3 أشهر من حرب غزة.. لغة الأرقام تظهر تدميرا مرعبا و10 سنوات لإعادة الإعمار
تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT
بعد ثلاثة أشهر من الحرب على غزة يبدو المشهد مماثلاً في حجمه لأشد حروب المدن تدميراً في السجل الحديث، وتشير الأرقام إلى حقيقة مفزعة للدمار في القطاع الفلسطيني، لكنها تشير أيضا إلى مهمة شديدة الصعوبة لإعادة الإعمار.
هكذا يعبر كل من جاريد مالسين وسعيد شاه في مقال نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية عن الواقع في غزة، فبحلول منتصف ديسمبر/كانون الأول الجاري، كانت إسرائيل قد أسقطت 29 ألف قنبلة وذخيرة وقذيفة على القطاع.
اقرأ أيضاً
الجارديان: استمرار الحرب لمدة عام قد يعني وفاة ربع سكان غزة بالأمراض
تدمير البنى التحتية والمستشفياتويقول الكاتبان إن الكثير من البنية التحتية للمياه والكهرباء والاتصالات والرعاية الصحية التي جعلت غزة تعمل، أصبحت غير قابلة للإصلاح.
ومعظم مستشفيات القطاع البالغ عددها 36 مستشفيات مغلقة، ولا تقبل سوى ثمانية منها المرضى. وتم تدمير أشجار الحمضيات وبساتين الزيتون والدفيئات الزراعية. وتضرر أكثر من ثلثي مدارسها.
ويشبه الدمار ما خلفه قصف الحلفاء للمدن الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية. وقال روبرت بيب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو ومؤلف كتاب تاريخ القصف الجوي: "إن كلمة (غزة) سوف تُسجل في التاريخ مع مدينة دريسدن وغيرها من المدن الشهيرة التي تم قصفها، وما ترونه في غزة هو ضمن أعلى 25% من حملات العقاب الأكثر شدة في التاريخ".
اقرأ أيضاً
جنوب أفريقيا تتهم إسرائيل أمام الجنائية الدولية بارتكاب أعمال إبادة في غزة
مشهد من الخرسانة المتهدمةواليوم، أصبحت غزة مشهدًا طبيعيًا من الخرسانة المتهدمة، وفي شمالي القطاع، وهو محور الهجوم الإسرائيلي الأولي، يتنقل عدد قليل من الأشخاص الذين بقوا في الشوارع المليئة بالأنقاض مروراً بالمتاجر والمباني السكنية التي تم قصفها، الزجاج المكسور يسحق تحت الأقدام، والطائرات بدون طيار الإسرائيلية تحلق في سماء المنطقة.
وفي الجنوب، حيث فر أكثر من مليون من السكان النازحين، ينام سكان غزة في الشوارع ويحرقون القمامة لطهي الطعام.
وقد فر نحو 85% من سكان القطاع البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة من منازلهم، وأصبحوا محصورين بموجب أوامر الإخلاء الإسرائيلية في أقل من ثلث القطاع، وفقا للأمم المتحدة.
اقرأ أيضاً
تهجير غزة بعد تدمير أنفاق رفح
أرقام مرعبة للدمارومع إغلاق منطقة الحرب في الغالب أمام العالم الخارجي، يقوم الخبراء بمسح الأضرار من خلال تحليل صور الأقمار الصناعية واستخدام الاستشعار عن بعد، الذي يراقب الخصائص الفيزيائية عن طريق قياس الإشعاع المنعكس والمنبعث عن بعد.
وقالوا إن النتائج التي توصلوا إليها أولية وستحتاج إلى التحقق منها على الأرض، ولكن من المرجح أن تكون أقل من الواقع.
ووفقا لتحليل بيانات الأقمار الصناعية التي أجراها خبراء الاستشعار عن بعد في جامعة مدينة نيويورك وجامعة ولاية أوريغون، فإن ما يصل إلى 80% من المباني في شمال غزة، حيث كان القصف شديدا، قد تضررت أو دمرت، وهو ما يزيد عن النسبة المئوية في دريسدن.
