صدر العدد الجديد من مجلة «الثقافة الجديدة» يناير 2024، عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، برئاسة عمرو البسيوني، وهو العدد الذي خُصص للاحتفال بمسيرة المجلة عبر الـ 400 عدد، منذ صدورها في أبريل 1970، برئاسة مجلس إدارة الكاتب الكبير سعد الدين وهبة، وبهذه المناسبة اختصت د. نيفين الكيلاني، وزير الثقافة، المجلة بمقال افتتاحي بعنوان: «تحية واجبة لكتيبة الثقافة الجديدة عبر تاريخها».

ومما جاء في المقال: «بلا شك أن مجلة «الثقافة الجديدة» أثبتت عبر تاريخها الطويل، وصمودها فى وجه التوقفات المتكررة التى حدثت لها، لتعود بعد كل توقف.. قوية، لتستمر لما يزيد على نصف قرن من الزمان –بتوقفات محدودة– لتصدر فى موعدها؛ الأول من كل شهر، لتثبت أن الواقع الثقافى يحتاج إليها، وأن جمهورها العريض فى مختلف أنحاء المحروسة وأيضًا خارجها، لا يتنازل عنها، وفى ذات الوقت يعكس هذا الانتظام وعى القائمين عليها، بأهمية الدور الذى تقوم به، باعتبارها أداة من أدوات وعينا الوطنى بأهمية الثقافة فى حياتنا».

 

 

وكتب رئيس التحرير، طارق الطاهر، افتتاحية العدد بعنوان: «رحلة البحث عن العدد الأول»، ساردًا تفاصيل العثور على هذا العدد الذي لم تره أجيال كثيرة، ذاكرًا أن هذا العدد «ييسر لنا وللباحثين عن التوثيق، مادة دسمة؛ إذ يستطيع أن يتتبع محطات هذه المجلة العريقة والفاعلة عبر تاريخها في حياتنا الثقافية».

 

 

في هذا العدد: كتب شعبان يوسف مقالًا بعنوان: «عدد تاريخي من مجلة الثقافة الجديدة»، متوقفًا عند أهم الملاح التي تميز العدد الأول من المجلة، وكيف ولدت عفية وناضجة. وكتب أحمد عبد الرازق أبو العلا «مائة وثلاثون عددًا وضعتني في قلب الحياة الثقافية محتفيًا بإبداعات جيل الثمانينيات»، مسلطًا الضوء على فترة عمله في هيئة تحرير المجلة، وأطوار إصدارها.

 

 

كما نقرأ في هذا العدد أربع دراسات، دارت حول ترويسة المجلة، وبعض الملفات والحوارات التي أعدتها، ودور المجلة في الحياة الثقافية المصرية، فكتب طارق الطاهر دراسة بعنوان: «مرآة لتاريخ الجهة التي تصدرها.. قراءة في ترويسة الثقافة الجديدة عبر خمسين عامًا»، متأملًا بشكل تفصيلي تاريخ ترويسة المجلة في مراحلها كافة، وملقيًا الضوء على أهم الافتتاحيات التي وردت في أعدادها، وكذلك على أهم القرارات المتعلقة بالمجلة، منذ إصدار العدد الأول أبريل 1970، وحتى العدد الأخير والذي يحمل الرقم (400). وكتب جمال العسكري دراسة بعنوان: عمر من القوة الناعمة»، يعرض فيها تاريخ المجلات الأدبية المصرية، وكذلك تاريخ مجلة الثقافة الجديدة بوصفها إحدى المجلات المؤثرة في تجاوز نكسة 1967، وكذلك دورها في إبراز الأصوات الإبداعية في الأقاليم المصرية جمعاء. وكتب شوقي بدر يوسف «المجلة الثقافية ودورها الفعال في المشهد الإبداعي.. الثقافة الجديدة نموذجًا»، باحثًا في أهم المجلات الثقافية والأدبية التي صدرت في العالم العربي، ومسلطًا الضوء على مجلة الثقافة الجديدة في مراحلها المتنوعة، كما تتضمن تلك الدراسة قراءات في افتتاحيات المجلة في مراحل متنوعة في تاريخها الذي تجاوز نصف قرن. وكتب مصطفى القزاز «من حوارات وملفات المجلة»، تناول فيها أهم الحوارات والملفات التي أعدها المجلة خلال فترة إصدارها.

