الإمارات في مجلس الأمن: يجب منع التطرف من ابتلاع المنطقة بفرض حل الدولتين
تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT
شددت الإمارات في مجلس الأمن الدولي، مساء أمس الجمعة، على "إنقاذ" حل الدولتين، ومنع تدهور الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في جلسة بالمجلس حول "جدوى حل الدولتين، واستقرار منطقة الشرق الأوسط" التي دعت لها دولة الإمارات.
وقالت مندوبة الدولة الدائمة لدى الأمم المتحدة، لانا نسيبة في كلمتها، إن الحرب الأخيرة ضمن حروب أخرى امتدت عقوداً، تكشف لنا أننا أمام مفترق طرق، وأن على الدول الحاضرة في المجلس، بما في ذلك بلادي، اتخاذ إجراءات حازمة، وربما مؤلمة، في أقرب وقت، لأن البديل سيكون الجحيم، في غزة، الذي سيتمدد إلى الضفة الغربية، وإلى إسرائيل، ولبنان، وأجزاء أخرى من الشرق الأوسط.
During the UN Security Council meeting on the West Bank, #UAExUNSC emphasized the need to:
➡️ Establish an international presence to monitor a ceasefire in Gaza
➡️ Implement a plan towards separation that begins, rather than ends, with a Palestinian state
➡️ Impose a prohibitive… pic.twitter.com/jmw3LNWAfQ
وأضافت لانا نسيبة "غزة في 2023، أظهرت القدرة الهائلة للبشر على إلحاق رعب لا يوصف بغيرهم البشر، وللأنظمة العسكرية المتقدمة، على رفع حجم وتيرة الموت والدمار" مضيفة أن هذه "حرب المتشددين، وتطرف الشباب في المدارس والجامعات، والشوارع في الشرق الأوسط وما وراءه، ومنذ الهجمات المروعة في 7 أكتوبر، على إسرائيل، والحرب التي تلتها قيل في هذه القاعة وخارجها، إن دفاع إسرائيل عن نفسها، سيحسم الأمر بوضوح، مع احترام قواعد الحرب، لأن هذا ما تفعله الديقمراطيات".
وأضافت لانا نسيبة "لكن بعد 3 أشهر، ومقتل 21 ألف فلسطيني، تأكد أنها تصريحات كاذبة، وكنا جميعاً على اتصال دائم ومتكرر بالعاملين في المجال الإنساني في غزة على الأرض، ورواياتهم عن الأحداث وشهاداتهم التي لا تطاق، معروفة للجميع أيضاً. فالمدنيون يرحلون صعوداً ونزولاً في هذا الشريط الضيق، بحثاً عن الأمان الذي لا يجدونه، ويقتل كثيرون منهم في رحلة البحث عن الأمان".
ومضت لانا نسيبة قائلة: "سقط على غزة أكثر من ألفي رطل من القنابل، بما يهدد حياة مليوني فلسطيني، وحياة الرهائن الـ129 المتبقين في القطاع أيضاً".
واعتبرت المندوبة الدائمة للدولة لدى الأمم المتحدة، أن "بعد هذه المذبحة، أعدنا اكتشاف ضرورة المضي في طريق حل الدولتين، للخروج من هذه الأزمة، وأن على صحوة الضمير الأخلاقية هذه أن تعبر عن نفسها بإجراءات حاسمة، تضمن البقاء على هذا المسار وحمايته، وأن تؤكد أن عنف المستوطنين في الضفة الغربية ضد الفلسطينيين، هو النهاية المنطقية لعنف الاستيطان وابتلاع أراضي الفلسطينيين منذ عقود".
وأشارت لانا نسيبة إلى تصاعد عنف الاستيطان قائلة:" بعد أكثر من 300 قتيل في الضفة الغربية، 80 منهم أطفال، وتصاعد الهجمات الإسرائيلية على البلدات والمدن الفلسطينية، من الواضح أن تحولات جذرية بدأت تظهر ، أكثر مما يحصل في غزة وحدها".
