يقوم الفريق العربي في وحدة المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي بنشاط مكثف على وسائل التواصل الاجتماعي، فلا يكاد يمر يوم إلا وينشر رسائل مصورة ومنشورات على تويتر وفيسبوك.

وقد اهتم الباحثون الإسرائيليون بأداء المتحدثين العسكريين الإسرائيليين باللغة العربية من أجل تحليله وتطويره، وخصوصا المتحدث العسكري الإسرائيلي باللغة العربية أفيخاي أدرعي، ورئيسة مكتب الإعلام العربي في الجيش الإسرائيلي الكابتن إيلا.

وبدا هذا الاهتمام واضحا في الدراسات التي كتبها يوناتان جونين نائب رئيس البعثة الإسرائيلية في البرازيل حاليا، والذي تولى سابقا منصب مدير قسم مواقع التواصل الصادرة باللغة العربية في وزارة الخارجية الإسرائيلية.

ويتمثل الجانب الأبرز في مشاركة أدرعي في لقاءات مع قنوات عربية فضائية، للتعليق على الأحداث الجارية خلال الحرب في غزة، فبينما يسأله المذيعون عن حوادث قتل الجيش الإسرائيلي للمدنيين، يجيب ساعيا لنقل الرسائل الإسرائيلية للجمهور العربي، ويستخدم تكتيكات دعائية متنوعة تهدف لتبرير الممارسات الإسرائيلية.

دوافع الظهور في منصات عربية

إن اللقاءات الإعلامية مع شخصيات معادية يعبر خلالها المذيع عادة عن الجمهور الذي ينتمي له، ويطرح أسئلة صعبة على الضيف وصولا إلى شن هجمات على شخصه لإبراز تناقضه وازدواجية معاييره؛ وهذا ما يحول اللقاءات إلى استجوابات للضيف تهدف لتحقيق انتصار في معركة إعلامية تتزامن مع لهيب المعركة الفعلية في الميدان.

ورغم ذلك، يرى الجيش الإسرائيلي أهمية مشاركة متحدثين باسمه في لقاءات إعلامية يخاطبون فيها الجمهور العربي بلغته حتى مع محدودية مدة مشاركاتهم حيث يظهرون في استضافات قصيرة لبضعة دقائق بدون حضور فعلي في الاستديو أو مشاركة في لقاءات طويلة.

تكتيكات أدرعي

سنركز في هذا التقرير على أفيخاي أدرعي باعتباره المتحدث العسكري الإسرائيلي باللغة العربية الأكثر شهرة، للتعرف على التكتيكات التي ينتهجها خلال المقابلات.

ومن أبرزها:

الإنكار والتبرير:

ينفي أدرعي وقوف إسرائيل خلف حوادث استهداف المدنيين في المدارس أو المستشفيات وما شابه، ويلقي بالمسؤولية عن ذلك على المقاومة بحجة أنها تتخذ من المدنيين دروعا بشرية أو تُخزن الأسلحة وتطلق الصواريخ من مناطق مدنية مأهولة.

وفي حال عرض دلائل أكيدة تدحض كلامه، يقول إن الجيش الإسرائيلي يحقق في الواقعة، وإنه لا يعادي الفلسطينيين إنما يعادي الإرهابيين، وإنه يسعى لمنع إلحاق الأذى بالمدنيين، لكن في الحروب توجد خسائر غير مقصودة.

وحين يشعر أدرعي بصعوبة موقفه ومحاصرته في ركن يظهر أنه لا يقول الحقيقة يسعى للتخلص من الموقف قائلا "الجيش الإسرائيلي لا يخفي معلومات، ويعمل بشفافية".

الالتفاف على السؤال:

فعندما يُسأل عن استخدام الجيش الإسرائيلي للفوسفور الأبيض في القتال، يلتف على السؤال قائلا "الجيش الإسرائيلي لا يقدم معلومات مفصلة عن أنواع الأسلحة التي يستخدمها، وهو يتصرف على أساس القانون الدولي ".

