ماذا يعني الهجوم المصري ضد المقاومة في غزة؟.. هذه حقيقة موقف القاهرة من الحرب
تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT
أثارت تصريحات مساعد مدير المخابرات الحربية الأسبق، اللواء ممدوح إمام، بشأن الحرب في قطاع غزة وتحميل المقاومة سبب القتل والدمار والخراب في القطاع جدلا واسعا، واعتبرها كثيرون أنها تكشف عن الوجه الآخر للنظام المصري من المقاومة.
وقال إمام في ندوة حوارية: "أنت تقول أنك مقاومة، أنا آسف جدا، أنت لست مقاومة، الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني هي منظمة التحرير الفلسطينية التي عقدت اتفاقية أوسلو وتمخض عنها السلطة الفلسطينية واعترفت بها دول العالم".
وتابع بأنه لا يوجد في ميثاق حركة "فتح" شيء اسمه تدمير "إسرائيل"، مضيفا أن "المقاومة مرحلة وانتهت، ومحاربة المحتل طوال العمر هو "كلام خزعبلي"، أي حرب في العالم لا بد أن يعقبها مفاوضات ووضع نهائي، ولن يقف أحد في العالم إلى جانبك".
واستبعد إمام أن يعود قطاع غزة مثلما كان تحت أي ظرف من الظروف، وذلك بسبب ما ألحقته عملية "طوفان الأقصى بكرامة إسرائيل وإهانة كبريائها"، مشيرا إلى أن "إسرائيل في حرب 1967 قتل لها على أربع جبهات 713 شخصا، أما الآن فقد مات لها أكثر من 1400 شخص".
وهاجم المقاومة قائلا: "أنت يا بتاع المقاومة أرضك تقلصت وإسرائيل ستأخذ منها جزءا لإقامة منطقة عازلة، والآن حركة حماس تُحمل الولايات المتحدة الأمريكية والعالم مسؤولية استمرار الحرب يعني ليس هي السبب وإنما غيرها، الحرب طويلة جدا وما زلنا في البدايات".
"إسرائيل" .. إنجازات قتل المدنيين والتدمير
قتلت سلطات الاحتلال أكثر من 21 ألف مدني بدم بارد جلهم من الأطفال والنساء وأكثر من 55 ألف مصاب، بحسب وزارة الصحة في غزة، وهجرت غالبية سكان قطاع غزة من منازلهم، ودمرت جزءا كبيرا من القطاع وبنيته التحتية ومنشآته.
ورغم مرور نحو 3 أشهر على العدوان الإسرائيلي على القطاع فإن الاحتلال فشل في تحقيق أي هدف من الأهداف المعلنة؛ وهي تحرير الأسرى. بل إنه بات هو من يقتلهم خلال محاولاته اليائسة للعثور عليهم، والقضاء على المقاومة الفلسطينية وتحديدا قتل قياداتها العسكرية.
عسكريا يعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن حصيلة جديدة من القتلى والمصابين في صفوف ضباطه وجنوده، وارتفع العدد الإجمالي المعلن لقتلاه إلى أكثر من 503 منذ طوفان الأقصى وهي حصيلة غير مسبوقة منذ عقود.
يقول خبراء ومحللون سياسيون وأمنيون لـ"عربي21" إن موقف السلطات المصرية من الحرب على قطاع غزة يجب فهمه من شقين نظرا لوجود التباس كبير في فهم الموقف الرسمي الذي يراه البعض موقفا قويا ويراه البعض موقفا متخاذلا.
وأشاروا إلى أن هناك موقفا من الحرب ذاتها والذي لا ترغب مصر في استمرارها لأنها تهدد استقرارها الاقتصادي الهش، وموقف النظام الحالي من المقاومة الفلسطينية التي تعتبرها جزءا من الحركات المسلحة المتمردة.
موقفان من الحرب والمقاومة
ولفهم طبيعة الموقف المصري، يقول رضا فهمي رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري سابقا، إن "موقف النظام المصري من المقاومة ظهر من الأيام الأولى لتولي السيسي الحكم في مصر واندلاع حرب في غزة في صيف 2014 واستمرت لأطول فترة حينها دون تدخل حقيقي لوقفها، بل إنه أوعز لأجهزته الإعلامية بالهجوم على حركات المقاومة ونعتها بـ الإرهابية".
