الجزائر- توفي وزير الدفاع الجزائري الأسبق الجنرال خالد نزار أمس الجمعة عن عمر ناهز 86 عاما بعد صراع مع المرض، وبرحيله تطوي الجزائر مرحلة مفصلية في تاريخها حيث ارتبط اسمه بفترة الحرب الأهلية في تسعينيات القرن الماضي والتعي تعرف إعلاميا بـ" العشرية السوداء"، وكان يعتبر مهندسها وصندوقها الأسود، ونعى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون نزارا، معتبرا في بيان أنه كان "من أبرز الشخصيات العسكرية، وقد كرس مشوار حياته الحافل بالتضحية والعطاء، لخدمة الوطن في مختلف المناصب والمسؤوليات التي تقلدها".

رغم ما يظهر عليه من خشونة، لا يصعب على جليسه تمييز ملامح شخصيته المترددة التي يسهل استدراجها"، هكذا وصفه الصحفي محمد مسلم وهو يروي للجزيرة نت تفاصيل لقائه مع اللواء المتقاعد خالد نزّار قبل سنوات قليلة من الآن. ظل نزّار وفيا للكتابات فكان من بين قلائل الشخصيات العسكرية في شمال أفريقيا ودول الشرق الأوسط ممن يكتبون مذكراتهم، الأمر الذي جعل الوزير السابق وصديقه محي الدين عميمور يثني عليه في ذلك. كتب عن عبد العزيز بوتفليقة قبيل وصوله لسدّة الحكم فوصفه بـ"الدمية التي تتخفى بعباءة بومدين"، وبمجرد تلقيه مكالمة هاتفية من قبل رئيس المخابرات الجزائرية آنذاك، محمد مدين المدعو توفيق، عاد خالد نزّار ليكتب "بوتفليقة الأقل سوءا على مستقبل البلاد". وصل خالد نزار هرم النفوذ في بلاده في يوليو/تموز 1990 حين عينه الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد وزيرا للدفاع، ليستقيل رئيس الجمهورية بعدها بسنتين بعد أن فاز حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ (المحظور حاليا) بالدور الأول في الانتخابات التشريعية. عبد المجيد تبون وصف نزار بأنه كان من أبرز الشخصيات العسكرية (الجزيرة)

"خطأ" الشاذلي

يقول كاتب مذكرات الشاذلي، عبد العزيز بوباكير للجزيرة نت، أن أكبر خطأ ارتكبه الشاذلي في حياته هو وضعه الثقة في خالد نزّار "وهذا ما قاله له الرئيس في اللقاءات العديدة التي جمعته به".

لم يندم الشاذلي على الاستقالة -يقول بوباكير- بل يعتبر نفسه أرضى ضميره على حساب عبودية السلطة والنفوذ، "كان مع استكمال المسار الانتخابي حتى وإن فاز الحزب الإسلامي بالجولة الثانية لأن الشاذلي يعتقد بأن الخطوة الأولى نحو الديمقراطية هي فتح المجال للاختلاف السياسي وتقبله".

لم يقبل الشاذلي بتوقيف المسار الانتخابي وبالتالي "رفض أن يكون واجهة في الأزمة السياسية التي مرت بها البلاد"، يقول بوباكير، في حين يرى الصحفي محمد مسلم أن خطيئة نزّار وقتها أنه قبل أن يلعب الدور الذي رفضه الشاذلي.

انتصر الشاذلي لنزّار ثلاث مرات فاصلة في حياته، "عاد نزّار مع الهاربين من الجيش الفرنسي فالتحق بجيش التحرير سنة 58 وأسباب التحاقه تبقى إلى اليوم مجهولة".

يقول بوباكير "بقي البعض يقول التحق في دفعة لاكوست للتجسس على ثورة التحرير واختراقها، والبعض الآخر يقول إنه التحق ضمن الفرار الكبير للضباط الجزائريين الذين كانوا في الجيش الفرنسي".

ولكن الرئيس الشاذلي روى واحدة من القصص عن نزار، للكاتب بوباكير التي نقلها حصريا للجزيرة نت قائلا "الشكوك ظلت حائمة حوله في جيش التحرير. التحق بالمنطقة الأولى من القاعدة الشرقية، واعتُبر آنذاك مدسوسا من الجيش الفرنسي".

قال نواب الشاذلي بن جديد آنذاك إن "هذا الإنسان (خالد نزّار) إما أن يُطرد أو يُقتل" ولكن الشاذلي بن جديد تدخل بحكم ولائه للقيادة، فقال لنوابه "نحن نحترم قرار قيادة الأركان برئاسة كريم بلقاسم"، لذلك لم ينفذ فيه حكم الإعدام ونجا، حسب ما يروي بوباكير.

أما المرة الثانية التي أنقذ فيها الشاذلي خالد نزار فكانت سنة 1987، حين انتصر له على حساب ليمين زروال، بعد أن أقنعه رئيس ديوانه العربي بلخير، الذي كان من دفعة نزار المعروفة بالضباط الملتحقين بالثورة الجزائرية، الفارين من الجيش الفرنسي.

العشرية السوداء
ارتبط اسم نزّار بالأحداث التي شهدتها الجزائر سنة 1988 حين تم استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين، مما تسبب في مقتل أزيد من 600 شخص، لتزيد التهم على وزير دفاع "العشرية السوداء" بعد استقالة الشاذلي وتوقيف المسار الانتخابي الذي كان يدعمه، ودخول البلاد بعدها في ما يعرف بـ"عشرية الدم".