 

 

ونقرأ أيضًا في هذا العدد مجموعة من الشهادات لعدد من كبار الكتاب المصريين الذين شهدوا على تاريخ المجلة، وتتميز تلك الشهادات بتنوع الأجيال، فكتب محمد السيد عيد «محمد كشيك.. رحلة عمر»، وكتب محمود عبد الباري «مدرسة مصرية شهرية»، وكتب محمد بغدادي «بدايات لا تنسى»، وكتب مسعود شومان «حديقة الثقافة الجماهيرية الظليلة»، وكتب مصطفى بيومي عبد السلام «ثقافة النخبة في ثياب الجماهير»، وكتب محمود خير الله «مثل حب يسطع في كل عتمة»، وكتب فتحي عبد السميع «من سلة غلال الأدب إلى تحرير الهامش»، وكتب محمد كمال «وجداني وعقلي معها»، وكتب محمود قنديل «رحلة عطاء لا ينضب»، وكتب أمل سالم «منارة مصرية للثقافة»، وكتب شعيب خلف «الثقافة الجديدة.. وكفى»، وكتب عاطف محمد عبد المجيد «أن تكون قبلة كل المبدعين»، وكتب عايدي على جمعة «صوت اللحظة الراهنة»، وكتب عوض الغباري «في عامها الثالث والخمسين»، وكتب عبده الشنهوري «مهمة شاقة»، وكتب عيد عبد الحليم «أهمية أن تمتلك جماليات الاختلاف»، وكتب حاتم عبد الهادي السيد «دورها في الحراك الثقافي المصري»، وكتب أبو الفتوح البرعصي «أدب البادية المصرية في متن الثقافة الجديدة»، وكتب مرسي عواد «شعلة ثقافية مضيئة»، واختتمت الشهادات بشهادة عبد الغني داود الذي كتب «خمسون عامًا من العطاء».

 

كما يتضمن العدد دراسة في أغلفة الثقافة الجديدة عبر تاريخها، كتبها محمد كمال بعنوان: «أغلفة الثقافة الجديدة بين المغازلة الجمالية والمتعة المعرفية»، درس فيها أغلفة المجلة من وجهة نظر تشكيلية.

 

كما يصاحب هذا العدد، العدد الأول من المجلة، الذي يوزع مجانًا مع المجلة، وهو العدد الذي صدر في أبريل 1970، برئاسة مجلس إدارة الكاتب الكبير سعد الدين وهبة. وقد شارك فيه نخبة من الكتاب والمثقفين المصريين آنذاك.

 

مجلة الثقافة الجديدة تصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، ونائبا رئيس التحرير الصحفيتان إسراء النمر وعائشة المراغي، مدير التحرير التنفيذي الناقد مصطفى القزاز، الإخراج الفني عمرو محمد.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: نيفين الكيلانى الهيئة العامة لقصور الثقافة دراسات صوت غدا مصطفى جيل قراءات قصور الثقافة سلام مادة مجلس إدارة دراسة ورة أمة الملفات مجلة موعد حاتم كتيب الظل سعد الدين عام ا شعبان يوسف نكسة 1967 قرن ثلاث اعتبار عقل حوا الهيئة العامة بلا موعده صاح العطا للباحثين رون حتى المتنوعة قصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني عتمة مسعود شومان مثقف المش قصور الثقافة برئاسة اختتم ونائب لقصور الثقافة افة وزي قصور الثقافة ب الثقافة الجديدة لال دورها العد برا الذي الضو شوم مين ثقافي جمع وصف منار الطاهر

إقرأ أيضاً:

الجزائر.. ودرس سوريا!

نشرت مجلة "لوبوان" اليمينية الفرنسية افتتاحية، في عددها الأخير، أقرب إلى تصفية حسابات و"تفكير رغبوي" على خلفية قضية بوعلام صنصال، الكاتب الجزائري المسجون في الجزائر (الذي حصل قبل أشهر على الجنسية الفرنسية)، وكذلك قضية كمال داود الكاتب الجزائري (الذي منحه ماكرون بقرار رئاسي الجنسية الفرنسية في 2020)، وهو كاتب عمود أسبوعي في المجلة نفسها.

