جديدة منه يتعين حصارها وحرمانها من النصر أولا، وإن تعذر الأمر حرمانها من قطف ثماره، وهذه سياسة ثابتة دأب النظام العربي على انتهاجها في كل المعارك التي خاضتها المقاومة في غزة تحديدا، حيث اجتهد كل أو جل الرموز الرسمية العربية في إبقاء المقاومة بعيدة عن قطف ثمار نصرها، وهو نصر تحقق فعليا في كل المواجهات السابقة مع العدو الصهيوني بلا استثناء، إلا أنها لم تتمكن من توظيف النصر على النحو المتناظر مع حجم تضحياتها وبطولاتها هي والحاضنة الشعبية الملتفة حولها!
أول الأسباب التي تدفع النظام العربي الرسمي لهذا الموقف "المبدئي" هو شعوره بأن انتصار المقاومة هو بمثابة إدانة مباشرة له، حيث فشل على مدار نحو ثمانين عاما في إلحاق هزيمة بالعدو الصهيوني بحجم الهزيمة التي ألحقته به المقاومة يوم العاشر من أكتوبر تشرين الأول، وباستثناء ما تحقق في معركة الكرامة وحرب تشرين / رمضان، فقد كانت كل مواجهات هذا النظام مع العدو تنتهي بالفشل الذريع، الذي يترتب عليه احتلال العدو لمزيد من الأرض العربية، ناهيك عن أن كل المواجهات العسكرية التي خاضها هذا النظام كانت قصيرة وأقرب ما تكون للخاطفة، ووفق شروط وتخطيط العدو، إذ لم يصمد جيش العرب أمام توحش الصهاينة وغزوهم، إلا أياما معدودات، في حين سجلت المقاومة في غزة أرقاما قياسية في الصمود والمناجزة وإيلام العدو، والانتصار عليه فعلا.
وهذا انتصار محرج للنظام العربي وليس في محله، ويضعه في خانة المساءلة والتشكيك أمام الشعوب العربية، ويطرح عديدا من الأسئلة الكبرى عن سر فشل النظام العربي الرسمي وانتصار جماعة "دولاتية" محاصرة لا تكاد تملك نقطة من بحر الموارد والإمكانات التي يملكها النظام العربي، وهذا الموقف يفت في شرعية النظام العربي الرسمي الذي ما فتىء يتغنى بالشعارات الرنانة الكبرى، التي تدور حول ما يسميه "مركزية قضية فلسطين" باعتبارها القضية العربية الأولى.
وتحت هذا العنوان استنزفت موارد البلاد، واضطهد العباد، وحرموا من أبسط مقدرات الحياة الكريمة الحرة، وكل هذا كرمى لعين فلسطين، وضرورة "تسخير كل الموارد ليوم التحرير" الذي لم يأت، حتى إذا بدا أن هذا اليوم اقترب أو لاحت بشائره، جن جنون هذا النظام، لأن التنظيم "الدولاتي" إياه هو من حقق هذه النتيجة، وتلك خطيئة يتعين على المقاومة أن تعتذر عنه، نعم عليها أن تعتذر عن النصر، وتتسق في سلوكها مع سلسلة الهزائم التي "أحرزها" النظام العربي الرسمي، ليس في مضمار "تحرير فلسطين" فحسب، بل في كل المجالات والحقول والصعد، سياسية واقتصادية واجتماعية، حتى ارتبط اسم "العربي" على يد هذا النظام بالتخلف والفشل، حتى غدا أضحوكة بين أمم الأرض قاطبة، فكيف والحالة هذه تفلح المقاومة في تنحية كل "إنجازات" النظام العربي الرسمي، وتنفض الغبار عن صورة العربي (والفلسطيني على وجه الخصوص) وتحوله من شخص مهزوم بائس إلى بطل منتصر، تتغنى ببطولاته وصموده جل شعوب الأرض؟
سجلت المقاومة في غزة أرقاما قياسية في الصمود والمناجزة وإيلام العدو، والانتصار عليه فعلا. أما ثاني الأسباب التي أشعلت جنون النظام العربي والرسمي، وبدأ يتحسس رقبته، فهي أشد وأمضى من السبب الأول، وهي متعلقة بإعادة الاعتبار لمفهوم اجتهد النظام وأعوانه ورعاته وأسياده في مسحه من الذاكرة الجمعية للشعوب العربية، وهو مفهوم المقاومة، وهذا المفهوم تحديدا تعرض لمحاولة إبادة شعواء عبر سلسلة من العمليات الجراحية الكبرى، بدأت بربطه بما يسمونه "الإرهاب" وبالتالي تجريم من يحلم به، ناهيك عمن يفكر في ممارسته، وانتهت بمسح كل ما يتعلق به من آيات وأحاديث شريفة وقصص تاريخية من مناهج الطلبة، مرورا بسلسة طويلة من القرارات والإجراءات السرية والعلنية الهادفة في النهاية بهدم هذا الركن من أركان الإسلام، لتأتي المقاومة وتبعث هذا المفهوم من جديد في نفوس الملايين من أبناء الأمة، عبر تقديم صورة مشرقة للمقاوم الساعي، لطلب الحياة الحرة الكريمة، بعيدا عن الذل الذي ألبسه النظام العربي الرسمي لبوس "حب الوطن" و"الحفاظ على أمنه" فغدا الركون إلى العدو والسعي لتطبيع العلاقة معه، "اجتهادا" محمودا لتحقيق "مصلحة الوطن!" وتلك واحدة من أكثر الخدع فداحة في مسيرة هذا النظام!
