صحفي أمريكي يفضح ممارسات "نيويورك تايمز" للترويج للروايات الإسرائيلية ودعم "الإبادة الجماعية"
تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT
الرؤية- غرفة الأخبار
كشف الكاتب والصحفي الأمريكي، ماكس بلومنثال، زيف الادعاءات التي تروج لها صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، حول قيام كتائب القسام بقتل الأطفال واغتصاب النساء وطعنهم بالسكاكين في السابع من أكتوبر الماضي ضمن عملية "طوفان الأقصى".
ونشر على صفحته الرسمية بمنصة "إكس" سلسلة من المنشورات ردا على تقرير نيويورك تايمز الذي جاء بعنوان "الاغتصاب الجماعي لحماس"، مؤكدا مواصلته كشف هذه الادعاءات الكاذبة والتي وصفها بـ"سوء الممارسة الصحفية".
ويعمل بلومنثال محررا لموقع Grayzone، وله العديد من الإصدارات وحاز العديد من الجوائز مثل جائزة مؤسسة لانان للحرية الثقافية 2014.
وأشار في تغريدة له على صفحته الرسمية بمنصة "إكس"، إلى أن الصحيفة أجرت مقابلة مع ما وصفته بأحد الشهود على السابع من أكتوبر والذي يعمل ضمن الفريق الطبي الذي حاول إنقاذ المصابين الإسرائيليين في المستوطنات، موضحا أن الشاهد أفاد بأن زميله عثر في صندوق القمامة على طفل رضيع لا يزيد عمره عن عام، قتل بعد طعنات في جميع أنحاء جسده.
وكذّب بلومنثال هذه الرواية قائلا: "من الواضح أن هذا كذب لأنه تم تسجيل طفلة واحدة فقط بين القتلى في 7 أكتوبر، وهي ميلا كوهين، والتي قتلت بالرصاص عن طريق الخطأ ولم يتم طعنها، ولم يتم العثور عليها في أي حاوية قمامة".
وأكد الصحفي الأمريكي أن صحيفة نيويورك تايمز تكرر فشلها في التحقق من المصادر والمعلومات، وأن ما تنشره من روايات هي أشياء خرافية لأنها تحاول أن تروّج لامتلاكها أدلة حول هذه الوقائع.
وتحدث ماكس بلومنثال أيضا عن رواية أخرى تدعي اغتصاب عدد من النساء الإسرائيليات وقطع رؤوس عدد من النساء في السابع من أكتوبر، معتمدة على مصدر مجهول من الشرطة الإسرئيلية.
وأوضح: "اعتمدت صحيفة نيويورك تاميز على شاهدة تم تعريفها باسم (سابير) وأنها أحد الشهود الرئيسييين بالشرطة الإسرائيلية، والتي ادعت مشاهدتها قيام مقاتلي القسام باغتصاب 3 من النساء وآخرين يحملون رؤوسا مقطوعة لثلاثة نساء أخريات".
وأكد الصحفي الأمريكي أنه لا يوجد أي سجل رسمي حول قطع الرؤوس والاغتصاب في السابع من أكتوبر، لافتا إلى أن الصواريخ التي أطلقتها الطائرات الإسرائيلية في هذا اليوم ربما قد تكون مزقت عددا من الإسرائيليين والفلسطينيين في ذلك اليوم، لكنه لا يوحد أي سجل عن قطع رؤوس نساء بالسكاكين.
وتساءل: "لماذا فشلت التايمز في تأكيد ادعاء سابير الصارخ بقطع الرأس ثلاث مرات من خلال سجلات الأطباء الشرعيين الرسمية؟ يبدو هذا بمثابة حالة واضحة أخرى من سوء الممارسة الصحفية في خدمة دولة الفصل العنصري المتورطة حاليًا في جريمة الإبادة الجماعية".