وحين يُسأل عن أسباب العدد الكبير من الضحايا المدنيين الفلسطينيين، يجيب أنه "لا توجد دولة في العالم ستقف مكتوفة الأيدي لو كانت مكان إسرائيل، وأنها تدافع عن مواطنيها الذين قُتل منهم أكثر من 1200 شخص، في حين تهجر عشرات الآلاف منهم من المستوطنات على حدود غزة وفي الجبهة الشمالية مع لبنان".

المزج بين استمالة المذيع والهجوم عليه:

في بعض الأحيان يستخدم أدرعي الاسم الأول للمحاور بدون ألقاب للإيحاء بالصداقة وبناء تواصل حميمي مع المذيع.

وفي أحيان أخرى يلجأ للهجوم على المذيع بشكل شخصي لوضعه في حال دفاع عبر اتهامه بالافتقار إلى الحيادية وتقديم معلومات غير دقيقة، وصولا للقول "يبدو أنك لا تتابع الأخبار"، مع تقديم إضافات على هيئة تصحيح للمعلومات التي قالها المذيع.

وأحيانا يطلب أدرعي من المذيع تقديم إثباتات على كلامه، وأحيانا يسخر من المذيع بهدوء قائلا "إن كلامك مضحك للغاية" للتقليل منه ثم تقديم رواية مضادة.

كذلك يبدي أدرعي الغضب من مقاطعة المذيع له بحجة أنه يحرمه من استكمال كلامه، حيث يقول "أطلب منك مرة أخرى أن تعطيني الحق في الرد على الأسئلة المطروحة علي، لن أذهب إلى أي مكان، ولن أتجاهل أي سؤال"؛ وذلك للإيحاء بأنه يقدم الحقيقة، وليس لديه ما يخشى تناوله.

طرح أسئلة على المحاور:

يلجأ أدرعي لطرح أسئلة على المحاورين في نوع من تبادل الأدوار، ثم لاحقا يقدم إجابات عنها، فعلى سبيل المثال يتساءل موجها كلامه للمذيع "برأيك، لماذا يختبئ جميع قادة حماس في المساجد أو المستشفيات؟ لماذا؟ لأنهم يعلمون أن إسرائيل لن تهاجم هذه المواقع".

استخدام أدلة من قنوات عربية:

لتعزيز المصداقية والتأثير في المشاهد يلجأ أدرعي لاستخدام أدلة سبق أن عرضتها القناة المضيفة، فيخاطب أحد المذيعين قائلا "هل رأيت المشاهد التي بثتها قناة الجزيرة قبل بضعة أيام؟ والتي يظهر فيها مقاتلون فلسطينيون وهم يطلقون قذائف صاروخية مضادة للدبابات من داخل منازل المواطنين؟".

كذلك قال في أحد اللقاءات: "يمكننا تخصيص بث كامل لعرض جميع الصور التي جمعها الجيش الإسرائيلي من مصادر ووكالات أنباء فلسطينية. سأقدمها لكم ويمكننا أن نرى من هو الأكثر أخلاقية، الجيش الإسرائيلي أم حماس".

استخدام أمثلة عربية شائعة:

يستخدم أدرعي أقوالا ومقتطفات شائعة في الثقافتين العربية والإسلامية بما فيها آيات من القرآن وأحاديث نبوية، وذلك لبناء تواصل حميمي مع المشاهد فضلا عن توظيف الاستشهادات بعد تحريف سياقها في خدمة سرديته، وهو ما يتجلى في استخدامه جملة "ضربني وبكى، سبقني واشتكى" للرد على اتهامات المقاومة لجيش الاحتلال باستهداف المدنيين الفلسطينيين، حيث يزعم أن المقاومة الفلسطينية استهدفت أولا المواطنين الإسرائيليين.