وأضافت لانا نسيبة "عندما يفاخر قادة بأنهم عملوا طيلة حياتهم السياسية على منع حل الدولتين، وعندما يجاهرون بالدعوة إلى ترحيل الفلسطينيين من أرضهم، وعندما يهددون دولاً أخرى، بمصير مشابه لغزة، ندرك بوضوح أن علينا إعادة ضبط الأمور".
وأضافت لانا نسيبة "هذه حرب مختلفة، ونهايتها يجب أن تكون مختلفة أيضاً، يجب أن يكون حضور دولي لمراقبة وقف إطلاق النار، ويجب أن تكون هناك خطة للفصل بين الجانبين، لا تنتهي بإقامة دولة فلسطينية، هناك حاجة إلى خطوات جريئة مماثلة، ، وإلا كيف يمكن للفلسطينيين، الذين يتعرضون لمذابح لا تتوقف في هذه الحرب، أن يمدوا أيديهم لصنع السلام؟"و أضافت نسيبة " الراحل اسحق رابين تحدث عن تقديس الحياة البشرية كما في الكتاب المقدس، وأنه لا يتطلب مدرعات، أو دبابات، أو طائرات، أو تحصينات، بل يتطلب السلام، ولكن بعد أقل من سنة قتله متطرف في تجمع بتل أبيب، رفعت فيه أعلام إسرائيلية وفلسطينية، لوحت بها أيدي آلاف المشاركين فيه من الذين كانوا يتوقون إلى تقديس حياتهم وحياة جيرانهم أيضاً".
وقالت لانا نسيبة: "تعلم أكثرنا، وبعضنا أكثر من غيره أخيراً، أنه لا يمكننا أن ندع الإسرائيليين والفلسطينيين، يختارون ما نريد لهم، ولكن يمكننا أن نختار الاعتراف بأن ما يحدث في غزة لا يمكن أن يكون بأي طريقة، دفاعاً عن النفس، ويمكننا اختيار فعل الصعب والتضحية، من أجل السلام، ولضمان منع نشوب الحرب مرة أخرى، ويمكننا أيضاً اختيار فرض كلفة باهضة على سياسية وقانونية ومالية على تطرف التوسع الاستيطاني، والعنف الذي يرافقه في الضفة الغربية، ويمكننا اختيار الاعتراف بأن إقامة وطن قومي يهودي، لا يكون على أساس الاحتلال، ويمكن أن نختار حرمان المتطرفين، وداعميهم، مهما كان شكلهم أو هيأتهم، من القيادة ومن الدعم، ويمكن أن نختار أيضاً، أن يوم 7 أكتوبر، أثار الهلع العميق بين يهود إسرائيل والعالم، وأن نختار التمسك بوعدنا بألا يحدث ذلك مجدداً، وإلى الأبد، كما يمكننا أن نختار تعلم درس من كتاب قواعد اللعبة القديم، وأن نمنع ظهوره مجدداً على شكل كراهية وظلم بين الأجيال، ذلك أن لا شيء في هذا الصراع كان حتمياً، لا مفر منه، ولا في أي لحظة كان كذلك، بل كان خياراً".
وأضافت لانا نسيبة "علينا الآن جميعاً التحلي بالشجاعة، على كل الدول في هذه القاعة وخارجها، أن تغير المسار، أن نعطي بصيص أمل لوقف التطرف العاتي الذي يسعى إلى إغراق منطقتنا في موجته".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: حصاد 2023 التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الإمارات الضفة الغربیة حل الدولتین فی غزة
إقرأ أيضاً:
تشقق اليسار الإسرائيلي.. أمن طريق إلى حل الدولتين؟!
