مع بدء العدّ العكسي لانتهاء العام 2023، واستقبال العام 2024، عند منتصف ليل الأحد، تنتهي مرحلة "الجردة" التي تُستعاد معها أبرز محطّات العام، وتُسترجَع أحداثه المفصليّة، لتبدأ مرحلة "استشراف" ما قد يحمله العام الجديد معه، سواء لجهة الاستحقاقات المنتظَرة فيه، أو لجهة ما هو متوقَّع من أحداث، وربما تقلّبات، مع الأمنيات الثابتة بأن يحمل معه كلّ الخير، ويتحقّق السلام والاستقرار على كلّ المستويات.


 
وفي سياق مرحلة "الاستشراف" هذه، تنتقل الأنظار إلى من يوصَفون بـ"المنجّمين"، ولو أنّ بعضهم يفضّل أن يمنح نفسه ألقابًا وأوصافًا من نوع "صاحب التوقعات" أو "سيّد الإلهام" وغير ذلك، لعلّ توقّعاتهم تحمل بين طيّاتها بعضًا من "الأمل" بظروفٍ أفضل، وانفراجاتٍ على غير صعيد، حتى لو أثبتت التجربة أنّ "السوداوية" تطغى عليها، بل إنّ بعضها يكاد يكون "فيلمًا خياليًا"، قد لا يخلو من "الرعب" في بعض جوانبه.
 
لكن بعيدًا عن التوقعات والتكهّنات، التي تندرج بمعظمها في خانة "التنجيم" أو "التبصير"، ولو استقطبت الاهتمام، ثمّة من يسعى إلى "استشراف" المرحلة المقبلة، من بوابة التحليل السياسيّ، أو القراءة الواقعية للأحداث، والسيناريوهات المحتملة، ولو أنّ هذه المهمّة تبدو أكثر من "دقيقة" هذا العام، في ظلّ التحديات المحدقة، فهل من يستطيع أن يتكهّن إن كان العام الجديد سيحمل معه "الفرج المُنتظَر"، أم أنّ "الحرب الشاملة" ستكون أسرع منه؟
 
شبح "الحرب" يتصدّر
 
إذا كانت أجواء الحرب تصدّرت الاهتمام في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2023، في فلسطين بالدرجة الأولى، في ضوء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي أعقبت عملية "طوفان الأقصى" غير المسبوقة للمقاومة الفلسطينية، ولكن أيضًا في لبنان الذي نال "نصيبه" منها، خصوصًا على أرض الجنوب، فإنّ "شبح" الحرب سيخيّم على ما يبدو على العام الجديد، على الأقلّ في نصفه الأول، وفق التقديرات العسكرية والأمنية.
 
ففي غزة، لا يبدو أيّ "فرج" في الأفق، بل إنّ كلّ المؤشرات تدلّ على أنّ انتهاء الحرب لا يزال بعيدًا، على الرغم من الوساطات الإقليمية النشطة، والمحاولات الحثيثة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، ينهي جرائم الإبادة بحق الشعب الفلسطيني، وسط اعتقاد بأنّ هذه الحرب ستنتقل إلى "مرحلة مختلفة" في الأسابيع المقبلة، وهي مرحلة "تكثيف" العمليات المركّزة ضد المقاومة، بعيدًا عن القصف الهمجي الشامل، وهو السيناريو الذي يدفع الأميركيون تحديدًا باتجاهه.
 
وفي جنوب لبنان، حيث "جبهة الإسناد" للفلسطينيين في قطاع غزة، لا يبدو الوضع "مغايرًا"، حيث يستمرّ "التأهّب" على الحدود، في ظلّ حالات "ترقّب" لإمكانية تدهور الوضع أكثر في المرحلة المقبلة، بل إنّ هناك من يعتقد أنّ لبنان سيكون "مسرح" الحرب التالية، بعد أن تهدأ "الجبهة" في غزة إلى حدّ ما، ولو أنّ الاتصالات السياسية الدولية لا تزال نشطة لتفادي مثل هذا السيناريو، ومنع انزلاق لبنان إلى الحرب، تحت أيّ ظرف من الظروف.
 
الاستحقاقات السياسية "مهمّشة"
 
هكذا، يتصدّر الوضع الأمني الاهتمام مع بداية العام الجديد، في ظلّ استمرار "قرع طبول الحرب" منذ نحو ثلاثة أشهر، علمًا أنّ أسهم "الحرب الإقليمية الشاملة" لا تبدو غائبة عن المشهد، وإن انخفضت في مرحلة ما، قبل أن تقفز من جديد في الأيام الأخيرة من العام، خصوصًا مع عملية اغتيال المستشار في الحرس الثوري الإيراني رضي موسوي في سوريا، والتي اعتبرها كثيرون "نقطة مفصليّة" في الصراع، قد يكون لها تداعياتها.
 
ومع تصدّر الوضع الأمني واجهة الأحداث، والذي يتوقع أن يستمرّ في الأسابيع المقبلة بالحدّ الأدنى، تبدو الاستحقاقات السياسية "مهمّشة" في العام الجديد، كما كانت في الأشهر الأخيرة، ومنها استحقاق الانتخابات الرئاسية المؤجّلة منذ العام 2022، والتي لا يزال البعض "يربطها" بحرب غزة وتجلياتها في جنوب لبنان، باعتبار أنّ نتائج هذه الحرب هي التي ستحدّد "وجهة" هذا الاستحقاق، عبر "رفع" أسهم مرشح هنا، وخفض أسهم آخر من هناك.
 