رسائل لغة الجسد:

يسعى أدرعي خلال اللقاءات التلفزيونية لرسم صورة محددة لشخصيته، حيث يظهر مرتديا الزي العسكري الرسمي، ويحرص على ضبط النفس مع التبسم بدون التلفظ بسباب أو شتائم مع مخاطبة المذيع أحيانا بلقب "سيدي العزيز" للإيحاء بالاحترام والأدب.

صورة إيجابية

في المحصلة يسعى أفخاي وغيره من المتحدثين لرسم صورة إيجابية عن جيش الاحتلال أو على الأقل التشويش على الصورة السلبية المتشكلة عنه.

ولتحقيق ذلك -بحسب الإسرائيلي يوناتان جونين- يلجؤون إلى تكتيكات رئيسية تشمل إنكار الانتهاكات التي قام بها جيش الاحتلال مع إلقاء اللوم على المقاومة، والتأكيد على التزام إسرائيل بالقانون الدولي وانتهاك المقاومة له.

كما يسعون للتأكيد دائما على معاناة المواطنين الإسرائيليين مع التشكيك في سردية المقاومة وما تنشره من معلومات.

ولتنفيذ التكتيكات المذكورة يعمدون إلى توجيه الأسئلة للمذيعين كي يسيطروا على دفة الحوار، ومخاطبة الجمهور العربي بلغته وثقافته، وفي حال شعروا بأنهم في وضع يضر بصورتهم يتهربون من الأسئلة، أو يقدمون إجابات غامضة أو جزئية قابلة للتأويل، أو يغيرون الموضوع قيد المناقشة، بدون الإعراب مطلقا عن أسفهم أو اعتذارهم عن تصرفات إسرائيل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی باللغة العربیة

إقرأ أيضاً:

الإعلام الإسرائيلي يرصد اتساع دائرة المحتجين على استمرار حرب غزة

تناولت وسائل إعلام إسرائيلية اتساع دائرة المحتجين على استمرار الحرب في قطاع غزة، وسط تصاعد الأصوات داخل الأوساط العسكرية والأمنية السابقة التي تطالب بوقف العمليات وتحرير الأسرى الإسرائيليين، وتوجه اتهامات مباشرة للحكومة بتعمد عرقلة أي اتفاقات لإنهاء الحرب.

وبحسب قناة 13 الإسرائيلية، فإن الاحتجاجات داخل صفوف قوات الاحتياط آخذة في التوسع، لا سيما بعد عزل الطيارين الموقعين على عريضة تطالب بإنهاء الحرب، وقد انضمت مجموعات جديدة من جنود الاحتياط إلى الحراك المتنامي، وأعلنت تضامنها مع الطيارين المفصولين.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تقرير في غارديان: غزة قلبي ينفطر لرؤيتك في حالتك هذهlist 2 of 2موقع إيطالي: رسائل ترامب لأردوغان تعزز دور أنقرة إقليميا وعالمياend of list

وقال مراسل الشؤون العسكرية بالقناة أور هيلر،  إن العرائض الجديدة التي يتم التوقيع عليها تُكرر المطالبة ذاتها، وهي أولوية استعادة المخطوفين الـ59 من غزة، حتى وإن استدعى ذلك وقف الحرب مؤقتا، على أن يُستأنف القتال لاحقا إن اقتضت الضرورة.

من جهتها، ذكرت القناة 12 أن 3700 شخص وقعوا خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية فقط على عريضة تطالب بوقف الحرب، وتشير التقديرات إلى أن العدد الإجمالي للموقعين بلغ الآلاف من الجنود السابقين من مختلف الوحدات.

وبحسب القناة، شملت قائمة الموقعين 1600 من جنود المظليين وسلاح البر، و1500 من سلاح المدرعات، ونحو 200 طبيب وطبيبة من الاحتياط، وأكثر من 250 من المتقاعدين في جهاز الموساد بينهم 3 رؤساء سابقون للجهاز، إضافة إلى عناصر من البحرية ووحدة 8200 وبرنامج "تلبيوت".

