الخليج الجديد:
2025-01-26@07:16:25 GMT

هل آن أوان تعديل الدستور في الكويت؟

تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT

هل آن أوان تعديل الدستور في الكويت؟

هل آن أوان تعديل الدستور في الكويت؟

علت مؤخرا أصوات كويتية تنادي بتنقيح الدستور بعد التدهور السياسي والتنموي الذي تعيشه الكويت نتيجة صراعات سياسية محتدمة وتعارض فج للمصالح.

لا يبدو الوضع يسمح حالياً لإجراء تنقيح دستوري، ولكن التنقيح ليس ببعيد، فهو الإجراء الفاصل الذي سيقوم بتدشين مرحلة سياسية أفضل وانتقال مرحلي في التنمية.

يجب أن يكون هنالك توافق دستوري يجعل من عدم تعطيل عجلة التنمية لازماً بعيداً عن الأهواء السياسية التي تتغير وفقاً للكثير من المعطيات التي تتسم بالديناميكية.

يجب ترجمة دروس الأحداث المتعاقبة على الحالة السياسية بالكويت على هيئة نص دستوري لأن منبع كل قانون هو السياسة ونجاح الحياة السياسية مرهون بالمنظومة القانونية الأسمى.

* * *

ارتبطت الدساتير منذ نشأتها بالنظام الديموقراطي ارتباطاً وثيقاً يكون فيه الدستور حارساً للشرعية من خلال مبدأ سيادة الدستور، وهو المبدأ الذي يضع الدستور في قمة القواعد القانونية من حيث السمو الشكلي أو الموضوعي.

والشعب في الديموقراطيات هو المليكُ من بعض الوجوه، وهو المرؤوس من وجوهٍ أخرى، ولا يكون مليكاً إلا بمشاركته في الانتخابات من خلال عزائمه، كما أعتاد الفقهاء القدامى على الوصف، حديثاً يُطلق تعبير الإرادة، بمعنى إرادة الشعب في السيادة، ولقد كان الأجنبي في أثينا إذا ما أشترك في مجلس الشعب يعاقب بالقتل، وذلك باعتباره مغتصبًا لحق السيادة المقسمة ما بين الشعب والسلطة.

ويفترض في الديموقراطيات بأنه على الشعب أن يصنع ما يجيد صنعه، وأن يصنع الوزراء ما لا يجيد الشعب صنعه من خلال تذليل كل الصعوبات العملية في الحياة العامة.

كانت دولة الكويت من الدول السباقة في الخليج التي طبقت النظام الديموقراطي من خلال وثيقة دستورية تضمنت العديد من القوانين الأساسية، وتم تنظميها في صلب نصوصه من خلال 183 مادة ينصرف لها مبدأ السمو.

علت في الآونة الأخيرة أصوات كويتية تنادي بتنقيح الدستور نتيجةً للتدهور السياسي والتنموي التي تعيشه الكويت نتيجة صراعات سياسية محتدمة وتعارض فج للمصالح.

وتشكلت عدة جبهات ما بين مؤيد ومعارض لهذا العقد الاجتماعي وما آلت إليه الأمور منذ عام 1962 وصولاً إلى اليوم، لا يمكن الجزم بوجود قبول مجتمعي لهذا الأفكار من عدمه بسبب تسارع وتيرة الاحداث السياسية والانفعال اللحظي مع كل مؤثر سياسي من خلال استجابات عاطفية.

يعتبر الدستور الكويتي من الدساتير الجامدة عملياً التي يصعب إجراء التعديل عليها لتواجد العديد من الضمانات الشكلية والإجراءات، ينص الدستور على أن للأمير وثلث أعضاء مجلس الأمة حق اقتراح تنقيح الدستور بالحذف أو الإضافة، ويتم ذلك بتصديق سمو الأمير وموافقة ثلثي أعضاء المجلس بعد نقاش المواد المحذوفة أو المضافة ما عدا المواد التي تتعلق بالنظام الأميري في الكويت ومبادئ الحرية والمساواة التي لا يجوز تنقيحها استثناءً عن بقية النصوص ما لم يكن التنقيح متعلقاً بالمزيد من ضمانات الحرية والمساواة أو بلقب الإمارة.

وحيث أن الدساتير المرنة هي النموذج الأفضل لكون السيادة للشعب ولكون الضرورات السياسية والقانونية تتطلب المرونة كما جاء وتم تداوله في الجمعية التأسيسية الفرنسية ابان الثورة الكبرى التي رسخت النظم الدستورية الحديثة بما جاء فيها من إعلاء لراية الحرية والمساواة إلا أن دستور دولة الكويت جاء بهذا الشكل لما ارتآه المُشرع في حينه.

