الحرية والتغيير تتهم «الفلول» بقيادة حملات التحريض
تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT
رصد – نبض السودان
نددت قوى إعلان الحرية والتغيير بالتصعيد العسكري وحملة الاعتقالات التي طالت منسوبيها في الولايات متهمة عناصر النظام السابق بقيادة حملات التصعيد والتحريض ضد كوادرها ومؤيديها.
وأصدر المكتب التنفيذي للائتلاف الجمعة بيانا عبر فيه عن الصدمة حيال القصف الجوي الذي شهدته ولاية جنوب دارفور ضد المدنيين في نيالا ما أدى لوقوع ضحايا كما اشار لاستمرار تبادل القصف المدفعي بين طرفي القتال في عدة مناطق بولاية الخرطوم يتواجد فيها مواطنين.
ولفت البيان الى أن الساعات الثمانية والأربعين الماضية شهدت تصاعداً ممنهجا في وتيرة الاعتقالات والاستدعاءات الأمنية والتضييق في عدد من مدن ومناطق البلاد الخاضعة لسيطرة القوات المسلحة تجاه منسوبي مكونات قوي الحرية والتغيير ولجان المقاومة ومقدمي ومقدمات الخدمات للنازحين الهاربين من الحرب.
وأشار الى أن الحملة التي يتبناها جهاز الأمن بتحريض وتخطيط ومشاركة “فلول النظام المباد” تركزت في ولايات سنار، كسلا، الشمالية، نهر النيل، النيل الأبيض، القضارف، وشمال دارفور؛ يضاف لها التهديدات الصادرة من والي نهر النيل المكلف تجاه منسوبي قوي الحرية والتغيير بالولاية.
ونفذت الاستخبارات العسكرية حملة اعتقالات واسعة في ولاية سنار يومي الأربعاء والخميس في مناطق كركوج ودونتاي طالت نحو 14 من الناشطين من عضوية لجان المقاومة وصحفي معروف.
وتحدث ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، أن حملة الاعتقالات استمرت في مدن سنجة وسنار يوم الخميس وطالت عدداً من المنادين بوقف الحرب.
ونوه بيان الحرية والتغيير الى إن هذه الأحداث تجئ في ظل استمرار التحشيد والتسليح للمدنيين لتحويلهم من ضحايا حرب لطرف فيها ونقلها لتصبح حرب الكل ضد الكل وصراع اهلي بين مكونات البلاد وسكانها.
وأضاف “أكدت كل هذه الوقائع الحقائق التي ظللنا على الدوام نؤكدها منذ اشتعال هذه الحرب الكارثية بأنها حرب فلول نظام حزب المؤتمر الوطني المحلول والحركة الاسلامية وواجهاتهما وهي حرب تم فيها اختطاف القوات المسلحة وأخذ البلاد وشعبها رهائن من أجل العودة للسلطة بأي ثمن”.
وجدد التحالف موقف الائتلاف الداعي لوقف كل الانتهاكات المرتكبة تجاه المدنيين من الطرفين المتحاربين والكَف فوراً عن القصف الجوي أو المدفعي للمناطق السكنية ووقف التعدي على أرواح وممتلكات المدنيين أو التغول على حرياتهم واعتقالهم بسبب توجهاتهم السياسية أو المناطقية أو القبلية وإطلاق سراحهم فورا ووقف كل إجراءات تسليح المدنيين وسيناريو جر البلاد صوب الحرب الأهلية.
كما حث طرفا الحرب للالتزام بمقررات مؤتمر الإيقاد الأخير والاستجابة لدعوة تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) للقاء عاجل يجمع كل منهما مع (تقدم) وصولا لإقرار أسس معالجة قضايا إنهاء الحرب وحماية المدنيين والوضع الإنساني المتدهور بما يفضي لتحقيق السلام وتأسيس انتقال مدني ديمقراطي مستدام.
من جهة أخرى ندد حزب المؤتمر السوداني بالغارات التي شنها سلاح الطيران على أحياء في مدينة نيالا واستهدافه مواقع مدنية ومنازل مواطنين عزل كما شجب حملات الاعتقال والتصفية التي تنفذ على أساس عرقي.
ووصف في بيان الجمعة ما حدث في نيالا بأنه “جريمة حرب جديدة تضاف لقائمة جرائم طرفي القتال المثقلة”.
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: الفلول الحرية بقيادة تتهم والتغيير الحریة والتغییر
إقرأ أيضاً:
الرزيقات بين فرية التحريض وسندان الوطن الجريح
دكتور الوليد آدم مادبو
“لا يمكن إرساء سلم أهلي ما لم يُعاد الاعتبار للأنماط المحلية في إدارة التوازنات القَبَلية، وما لم تتوقف الدولة عن فرض صيغها العسكرية على مجتمعاتٍ لم تُخلق للحرب بل للتعايش." — (دارفور المستوطنة الأخيرة، 2012)
تتعالى في الأفق أصواتٌ نشاز، تروج لمزاعم لا تخلو من خبث، مفادها أن نظارة الرزيقات قد ارتضت لنفسها دور المتآمر على الوطن، وأنها انضوت تحت جناح الفوضى، تارة باسم القَبَلية، وتارة أخرى بدعوى التحالف مع الدعم السريع. هذه السردية التي يروّج لها بعض أبواق النظام البائد، لا تسعى إلى الحقيقة، بل تهدف إلى شيطنة كل من لم يخضع لمنطقهم الأمني القديم، أو يمتثل لسلطتهم الرمزية المتهالكة.
