التعليم سنة 2023: حصاد على إيقاع التنكر لمرجعية الإصلاح
تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT
مع نهاية 2023 يطرح السؤال عن الإنجازات والإخفاقات على مستوى كل قطاع حكومي خاصة في قطاع التعليم الذي خطف الأضواء منذ ثلاثة أشهر تحت وطأة الإضرابات غير المسبوقة التي يخوضها رجال ونساء التعليم. هذا المعطى لوحده كفيل بإصدار حكم سلبي على حصاد 2023 في قطاع التربية الوطنية، لكن الأمانة العلمية تقتضي إجراء تقييم موضوعي من زوايا الملاءمة والفعالية والنجاعة مع مراعاة السياق الذي يطبع إصلاح التعليم منذ إقرار مرجعية الإصلاح سنة 2015 المتمثلة في الرؤية الاستراتيجية 2030 وتحويلها إلى مرجعية قانونية ملزمة جسدها القانون الإطار 51.
تحظى منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي باهتمام متزايد من طرف الدولة منذ أصبح التعليم، منذ حوالي ربع قرن، القضية الوطنية الثانية بعد الوحدة الترابية. تجلت هذه العناية على المستوى الاستراتيجي بجعل الاستشراف على المدى البعيد أحد مقومات التفكير في المنظومة، وهو ما مكن بلادنا من التوفر على رؤية استراتيجية شاملة ومتكاملة وضعت التوجهات الكبرى للتعليم على مدى يمتد إلى 15 سنة. كما توج هذا الاهتمام بالتحصين القانوني لهذه الاختيارات الاستراتيجية من خلال إصدار القانون الإطار 51.17. بذلك تكون السياسة العامة للدولة في مجال التربية والتكوين والبحث العلمي محددة بوضوح، والضمانة القانونية لتحويلها إلى سياسة عمومية ناجعة متوفرة، وهما ركيزتان أساسيتان لوضع قطار إصلاح التعليم على سكته الصحيحة. بالإضافة إلى ذلك فالرؤية الاستراتيجية 2015-2030 التي تجسد مرجعية هذا الإصلاح تنسجم تمام الانسجام مع الرؤية الأممية لتطوير التعليم المتمثلة في الهدف الرابع لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، ومع مخرجات قمة تحويل التعليم المنظمة من طرف الأمم المتحدة في شتنبر 2023.
اليوم مع وصول قطار إصلاح التعليم كما جاءت به الرؤية الاستراتيجية إلى منتصف الطريق الفاصلة بين محطة الانطلاق 2015 ومحطة النهاية 2030، ومع استحضار الأثر السلبي العميق لإغلاق المدارس الذي فرضته الإضرابات التي عرفتها سنة 2023، وتجسد أساسا في الفاقد التعليمي الذي شاب مكتسبات التلامذة وجعلها تخسر الكثير من قيمتها العادية، يظهر جليا أن السير على نفس المنوال وبنفس السرعة التي طبعت تنفيذ الرؤية الاستراتيجية حتى هذه السنة، لن يسمح للمغرب بتحقيق الأهداف المسطرة فيها إلا في حدود لن تتجاوز 50 في المائة. خاصة وأن ملامح السياسة العمومية في قطاع التربية الوطنية التي تبنتها حكومة 2021، لم تظهر إلا بعد حوالي السنتين من تنصيب هذه الأخيرة، وتأرجحت بين الاستمرارية والقطيعة مع السياسة الحكومية التي سبقتها، مما ساعد على تباطؤ وتيرة الإنجاز.