وقال ماكس بلومنثال إن التقرير الذين نشرته نيويورك تايمز بعنوان "الاغتصاب الجماعي لحماس" اعتمد على التلميحات فقط وشهادات لم يتم التأكد من صحة ما جاء فيها، مبينا: "أحد الناجين من مهرجان نوفا للموسيقى يُدعى راز كوهين، تصادف أنه طبيب بيطري في القوات الخاصة الإسرائيلية ويقوم بتدريب الجنود، وهذا الشاهد قام بتغيير شهادته عدة مرات منذ التاسع من أكتوبر، إذ قال لصحيفة نيويورك تايمز إنه شاهد شخصيا شاحنة بيضاء مليئة بمسلحي حماس تتوقف على بعد ميل من مهرجان نوفا الموسيقي، وتجمع هؤلاء حول امرأة واغتصبوها وهي تصرخ، ثم ذبحوا المرأة بالسكاكين، على الرغم أن شهادته حول الحادث قبل هذه المقابلة لم يذكر فيها أي اعتداءات جنسية أو ذبح بالسكاكين".
وأكد أن كوهين في لقاء مع قناة سي بي سي الكندية في يوم 10 أكتوبر، لم يذكر أنه شهد أي اغتصاب للنساء، لكنه غير من شهادته مع وسائل إعلامية أخرى حتى يوم 11 أكتوبر، وأن المؤسسات الرسمية الإسرائيلية حتى ذلك الوقت لم تتحدث عن أي حوادث اغتصاب أو قتل بالسكاكين، مضيفا: "سرعان ما سقط كوهين عن رادار وسائل الإعلام، ولم يسمع عنه أحد لأكثر من شهرين، لتطلق الحكومة الإسرائيلية حملة دعائية دولية تتهم فيها حماس بارتكاب جرائم اغتصاب جماعي في محاولة واضحة للحفاظ على الدعم الدولي لهجومها العسكري الذي ارتكب إبادة جماعية على غزة".
واستنكر الصحفي الأمريكي ما وصفه بـ"سوء الممارسة الصحفية" من قبل صحيفة نيويورك تايمز قائلا: " لا بد أن التايمز كانت عازمة على التحقق من صحة الحملة الدعائية التي قامت بها الحكومة الإسرائيلية الكاذبة إجراميا لدرجة أنها استغنت عن كل الشكوك، ولم تهتم حتى بفحص شهود العيان المفترضين، وفي الساعات والأيام المقبلة، سأواصل تحليل الشهادات المشكوك فيها التي تشكل أساس التحقيق الذي تجريه الصحيفة".
يشار إلى أن صحيفة "هآرتس" العبرية نشرت مقتطفات من تحقيقات للشرطة الإسرائيلية حول الحفل الموسيقي الذي كان يقام في غلاف غزة، في 7 أكتوبر الماضي، مشيرة إلى أن الطيران الإسرائيلي كان وراء قتل المحتفلين.
وبحسب ما أفادت الصحيفة: "يخلص تحقيق أولي للشرطة إلى أن طائرة إسرائيلية قصفت على ما يبدو إسرائيليين قرب ريعيم بغلاف غزة أثناء محاولة استهداف مسلحين".
وذكرت صحيفة هآرتس أن "التحقيقات الأولية للشرطة الإسرائيلية تشير إلى أن المسلحين الذين شاركوا في هجوم السابع من أكتوبر لم يعرفوا مسبقاً بوجود الحفل الموسيقي قرب مستوطنة ريعيم".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: صحیفة نیویورک تایمز السابع من أکتوبر إلى أن
إقرأ أيضاً:
الغارديان: نشهد المرحلة النهائية من الإبادة الجماعية في غزة
بدأ مقال للصحفية أروى مهداوي بالسؤال "هل تريد أن تعرف حقيقة ممتعة عن الفلسطينيين؟"، وأجابت عليه بالقول إنه "من الصعب قتلهم. فيمكنك قصفهم، ودفنهم تحت الأنقاض، وحرقهم أحياء، ومع ذلك لا يبدو أنهم يموتون بمعدلات الناس العاديين".
وجاء في المقال الذي نشرته صحيفة "الغارديان" التساؤل أيضا "كيف يمكنك تفسير حقيقة أن عدد القتلى في غزة يبدو بالكاد يتزحزح، على الرغم من أنه لا يبدو أن يوما يمر دون مذبحة جديدة أخرى ومع تفاقم المجاعة وانتشار الأمراض؟".
وأكدت مهداوي أن "43 ألف قتيل فلسطيني هو عدد مذهل.. وهذا هو الرقم الرسمي الذي ذكرته أحدث التغطيات الإعلامية، وهذا في حالة تم الاستشهاد برقم على الإطلاق: فالعديد من المقالات حول غزة لم تعد تذكر حتى عدد القتلى بعد الآن".
