حرص مجلس حكماء المسلمين برئاسة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، خلال 2023 على بذل جهود استثنائيَّة لتمكين الشَّباب وتعزيز قدراتهم في مواجهة التَّحديات العالمية وحمل شعلة الأمل والسَّلام في العالم، وذلك انطلاقًا من رؤيته ورسالته الهادفة إلى غرسِ وترسيخِ القيم الإنسانيَّة والتَّعايش السلمي والتَّسامح لدى الشباب بوصفهم قادة المستقبل.

مبادرات مجلس حكماء المسلمين

ومن أبرز مبادرات مجلس حكماء المسلمين الموجهة إلى الشباب خلال عام 2023؛ منتدى شباب صنَّاع السلام، الذي انعقدت النسخة الثانية منه في يوليو هذا العام بمدينة جنيف في سويسرا، بالتعاون مع مجلس الكنائس العالمي، ومؤسسة روز كاسيل، وشكَّل المنتدى منصةً عالميةً لالتقاء الشباب على اختلاف ثقافاتهم ودياناتهم، الذي شارك فيه 50 شابًا من 24 دولة من مختلف أنحاء العالم؛ للعمل على تطوير حلول وتوصيات مبتكرة ومستدامة لتحقيق السلام في المجتمعات، وإطلاق المبادرات والمشروعات الوطنيَّة والإقليميَّة المتعلقة بصناعة السلام، ونشر قيم التسامح والأخوة الإنسانية ومبادئها.

ورسَّخ منتدى صنَّاع السلام من خلال المناقشات المثمرة لنهج رائدٍ بين الشباب، للتفاعل البنَّاء مع أبرز القضايا والتَّحديات العالمية ومن بينها قضية التغير المناخي؛ إذ غرس المشاركون شجرة الزيتون لتمثل دعوة لصنَّاع السلام البيئي لحماية الحياة على سطح كوكب الأرض، كما بعثوا برسالة أمل إلى رئاسة الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطاريَّة بشأن تغير المناخ COP28، مفادها الحاجة الملحَّة إلى العمل المشترك والجاد لمواجهة أزمة تغير المناخ، وضرورة إشراك مختلف فئات المجتمع في العمل المناخي، بما في ذلك الشباب والشعوب الأصلية وقادة الأديان.

وكان دور الشباب حاضرًا بقوة خلال الجلسات الحوارية التي استضافها جناح الأديان في COP28 وهو الأوَّل من نوعه في تاريخ مؤتمرات الأطراف، ونظَّمه مجلس حكماء المسلمين بالتعاون مع رئاسة مؤتمر الأطراف COP28، ووزارة التَّسامح والتَّعايش في دولة الإمارات العربية المتحدة، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وذلك من خلال إلقاء الضَّوء على جهودهم ومبادراتهم المثمرة في مواجهة هذا التَّهديد الوجودي.

تعزيز روح الابتكار وتحفيز الشباب

وسعيًا من مجلس حكماء المسلمين إلى دعم المبادرات الشبابيَّة الواعدة، أطلق منتدى صنَّاع السلام، مسابقة عالمية بهدف تعزيز روح الابتكار وتحفيز الشباب على تطوير حلولٍ فاعلة وتحويلها إلى مشروعات مستدامة تعالج الأزمة المناخيَّة في مجتمعاتهم، وتضمنت المسابقة عدة مجالات أبرزها؛ تغير المناخ والعدالة المناخية، وبناء القدرات المتعلق بالتَّعليم والتدريب في مجال المناخ، ودور الأديان في مواجهة التغيرات المناخية، وفازت فيها 4 مشروعات من بين 50 مشروعًا مشاركًا من 11 دولة حول العالم.

وفي إطار جهود مجلس حكماء المسلمين لنشر وتعزيز قيم الأخوة الإنسانيَّة والتسامح والتعايش بين الشباب، أطلقَ المجلس بالتَّعاون مع جامعة جورجتاون برنامج الحوارات الطلابية العالمية حول الأخوة الإنسانيَّة، الذي يهدف إلى تعريف طلاب الجامعات بقيم الأخوة الإنسانيَّة، وتكوين شبكة ومنصةٍ دوليتين للطلَّاب حول العالم؛ للمشاركة بأفكار إبداعية للنهوض بالتضامن بين الأديان والثقافات في المجتمعات.