وتكمن حجة مؤيدي التنقيح في الكويت إلى أن تحقيق التطور في الأنظمة الدستورية يكون رهيناً بالتطور السياسي والفكري للمجتمع، وأن التجربة السياسية في الكويت وصلت إلى مرحلة من عدم النضج تتطلب على إثرها إجراء تعديلات جوهرية للسلطة التشريعية والتنفيذية لكي تباشر أعمالها وفقاً لمعطيات التجربة ومتطلبات العالم الجديد والنظم السياسية الأكثر تطوراً لأن القوانين في أوسع معناها على قول مونتسكيو صاحب كتاب روح الشرائع هي العلاقات الضرورية المشتقة من طبيعة الأشياء، وبناءً على ذلك فطبيعة الأشياء في الكويت قد تغير لونها مع مرور السنوات.

أما رافضي التنقيح فهم يعزون التخبط السياسي والتراجع التنموي إلى الشخوص بدلاً من الأنظمة، فهم يرون بأن المشكلة ليست في نظام دستوري يتوجب تنقيحه، بل بمجموعة سياسية (أفراد) يتوجب ردعها لإعادة تعزيز الثقة العامة بالمؤسسات.

وفي موقف أكثر تشددًا، يوجد تيار آخر ينادي بإلغاء الدستور قولاً وفعلاً واحداً من خلال جعل السلطة العامة في قبضة واحدة.

الغالب هو أن الشعب الكويتي، حتى لو لم يكن هنالك جزم لكثرة الاحتمالات فيما يخص رغباتهم الدستورية، لا يميل إلى إلغاء الدستور. وعليه، يبدو تنقيح الدستور احتمالاً واردًا، ويكاد يكون هو المخرج الوحيد من المآزق السياسية التي أخذت تتلوا بعضها بعضاً من خلال إقرار تعديلات تتعلق بتفعيل الرقابة أكثر من خلال تشغيل عدة أجهزة مشابهة لجهاز مراقبة الحياة المالية السياسية في فرنسا والمدد والعدد التي تتعلق بالأفراد والأوقات والتشديد على أهلية المُنتخب والمُنتَخب من حيث قدرتهم على الإدارة وتفعيل ضوابط أكثر تشدداً لمنع المناوشات السياسية المضللة.

السيناريوهات المحتملة لتعديل الدستور في الكويت عديدة، حيث أن تراكم الخلافات والأزمات كما تشير القراءات المتعددة للساحة السياسية الكويتية مستمر، ولن يطول الأمر حتى يصبح تنقيح الدستور لزاماً وليس خياراً لتفادي الأزمات السياسية والكوارث التنموية التي قد تؤدي بدورها إلى مخاطر وتحديات حقيقية، إن مصلحة الدولة تقع في المركز والمصاف الأول ما بين كل المصالح المتعددة الأخرى التي تتنازع فيما بينها، وبناءً عليه، مجلس أمة أو مجلسين قادمين أو أكثر وسيصبح تنقيح الدستور لزاماً أكثر من كونه خياراً كما هو مطروح حالياً.

وبناءً على ذلك لا يبدو بأن الوضع يسمح حالياً لإجراء تنقيح دستوري، ولكن التنقيح ليس ببعيد، فهو الإجراء الفاصل الذي سيقوم بتدشين مرحلة سياسية أفضل عند حلوله بجانب انتقال مرحلي في الجانب التنموي لكون التنمية في الكويت تسيرُ في خطٍ واحد مع السلطتين التشريعية والتنفيذية مما يتطلب توافقاً بينهما بشأن دوران عجلتها بعيداً عن أي حالة من التوافق السياسي، فيجب أن يكون هنالك توافق دستوري يجعل من عدم تعطيل عجلة التنمية لازماً بعيداً عن الأهواء السياسية التي تتغير وفقاً للكثير من المعطيات التي تتسم بالديناميكية.

وعليه، فإن كل الأحداث التي تعاقبت على الحالة السياسية في الكويت يجب أن تترجم دروسها المستفادة على هيئة نص دستوري لأن منبع كل قانون هو السياسة ونجاح الحياة السياسية مرهون بالمنظومة القانونية الأسمى التي تتولى مهمة التنظيم.

*علي أبو الملح كاتب كويتي

المصدر | البيت الخليجي للدراسات والنشر

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الكويت تعديل الدستور الحالة السياسية صراعات سياسية الدستور فی فی الکویت من خلال

إقرأ أيضاً:

مغادرة الطائرة الإغاثية السعودية الثالثة عشرة التي يسيّرها مركز الملك سلمان للإغاثة لمساعدة الشعب السوري

المناطق_واس

غادرت مطار الملك خالد الدولي بالرياض، اليوم، الطائرة الإغاثية السعودية الثالثة عشرة التي يسيّرها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية تحمل على متنها مساعدات غذائية وطبية وإيوائية متجهة إلى مطار دمشق الدولي؛ للإسهام في تخفيف آثار الأوضاع الصعبة التي يمر بها الشعب السوري حاليًا.