اقرأ أيضاً
بوريل: دمار غزة يتجاوز تدمير المدن الألمانية في الحرب العالمية الثانية
ويقدر هي يين، أستاذ الجغرافيا المساعد في جامعة ولاية كينت في ولاية أوهايو، أن 20% من الأراضي الزراعية في غزة قد تضررت أو دمرت.
وخلص تحليل أجراه البنك الدولي إلى أنه بحلول 12 ديسمبر/كانون الأول الجاري، دمرت الحرب أو دمرت 77% من المرافق الصحية، و72% من الخدمات البلدية مثل المتنزهات والمحاكم والمكتبات، و68% من البنية التحتية للاتصالات، و76% من المواقع التجارية، بما في ذلك المواقع التجارية.
وهناك دمار شبه كامل للمنطقة الصناعية في الشمال.
ووجد البنك الدولي أن أكثر من نصف الطرق قد تضررت أو دمرت، ولحقت أضرار بنحو 342 مدرسة، وفقا للأمم المتحدة، بما في ذلك 70 مدرسة تابعة لها.
وخلص تقييم أجراه مكتب مدير المخابرات الوطنية الأمريكية إلى أن إسرائيل أسقطت 29 ألف قطعة سلاح على غزة خلال ما يزيد قليلا عن شهرين، وفقا لمسؤولين أمريكيين.
وبالمقارنة، أسقط الجيش الأمريكي 3678 ذخيرة على العراق في الفترة من 2004 إلى 2010، وفقا للقيادة المركزية الأمريكية.
ومن بين الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة لإسرائيل خلال حرب غزة قنابل "خارقة للتحصينات" تزن 2000 رطل مصممة لاختراق الملاجئ الخرسانية، والتي يقول محللون عسكريون إنها تستخدم عادة لضرب أهداف عسكرية في مناطق ذات كثافة سكانية منخفضة.
اقرأ أيضاً
انتقام إسرائيلي وارتباك أمريكي.. هل يمكن تدمير حماس دون تدمير غزة؟
تدمير المواقع التاريخيةلم تستثنِ الحرب الحالية المواقع التاريخية الثمينة، حيث تم تدمير المسجد العمري الكبير، وهو مبنى قديم تم تحويله من كنيسة تعود للقرن الخامس إلى مكان عبادة إسلامي، وسقطت مئذنته.
وأصابت غارة جوية إسرائيلية، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كنيسة القديس بورفيريوس التي تعود إلى القرن الخامس، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 16 فلسطينيًا كانوا يحتمون هناك.
وقال فاضل العتيل، عالم آثار من غزة فر من منزله للاحتماء في الطرف الجنوبي من القطاع: "إن فقدان المسجد العمري يحزنني أكثر من تدمير منزلي".
وقد تحول حي الرمال المتميز بشوارعه الواسعة وصالونات التجميل إلى أنقاض في الأيام الأولى للحرب. دمرت الهجمات الإسرائيلية مبنى المحكمة الرئيسي في غزة ومبنى البرلمان والأرشيف المركزي.
وقال إيال وايزمان، وهو مهندس معماري إسرائيلي بريطاني يدرس النهج الإسرائيلي تجاه البيئة المبنية في الأراضي الفلسطينية: "لم تعد مدينة صالحة للعيش فيها".
اقرأ أيضاً
مناقشات أمريكية إسرائيلية حول تفعيل حقل غاز بحر غزة بعد الحرب.. ما علاقته بإعادة الإعمار؟
معضلة إعادة الإعمارأولى عقبات إعادة الإعمار هو التعامل مع البنية التحتية الممزقة وليس فقط المباني المدمرة، يقول الكاتبان.
ويستشهد المقال بما قاله وايزمان، حيث أكد أن أي عملية إعادة إعمار ستتطلب "نظاماً كاملاً من البنية التحتية تحت الأرض، لأنه عندما تهاجم باطن الأرض، فإن كل ما يمر عبر الأرض - المياه والغاز والصرف الصحي - يتمزق".