لكن، في مقابل وجهة النظر هذه، ثمّة من يعتقد أنّ الاستحقاق الرئاسي وإن بدا كسائر الاستحقاق "مهمّشًا"، قد يشهد "تطورات نوعية" مع العام الجديد، ليس ربطًا باستحقاق قيادة الجيش أو غيره بالضرورة، ولكن لاقتناع شريحة واسعة من اللبنانيين بأنّ الاستمرار بنهج "المماطلة" نفسه قد لا يكون مفيدًا، خصوصًا في ظلّ الأجواء "الساخنة" في المنطقة، والتي تتطلب ساحة داخلية "محصّنة"، لن تكون مقوّماتها متوافرة، من دون انتخاب رئيس يعيد الانتظام للمؤسسات.
 
هي سيناريوهات "متناقضة" تلاحق اللبنانيين، حتى وهم يحتفلون بعيد رأس السنة، وسط أجواء قد تكون أفضل نسبيًا من المتوقّع. بين هذه السيناريوهات ما يدفع إلى التفاؤل، بأنّ الحراك الدولي سيفضي أخيرًا إلى انتخاب رئيس، ربما في غضون أسابيع قليلة. وبينها أيضًا ما يدفع إلى التشاؤم، ويوحي بأنّ الحرب لم تعد سوى "مسألة وقت". لكن، بين الانتخاب والحرب، نقطة فاصلة تتوقف بالدرجة الأولى عند ما يريده اللبنانيون فعلاً، وهنا بيت القصيد! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: العام الجدید

إقرأ أيضاً:

حزب الله يتمسّك بسلاحه.. يزبك: ضربة قوية للعهد الجديد

كتبت" الشرق الاوسط":عاكس «حزب الله» الأجواء الإيجابية بإعلانه التمسّك بسلاحه وتجزئة القرار 1701 ما بين جنوبي نهر الليطاني وشماله، إذ رأى أمين عام الحزب نعيم قاسم أنّ «المقاومة في لبنان ستبقى عصية على المشروع الأميركي ــ الإسرائيلي، وهي مستمرة وقوية وجاهزة وأمينة على دماء الشهداء لتحرير الأرض وتحرير فلسطين».
ووصف النائب غياث يزبك هذا الكلام بـ«الخطير». ورأى أنه «يستدرج حرباً إسرائيلية جديدة على لبنان».
وأوضح، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «كلام قاسم عن التمسّك بالسلاح والفصل الشقّ المتعلّق بالقرار 1701 في جنوبي الليطاني عن شمال الليطاني انقلاب على اتفاق وقف النار؛ خصوصاً أن هذا الخطاب يأتي قبل أيام قليلة من 27 كانون الثاني الحالي موعد انسحاب إسرائيل من المناطق التي احتلتها في جنوب لبنان، وعشية وصول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، وهذا قد يستدرج تصعيداً خطيراً من قبل إسرائيل». وقال: «هذا الكلام محاولة لنزع المصداقية عن موقف رئيس مجلس النواب نبيه برّي الذي أوحى بأجواء إيجابية لتشكيل الحكومة الجديدة؛ خصوصاً مع تأكيد رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف بعدم إقصاء أي طرف عن الحكومة العتيدة».
واعتبر يزبك أن ما قاله قاسم «يشكل ضربة قوية للعهد الجديد وللرئيس جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، وعملية ابتزاز للدولة كما كان يحصل قبل الحرب». وقال: «يجب أن يعرف قاسم أن كلامه لا يمثل الطائفة الشيعية ولا الوجدان الشيعي الذي بدأ يعبر بوضوح عن إيمانه بالدولة ودعمه لقيام مؤسساتها الدستورية»، مشيراً إلى أن «(حزب الله) يعتقد وفق ما صرّح أمينه العام بأنه يمكنه أن يحقق مكاسب جديدة عبر العودة إلى طرح شعاراته القديمة التي كانت مرفوضة بالسابق وبالتأكيد غير قابلة للنقاش حالياً، والعودة إلى نغمة حق المقاومة بالدفاع عن البلد وحمايته، وهذا أمر حسمه العهد الجديد».
ورأى أن «خطاب نعيم قاسم يقلق الدول الصديقة والشقيقة التي تعهدت بتقديم كل الدعم للدولة اللبنانية، ويعدّ رسالة سلبية تجاه الرئيس الفرنسي الذي نطق باسم الأسرة الدولية»، معتبراً أن «منطق نعيم قاسم يعبّر عن الأحادية الخاطفة للطائفة الشيعية التي تورّط البلد مجدداً في أزمات يسعى للخروج منها بكل الطرق».
 

مقالات مشابهة

  • قبلان: المطلوب حكومة قادرة على استعادة الثقة بين اللبنانيين
  • حزب الله يتمسّك بسلاحه.. يزبك: ضربة قوية للعهد الجديد
  • غوتيريش يلتقي القادة اللبنانيين.. دعوات لانسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب البلاد واستعادة السيادة
  • هدنة غزة تربك حسابات الحوثيين ... سيناريوهات البحث عن أسباب البقاء
  • بعد الحرب والأزمة الاقتصادية.. ماكرون يعلن دعم لبنان في مرحلة التعافي
  • لماذا السودان؟.. كتاب يناقش سيناريوهات مصير الحرب ومستقبل الصراع مع مليشيا الدعم السريع
  • مخاطر تنتظر سكان لوس أنجلوس بعد السيطرة على الحرائق.. سيناريوهات غير متوقعة
  • جوزيف عون: ثقة اللبنانيين ببلادهم عادت والشعب متمسك بأرضه
  • نهاية علاقة أكرم توفيق مع الأهلي .. ثلاثة سيناريوهات تنتظر مصير اللاعب
  • غوتيريش يبدأ زيارة تضامنية إلى لبنان ويتفقد قوات اليونيفيل