الخليج الجديد:
2025-04-24@16:03:40 GMT

هل آن أوان تعديل الدستور في الكويت؟

تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT

هل آن أوان تعديل الدستور في الكويت؟

هل آن أوان تعديل الدستور في الكويت؟

علت مؤخرا أصوات كويتية تنادي بتنقيح الدستور بعد التدهور السياسي والتنموي الذي تعيشه الكويت نتيجة صراعات سياسية محتدمة وتعارض فج للمصالح.

لا يبدو الوضع يسمح حالياً لإجراء تنقيح دستوري، ولكن التنقيح ليس ببعيد، فهو الإجراء الفاصل الذي سيقوم بتدشين مرحلة سياسية أفضل وانتقال مرحلي في التنمية.

يجب أن يكون هنالك توافق دستوري يجعل من عدم تعطيل عجلة التنمية لازماً بعيداً عن الأهواء السياسية التي تتغير وفقاً للكثير من المعطيات التي تتسم بالديناميكية.

يجب ترجمة دروس الأحداث المتعاقبة على الحالة السياسية بالكويت على هيئة نص دستوري لأن منبع كل قانون هو السياسة ونجاح الحياة السياسية مرهون بالمنظومة القانونية الأسمى.

* * *

ارتبطت الدساتير منذ نشأتها بالنظام الديموقراطي ارتباطاً وثيقاً يكون فيه الدستور حارساً للشرعية من خلال مبدأ سيادة الدستور، وهو المبدأ الذي يضع الدستور في قمة القواعد القانونية من حيث السمو الشكلي أو الموضوعي.

والشعب في الديموقراطيات هو المليكُ من بعض الوجوه، وهو المرؤوس من وجوهٍ أخرى، ولا يكون مليكاً إلا بمشاركته في الانتخابات من خلال عزائمه، كما أعتاد الفقهاء القدامى على الوصف، حديثاً يُطلق تعبير الإرادة، بمعنى إرادة الشعب في السيادة، ولقد كان الأجنبي في أثينا إذا ما أشترك في مجلس الشعب يعاقب بالقتل، وذلك باعتباره مغتصبًا لحق السيادة المقسمة ما بين الشعب والسلطة.

ويفترض في الديموقراطيات بأنه على الشعب أن يصنع ما يجيد صنعه، وأن يصنع الوزراء ما لا يجيد الشعب صنعه من خلال تذليل كل الصعوبات العملية في الحياة العامة.

كانت دولة الكويت من الدول السباقة في الخليج التي طبقت النظام الديموقراطي من خلال وثيقة دستورية تضمنت العديد من القوانين الأساسية، وتم تنظميها في صلب نصوصه من خلال 183 مادة ينصرف لها مبدأ السمو.

علت في الآونة الأخيرة أصوات كويتية تنادي بتنقيح الدستور نتيجةً للتدهور السياسي والتنموي التي تعيشه الكويت نتيجة صراعات سياسية محتدمة وتعارض فج للمصالح.

وتشكلت عدة جبهات ما بين مؤيد ومعارض لهذا العقد الاجتماعي وما آلت إليه الأمور منذ عام 1962 وصولاً إلى اليوم، لا يمكن الجزم بوجود قبول مجتمعي لهذا الأفكار من عدمه بسبب تسارع وتيرة الاحداث السياسية والانفعال اللحظي مع كل مؤثر سياسي من خلال استجابات عاطفية.

يعتبر الدستور الكويتي من الدساتير الجامدة عملياً التي يصعب إجراء التعديل عليها لتواجد العديد من الضمانات الشكلية والإجراءات، ينص الدستور على أن للأمير وثلث أعضاء مجلس الأمة حق اقتراح تنقيح الدستور بالحذف أو الإضافة، ويتم ذلك بتصديق سمو الأمير وموافقة ثلثي أعضاء المجلس بعد نقاش المواد المحذوفة أو المضافة ما عدا المواد التي تتعلق بالنظام الأميري في الكويت ومبادئ الحرية والمساواة التي لا يجوز تنقيحها استثناءً عن بقية النصوص ما لم يكن التنقيح متعلقاً بالمزيد من ضمانات الحرية والمساواة أو بلقب الإمارة.