يؤكد السياسي الفرنسي سامي كوهين صاحب كتاب «إسرائيل ديمقراطية هشة - 2021م» أن تعاظم نفوذ اليمين في السياسة في إسرائيل بات حقيقة اجتماعية وأن ما يؤكد ذلك هو تراجع الأصوات الداعية لإيجاد حل سلمي للصراع في الشرق الأوسط والتعايش مع الفلسطينيين في ظل نظام الدولتين، وهذا يشير إلى تحولات كبرى في العقل السياسي الإسرائيلي، ذلك أن اليسار عُرِفَ وبسبب من ليبراليته بتبني نظرة مغايرة لطبيعة الصراع العربي/ الإسرائيلي، وكان آخر اختبار عملي لنشاط هذا اليسار هو أحداث السابع من أكتوبر 2023م حين صرَّح رئيس حزب الديمقراطيين الإسرائيلي، اللواء يائير غولان للفاينشنيال تايمز في التاسع من سبتمبر العام ذاته بأن هجوم السابع من أكتوبر «عزز قناعاته بضرورة إيجاد حل دائم للصراع على أساس حل الدولتين». والحقيقة أن المجتمع الإسرائيلي يشهد تحولاً كبيرًا ومؤشر ذلك نتائج الانتخابات إذ لوحظ انتقال كبير للأصوات التي كانت محسوبة على اليسار للتصويت إلى اليمين، وهذا يؤكد أن قِيم اليمين الإسرائيلي باتت تعصف بالمجال السياسي وتمارس تأثيرًا كبيرًا في عقلية الناخب، وهذه القيم هي تلك التي تقدم إجابات نهائية حول مسائل مثل: «الأمن والتفاوض» مع الفلسطينيين بل مع العرب عمومًا، وبالعودة إلى حيثيات هذا التحول ومقدماته فإن بوادر هذا الانقسام بين يمين ويسار تعود إلى العام 1967م كما كتب الفيلسوف الإيطالي نوبرتو بوبيو في دراسة له بعنوان «اليمين اليسار: التمييز السياسي، 1996م» إذ يقول بأن الفهم السائد في إسرائيل على الأقل منذ عام 1967م جعل من مسألة الصراع العامل الرئيسي للتمييز بين اليسار واليمين فيها، وهذا ما سينتهي إلى تمييز المجال السياسي بين كتلتين «الحمائم» وهم المؤيدون للتسوية مع الفلسطينيين، و«الصقور» وهؤلاء هم المعارضون لهذا الخيار، وفي دراسة أخرى نشرها معهد الديمقراطية الإسرائيلي في العام 2008م معنونة بـ«الموقف من قضية الأمن» نقرأ بأن هذا الانقسام الذي تولد من حرب العام 1967م هو الذي صنع مجالين للرؤية السياسية في إسرائيل، المجال الأول، يتصل بالمُنَظِريِّن والفاعلين في مسألة أولوية «أمن إسرائيل» والثاني، تحلق حوله «دُعاة السلام» حتى انتهى الأمر بفضل تتابع الأحداث إلى أن أصبحت قضية الأمن جوهر سياسات اليمين، والدعوة إلى السلام توزعت بين تياري اليسار والوسط.
ويربط كوهين هذا الانتقال السريع في الفضاء الداخلي لإسرائيل بسلسلة من الأحداث شهدها العام 2000م، ومنها إجلاء القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان في يوليو، وهو الأمر الذي اعتبره اليمين إهانة كبرى، ثم فشل المفاوضات بين إيهود باراك وياسر عرفات في كامب ديفيد صيف العام ذاته، وتلا ذلك اندلاع الانتفاضة الثانية في سبتمبر، وأيضًا تزايد ما وصفت بالهجمات الانتحارية التي نُفِذْت في قلب المدن الإسرائيلية وخلَّفت ضحايا في أوساط المدنيين، كل هذه الأحداث أثَّرت تأثيرًا بالغًا في المجتمع الإسرائيلي، وشمل حتى الذين أيدوا اتفاقية أوسلو 1993م، بأن تغيرت قناعاتهم أنه لا سبيل لبقائهم آمنين إلا عبر طريق واحد والذي ليس من بينه التفاوض مع الفلسطينيين، وهنا راج شعار بين الأوساط السياسية بأنه «لم يعد هناك شريك فلسطيني» وأن النهج الوحيد للبقاء هو الاستخدام المفرط للقوة، وهذا ما عزز حظوظ أحد أكبر زعماء اليمين وأكثرهم عنفًا، إرييل شارون، للحد الذي كانت تصفه صحافة اليمين بأنه الوحيد القادر على ضمان أمن الإسرائيليين، وأن ما من أكذوبة أكبر من تلك التي ظل يرددها اليسار وهي دعوته إلى حتمية الحوار للوصول إلى سلام دائم يُفْضي إلى حل الدولتين، فالحل فقط في العنف، والمزيد منه.