أعيد بناء مدن أوروبا بعد حربين عالميتين، وانتعشت بيروت من جديد بعد الحرب الأهلية والقصف الإسرائيلي، وعادت الحياة إلى مدينة الموصل في العراق والرقة في سوريا بعد أن دمرتهما الحملات الجوية التي قادتها الولايات المتحدة خلال الحرب ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، على الرغم من أن عملية إعادة الإعمار كانت بطيئة في كليهما.
اقرأ أيضاً
بدلا من إعادة الإعمار.. دعوة إسرائيلية جديدة لتوطين أهل غزة خارج القطاع
تحديات فريدة أمام غزةلكن غزة تواجه تحديات فريدة من نوعها، فلا أحد يعرف من سيتولى زمام الأمور إذا حققت إسرائيل هدفها المتمثل في تدمير "حماس".
وقالت إسرائيل إنها تعارض خطة أمريكية لتولي السلطة الفلسطينية، التي تدير أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، مسؤولية القطاع.
إن الوضع غير المعتاد للجيب باعتباره منطقة ذات حدود تسيطر عليها إسرائيل يزيد من تعقيد أي طريق نحو التعافي.
وبعد الحروب الأخيرة في غزة، منعت إسرائيل في بعض الأحيان دخول مواد البناء، بحجة أن "حماس" قد تستخدمها لأغراض عسكرية.
وفي عام 2015، بعد مرور عام كامل على وقف إطلاق النار في عام 2014، تمت إعادة بناء منزل واحد فقط - ليس بسبب نقص الأموال، ولكن بسبب عدم السماح بدخول الأسمنت.
اقرأ أيضاً
حرب غزة تدخل شهرها الثاني.. دمار شامل ومدينة أشباح وأزمة إنسانية غير مسبوقة
سنة لإزالة الأنقاض فقطوخلص تحليل أجرته مجموعة المأوى، وهي ائتلاف من جماعات الإغاثة بقيادة المجلس النرويجي للاجئين، إلى أنه بعد الحرب الحالية، سوف يستغرق الأمر سنة على الأقل لإزالة الأنقاض، وهي مهمة معقدة بسبب الاضطرار إلى إزالة الذخائر غير المنفجرة بأمان.
وقالت المجموعة إن إعادة بناء المساكن ستستغرق من سبع إلى عشر سنوات إذا توفر التمويل.
وتقدر التكلفة بنحو 3.5 مليار دولار، ولا تشمل تكلفة توفير السكن المؤقت.
ويكاد مستوى الأضرار في غزة يبلغ ضعف ما كان عليه خلال صراع عام 2014، الذي استمر 50 يومًا، مع خمسة أضعاف عدد المباني المدمرة بالكامل، وفقًا لمجموعة المأوى. وفي الصراع الحالي، وحتى منتصف ديسمبر/كانون الأول، لم يعد لدى أكثر من 800 ألف شخص منزل يعودون إليه، حسبما وجد البنك الدولي.
وقالت كارولين سانديس، الخبيرة في إعادة التنمية في مرحلة ما بعد الصراع في جامعة كينجستون بلندن: "في أفضل السيناريوهات، سيستغرق الأمر عقوداً من الزمن".
المصدر | جاريد مالسين وسعيد شاه / وول ستريت جورنال - ترجمة وتحري الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: غزة حرب غزة تدمير غزة قصف إسرائيلي حماس إعادة الإعمار البنیة التحتیة إعادة الإعمار اقرأ أیضا فی جامعة أکثر من أو دمرت فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
معاناة الشعوب العربية بسبب ويلات الحروب تتصدر مسابقة آفاق بـ«القاهرة السينمائي»
نجح مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته الـ45، منذ لحظاته الأولى فى خطف الأنظار بقوة ليحافظ على صدارته ضمن أفضل المهرجانات حول العالم؛ لا سيما أنه أحد أعرق المهرجانات فى العالم العربى وأفريقيا، إذ ينفرد بكونه المهرجان الوحيد فى المنطقة العربية والأفريقية المسجل فى الاتحاد الدولى للمنتجين فى بروكسل FIAPF، وقد تميز المهرجان فى دورته الحالية بتنوع كبير فى الأفلام المشاركة بجميع المسابقات، وبخاصة مسابقة آفاق السينما العربية التى سيطرت عليها القضايا الإنسانية والعربية كالقضية الفلسطينية والحرب على لبنان والأزمة السورية، حيث نقل صورة ومعاناة الشعوب من خلال السينما.