وحيث أن الدساتير المرنة هي النموذج الأفضل لكون السيادة للشعب ولكون الضرورات السياسية والقانونية تتطلب المرونة كما جاء وتم تداوله في الجمعية التأسيسية الفرنسية ابان الثورة الكبرى التي رسخت النظم الدستورية الحديثة بما جاء فيها من إعلاء لراية الحرية والمساواة إلا أن دستور دولة الكويت جاء بهذا الشكل لما ارتآه المُشرع في حينه.

وتكمن حجة مؤيدي التنقيح في الكويت إلى أن تحقيق التطور في الأنظمة الدستورية يكون رهيناً بالتطور السياسي والفكري للمجتمع، وأن التجربة السياسية في الكويت وصلت إلى مرحلة من عدم النضج تتطلب على إثرها إجراء تعديلات جوهرية للسلطة التشريعية والتنفيذية لكي تباشر أعمالها وفقاً لمعطيات التجربة ومتطلبات العالم الجديد والنظم السياسية الأكثر تطوراً لأن القوانين في أوسع معناها على قول مونتسكيو صاحب كتاب روح الشرائع هي العلاقات الضرورية المشتقة من طبيعة الأشياء، وبناءً على ذلك فطبيعة الأشياء في الكويت قد تغير لونها مع مرور السنوات.

أما رافضي التنقيح فهم يعزون التخبط السياسي والتراجع التنموي إلى الشخوص بدلاً من الأنظمة، فهم يرون بأن المشكلة ليست في نظام دستوري يتوجب تنقيحه، بل بمجموعة سياسية (أفراد) يتوجب ردعها لإعادة تعزيز الثقة العامة بالمؤسسات.

وفي موقف أكثر تشددًا، يوجد تيار آخر ينادي بإلغاء الدستور قولاً وفعلاً واحداً من خلال جعل السلطة العامة في قبضة واحدة.

الغالب هو أن الشعب الكويتي، حتى لو لم يكن هنالك جزم لكثرة الاحتمالات فيما يخص رغباتهم الدستورية، لا يميل إلى إلغاء الدستور. وعليه، يبدو تنقيح الدستور احتمالاً واردًا، ويكاد يكون هو المخرج الوحيد من المآزق السياسية التي أخذت تتلوا بعضها بعضاً من خلال إقرار تعديلات تتعلق بتفعيل الرقابة أكثر من خلال تشغيل عدة أجهزة مشابهة لجهاز مراقبة الحياة المالية السياسية في فرنسا والمدد والعدد التي تتعلق بالأفراد والأوقات والتشديد على أهلية المُنتخب والمُنتَخب من حيث قدرتهم على الإدارة وتفعيل ضوابط أكثر تشدداً لمنع المناوشات السياسية المضللة.

السيناريوهات المحتملة لتعديل الدستور في الكويت عديدة، حيث أن تراكم الخلافات والأزمات كما تشير القراءات المتعددة للساحة السياسية الكويتية مستمر، ولن يطول الأمر حتى يصبح تنقيح الدستور لزاماً وليس خياراً لتفادي الأزمات السياسية والكوارث التنموية التي قد تؤدي بدورها إلى مخاطر وتحديات حقيقية، إن مصلحة الدولة تقع في المركز والمصاف الأول ما بين كل المصالح المتعددة الأخرى التي تتنازع فيما بينها، وبناءً عليه، مجلس أمة أو مجلسين قادمين أو أكثر وسيصبح تنقيح الدستور لزاماً أكثر من كونه خياراً كما هو مطروح حالياً.