وانطلاقًا من وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية، التي وقَّعها فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، والبابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية عام 2019، تمثل الحوارات الطلابية العالمية فرصة لطلاب الجامعات والكليات المختلفة لمناقشة العديد من القضايا والقيم الإنسانية المهمة، وحَظِيَ هذا البرنامج بترحيب وتفاعل كبيرين بين الشباب من مختلف أنحاء العالم.

وضمن التزامه بدعم الشباب على مختلف الأصعدة، حرص مجلس حكماء المسلمين على المشاركة الفعَّالة في العديد من الفعاليات والمبادرات الشبابية المختلفة، ومنها فعاليات مخيم سفراء السلام الذي عقدَه مركز الشباب العربي في أبوظبي؛ حيث أكَّدَ على ضرورة تأهيل جيلٍ من الشباب العربي يستطيع حمل رسالة التسامح والتَّعايش وبناء مستقبل أفضل للإنسانيَّة، كما أطلق المجلس برنامجًا رمضانيًّا خلال شهر رمضان 2023 للتَّعريف بجهود الشباب في صناعة السلام وإلقاء الضوء على عددٍ من النماذج الإيجابيَّة حول العالم، التي أسهمت في صناعة السلام في مجتمعاتها.

ويواصل مجلس حكماء المسلمين خلال 2024 جهوده لدعم الشباب وتمكينهم، وتوفير الإرشاد لهم لتعزيز التواصل الثقافي والديني وتشجيع تبادل الأفكار الملهمة التي تعزز التعايش السلمي، وبناء أجيال واعدة تتسلح بالوعي والمعرفة، وقادرة على المشاركة الفعَّالة في نشر قيم الحوار والتسامح والتَّعايش الإنساني.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مجلس حكماء المسلمين الإمام الأكبر أحمد الطيب الأزهر الشباب مجلس حکماء المسلمین

إقرأ أيضاً:

عبد السلام فاروق يكتب: صراع العمالقة بين الإبرة والمطرقة

في عالم يبدو أنه تحول إلى ساحة معركة تجارية، تتصدر الصين وأمريكا المشهد كخصمين لا يعرفان التراجع، لكن هذه المعركة ليست بالضرورة معركة دبابات وصواريخ، بل هي معركة إبرة ومطرقة. 

الصين، بإبرتها الدقيقة، تخيط اقتصاد العالم بسلع رخيصة تفتح شهية المستهلكين، بينما أمريكا، بمطرقتها الثقيلة، تحاول أن تدق أبواب الحماية التجارية بغضب.

والسؤال هو: من سينتصر في هذه المعركة؟ الإبرة التي تخيط بلا توقف أم المطرقة التي تدق بلا هوادة؟

الصين: الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس!

الصين بلا شك أصبحت "الماكينة" التي تدور حولها عجلة الاقتصاد العالمي. 

بفضل قدرتها الإنتاجية الهائلة، تنتج الصين سلعا أكثر مما يحتاجه العالم وكأنها تقول: "إذا لم تشتر منا، فمن أين ستأتي بسلعك؟". 

هذه الاستراتيجية، التي يسميها الاقتصاديون "فوق الطاقة الاستيعابية" (Overcapacity)، جعلت الصين تتحكم في أسواق العالم بسلاسة، فلماذا تنتج ألمانيا أو أمريكا سلعا بتكلفة عالية عندما يمكن للصين أن تقدمها بأسعار تكاد تكون مجانية؟

لكن هذه الإبرة الصينية ليست مجرد أداة للخياطة، بل هي سلاح فتاك. عندما تستورد الدول السلع الصينية بأسعار أقل من تكلفة إنتاجها المحلي، تبدأ الشركات المحلية في الانهيار واحدة تلو الأخرى.

والنتيجة؟ بطالة، انخفاض في مستوى المعيشة، واقتصادات محلية تتحول إلى أطلال. 

الصين، بهذه الطريقة، لا تحتاج إلى غزو الدول بالدبابات، بل تغزوها بالسلع الرخيصة. 

إنها الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، لأن مصانعها تعمل 24 ساعة في اليوم، 7 أيام في الأسبوع.

 أمريكا: المطرقة التي تدق على أبواب الحماية

أما أمريكا، فلها استراتيجية مختلفة، بدلًا من أن تنافس الصين في الإنتاج، قررت أن تلعب دور "الشرطي العالمي" في التجارة.