«أرزة» يجسد صلابة المرأة اللبنانيةوكان فى مقدمة تلك الأفلام «أرزة» للمخرجة ميرا شعيب، وهو إنتاج مشترك بين مصر ولبنان والسعودية، ويعود اسم الفيلم إلى الأرزة وهى شعار لبنان والعلم اللبنانى، ويتناول معاناة الشعب اللبنانى من أزمات مستمرة منذ عدة سنوات، والعمل من بطولة الفنانة اللبنانية دايموند بو عبود، ووضع زوجها الفنان هانى عادل الموسيقى التصويرية للفيلم، والذى تدور أحداثه حول الأم العزباء «أرزة»، والتى تصطحب ابنها المراهق فى مغامرة عبر بيروت بحثاً عن دراجتهما البخارية التى تُعد مصدر دخل العائلة الوحيد، وتضطر لاستخدام أساليب لحماية نفسها وابنها من خلال التنكر وتغير لهجتها من أجل إيجاد الدراجة.
«وين صرنا؟» يرصد محنة غزةكما تناول الفيلم الوثائقى «وين صرنا» معاناة الشعب الفلسطينى، وهو العرض العالمى الأول للفيلم من خلال مسابقة آفاق للسينما العربية بمهرجان القاهرة السينمائى الدولى بدورته الـ45، وهو إنتاج وإخراج الفنانة درة، التى أرادت توثيق معاناة أشخاص حقيقيين من فلسطين ورحلتهم فى النزوح من غزة بعد أيام صعبة تحت القصف المستمر.
وقالت الفنانة درة لـ«الوطن»، إنها أرادت ألا تشارك بالفيلم كممثلة لكى تسلط الضوء على الأبطال الحقيقيين للقصة، قائلة: «أردت فقط دعم القضية الفلسطينية من خلال خبرتى الفنية». وتدور أحداث «وين صرنا»، حول شخصية امرأة شابة من غزة، نزحت إلى مصر بعد نحو 3 أشهر من الحرب، مع ابنتيها الرضيعتين، واللتين أنجبتهما قبل الحرب ببضعة أشهر ومعاناة 5 سنوات.
«سلمى» يعكس الواقع السورى المريرويشارك فى مسابقة آفاق للسينما العربية فيلم «سلمى»، والذى يبرز معاناة الشعب السورى، ورحلته المستمرة منذ سنوات من أجل الوصول إلى الراحة والاطمئنان فى ظل ما يعايشه من أحداث مؤسفة جراء الحرب المستمرة منذ سنوات، من خلال قصة واقعية بعد الحرب وزلزال سوريا، وهو من بطولة وإنتاج الفنانة السورية سولاف فواخرجى، التى أرادت دعم بلادها فى محنتها من خلال رسائل فنية تعبر عنها وترصد واقعاً يعيشه آلاف الأسر السورية تحت ويلات الحرب.
وأوضحت «سولاف»، لـ«الوطن»، أن «سلمى» يخاطب الجمهور العادى ويعبر عن حال المرأة القوية، قائلة: «أحب دائماً فى أعمالى مخاطبة الناس لأن عملى ليهم فى الأساس، وهناك قصص كتيرة صعبة»، وأشارت إلى أن الظروف المعيشية فى سوريا أصعب من التخيل، بسبب توابع الحرب والزلزال، وهو ما جسّدته شخصية «سلمى» من لحظات الضعف والقوة وقلة الحيلة وعدة مشاعر متباينة، فى محاولة للصمود أمام ما يحدث حولها، فهى تجسد دور الأم والمعلمة والمضحية من أجل المجتمع، فتحولت لشخصية أخرى لكى تحمى مَن حولها فى ظل معاناة لا متناهية.