وبناءً على ذلك لا يبدو بأن الوضع يسمح حالياً لإجراء تنقيح دستوري، ولكن التنقيح ليس ببعيد، فهو الإجراء الفاصل الذي سيقوم بتدشين مرحلة سياسية أفضل عند حلوله بجانب انتقال مرحلي في الجانب التنموي لكون التنمية في الكويت تسيرُ في خطٍ واحد مع السلطتين التشريعية والتنفيذية مما يتطلب توافقاً بينهما بشأن دوران عجلتها بعيداً عن أي حالة من التوافق السياسي، فيجب أن يكون هنالك توافق دستوري يجعل من عدم تعطيل عجلة التنمية لازماً بعيداً عن الأهواء السياسية التي تتغير وفقاً للكثير من المعطيات التي تتسم بالديناميكية.

وعليه، فإن كل الأحداث التي تعاقبت على الحالة السياسية في الكويت يجب أن تترجم دروسها المستفادة على هيئة نص دستوري لأن منبع كل قانون هو السياسة ونجاح الحياة السياسية مرهون بالمنظومة القانونية الأسمى التي تتولى مهمة التنظيم.

*علي أبو الملح كاتب كويتي

المصدر | البيت الخليجي للدراسات والنشر

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الكويت تعديل الدستور الحالة السياسية صراعات سياسية الدستور فی فی الکویت من خلال

إقرأ أيضاً:

خطوات التغيير والحل للأزمة الليبية

الجميع يعلم أن ليبيا خلال سبعة عقود من عمرها المديد لم تستكمل مقومات دولة، فرغم أنها لها جغرافيا شاسعة بحجم قارة، وشعب عريق له تاريخ مديد إلا أنها لم يكن لها منظومة حكم رشيد، ولا مؤسسات نزيهة وشفافة، وزاد الأمر سؤا بعد إنتفاضة 2011م التي عملت على تفكيك منظومة الحكم المستبدة السابقة ولم تبنى بديلا لها من جديد، كانت الامل الذي تلاشى بعد تولى قيادتها المتسلقين والتافهين. بسبب ذلك انتشرت الفوضى والفساد والغزو الخارجي وثقافة الغنيمة، والاستقواء بالخارج بلا حسيب ولا رقيب، هذه الظروف أوجدت أجسام نفعية متشبثه بمقاعد فقدت الشرعية منذ زمن طويل منها مجلس النواب ومجلس الدولة والحكومتين التابعة لهما. والسؤال الذي يتردد كثيراً بين عامة الليبيين: ما هو الحل؟ا

خلال الثلاثة سنوات الماضية، كان النقاش منصبا حول سبل الحل الممكنة ولكن هناك أمرين عطلا الحسم وهما، ادارة البعثة الاممية للملف الليبي ليبقى مستمرا بلا حل، والامر الثاني أكذوبة الحل الليبي الليبي الذي ترسخ في الاذهان بلا تفكير ناقد. علما بأن الاجسام القائمة لا تريد التوافق للحل لان ذلك سينهي وجودها في المشهد السياسي الليبي وتنتهي معه كل المزايا والمهايا التي لا يجازف على فقدها أحدا منهم ولو فوهة البندقية عند رقبته.

لا شك أن بعثة الأمم المتحدة في ليبيا واقعة تحت سيطرة الدول الكبرى التي لها أدرع كفرقاء في السلطة الليبية، ولها سياسات متناقضة تبعا لمصالحها، ولذا رغم أهميتها فهي تدير الازمة أكثر من إيجاد حلول لها، مما يفتح االباب أمام البحث عن وسائل راديكالية للحل بدلاً من إنتظار الولادة العسيرة لحل البعثة، وعدمية الاجسام المتهالكة الفاقدة للشرعية، مثل مجلس النواب ومجلس الدولة ولجنة الدستور، والهياكل المدنية والعسكرية التابعة لهم.