 الافتتاحية جاءت بعنوان "درس سوري للجزائر" وبتوقيع محرر الشؤون الخارجية في المجلة لوك دي باروشي، الذي زعم أن النظامين الجزائري والسوري المنهار كانا مرتبطين ارتباطًا وثيقًا. وذهب للتساؤل: هل يمكن أن يواجه نظام الجزائر نفس مصير نظام دمشق؟

زعم الكاتب أن "الجزائر هي واحدة من الدول القليلة التي تأسفت على الإطاحة بـ "جزار دمشق" (بشار الأسد). وأن سقوط الطاغية السوري يضعف موقفها الاستراتيجي ويغرقها أكثر في المأزق الجيوسياسي. وأنها كحليفة وفية لديكتاتورية الأسد الأب (حافظ) ثم الابن (بشار)، وقد أصبحت (الجزائر) الآن محرومة من شريك كان قريبًا وثمينًا بالنسبة لها". وذكر الكاتب أن الجزائر "أكدت في 3 ديسمبر، مرة أخرى عبر بيان رسمي "تضامنها الثابت" مع "الدولة الشقيقة"، بينما كانت القوات المتمردة الإسلامية تتقدم نحو دمشق."

لم ينتظر الجزائريون الغيورون والمحبون لبلدهم مجلة "لوبوان" الفرنسية ومعناها بالعربية "النقطة"، ليضعوا "النقاط على الحروف"، ويدعون النظام الجزائري لتعلم الدروس واستخلاص العبر مما حدث في سوريا وسقوط نظام الأسد، وهروبه رأسه بشار.وادعى الكاتب أن "الطيور على أشكالها تقع: تمامًا مثل النظام السوري السابق، يغوص نظام الجزائر في جذوره في الأيديولوجية القومية العربية لجمال عبد الناصر، الاشتراكية والمعادية للغرب. وقد كان كلا البلدين تحت السيطرة الفرنسية، سوريا في فترة الانتداب (1920 ـ 1946) والجزائر خلال فترة الاستعمار (1830 ـ 1962)، لكن هذا لم يكن ما قربهما أكثر. فابتداءً من استيلاء حافظ الأسد على السلطة في دمشق عام 1970 وحتى 8 ديسمبر 2024، تشارك النظامان بشكل أساسي في نفس التنظيم العسكري ـ السياسي القائم على الجيش وأجهزة المخابرات، نفس الأسلوب المفترس، نفس القمع لجميع الأصوات المعارضة ـ على غرار الكاتب الفرنسي ـ الجزائري بوعلام صنصال، الذي سُجن منذ 16 نوفمبر بأمر من السلطة الجزائرية ـ ونفس الحليف والمورد الرئيسي للأسلحة، الاتحاد السوفييتي ثم روسيا، والذي انضمت إليه إيران بعد الثورة الإسلامية".

ومضى الكاتب ليقول إن: "الجزائر ودمشق أظهرتا أيضًا باستمرار نفس الهوس المعادي لإسرائيل بشراسة. ومنذ أواخر السبعينيات، كان البلدان أعمدة "جبهة الرفض" التي أدانت السلام بين مصر وإسرائيل باسم "التضامن" مع الشعب الفلسطيني. وفي 7 أكتوبر 2023، رفضا إدانة حماس بسبب مجازرها، التي برروها باسم حق الفلسطينيين في محاربة "الاحتلال الصهيوني".

ويضيف الكاتب "مع ذلك، فإن التعاطف مع الفلسطينيين متغير. فمنذ انتفاضة عام 2011 في سوريا، راهنت الجزائر بلا هوادة على نظام دمشق، الذي عذب معارضيه بشكل فظيع، وقصف مواطنيه بالأسلحة الكيميائية، وارتكب العديد من المجازر، بما في ذلك ضد اللاجئين الفلسطينيين في حي اليرموك جنوب دمشق. وهذه الأفعال لم تمنع الجزائر من التصويت داخل الجامعة العربية ضد طرد سوريا ثم النضال من أجل إعادة إدماجها، حتى حصلت على مبتغاها في عام 2023".

واصل الكاتب يقول: "استخدمت الجزائر بدورها ذريعة الحفاظ على الاستقرار لقمع الحراك المؤيد للديمقراطية الذي نزل فيه ملايين الجزائريين إلى الشوارع، بدءًا من فبراير 2019، للمطالبة بإقالة الرئيس بوتفليقة. للأسف، خليفته، الرئيس تبون، هو أكثر من مجرد رهينة راضية للنخبة العسكرية التي يقودها رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول سعيد شنقريحة، البالغ من العمر 79 عامًا. والضباط الكبار، الذين يسيطرون على اقتصاد البلاد ومواردها النفطية والغازية، والذين ارتجفوا خلال الحراك، وهم يعتزمون تجنب أي خيبات مستقبلية من خلال خنق أي معارضة في مهدها".