يأتي ذلك امتدادًا لدعم المملكة المتواصل للدول الشقيقة والصديقة خلال مختلف الأزمات والمحن التي تمر بها.

أخبار قد تهمك 130 شاحنة مساعدات تدخل لقطاع غزة 25 يناير 2025 - 8:04 صباحًا أكثر من 15 ألف زائر وزائرة لملتقى “فرصتي 4” خلال يومين 25 يناير 2025 - 7:54 صباحًا نسخ الرابط تم نسخ الرابط 25 يناير 2025 - 9:19 صباحًا شاركها فيسبوك ‫X لينكدإن ماسنجر ماسنجر أقرأ التالي أبرز المواد25 يناير 2025 - 7:50 صباحًاوصول الوفود المشاركة في مؤتمر آسيان الثالث “خير أمة” بمملكة تايلند أبرز المواد25 يناير 2025 - 7:45 صباحًاحالة الطقس المتوقعة اليوم أبرز المواد25 يناير 2025 - 2:16 صباحًاأمير منطقة الباحة يشكر القيادة بمناسبة تمديد خدمته أميرًا للمنطقة أبرز المواد25 يناير 2025 - 2:14 صباحًااليونيسيف تؤكد تأثّر 242 مليون طالب في 85 بلدًا بتعطّل التعليم بسبب الظواهر المناخية في عام 2024 أبرز المواد25 يناير 2025 - 1:19 صباحًاوزارة الموارد البشرية تنظم مبادرة “تطوع بخبرتك” في ملتقى القصيم لتمكين الشباب “فرصتي 4”25 يناير 2025 - 7:50 صباحًاوصول الوفود المشاركة في مؤتمر آسيان الثالث “خير أمة” بمملكة تايلند25 يناير 2025 - 7:45 صباحًاحالة الطقس المتوقعة اليوم25 يناير 2025 - 2:16 صباحًاأمير منطقة الباحة يشكر القيادة بمناسبة تمديد خدمته أميرًا للمنطقة25 يناير 2025 - 2:14 صباحًااليونيسيف تؤكد تأثّر 242 مليون طالب في 85 بلدًا بتعطّل التعليم بسبب الظواهر المناخية في عام 202425 يناير 2025 - 1:19 صباحًاوزارة الموارد البشرية تنظم مبادرة “تطوع بخبرتك” في ملتقى القصيم لتمكين الشباب “فرصتي 4” 130 شاحنة مساعدات تدخل لقطاع غزة 130 شاحنة مساعدات تدخل لقطاع غزة تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك تابعنا على فيسبوكالأكثر مشاهدة الفوائد الاجتماعية للإسكان التعاوني 4 أغسطس 2022 - 11:10 مساءً بث مباشر مباراة الهلال وريال مدريد بكأس العالم للأندية 11 فبراير 2023 - 1:45 مساءً اليوم.. “حساب المواطن” يبدأ في صرف مستحقات المستفيدين من الدعم لدفعة يناير الجاري 10 يناير 2023 - 8:12 صباحًا جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2025   |   تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستفيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق البحث عن: فيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب إغلاق بحث عن إغلاق بحث عن

مقالات مشابهة

  • وقفة تضامنية في محافظة إدلب بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب السوري للمطالبة برفع العقوبات التي فرضت على النظام البائد
  • قرار قاسٍ وغير دستوري.. طلب إحاطة للحكومة لصرف لبن الأطفال دون أي شروط
  • وصول الطائرة الإغاثية السعودية الثالثة عشرة التي يسيّرها مركز الملك سلمان للإغاثة لمساعدة الشعب السوري الشقيق
  • مغادرة الطائرة الإغاثية السعودية الثالثة عشرة التي يسيّرها مركز الملك سلمان للإغاثة لمساعدة الشعب السوري
  • المقاومة الشعبية بالشمالية تهنئ جماهير الشعب السوداني والقوات المسلحة بالانتصارات التي تحققت
  • الأحزاب والقوى السياسية تدين التصنيف الأمريكي وتؤكد مواجهة كل أشكال الاستهداف
  • سليمان يدعو لتغيير المقاربات السياسية
  • فهمي بهجت: موقف القاهرة الثابت تجاه فلسطين يكشف المخططات التي تستهدف الدولة
  • غير دستوري .. قاضٍ يوقف قرار ترامب بمنع الجنسية بالولادة
  • ماهي الدلالات السياسية التي تحملها زيارة وزير الخارجية السعودي إلى لبنان؟