من قراءة التاريخ البعيد والقريب نجد أن الانتفاضات الشعبية هي الوسائل السريعة الناجعة للتغيير، عند تجبر وتعنت الاجسام المتبلدة المتشبثة بالكراسي. وبذلك فان الانتفاضة الثانية للشعب الليبي سلميا هي الحل الملائم للمرحلة والذي يفضي إلى القضاء على الاجسام غير الشرعية وبناء منظومات الدولة من جديد على أسس المواطنة والعدل. وتتمثل خطوات التغيير فيما يأتي:

الدعوة ٌإلى التظاهر السلمي في كل المدن الليبية مطالبة بإسقاط مجلس النواب ومجلس الدولة، وتزداد التظاهرات إن لم يتقدم النواب باستقالاتهم، وتعلن البلديات سحب الاعتراف من نوابها، ثم تتحول المظاهرات إلى عصيان مدني سلمي. يقوم المجلس الرئاسي بإصدار مراسيم تعطيل مجلسي النواب ومجلس الدولة ولجنة الصياغة الدستور وإيقاف مرتباتهم والحجز على تلك المؤسسات بضمها للدولة، على أن يتم محاسبة من يعرقل تظاهر الجماهير مستقبلا. يصدر المجلس الرئاسي مرسوم بأن يتولى المجلس الأعلى للقضاء مهمة إصدار قانون الانتخابات الذي يكون مشابها للقوانين السابقة لانتخابات المؤتمر الوطني ومجلس النواب. يحيل المجلس الأعلى للقضاء قانون الانتخابات إلى الرئاسي، ثم إلى هيئة الانتخابات في فترة لا تتجاوز شهرين من تولي الرئاسي السلطة التشريعية مؤقتاـ يقوم الرئاسي بمخاطبة الهيئة العامة للانتخابات بفتح التسجيل عضوية مجلس النواب الجديد وتحديد موعد الانتخابات البرلمانية، يعقب ذلك الحملة الانتخابية بعد التحري عن المنتخبين من القضاء. بعد إجراء الانتخابات، يجتمع مجلس النواب الجديد في ظرف أسبوعين برئاسة الأكبر سنا لاختيار رئيس المجلس ولجنة الصياغة وديوان مجلس النواب. مجلس النواب الجديد يقوم بالإعلان عن الترشح لرئاسة الوزراء على مستوى ليبيا خلال الشهر الأول من مباشرة عمله، ويقوم بمفاضلة المترشحين بعد عرض برامجهم على المجلس. يقوم رئيس الوزراء الجديد بتشكيل حكومته ونيل الثقة من البرلمان. يقوم البرلمان الجديد بتشكيل لجنة فنية لمراجعة الدستور، وحل مشكلة المواد المختلفة عليها، ويعقب ذلك الاستفتاء على الدستور إلكترونيا بواسطة الرقم الوطني والرسائل النصية. يعتمد الدستور من مجلس النواب، وبذلك يتحدد نوع نظام الحكم في ليبيا. يدعو البرلمان إلى انتخابات رئاسية تبعا للدستور الجديد ويقوم بقبول ترشيحات رئاسة الدولة مع مراجعة الشروط مع القضاء ويخضع المترشحين المقبولين للمناظرة العلنية على وسائل الإعلام. تجرى الانتخابات الرئاسية وبذلك تكون ليبيا قد وصلت إلى الوضع النهائي المستقر الذي يستند إلى دستور دائم.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

مقالات مشابهة

  • ارتفاع قيمة تحويلات المصريين في الكويت إلى رقم قياسي
  • دارفور التي سيحررها أبناء الشعب السوداني من الجيش والبراءون والدراعة ستكون (..)
  • بوعياش تدعو إلى استحضار مبدأ دولة الحق والقانون أثناء تعديل قانون المسطرة الجنائية
  • البيوضي: آن أوان استعادة الشارع لدوره.. والمقاطعة أقوى رسالة
  • بدء تطبيق قانون المرور الجديد 2025.. يستهدف تغليظ العقوبات وتقنين المخالفات في الكويت
  • ‏⁧‫مناقشة مع قادة الطبقة السياسية‬⁩ في ⁧‫العراق‬⁩ :-
  • خطوات التغيير والحل للأزمة الليبية
  • لاستقلالية القرار المالي والإداري.. صناعة النواب تناقش تعديل قانون الثروة المعدنية
  • وزير التعليم العالي يغادر إلى الكويت للمشاركة في قمة كيو إس
  • محلل سياسي يكشف الأوضاع الكارثية التي يمر بها الشعب الفلسطيني