المجلة الفرنسية، التي سبق أن أفردت حوارا خاصا لتبون في 2021، أبرزه الإعلام الجزائري حينها، قبل أن يتحول لمهاجمتها ووصفها باليمينية المتطرفة المتحاملة والمنحازة للمغرب، مضى كاتبها ليقول: "إن فقدان الحليف السوري هو أكثر مرارة للجزائر لأن سقوط الأسد قد عزز العدو ـ الشقيق المغربي. بينما المملكة الشريفية تحافظ على علاقات ودية مع القوتين اللتين تستفيدان أكثر من الثورة السورية، وهما تركيا وإسرائيل".

رغم أن تركيا لديها علاقات جيدة مع الجزائر، ومصالحها الاقتصادية أكبر في الجزائر من المغرب، وقد أزاحت فرنسا لتصبح أكبر مستثمر أجنبي في البلاد، منذ نهاية 2018 باستثمارات بلغت زهاء 4.5 مليار دولار، كما تحصي البلاد تواجد أكثر من 800 شركة تركية في قطاعات عدة.

واللافت أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون دافع بقوة عن التطور اللافت للعلاقات بين الجزائر وتركيا (على حساب فرنسا)، في مقابلة مع مجلة “لوبوان” نفسها في مايو 2021.

والمثير أن من أجرى المقابلة مع تبون في قصر الرئاسة الجزائرية، كان كمال داود نفسه (مع مراسل المجلة في الجزائر)، والذي طرح على الرئيس الجزائري سؤالا بدا "اتهاميا لتركيا وتغلغلها في الجزائر"، ولم يكن ذلك مفاجئا للمتابعين، على اعتبار أن داود نفسه عرف بمقالاته التهجمية على ما يصفها "تركيا التوسعية العثمانية"، وعلى رئيسها "الإسلامي أردوغان" شخصيا. كما عرفت المجلة الفرنسية نفسها بتهجماتها المتكررة على الرئيس التركي.

وفي رده على سؤال كمال داود و"لوبوان"، حينها قال تبون "إن بلاده تتمتع بعلاقات ممتازة مع الأتراك "الذين استثمروا قرابة 5 مليارات دولار دون أي مطالب سياسية مقابل ذلك”. وأضاف: "أولئك الذين أزعجتهم (يقصد فرنسا) هذه العلاقة (بين الجزائر وتركيا) عليهم فقط أن يأتوا ويستثمروا عندنا".

وإن كان في العلاقة بين الجزائر وتركيا على خلفية هجوم المعارضة السورية وتقدمها أمام انهيار قوات نظام الأسد والميلشيات الإيرانية الداعمة له، بدا للمراقبين، أنه كان هناك ضوء أخضر لأذرع إعلامية جزائرية خاصة لمهاجمة دور تركيا في دعم المعارضة السورية، مما أثار فعلا عدة تساؤلات حينها، وتأكيدات أنه ما كانت هذه الأذرع الإعلامية، التي تدافع عن النظام السوري، تماهيا مع الموقف الرسمي الجزائري حينها، أن تقوم بذلك بدون موافقة من أصحاب القرار. بل إن هذه الأذرع الإعلامية واصلت في مهمة التشويه والتخويف من الوضع الجديد في سوريا بعد سقوط الأسد!

أما بالنسبة لإسرائيل فإن الرد الجزائري على "لوبوان" قد لا يحتاج شرحا كبيرا على اعتبار أن المجلة الفرنسية معروفة بدعمها لإسرائيل ودفاعها وتبريرها لما تقوم به في غزة. والاتهامات الجزائرية الموجهة للمغرب بالاستقواء بإسرائيل لاستهداف استقرار الجزائر.

وفي ما بدت "تصفية حسابات واضحة" من المجلة نفسها، "تقول ما تقول عن توجهها"، واصل كاتب "لوبوان" ليكتب في مقاله: "وقد حقق (المغرب) للتو سلسلة من الانتصارات الدبلوماسية في النزاع الذي يواجهه مع الجزائر بشأن السيادة على الصحراء الغربية. فقد حشد الولايات المتحدة (2020)، وإسبانيا (2022) ثم فرنسا (2024) إلى جانبه".