يروي الصحفي محمد مسلم كواليس الحوار الذي جمعه بخالد نزار قبل سنوات بقوله "رفض نزار إجراء الحوار رفضا قاطعا في البداية بحجة أنه يختلف إيديولوجيا مع جريدة الشروق (كان توجهها إسلامي وقتها)، ولكننا أقنعناه أنه سيستخدمها ليرد على الاتهامات الموجهة إليه من المجتمع الدولي".

اقتنع نزار بسرعة بعدما كان يرفض اللقاء بحزم وشدة، يقول مسلم، "بعد الحوار الذي دام 13 ساعة على مرحلتين، قال لنا نزّار إنه مستعد أن يواصل لمدة ثلاثة أيام بشرط أن تتوفر له الحلوى والسيجارة".

قال نزّار لمسلم "أدركت أنني لست صاحب القرار حين وصلت لأحد الاجتماعات ووجدت بقايا رماد السجائر على الطاولات، عرفت وقتها أن الاجتماع بدأ باكرا وأن القرارات قد اتُخذت".

خالد نزار ارتبط اسمه بالحرب الأهلية في التسعينيات التي تعرف بالعشرية السوداء (الفرنسية)

توقيف فإفراج
في عامة 2012 جرى توقيف خالد نزّار في سويسرا وعرضه على محكمة الجنايات بعدما رفع عدد من الناشطين هناك عريضة تتهمه بجرائم ضد الإنسانية "كان سببا في ارتكابها في سنوات العشرية السوداء، التي راح ضحيتها أزيد من 250 ألف جزائري بين قتيل ومفقود".

وقف وقتها بوتفليقة إلى جانب نزّار بعدما تدخلت سفارة بلاده في جنيف ورفع عدد من الشخصيات الجزائرية عريضة وقعها 177 من الناشطين والسياسيين والصحفيين لإطلاق سراحه.

لم يرد عدد من الموقعين على العريضة على اتصالات الجزيرة نت التي حاولت الحصول على شهاداتهم، في حين اعتذر من ردوا مستخدمين جملة "ليس لدينا ما نقوله في الموضوع.. نعتذر".

فتح الملفات
أغلقت ملفات نزار منذ ذلك الحين، ثم عادت لتفتح مع حراك 22 فبراير، وعاد ليكتب عن اتصال هاتفي تلقاه من قبل السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس، الذي طلب مساعدته لإقالة رئيس الأركان الفريق أحمد قايد صالح، على حد تعبير خالد نزّار.

رفع الجزائريون طيلة المظاهرات الشعارات المطالبة بمحاسبة نزار ضمن ما سمي بـ"العصابة"، كما عاد نجل الرئيس الراحل محمد بوضياف ليفتح ملف مقتل والده ويتهم صراحة وزير الدفاع الأسبق الذي صدرت في حقه مؤخرا مذكرة توقيف دولية بتهمة التآمر والمساس بالنظام العام.

يرفض الصحفي محمد مسلم وصف نزّار بـ"الصندوق الأسود"، ويقول عنه إنه "مجرد واجهة لمجموعة تعمل في الخفاء استغلته وهو وافق على أن يلعب الدور، وفي الأخير هو من دفع الثمن".

 

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: العشریة السوداء الجیش الفرنسی خالد نزار

إقرأ أيضاً:

الرئيس السيسي: نمارس القيم التي تدعو للشرف والاحترام والعزة والكرامة والبناء

قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، عندما تزيد الشائعات يؤكد هذا زيادة الاستهداف وأن مصر على الطريق الصحيح.

وأضاف في كلمته خلال فعاليات الاحتفال بالذكرى الـ73: نمارس القيم التي تدعو للشرف والاحترام والعزة والكرامة والبناء.

هذا وأقيم الاحتفال داخل أكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة، بحضور اللواء محمود توفيق وزير الداخلية وعدد كبير من الوزراء ورجال الدولة.

الاحتفال بعيد الشرطة الـ73

تحتفل مصر يوم 25 يناير من كل عام بذكرى عيد الشرطة والذي خلّد بطولات رجال الشرطة في موقعة الإسماعيلية الشهيرة، وضحّى شهداء الشرطة بأرواحهم في معركة الإسماعيلية عام 1952، في أثناء تصديهم للعدوان، ليصبح هذا اليوم عيدًا يحتفل المصريون به كل عام.

اقرأ أيضاًالرئيس السيسي يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكاري لشهداء الشرطة

الرئيس عبد الفتاح السيسي يصل مقر أكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة

مقالات مشابهة

  • أروى جودة ورجل الأحلام.. قصة حب بدأت بفص خاتم وانتهت على كوبري قصر النيل|فيديوجراف
  • الرئيس السيسي: نمارس القيم التي تدعو للشرف والاحترام والعزة والكرامة والبناء
  • معكم منى الشاذلي يحتفي بمرور نصف قرن على رحيل كوكب الشرق
  • الرئيس المشاط يعزي مستشار الرئاسة حامد في وفاة زوجته
  • الرئيس المشاط يعزي الدكتور جعفر حامد في وفاة زوجته
  • الزبيب الأسود وصحة القلب: كنز من الفوائد التي قد تجهلها
  • رابط وخطوات الاستعلام عن المقبولين في سكنات عدل 3 بالجزائر.. مفعل الآن
  • منصة رقمية للعيادات الطبية والترويج للعلاج بالجزائر
  • الوسط الفني في حالة حزن.. رحيل فكري صادق ووالد ياسمين عبد العزيز وجد خالد أنور
  • الموت يفجع الفنان الشاب خالد أنور.. تفاصيل