بل قد يمتد الكيد وتوُظَّف الشائعات لتشويه الرموز، فتزعم هروب ناظر الرزيقات، السيد محمود موسى إبراهيم موسى مادبو. وهي شائعة لا تليق إلا بمن يجهل التاريخ أو يتعمد تزويره، فالهروب ليس من شيم من رسخوا في الأرض وتوارثوا حمل الأمانة جيلاً بعد جيل، بل هو من طبائع القيادات الطارئة على التاريخ، التي لا أصل لها ولا جذر في وجدان الناس.
نعم، قد يخطئ الإنسان فيقول ما لا يجوز قوله أو يفعل ما يجوز فعله تحت وطأة المشاعر واستعارة العواطف، لكنه متى ما استعاد توازنه النفسي والذهني فيلزمه الرجوع إلى الحق وإلى جادة الطريق، “ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح، وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون”. صدق الله العظيم
إن نظارة الرزيقات، بامتدادها التاريخي العريق، لم تكن يوماً أداة في يد الطغيان، بل لطالما قاومت محاولات اختطافها وتوظيفها في مشاريع استئصالية، بدأت بإعلان “الجهاد” على الجنوبيين، وانتهت بمجازر الإبادة في دارفور. رفض آل مادبو الانخراط في تلك الحروب العبثية، ووقفوا، بقدر استطاعتهم، سدّاً أمام تفكيك النسيج الاجتماعي، لكن مواجهة دولة تستقوي بأجهزتها الإعلامية واستخباراتها العسكرية، لم تكن بالأمر الهيّن. الجنوبيون وأبناء دارفور، ممن خبروا الحقائق على الأرض، يدركون تمامًا هذا العجز البنيوي لا الأخلاقي.
لقد ترك رحيل الناظر سعيد محمود موسى مادبو (1931-2016)، عليه رحمة الله، فراغاً استغله الطامعون لإعادة هندسة الخارطة القَبَلية وفق أجندة المركز النخبوي، الذي لم يرَ في أهل دارفور سوى وقودٍ لحروبه، وخزاناً بشرياً لأجهزته القمعية. ولكن حين اندلعت الحرب الأخيرة، لم يعد أمام الكيان العربي في دارفور وكردفان خيارٌ سوى الدفاع عن نفسه، بعد أن أصبح هدفاً ماثلاً، لا في الدعم السريع وحده، بل في استهداف البوادي والهوية والانتماء.
غير أن الردّ على الظلم لا يجب أن يتحول إلى حقد، ولا ينبغي أن يُختزل في سرديات ثأرية. *إن ما نحن فيه ليس خلاف قبائل ولا تصارع أجنحة، بل أزمة دولة انهارت بنيتها، وتمزقت سلطتها، واستُلب قرارها من النخب الأمنية التي تقمصت دور “الضحية” بينما هي من صنعت الكارثة الحالية*. إن الحل ليس في تخوين المكونات، بل في رد الاعتبار للمهمشين، وفي المصالحة الوطنية الشاملة التي تعترف بالألم، وتُرسي دعائم عدالة لا تُقصي أحداً.
الوطن اليوم ليس بحاجة إلى مزيد من الجراح، بل إلى ضمادات صادقة، تُفرق بين الفاعل والمفعول به، بين من أجّج النيران ومن اجتهد في إطفائها، حتى وإن لم يملك إلا صوته. فالرزيقات، كغيرهم من مكونات السودان، لا يمكن عزلهم ولا تخوينهم، بل يجب إشراكهم في نحت المشروع الوطني الجديد. وإلا، فإننا سنظل ندور في حلقة مفرغة، نُعيد إنتاج الخراب نفسه بأسماء مختلفة، حتى تضيع البلاد بين شهوة السلطة، وعجز المصالحة.
إن الرزيقات، كما بقية نظارات السودان، ليسوا أعداءً لهذا الوطن، بل جزءٌ أصيل من نسيجه. إذا أردنا أن نستعيد السودان، فعلينا أن نُحسن الإصغاء لاختلافاتنا، ونحتكم لصوت الحكمة لا خطاب الكراهية. أما إذا أصرّ البعض على تعمية البصائر، والاكتفاء بلعب دور الضحية، فستغرق سفينة الوطن، وسيصعب حينها العثور على من ينقذنا من الغرق.
ختاماً، هذا المقال لا يبرّئ أحداً من تبعات الحرب، ولا ينفي تورّط أفراد من أي جهة في أفعال مدانة، لكنه يرفض منطق وصم الجماعات وشيطنتها بالجملة. إنه نداء للتعقّل لا للتبرئة، للإنصاف لا للتخندق، للإنقاذ لا للإدانة. *السودان لا يُبنى على خطاب الكراهية ولا على توزيع الذنوب وفق خرائط الهوية، بل على اعتراف صادق بالمسؤولية الجماعية*، ومصالحة تبدأ من الاعتراف بالألم وتؤسس لوطن لا يظلم فيه أحد ولا يُستثنى منه أحد.
April 26, 2025
auwaab@gmail.com