إعلان

وفي المقابل، هاجم وزير الأمن القومي من حزب "قوة يهودية"، عميحاي إلياهو، هذه الاحتجاجات، وقال "لن نضحي بالمستقبل من أجل الحاضر بسلوك طائش كما فعلوا في اتفاقيات أوسلو"، واتهم المحتجين بانعدام الرؤية.

رسالة العريضة

لكن حاييم تومر، وهو أحد المسؤولين السابقين في الموساد والموقعين على العريضة، شدد على أن هدف العرائض هو إرسال رسالة للرأي العام مفادها أن الحكومة لا تبذل جهدا كافيا لاستعادة الأسرى من غزة، وأعرب عن رفضه للتكهنات بشأن تداعيات الإفراج عنهم.

ورأى الدكتور نسيم كاتس المختص بالإعلام والسياسات الحزبية، أن استطلاعات الرأي تعكس "إجماعا شبه تام" بين الإسرائيليين على أن تحرير الأسرى يجب أن يكون أولوية تتفوق على استمرار الحرب.

ونقلت القناة 13 وقفة لأهالي الأسرى الإسرائيليين أمام منزل وزير الشؤون الإستراتيجية رئيس الوفد المفاوض بشأن الأسرى رون ديرمر، هاجمته فيه عيناف تسنغاوكر والدة أحد الأسرى قائلة: "ما الذي تفعله؟ لقد فككت طاقم المفاوضات وتماطل.. عليك العار!"، متهمة الحكومة بالإهمال المتعمد.

وبدوره، انتقد والدا الجندي الأسير عيدان ألكسندر الحكومة قائليْن: "بعد أكثر من 555 يوما، لا يزال قادة الدولة يحتفلون بعيد الفصح فيما ابننا لا يزال محتجزا في غزة"، واعتبرا أن الحكومة فقدت بوصلتها الأخلاقية.

أما مراسل الشؤون السياسية بالقناة 12 يارون أبراهام، فأشار إلى وجود قناعة لدى المستويين السياسي والعسكري بأن مواصلة الضغط العسكري والحصار قد يجبران حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على التراجع، لكنه أوضح أن هذا التقدير لا يحظى بإجماع داخل الدوائر المهنية.

وفي السياق ذاته، قال خبير الأمن القومي كوبي مروم إن ظهور الأسير الإسرائيلي (عيدان ألكسندر) في فيديو جديد "يؤكد استمرار إهمال الحكومة لهذا الملف"، موضحا أن السلطات سبق أن اتخذت قرارا شجاعا بشأن الصفقة ثم تراجعت عنه.

إعلان

من جهتها، نقلت قناة "آي 24" عن الرئيس الأسبق لجهاز الشاباك عامي أيالون تأكيده أن الحكومة الإسرائيلية هي من انتهكت الاتفاق الذي كان من شأنه أن يفضي إلى استعادة الأسرى، مضيفا أن "بنيامين نتنياهو قرر أن الاتفاق سيئ فتم التخلي عنه، وهذه الحرب لن تنتهي ولن يعود الأسرى إن واصلنا هذا النهج".

مقالات مشابهة

  • حماس: نعد الرد على المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار و سلاح المقاومة لن يخضع لأي مفاوضات
  • شاهد| إسرائيل وعملائها ومحاولة نزع سلاح المقاومة
  • حرب القيامة التي يُراد بها تغيير خارطة الوطن العربي
  • مندوب المملكة الدائم لدى الجامعة العربية يلتقي رئيس البرلمان العربي
  • رئيس البرلمان العربي يدين المخططات التخريبية التي تستهدف أمن الأردن
  • وزير حرب الاحتلال: مصر هي التي اشترطت نزع سلاح حماس وغزة
  • حرب القيامة التي يُراد بها تغيير خارطة الوطن العربي 
  • ما هو سلاح المقاومة الذي يريد الاحتلال الإسرائيلي نزعه من غزة؟
  • الإعلام الإسرائيلي يرصد اتساع دائرة المحتجين على استمرار حرب غزة
  • مدير عام شرطة السير يناقش فعاليات أسبوع المرور العربي 2025م