وبين السببين، آنفي الذكر أعلاه، رزمة أخرى من الأسباب، كلها تدور على حول "التهديد" الذي يشكله انتصار خيار المقاومة، لا التسليم والاستسلام، على أمن واستقرار النظام العربي الرسمي، حتى غدا انتصار المقاومة إشارة "سوداء" على قرب تفكيك هذا النظام، بعد أن بدا عاريا من كل الألاعيب والأكاذيب التي حاول تسويقها وبيعها للناس باعتبارها "ضرورات وطنية" و"مصالح عليا" للوطن والأمة!
وربما يكون لهذا الحديث صلة.. إن شاء الله.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المقاومة الفلسطينية غزة احتلال احتلال فلسطين مقاومة غزة رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المقاومة فی هذا النظام
إقرأ أيضاً:
إيرانيون ينتقدون النظام: أموالنا تذهب إلى حماس وحزب الله والعراق وأفغانستان
كشفت لقطات بثتها القناة الإسرائيلية الـ12، أن كبار القادة الدينيين في إيران وعائلاتهم يعيشون حياة مترفة، على عكس غالبية الشعب الإيراني، المنهك.
ويقول أحد الإيرانيين "إن كبار القادرة يعيشون في منازل بملايين الدولارات. لا يُسمح لنا إلا بالمرور، لكننا لن نتمكن أبداً من أن نصبح مستأجرين يوماً ما". وأشار إيراني عمره 44 عامًا يدعى علي قائلاً: "إنهم يعطون المال لحماس وحزب الله والعراق وأفغانستان وكل شخص في العالم يحصل على نصيبه من إيران".وتساءل "لماذا يجب أن نعيش في مثل هذا الفقر المدقع؟ لماذا يجب أن أكون عاطلاً عن العمل الآن؟ لماذا لست متزوجاً؟ لماذا لا يجب أن تكون لي زوجة وأطفال؟"
وأضاف علي "يقولون باستمرار الموت لأمريكا، الموت لإنجلترا "من جميع الاتجاهات، بينما يحمل أطفالهم جوازات سفر أمريكية، وبريطانية، وكندية، الجميع غاضبون منهم ومنزعجون من الأمر".
'Know this, Khamenei, this is your end': Iranians slam regime in footage from Tehran to Israelhttps://t.co/X1J1YPge2P
Shared with All News
وقال علي، الذي صور رحلته في المنطقة الأولى في طهران، حيث يقيم كبار المسؤولين الإيرانيين: "إذا تحدثت إلى الإسرائيليين فقط، تصبح جاسوساً، وسيعدمونك لأنك ارتكبت فعلاً خطيراً للغاية".
وتابع "لدي ماجستير في الإلكترونيات، وأنا عاطل عن العمل. لا عمل لدي، الناس متعبون والإيرانيون الذين أنهكتهم الجمهورية الإسلامية يشعرون بعدم الارتياح والخضوع". وأضاف "لا يستطيع الناس مثلي، 99% من سكان إيران شراء المنتجات في بلد غني بالنفط، وثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم، وثاني أكبر احتياطي للغاز في العالم. هذا النفط ملك للجميع، وهذا الغاز ملك للجميع، وهذه مناجم ملك للجميع".
خامنئي: إيران لن تتفاوض تحت ضغط "البلطجة" - موقع 24 قال المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، اليوم السبت، إن طهران لن تتفاوض تحت ضغط "البلطجة"، وذلك بعد يوم من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه بعث رسالة إلى أعلى سلطة في البلاد، للتفاوض على اتفاق نووي.نهاية خامئني
وأكد إيراني صور أحد المطاعم "إذا ذهبت إلى هناك لتناول وجبة واحدة فقط، فسيكلفني ذلك نصف راتبي الشهري".
وقال علي: "سأحتاج إلى العمل 15 يوماً لتوفير ثمن وجبة في هذا المطعم في هذا الممر. فقط الرجال، أبناء قادة البلاد، وأبناء السياسيين، وأعضاء الحرس الثوري، وأطفالهم، وحدهم من يمكنهم القدوم إلى مكان مثل هذا للتسوق".
وأضاف "بالنسبة لي، انتهى كل شيء. أتمنى أن أموت ألف مرة في اليوم"، مؤكداً أنه يدرك خطر التحدث مع وسيلة إعلام إسرائيلية، وقال: "أعلم أنهم ربما يعتقلونني يوماً ما، لكن لا بأس، أنا مستعد للذهاب إلى السجن".
ووجه رسالة إلى المرشد الإيراني قائلاً "إعلم يا خامنئي أن هذه هي نهايتك، أنت عجوز، أنت تحتضر، لن يحل محلك أحد، نحن عامة الناس لن نسمح بذلك، إذا قررت الطبقة العاملة أن تثور، فلن تتمكن الرصاصات والدبابات من إيقافها، الشعب سيسقط هذا النظام، انتفاضة العمال ستنتصر، وستنتصر الثورة".