أما بخصوص الحرب على قطاع غزة فهي "ليست في مصلحة النظام المصري لعدة أسباب مثل إثارة الرأي العام الداخلي وزيادة الغضب على السلطات، وتحويل المنطقة إلى منطقة توترات وبالتالي فهي تتأثر اقتصاديا بعزوف المستثمرين والسياح، وقد ظهرت تداعياتها من أقصى جنوب البحر الأحمر من خلال استهداف سفن الشحن الإسرائيلية وقرار عدد من شركات الشحن تغيير مسارها".
وأوضح فهمي لـ"عربي21" أن النظام "لا يرغب في وجود حركات المقاومة المسلحة في قطاع غزة باعتبارها إحدى حركات التحرر الوطني والتي تتأثر بها الشعوب العربية المحيطة والتي ترغب في إزاحة أنظمتها الفاشية، ولذلك فإن السيسي يقوم بدور خطير من خلال جعل الجيش المصري يقوم بدور وظيفي هدفه حماية الحدود من دخول أو مرور أسلحة إلى قطاع غزة، وإلا ما معنى السياج العازل وتدمير الأنفاق والسور على طول الحدود وإخلاء مدينة رفح المصرية".
ترحيل الغزيين إلى النقب إلى حين القضاء على المقاومة
وكان رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، دعا في وقت سابق إلى نقل سكان غزة إلى صحراء النقب بدلا من سيناء، إلى حين الانتهاء من العملية العسكرية التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة، تحت ذريعة القضاء على المقاومة.
وقال خلال مؤتمر مع المستشار الألماني جورج شولتز في القاهرة، حينها: "إذا كانت هناك فكرة للتقدير، فتوجد صحراء النقب التي يمكن أن يتم نقل الفلسطينيين إليها إلى حين انتهاء "إسرائيل" من خطتها المعلنة في تصفية المقاومة أو القضاء على الجماعات المسلحة، ’حماس’ و’الجهاد’ وغيرهما، ثم ترجعهم إذا شاءت".
أمنان..أمن الدولة وأمن النظام
يفرق الباحث المصري في الشؤون الأمنية، أحمد مولانا، بين "مفهوم الأمن القومي المصري للدولة والأمن القومي للنظام.ز الأمن القومي للدولة مرتبط بمصالح الدولة الاستراتيجية ومصالح شعبها بغض النظر عن شخصية الحاكم".
وأضاف لـ"عربي21": "لكن في ظل الواقع الاستبدادي الموجود فإن الأمن القومي للنظام هو أمن النظام؛ والدليل أن هناك قضايا كبرى تمس الأمن القومي لمصر مثل الأوضاع في السودان والتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير وسد النهضة، وغلق الأنفاق ومحاصرة قطاع غزة، هناك عامل مشترك بين تلك الأحداث يقدم فيه النظام مصلحته واستقراره وبقاءه على مصالح الدولة والشعب".
ودلل مولانا على حديثه بالقول: "تصرف النظام المصري تجاه غزة ومنعه إدخال الجرحى إلى مصر أو منعه إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلا بإذن إسرائيل يعني أنه يأتمر بأوامرها ويلتزم بنواهيها، ورسالة إلى أن السيسي وقف إلى جوار واشنطن وتل أبيب في أزمتهما ويجب أن ينعكس ذلك على وضعه واستقراره بشكل إيجابي بمنح النظام بعض المساعدات، ورسالة أخرى مفادها أنه يطرح نفسه كصمام أمان للمصالح الإسرائيلية والأمريكية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة المقاومة المصري مصر غزة المقاومة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام المصری الأمن القومی قطاع غزة من الحرب
إقرأ أيضاً:
ماذا بعد ارتفاع خسائر جيش الاحتلال بغزة؟ محللون يجيبون
يرى محللون وخبراء أن تصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية وارتفاع خسائر جيش الاحتلال في قطاع غزة خلال الأيام الماضية يعمّقان المأزق الإسرائيلي، ويكشفان فشل إستراتيجيته العسكرية والسياسية، ويزيدان من حدة الانقسامات داخل المؤسستين العسكرية والسياسية حول أهداف الحرب ومستقبلها.