وذكرت أنه "من الواضح أن التغطيات الإعلامية ليس لديها أدنى فكرة عن عدد الأشخاص الذين قتلوا في والسبب وراء ذلك جزئيا هو أن الصحافة الأجنبية لا يُسمح لها بالدخول بحرية ـ ولا تدري لماذا لا يغضب كل صحفي في الغرب من هذا".
وقال مهداوي "في الوقت نفسه يتم إبادة الصحفيين الفلسطينيين ـ ولا أفهم لماذا لا يغضب كل صحفي في الغرب من هذا"، هناك تعتيم إعلامي في الأساس. لذا فمن الصعب تقييم عدد القتلى، والاستشهاد بالرقم الرسمي الذي يبلغ 43 ألف قتيل دون تقديم قائمة طويلة من التحذيرات يبدو وكأنه إهمال صحفي في هذه المرحلة".
وأكدت أنه أولا، ينبغي لأي شخص "يستشهد بعدد القتلى أن يذكر حقيقة مفادها أن تقديرات الأمم المتحدة في شهر أيار/ مايو (أي قبل أشهر!) وجدت أن هناك على الأرجح عشرة آلاف شخص مدفونين تحت الأنقاض في غزة ولا يمكن إحصاؤهم، ناهيك عن حقيقة أن هناك أشخاصا يموتون من أمراض يمكن الوقاية منها كل يوم لأن الأدوية الكافية لا يُسمَح بدخول القطاع ولأن نظام الرعاية الصحية بالكاد يعمل".
وذكرت أنه "يجب عليهم أن يؤكدوا على حقيقة مفادها أن إحصاء عدد القتلى يكاد يكون مستحيلا. فلم يعد في غزة، بنية تحتية يمكن من خلالها قياس عدد القتلى أو الحداد عليهم بشكل صحيح.. يتم تفجير الفلسطينيين إلى أشلاء صغيرة بمعدلات مثيرة للقلق لدرجة أنه لا يوجد في كثير من الأحيان بقايا يمكن إحصاؤها".
وأوضحت مهداوي أنها تحدثت مؤخرا إلى الدكتور نظام محمود، وهو جراح بريطاني عمل في غزة مع منظمة العون الطبي للفلسطينيين خلال شهري آب/ أغسطس وأيلول/ سبتمبر، والذي أخبرها أن الأشخاص في مشرحة المستشفى يجب أن يزنوا أجزاء الجسم لمحاولة تقييم عدد القتلى: "لذا فإن 70 كيلوغراما هي جثة واحدة لأنهم سيحضرون أجزاء من الجثث".
وأشارت إلى أن "الكثير من المراقبين يعتقدون الآن أن عدد القتلى الفعلي ربما يكون بمئات الآلاف، وفي تموز/ يوليو نشرت مجلة لانسيت الطبية مقالا قدر أن إجمالي عدد القتلى في غزة قد يصل إلى 186 ألف حالة وفاة ــ أي ما يقرب من 7.9 بالمئة من سكانها".
وفي مقال نشرته صحيفة الغارديان الشهر الماضي، أشارت ديفي سريدهار، رئيسة قسم الصحة العامة العالمية بجامعة إدنبرة، إلى أنه إذا استمرت "الوفيات" بهذا المعدل، فإن تقديرات الوفيات بحلول نهاية العام ستصل إلى 335 ألف حالة، وهذا يمثل 15 بالمئة من السكان.
وأشارت سريدهار أيضا إلى أن مجلة لانسيت استخدمت تقديرا متحفظا وأن الأرقام الفعلية قد تكون أعلى من ذلك بكثير.
وقالت مهداوي، إن "المدافعين عما يحدث سوف يهزون أكتافهم قائلين: هذا ما يحدث في الحرب. إنه أمر مأساوي، ولكنها حرب، فالأبرياء يموتون طوال الوقت. ولكن الحقيقة هي أن للحروب قواعد وحدود. إن حجم الدمار في غزة يشير بقوة إلى أن ما يحدث لم يعد حربا وفقا لأي معايير طبيعية".
وأكدت "الواقع أن العديد من الخبراء يدقون ناقوس الخطر بأن ما يحدث الآن أصبح إبادة جماعية. ومع ذلك فإن الكثير من وسائل الإعلام الرئيسية تتجاهل هذه الأجراس التحذيرية، وتستمر في التظاهر بأن ما يحدث هو حرب عادية وليس إبادة منهجية".