بقيادة دونالد ترامب، الذي يعتقد أن الجمارك هي الحل لكل مشكلة، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية في فرض رسوم جمركية على السلع الصينية. وكأنها تقول: "إذا لم نستطع أن ننتج مثلهم، فلنمنعهم من بيع منتجاتهم هنا".

لكن هذه الاستراتيجية، التي تبدو كضربات مطرقة ثقيلة قد تكون ضربات في الهواء، فرغم أن الجمارك قد توفر حماية مؤقتة للصناعات المحلية إلا أنها لن توقف الصين عن التحكم في الاقتصاد العالمي. 

الصين تعتمد على ميزة نسبية طورتها لتصبح ميزة تنافسية، وهي تعرف كيف تلعب هذه اللعبة ببراعة. أمريكا من ناحية أخرى تبدو كمن يحاول إصلاح ساعة باستخدام مطرقة.

 الحرب التجارية: من يختار طريق الندامة؟

الحرب التجارية بين الصين وأمريكا ليست مجرد صراع بين دولتين، بل هي صراع بين نموذجين اقتصاديين. 

الصين تعتمد على الإنتاج الضخم والأسعار المنخفضة، بينما أمريكا تحاول أن تحمي صناعاتها المحلية بفرض الجمارك، لكن السؤال الأهم هو: من يدفع ثمن هذه الحرب؟

الجواب بسيط: العالم كله. عندما تفرض أمريكا الجمارك على السلع الصينية، ترتفع الأسعار على المستهلكين، وعندما تخفض الصين أسعارها أكثر، تزداد البطالة في الدول الأخرى. إنها حلقة مفرغة من الصراع الذي لا يبدو أن له نهاية.

 الإبرة أم المطرقة؟

في النهاية، يبدو أن الصين قد وجدت طريقة للتحكم في الاقتصاد العالمي دون أن تطلق رصاصة واحدة. بإبرتها الدقيقة تخيط العالم بسلع رخيصة تفتح شهية المستهلكين وتدمر الصناعات المحلية. 

أمريكا، من ناحية أخرى، تحاول أن تدق أبواب الحماية التجارية بمطرقتها الثقيلة، لكنها قد تكتشف أن هذه الضربات لا تؤدي إلا إلى مزيد من الخراب.

ربما يكون الحل في العودة إلى المنظمات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية، حيث يمكن للدول أن تتفاوض على حلول عادلة. لكن حتى ذلك الحين، يبدو أن الصين ستستمر في حياكة اقتصاد العالم بإبرتها، بينما أمريكا ستستمر في دق أبواب الحماية بمطرقتها. 

والسؤال الذي يبقى معلقا هو: من سينتصر في النهاية؟ الإبرة أم المطرقة؟ أم أن العالم سيكون هو الخاسر الأكبر في هذه المعركة؟

في النهاية قد نكتشف أن هذه الحرب التجارية ليست سوى فصل آخر من فصول صراع العمالقة، حيث الإبرة والمطرقة تلعبان دورا في مسرحية لا يعرف أحد كيف ستنتهي.

مقالات مشابهة

  • مهرجان الشيخ زايد.. تجربة استثنائية في رمضان
  • عبد السلام فاروق يكتب: صراع العمالقة بين الإبرة والمطرقة
  • العالم على موعد مع نسخة استثنائية.. السعودية تسلم ملف تسجيل «الرياض إكسبو 2030» للمكتب الدولي
  • كاتبة صحفية: جهود متواصلة وإجراءات ملموسة تتبناها الدولة لتمكين المرأة
  • «حكماء المسلمين»: ضرورة تمكينهن وتطوير قدراتهنَّ
  • «حكماء المسلمين»: تؤدي دوراً في بناء الأمم
  • مركز الملك سلمان للإغاثة ينفذ 1.072 مشروعًا لتمكين المرأة في 79 دولة حول العالم
  • مركز الملك سلمان للإغاثة ينفذ 1.072 مشروعًا لتمكين المرأة في 79 دولة حول العالم بقيمة تتجاوز 700 مليون دولار
  • «حكماء المسلمين»: الأزهر الشريف منارة الوسطية والتسامح
  • «حكماء المسلمين» يعزز الوعي بقيم الأخوة الإنسانية النبيلة