منذ عام 2017، تاريخ الموافقة على إطار رصد أهداف التنمية المستدامة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، شرع معهد اليونسكو للإحصاء والتقرير العالمي لرصد التعليم في الإشراف على رصد التقدم المحرز نحو الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة وفقا لإطار التعليم 2030. وهكذا، وفق آخر تتبع تم سنة 2022، فإن العديد من الدول، ضمنها المغرب، لن تتمكن من تحقيق جميع المؤشرات المطلوبة ولو نجحت في تنفيذ المخططات التي التزمت بها. يعود ذلك بالأساس إلى البون الشاسع الذي يفصل أحيانا ما بين نقطة الانطلاق المرتبطة بالسنة المرجعية المحددة في عام 2015 ونقطة الوصول المرتقبة سنة 2030، خاصة بالنسبة للمؤشرات المرتبطة بنتائج التعلمات والتي تؤثر فيها عوامل متعددة ومترابطة، ولا يمكن تحقيقها إلا من خلال سياسات عمومية شاملة وفعالة تتطلب وقتا طويلا لتنفيذها. وهو ما ينطبق على مؤشر تملك الحد الأدنى من الكفايات في التعلمات الأساس مثلا، والذي يشكل النجاح في تحقيقه تحديا كبيرا، نظرا لارتباط ذلك بعوامل شتى مثل التكوين الأساس للمدرسين وتوفير الظروف المناسبة لممارسة مهامهم، والمراجعة الجذرية للمنهاج الدراسي من خلال تفعيل اللجنة الدائمة للبرامج والإطار الوطني للإشهاد، بالإضافة إلى تحديد المعايير الوطنية للجودة وتقييم الأفراد و المؤسسات على أساسها، وتمكين مدارسنا من حد أدنى من الاستقلالية في إطار تبني مفهوم شمولي لمشروع المؤسسة بوصفه آلية لإدخال الإصلاح إلى المؤسسة التعليمية وبالتالي إلى الفصل الدراسي، ومنهجية لتنظيم مدخلات الفعل التربوي وصيروراته ومخرجاته، وأداة لحفز التجديد والابتكار التربوي والإداري، وخارطة طريق لتنفيذ التوجهات التربوية الوطنية.
وفي انتظار ما ستسفر عنه سنة 2024، يبقى مسار الإصلاح مليئا بالتحديات التي لا يمكن مواجهتها بنجاح إلا بتحقيق ثلاثة شروط. أولا، الالتزام بالرؤية الاستراتيجية 2030 بوصفها المرجعية الوحيدة لإصلاح التعليم في بلادنا. ثانيا، اعتبار ما جاء به النموذج التنموي بخصوص التعليم تدابير إجرائية لما لم تفصل فيه الرؤية الاستراتيجية وليس توجهات استراتيجية جديدة تجنبا لكل تناقض استراتيجي محتمل. ثالثا، الرجوع إلى تطبيق القانون الإطار للتعليم بوصفه المرجعية القانونية الملزمة للجميع، وذلك من خلال التسريع بإخراج النصوص التشريعية والتنظيمية اللازمة لتنفيذ أحكامه، وتفعيل اللجنة الوطنية المكلفة بتتبع ومواكبة إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي.
إنها شروط ضرورية لرفع الإصلاح إلى مستوى المأسسة التي من شأنها أن تحميه من كل هوى سياسي أو إيديولوجي قد يؤدي به إلى الزيغ عن الطريق المرسوم، وتكريس الارتباك الاستراتيجي الذي طبع السياسات العمومية في مجال التعليم سنة 2023.
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: التربیة والتکوین والبحث العلمی الرؤیة الاستراتیجیة التربیة الوطنیة القانون الإطار إصلاح التعلیم على مستوى فی مجال فی قطاع من خلال سنة 2023 غیر أن من أجل
إقرأ أيضاً:
السيرة الذاتية للدكتور محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم
يتمتع الدكتور محمد عبداللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، بسجل حافل يمتد لثلاثين عاماً في إنتاج وتقديم وإدارة تنفيذ الحلول المبتكرة في مجال التعليم في مصر والعالم، متحمس للغاية ولديه قدرة مثبتة على تطوير الأفراد وتعزيز جميع جوانب العمل، قائد متمرس وناجح.
متمرس في تحويل كل فرصة إلى نجاح وقيادة الأرباح والنمو. يتمتع بشبكة علاقات جيدة، حيث قام بزيارة ما يقرب من 150 مدرسة في جميع أنحاء العالم، ونجح بشكل كبير في تنفيذ التحسينات التعليمية وتحديد الاتجاه المؤسسي وتحقيق الأهداف.
وهو يواصل القيام بجولات في مدارس في الدنمارك وألمانيا والولايات المتحدة والصين وإسبانيا وغيرها الكثير لضمان مواكبته لآخر التطورات في مجاله وإطلاعه على أحدث التطورات في مجاله.