ونبهت إلى أن عومر بارتوف، المؤرخ الإسرائيلي الأمريكي الذي يعمل أستاذا لدراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية في جامعة براون، هو واحد من الخبراء الذين يعتقدون أن ما يحدث في غزة يشكل إبادة جماعية، ولكنه لم يكن يعتقد دوما أن هذا هو الحال.
في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي كتب بارتوف مقالا في صحيفة "نيويورك تايمز" جاء فيه: "أعتقد أنه لا يوجد دليل على أن الإبادة الجماعية تجري حاليا"، ولكن هذا جاء مع إخلاء المسؤولية حيث أوضح أن "هناك نية إبادة جماعية، والتي يمكن أن تتحول بسهولة إلى عمل إبادة جماعية.. لا يزال هناك وقت لمنع إسرائيل من السماح لأفعالها بالتحول إلى إبادة جماعية".
ونوهت إلى أن النية هي عنصر أساسي في الإبادة الجماعية، والتي يتم تعريفها قانونيا على أنها ارتكاب أفعال محددة معينة (بما في ذلك القتل وفرض تدابير تهدف إلى منع المواليد) بقصد تدمير، كليا أو جزئيا، مجموعة وطنية أو عرقية أو عنصرية أو دينية، على هذا النحو.
وأشارت إلى أن نية الإبادة الجماعية التي يذكرها بارتوف هي اللغة اللاإنسانية والتهديدات بالإبادة الكاملة من قبل السياسيين الإسرائيليين والشخصيات المؤثرة، وهناك المئات من هذه التصريحات.
ويستشهد بارتوف بمثال من 9 تشرين الأول/ أكتوبر، عندما كتب اللواء غيورا إيلاند في الصحيفة اليومية يديعوت أحرونوت: "ليس أمام دولة إسرائيل خيار سوى تحويل غزة إلى مكان من المستحيل مؤقتا أو دائما العيش فيه"، وفي مقال آخر، كتب إيلاند أن "غزة ستصبح مكانا لا يمكن لأي إنسان أن يعيش فيه".
وبينت أنه في تشرين الثاني/ نوفمبر، عندما كتب بارتوف مقالته في صحيفة نيويورك تايمز، لم تكن نوايا الإبادة الجماعية هذه قد تطابقت بشكل كامل مع العمل الإبادي الجماعي. لكن هذا تغير، من وجهة نظر بارتوف، في أيار/ مايو 2024، عندما بدأ جيش الاحتلال هجومه على مدينة رفح، على الرغم من تحذير الولايات المتحدة له بعدم القيام بذلك.
وقال بارتوف في مكالمة هاتفية مع كاتبة المقال مؤخرا أن هذه كانت نقطة تحول رئيسية. كان ذلك عندما أصبح الأمر إبادة جماعية.
وأضاف بارتوف "عندما تنظر إلى الوراء، يمكنك أن ترى أنه كان هناك جهد متضافر، ليس فقط لنقل السكان مرارا وتكرارا، ولكن أيضا لتدمير كل ما يجعل حياة مجموعة ممكنة. كان هناك جهد متضافر ومتعمد لتدمير الجامعات والمدارس والمستشفيات والمساجد والمتاحف والمباني العامة والإسكان والبنية الأساسية. إذا نظرت إلى الوراء، يمكنك القول إن هذا كان يحدث منذ البداية. لكن الدليل على ذلك كان هذا الجهد الأخير في رفح".
وأوضح الكاتبة أن رفح كانت معلما قاتما، ولكن المرحلة الأخيرة من هذه الإبادة الجماعية، كما يقول بارتوف، تجري الآن في جباليا، شمال غزة، حيث قُتِل أكثر من ألف شخص خلال الأسابيع الثلاثة الماضية. ولا ينبغي لنا أن ننظر إلى ما يحدث في شمال غزة ـ كما يبدو في كثير من الأحيان في وسائل الإعلام ـ باعتباره مجرد المزيد من القصف. بل إن بارتوف يشير إلى أن ما يحدث في شمال غزة يشكل حملة إبادة جماعية تستند بوضوح إلى خطة الجنرالات.