وقد ذهب الكاتب للزعم أن "كل هذه الصفعات للجزائر تتواصل، فيما سوريا، من جهتها، لطالما دعمت الحركة الاستقلالية المؤيدة من قبل الجزائر في الصحراء الغربية "جبهة البوليساريو". ووفقًا للصحافة المغربية، فإن مقاتلي الجبهة قد حاربوا حتى المعارضة في سوريا إلى جانب قوات الأسد وحزب الله اللبناني".

وتعتبر الأوساط الجزائرية، حتى التي تعارض السلطة، أن هذه "دعاية كاذبة تتكرر منذ مدة في الإعلام المغربي، وأنه لا أساس لها من الصحة، وقد تم إعادة تدويرها مع سقوط نظام الأسد بكثير من الأخبار الكاذبة، بينها الادعاء حتى أن هناك جنودا جزائريين قاتلوا مع نظام الأسد، وترويج أنه تم اعتقال جنرال جزائري مزعوم باسم مفبرك لا يمت بصلة بالجزائر"!

واعتبر كاتب "لوبوان" أن "فرار طاغية دمشق إلى موسكو لم يزد فقط من عزل الجزائر دبلوماسياً. بل ذكر الجزائر أيضًا أن الديكتاتوريات ليست أبدية، وأنه يأتي دائمًا وقت ينهار فيه الطغيان. كما أظهر أن دعم روسيا وإيران ليس بأي حال من الأحوال ضمانًا قويًا للأمان".

وزعم في الأخير أنه "مع ذلك، من المحتمل أن النظام الجزائري، المتمسك بيقينياته، لن يستخلص أي درس من ذلك".

ساعات بعد سقوط نظام الأسد وهروبه، عادت وزارة الخارجية الجزائرية، في ما بدا تداركا للموقف وبلغة مغايرة عبر بيان، تدعو فيه إلى الحوار بين أبناء الشعب السوري، بكافة أطيافه ومكوناته، وتغليب المصالح العليا لسوريا والحفاظ على أملاك ومقدرات البلاد والتوجه إلى المستقبل لبناء وطن يسع الجميع في ظل مؤسسات نابعة من إرادة الشعب السوري بعيدا عن التدخلات الأجنبية".تأتي افتتاحية "لوبوان" وسط توتر كبير بين الجزائر وفرنسا أخذ بعدا تصعيديا كبيرا باتهام السلطات الجزائرية المخابرات الفرنسية بـ"تجنيد إرهابيين وحتى عرض تزيدهم بالأسلحة في الجزائر لضرب استقرارها"! وكان أحد أوجه هذا التصعيد أيضا قضية الكاتب الجزائري ـ الفرنسي كمال داود، الذي يكتب عمودا في المجلة اليمينية، والذي دافعت عنه الأخيرة عما اعتبرته "مؤامرة من النظام الجزائري ضده" على خلفية رواية "حوريات"، التي فاز بها بـ"غونكور" أكبر جائزة أدبية فرنسية. وكذلك قضية الكاتب الجزائري ـ الفرنسي الآخر بوعلام صنصال المسجون في الجزائر، والذي انبرت المجلة للدفاع عنه أيضا بشراسة، وقد تناول كمال داود في عموده ـ في العدد الأخير نفسه للمجلة ـ قضية "أخاه بوعلام صنصال"، كما يصفه، كما صدرت افتتاحية أخرى دفاعا عنه وعن كمال داود، وباستعارة من كلماته، بقلم مدير المجلة إيتيان غيرنال.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن مالك مجلة "لوبوان" هو الملياردير الفرنسي فرانسوا بينو، الذي كان التحق بجيش الاحتلال الفرنسي في الجزائر، وخدم فيه بين 1956 و1958.

وتروج المجلة لطروحات اليمين الفرنسي العنصري المتطرف، بـ"هوس" خاص في موضوع الاستعمار الفرنسي للجزائر تحديدا ومحاولة تبيضه!

ولهذا تبدو افتتاحية محررها للشؤون الدولية عن الدرس السوري للجزائر، أبعد من أن تكون عن حرص، إنما تحركها أجندة وتصفية حسابات. فالمجلة التي أصبحت وبسبب داود وصنصال، تهاجم "النظام الجزائري الديكتاتوري" القامع للحريات، بينما لم تكن تبالي بقمع وسجن ومتابعة صحافيين، وناشطين، لسنوات من رئاسية تبون. وفي الحوار الذي أجرته مع تبون، ووصفته بـ"الحوار الكبير والانفراد، لم يطرح كمال داود فيه سؤالا عن قمع الحريات في الجزائر.