وكوهين يتتبع آثار تراجع اليسار الإسرائيلي ويرى أن مسألة التحول من اليسار إلى اليمين في المجتمع الإسرائيلي تخفي أمرًا أكثر تعقيدًا مما يبدو، وأنه لكي نفهم طبيعة هذا التحول ونضعه في إطاره الصحيح فإنه ينبغي علينا أولاً فهم أنه ليس بالضرورة أن يكون السبب وراء انتقال الأصوات من الأحزاب اليسارية (حزب العمل أو حزب ميرتس) إلى الأحزاب اليمينية (مثل الليكود)، يعود إلى رؤية كل طرف لمسألة السلام، أو البرامج التي يقدمها كل حزب والتي من بينها بطبيعة الحال مسائل كـ«الأمن والتفاوض» وأننا بين موقفين واحد «معتدل» والآخر «متطرف» فللأمر صلة كذلك بموقف كل حزب من قضايا أخرى لا تقل أهمية عن قضية الصراع وعلى رأسها الاختلافات حول القضايا الاقتصادية والاجتماعية، وكيف أن هذه القضايا أحدثت تحولاً هي الأخرى في الفضاء العام وهذا ما سمح بتزايد نشاط تيار الوسط إذ يقف في المنتصف بين دُعاة الحل التفاوضي والمتطرفين من المتدينين أنصار الاستيطان والمعارضين لأي تسوية بين الطرفين، وهذا الوسط أو ما يعرف بـ«معسكر السلام» يضم مجموعة واسعة من السياسيين المعروفين بخطهم اليساري أمثال: «لوفا إلياف، ويوسي ساريد، وشولاميت ألوني وغيرهم» ومن المثقفين الروائي عاموس عوز وهو أحد أكبر دعاة حل الدولتين للحد الذي وصل أن يُتهم بالخيانة من قِبل تيار المتشددين، لكن ونظرًا للأحداث المتتالية والتي عُدت مهددًا أمنيًّا لإسرائيل فإن المسافة لم تعد بعيدة بين أنصار «حزب العمال» مثلاً وأنصار اليمين المتشدد والسبب هو قضية «الأمن»، ولعلنا بالعودة إلى العام 1992م نجد مصداق هذا التحول وهو ما العام الذي تؤرخ به العودة الكبرى لليسار إلى السلطة حيث فاز بنسبة 49% من الأصوات، لكنه في العام 2009م لم يحصل إلا على 29%، وفي الفترة ذاتها انتقل اليمين من 49% إلى 52%، بل إن آخر انتخابات أجريت في 2022م أفضت إلى فوز أقصى اليمين بزعامة نتنياهو حيث نال معسكر أقصى اليمين 64 مقعدا من مجموع مقاعد الكنيست البالغ عددها 120 مقعدا مقابل 51 مقعدا لمعسكر التغيير بزعامة رئيس الوزراء الحالي يائير لبيد (وسط).
إنه لمن الواضح أن سبب الفشل في ملف التفاوض بين العرب وإسرائيل، وكذلك تغليب منطق القوة في التعاطي مع القضية، يعود إلى تراجع نفوذ معسكر السلام في إسرائيل، وفي الطرف المقابل فإن أزمة بنيوية في العقل السياسي العربي/ الفلسطيني ذلك الذي يصر على «تديين» القضية وعدم عرضها مجردة مثلها مثل أي صراع عَرِفه التاريخ البشري، ومن الواضح أن ملامح انهيار هذا اليسار باتت بيَّنة وأنه أصبح محاصرا داخل المجتمع الإسرائيلي، وفي ظل هذا الوضع فإنه لن يعود بالإمكان توفير حل تفاوضي إن لم تُفهم القضية كونها قضية إنسانية قبل كل شيء وليست قضية دينية فقط، والدعوة هنا إلى العقل العربي أن يعيد تكييف موقفه، هذا إن أردنا أن نعفي الأجيال القادمة من دفع كلفة الدوغما السياسية ومنحها فرصة العيش وفق رؤية أكثر واقعية، رؤية تؤمن بحق إنسان فلسطين في الحياة.
غسان علي عثمان كاتب سوداني