وأضاف بارتوف أن "هذه الخطة التي رسمها الجنرال المتقاعد غيورا إيلاند، والتي نوقشت منذ أشهر في وسائل الإعلام الإسرائيلية، تهدف إلى إفراغ تلك المنطقة من المدنيين من خلال الضغط العسكري والتجويع.. وهذه خطوة أولى نحو ضم القطاع إلى الشمال من ممر نتساريم، الأمر الذي سيؤدي إلى استيطان اليهود فيه ولن يكون في حد ذاته سوى المرحلة الأولى في الاستيلاء التدريجي على أجزاء متزايدة من القطاع، وحشر المدنيين في مناطق متقلصة باستمرار وفي نهاية المطاف إما إجبارهم على الخروج من القطاع أو التسبب في وفاة أعداد متزايدة منهم. باختصار، هذه خطة إبادة جماعية".
وأشارت إلى أنه من المرجح أن محكمة العدل الدولية لن تحكم لسنوات حول ما إذا كان الوضع في غزة يفي بالتعريف القانوني الضيق للإبادة الجماعية. ولكن بارتوف يعتقد أن العملية في جباليا إبادة جماعية صارخة لدرجة أن "من الممكن أن تعتبر محكمة العدل الدولية هذه العملية إبادة جماعية حتى لو كانت متحفظة بشأن الحرب في غزة ككل".
وهذا ما حدث في حالة البوسنة، حيث ثبت أن مذبحة سربرينيتشا كانت إبادة جماعية.
وأكدت أن مصطلح الإبادة الجماعية ـ التي صاغها رجل القانون البولندي اليهودي رافائيل ليمكين أثناء الحرب العالمية الثانية لوصف حملات الإبادة النازية ـ هي بلا شك واحدا من أكثر المصطلحات خطورة.
وهو ليس مصطلحا يمكن لأي شخص أن يستخدمه باستخفاف. ويعتقد بارتوف أن العديد من منتقدي إسرائيل كانوا يستخدمون المصطلح بشكل غير مسؤول في الأيام التي أعقبت السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، ووصفوا تصرفات "إسرائيل" بأنها إبادة جماعية في حين لم تكن قد وصلت بعد إلى هذه النقطة.
ولفت بارتوف إلى أن المصطلح قد خفف إلى حد ما: "لقد استُخدم كثيرا كنوع من العبارة المعادية لإسرائيل حتى أنه فقد الكثير من قيمته".
وفي الوقت نفسه، يقول بارتوف، لأن اتفاقية الإبادة الجماعية جاءت في أعقاب الهولوكوست، فهناك ميل إلى القول إن ما لم يكن الهولوكوست فهو ليس إبادة جماعية. "إذا لم يكن لدينا معسكرات إبادة، وإذا لم يتم ذلك في جميع أنحاء القارة، وإذا لم يكن النظام النازي هو الذي ينفذه، فهذا ليس إبادة جماعية".
وذكرت الكاتبة أنه على نطاق أوسع، يمكن أن تكون الإبادة الجماعية مصطلحا إشكاليا. جادل الباحث في الإبادة الجماعية ديرك موزس، الذي كتب كتابا عام 2021 بعنوان "مشاكل الإبادة الجماعية"، بأنها لم تعد مناسبة للغرض حقا لأنها "تنتج تسلسلا هرميا للموت الجماعي الذي ينظم ويشوه التفكير في تدمير المدنيين". كما أن تعريفها القانوني ضيق للغاية لدرجة أنه حتى لو تم القضاء على سكان غزة بالكامل، فقد لا يزال لا يُعتبر إبادة جماعية.
لكن حتى مع كل هذه المؤهلات، يعتقد بارتوف أنه من الأفضل أن يكون لدينا تعريف قانوني للإبادة الجماعية من عدم وجوده. "لأنك إذا كنت على علم بها وكنت على دراية بالمؤشرات التي قد تشير إلى حدوث ذلك، فيمكنك محاولة إيقافها بطرق مختلفة".
مرة أخرى: الإبادة الجماعية مصطلح محمل. إن هذا المصطلح لا يستخدمه بارتوف، وهو من أبرز الباحثين في مجال الإبادة الجماعية، باستخفاف. ومع ذلك، فهو يعتقد أن الوقت قد حان لكي تواجه وسائل الإعلام، التي تتجنب استخدام هذه الكلمة، "الوقائع". إن ما يحدث في غزة هو إبادة جماعية.