والمجلة التي تتحدث الآن عن "الحراك الشعبي السلمي الديمقراطي المقموع" في الجزائر، بدت بالعكس متواطئة في "دفنه" مع النظام الجزائري، مثلما أبرزت على صدر صفحتها الأولى مقالا لكمال داود، يدفنه فيه في نفس فترة الحوار مع تبون! واستمر داود نفسه في التهجم على الحراك الجزائري في المجلة نفسها أو في وسائل إعلام أخرى.

لم ينتظر الجزائريون الغيورون والمحبون لبلدهم مجلة "لوبوان" الفرنسية ومعناها بالعربية "النقطة"، ليضعوا "النقاط على الحروف"، ويدعون النظام الجزائري لتعلم الدروس واستخلاص العبر مما حدث في سوريا وسقوط نظام الأسد، وهروبه رأسه بشار.

وكان كثير من الجزائريين انتقدوا موقف السلطات الجزائرية من تطورات الوضع في سوريا، ودعم النظام الشنيع الذي جثم على صدور السوريين لأربع وخمسين سنة، حتى آخر لحظة.

فقبل خمسة أيام من سقوطه وهروبه، أعلنت السلطات الجزائرية عن دعم نظام بشار الأسد، وذلك خلال مكالمة هاتفية أجراها وزير الخارجية، أحمد عطاف، مع نظيره في النظام السوري المطاح به، لمواجهة ما أسماها عطاف "التهديدات الإرهابية التي تتربص بسيادتها ووحدتها وحرمة أراضيها، وكذا أمنها واستقرارها".

من جانبه تحدث ممثل الجزائر في الأمم المتحدة عن "ضرورة التنسيق من أجل مكافحة الإرهاب". وحذر مما أسماه خطر "عودة الإرهاب في سوريا".

جاء ذلك بعد يوم من موقف بدا متوازنا لسفير الجزائر في سوريا كمال بوشامة، الذي تحدث لقناة جزائرية بعد سقوط حلب، عن وجود آلاف المواطنين الجزائريين في سوريا، وتمنى "الهدنة والرجوع إلى العقل في هذا البلد الذي أظهر منذ قرون ثقافته وحضارته العريقة بشعبه الراقي والمتحضر".

لكن ساعات بعد سقوط نظام الأسد وهروبه، عادت وزارة الخارجية الجزائرية، في ما بدا تداركا للموقف وبلغة مغايرة عبر بيان، تدعو فيه إلى الحوار بين أبناء الشعب السوري، بكافة أطيافه ومكوناته، وتغليب المصالح العليا لسوريا والحفاظ على أملاك ومقدرات البلاد والتوجه إلى المستقبل لبناء وطن يسع الجميع في ظل مؤسسات نابعة من إرادة الشعب السوري بعيدا عن التدخلات الأجنبية".

وهي دعوة ونصيحة جيدة ليت النظام الجزائري ينصح نفسه بها، ويعمل بها في وطنه ومع شعبه!

*كاتب جزائري مقيم في لندن

مقالات مشابهة

  • رابط الاستعلام وطريقة التظلم عن مخالفات المرور برقم اللوحة مجانًا
  • التفكك الأسرى يدمر المجتمع.. «الأوقاف» تصدر العدد الأول من مجلة وقاية
  • رئيس مركز دراسات: نهاية أزمة اليمن تلوح في الأفق!
  • نماذج امتحان دراسات للصف الرابع الابتدائي الترم الأول 2024: كيفية الحصول عليها والاستعداد للامتحانات
  • مشاركة واسعة في بطولة السباحة بالمياه المفتوحة بمسندم
  • جيهان خليل تنضم إلى محمد هنيدي في مسلسل “شهادة معاملة أطفال” الرمضاني
  • جيهان خليل أحدث المنضمين لأبطال مسلسل شهادة معاملة أطفال مع محمد هنيدي
  • مسلسلات رمضان 2025.. جيهان خليل تنضم لـ فريق «شهادة معاملة أطفال»
  • جيهان خليل تنضم إلى أبطال مسلسل شهادة معاملة أطفال مع محمد هنيدي
  • الجزائر.. ودرس سوريا!