وتشهد جبهات القتال، من بيت حانون شمالا إلى رفح جنوبا، اشتدادا للمعارك خلال الأيام الماضية. ونفذت المقاومة كمائن وعمليات قنص أدت لمقتل وإصابة جنود إسرائيليين، وفق بيانات جيش الاحتلال المتتالية.
ويشير الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا إلى وجود نمط عملياتي جديد للمقاومة، يدل على تغيير في ديناميكية مسرح العمليات العسكرية، ويؤكد الفشل الكبير للإستراتيجية الإسرائيلية العسكرية والسياسية.
ويضيف، في حديثه لبرنامج "مسار الأحداث"، أن النجاحات التكتيكية الإسرائيلية، حتى مع الدمار الواسع، غير قادرة على التحول إلى نصر إستراتيجي كبير، بسبب الخلل الإستراتيجي وعدم تطابق الأهداف السياسية مع الإمكانيات العسكرية لتحقيقها.
ويرى حنا أنه بالرغم من تغير المسرح العسكري في غزة، ووجود قيادة أركان جديدة بمقاربة مختلفة، لا تزال المقاومة ترفع كلفة بقاء الاحتلال، وذلك بعد أن سمحت له بالتقدم المتدرج في مناطق فارغة سابقا.
إعلانفالجيش الإسرائيلي الذي يفضل الحركية والمناورة، وصل إلى حالة ثبات في امتداده الأقصى داخل القطاع، وهو ما استغلته المقاومة لبدء عمليات مضادة وفق نمط جديد يهدف لزيادة خسائر المحتل، حسب حنا.
محاولة استدراج المقاومة
بدوره، يوضح الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة أن توقيت تكثيف عمليات كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- مرتبط بخطة عمل واضحة، تأخذ في الاعتبار تطورات الميدان على مدى أكثر من عام ونصف العام، بما في ذلك تغيير جغرافيا وآليات المواجهة، بالإضافة إلى القدرات البشرية والمادية المتاحة.
ويشير إلى أن الاحتلال حاول استدراج المقاومة إلى توقيته وأسلوبه في القتال عبر التوغل المتدرج، لكن المقاومة حافظت على حالة من السكون التكتيكي لبعض الوقت.
ويضيف عفيفة أنه عندما بدأت قوات الاحتلال بالتموضع والدخول في حالة من الروتين العسكري في مناطق التوغل، وهو أمر خطير بالنسبة للجيوش النظامية، بادرت المقاومة بامتلاك زمام المبادرة وتنفيذ كمائنها المخطط لها مسبقا ضمن إستراتيجيتها.
وقد أحدث هذا التحول الميداني حالة من الإرباك لدى جيش الاحتلال انعكست على سلوكه وقراراته، ووصلت تداعياته إلى نقاشات الكابينت الإسرائيلي الحادة حول سؤال "ماذا بعد؟".
هذا الإرباك تجلى في كشف صحيفة "يسرائيل هيوم" عن جدل حاد شهده اجتماع المجلس الوزاري المصغر بين قادة الأمن والوزراء بشأن المراحل التالية للعملية في غزة، وعدم التوصل إلى قرارات حاسمة. وقد أمر أعضاء المجلس الوزاري الجيش بتحديث خططه بما يتلاءم وتوجهات الوزراء وعرضها عليهم مرة أخرى.
سؤال ماذا بعد؟
وفي هذا السياق، يرى الخبير بالشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى أن سؤال "ماذا بعد؟" بدأ يُطرح بقوة داخل إسرائيل، مشيرا إلى حالة صدمة أصابت قائد هيئة الأركان الجديد إيال زامير، الذي ارتكز على 3 عناصر قوة متوهمة، وهي عدم انتمائه لإخفاق 7 أكتوبر 2023، واعتقاده بضعف حماس، وحصوله على سقف موارد غير محدود لاحتلال غزة.