يعمل في مجال التعليم منذ عام 1999، وقد قاد أكثر من 3500 معلم وإداري من أجل الوصول إلى أعلى مستوى تعليمي يمكن تقديمه للطلاب ضمن مجموعة مدارس الدكتورة نرمين إسماعيل.
المؤهلات الأكاديمية
حاصل على درجة الدكتوراه من جامعة كارديف سيتي في الولايات المتحدة الأمريكية، 2014، في إدارة التعليم وتطويره. كان موضوع رسالته تبني المبادرة في هيكلة أنظمة التعليم في الدول النامية بالاعتماد على نظريات وأساليب التعليم الرقمي من جهة وعلى الطالب كعامل للتعليم من جهة أخرى؛ وبالتالي تحقيق التوازن كحل بديل في ظل العصر الرقمي الذي نعيشه في جميع أنحاء العالم.
حاصل على درجة الماجستير في التطوير التربوي من جامعة لورانس في الولايات المتحدة الأمريكية، 2012، وكان موضوع بحثه يتناول الإدارة الفعالة للمنظمات التعليمية في العصر الرقمي.
حاصل على دورة متقدمة في جامعة هارفارد في الولايات المتحدة الأمريكية، 2013، في مجال التربية القيادية حول "القيادة الذاتية وقيادة الآخرين". وهنا اكتسب مهارات تسخير وتركيز الدافع الذاتي لمحاكاة ذلك داخل الفرق التي يديرها، وبالتالي زيادة الإنتاجية وتحقيق الأهداف المحددة.
حضر العديد من ورش العمل في جامعة جورج ميسون في الولايات المتحدة الأمريكية خلال عامي 2011 و2012 حول "تقدير المشاريع وتقييمها" و"مقاييس المشاريع وضوابطها" و"إدارة الأعمال والقيادة". وهنا اكتسب مهارات تقييم المخاطر، وقابلية القياس من خلال تحليل البيانات، والقيادة الفعالة في إطار الضوابط والتوازنات.
نظّم واستضاف العديد من المؤتمرات الدولية المتعلقة بإدارة التعليم وتطويره لصالح برامج "إدارة التعليم وتطويره" و"كوغنيا" (AdvancEd سابقاً) والبكالوريا الدولية والمواطنة العالمية.
الخبرة العلمية
قيادة فريق من ستة خبراء تعليم مصريين كجزء من لجنة تضم خبراء من مختلف أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية لتقييم مدارس مقاطعة أورانج التي تعد واحدة من أكبر 10 مقاطعات أمريكية. كانت هذه هي المرة الأولى التي يعمل فيها خبراء غير أمريكيين كعنصر في اعتماد المدارس داخل الولايات المتحدة الأمريكية (سبتمبر 2015)
أنشأ 16 مدرسة تعمل في أنظمة تعليمية مختلفة منذ عام 1999 وتقدم خدمات التعليم الدولي مثل الشهادات الأمريكية والشهادات البريطانية (IG) والبكالوريا الدولية بالإضافة إلى نظام التعليم الوطني باللغتين الإنجليزية والفرنسية.
أنشأ وطور شركة "عشتار لتكنولوجيا التعليم" التي أسست منصة التعليم الإلكتروني وكذلك تطبيق الهاتف المحمول الذي يستخدمه أكثر من 1.5 مليون طالب وطالبة محلياً وخارجياً.
الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لمجلس إدارة شركة "أدفانس التعليمية" التي تعمل في مجال إنشاء وتطوير إدارة المنشآت التعليمية في مصر والشرق الأوسط منذ عام 2021.
عضو مجلس إدارة شركة فيرجينيا للحلول التعليمية، وهي شركة مقرها الولايات المتحدة الأمريكية تعمل في مجال إدارة تطوير التعليم في المجتمع الدولي منذ عام 2010.
عضو مجلس إدارة مجموعة مصر 2000 التي تعمل في مجال إنشاء وإدارة وتطوير المنشآت التعليمية في مصر والشرق الأوسط منذ عام 2003.
الرئيس التنفيذي لمجموعة مدارس NIS، التي تضم مدارس اللغات الإنجليزية والفرنسية، بالإضافة إلى المدارس الأمريكية والبريطانية ومدارس البكالوريا الدولية.
عضو مجلس إدارة شركة المستقبل الدولية التي تعمل في مجال إنشاء وإدارة وتطوير المنشآت التعليمية منذ عام 1995.