إعلانلكنه اكتشف، حسب مصطفى، 3 عناصر ضعف لم يحسب حسابها، وهي عرائض الاحتجاج المتزايدة التي نزعت شرعية العملية العسكرية، واستمرار فاعلية حماس وقدرتها الميدانية، وعدم استعداد نسبة كبيرة من جنود الاحتياط للتجنيد (50-70% غير ملتزمين بوحداتهم)، مما يعزز الأزمة خاصة أن قتلى وجرحى الكمائن الأخيرة من الاحتياط.
ويؤكد مصطفى أن حساسية الخسائر البشرية تكون عالية جدا في إسرائيل عندما تفتقد الحرب للإجماع والشرعية الداخلية، مما يعيد طرح سؤال الجدوى من العملية العسكرية برمتها، خاصة مع بدء ما يشبه حرب استنزاف.
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصادر أن التوتر شديدٌ بين سلاح الجو الإسرائيلي وقيادة المنطقة الجنوبية بسبب الحرب على غزة، وأوضحت المصادر أن سبب التوتر هو الارتفاع المستمر في عدد القتلى المدنيين بالقطاع بسبب الغارات على أهداف تختارها القيادة الجنوبية.
ويعتبر مصطفى أن هذا الخلاف مؤشر على الانقسام العام الأوسع الذي ظهر في العرائض العسكرية، مشيرا إلى أن سلاح الجو، الذي له تاريخ في قيادة الاحتجاجات وينتمي لطبقة اجتماعية معارضة لليمين، بدأ يعارض قرارات المنطقة الجنوبية بسبب الجو العام المختلف في إسرائيل بعد اتفاق وقف إطلاق النار وتصاعد الضغط الداخلي.
تعظيم حالة الارتباك
وفي خضم هذه التوترات، دعت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين إلى مظاهرة حاشدة السبت في تل أبيب ومدن أخرى، للمطالبة بإعادة كل الأسرى عبر صفقة بدفعة واحدة.
ويؤكد عفيفة أن المقاومة تعوّل على هذه الخلافات الإسرائيلية المتعددة لتعظيم حالة الارتباك والضغط على حكومة نتنياهو، مشيرا إلى أن مبادرة حماس الأخيرة بصفقة شاملة التقطتها أطراف إسرائيلية وأميركية وزادت الضغوط.
ويعتبر عفيفة أن تأجيل اتخاذ قرارات حاسمة في إسرائيل بشأن العمليات العسكرية مرتبط بهذه الضغوط، وبمحاولة الاعتماد على ورقة المساعدات الإنسانية كأداة ضغط مركزية بعد الإحباط من النتائج العسكرية، وهو ما ظهر في الجدل الحاد حول مسؤولية توزيع المساعدات ورفض الجيش توليها.
إعلانويرى مصطفى أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو يعتمد أسلوب التأجيل لأنه لا يريد حسم الخلاف العميق بين تيار "الحسم السريع" (يمثله الوزيران المتطرفان بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير) الذي يريد احتلال غزة وفرض حكم عسكري عليها، وتيار "الحسم البطيء" الذي يمثله نتنياهو نفسه، والذي يسعى لإطالة الحرب واستدامتها.
ويتوقع مصطفى أن يلجأ نتنياهو لتسوية مؤقتة عبر "خصخصة" توزيع المساعدات لتجنب تحويل الجيش إلى حاكم فعلي، مع إعطاء وعود بتوسيع العملية العسكرية لإرضاء اليمين المتطرف دون نية حقيقية لتنفيذ احتلال واسع النطاق قد يضحي بالأسرى ويزيد الأزمة الداخلية.
وفي المحصلة، يتوقع المحللون أن تعطي إسرائيل الآن أهمية كبرى للمسار الدبلوماسي، خاصة مع الحراك الجاري وزيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المرتقبة للمنطقة، بالتوازي مع استمرار عمليات عسكرية محدودة ومحسوبة تهدف للضغط على حماس وإرضاء أطراف في الحكومة الإسرائيلية، دون الانجرار إلى مواجهة شاملة.