عبد الناصر عيسى.. أسير ملهم يقود النشاط الثقافي في السجون على موعد مع الحرية
تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT
قضى في سجون وأقبية التحقيق الإسرائيلية 32 عاما، منها 29 متصلة.
استثني من صفقة "وفاء الأحرار/ شاليط"، ويلقب بـ "الأسير الذي حاصر السجن ولم يحاصره السجن".
أعادت الحرب على غزة إلى الواجهة العديد من الشخصيات الفلسطينية التي يرفض الاحتلال الإسرائيلي الإفراج عنهم بسبب التهم المنسوبة إليهم والأحكام العالية بالسجن، وكان اسمه من بين الأسماء البارزة طيلة الحديث عن صفة تبادل محتملة.
ولد عبد الناصر عيسى عام 1968 بمدينة نابلس، لعائلة لاجئة من طيرة دندن شمال شرقي مدينة اللد المحتلة.
اعتقل والده وحكم عليه بالسجن 7 سنوات، وهدم الاحتلال منزل عائلته التي هجرت إلى مخيم بلاطة.
بدأ عبد الناصر نضاله ضد المحتل بوقت مبكر من حياته، وشارك في الاحتجاجات والمظاهرات، وأصيب برصاصة من قوات الاحتلال الإسرائيلية عام 1982، أثناء مشاركته في احتجاجات على مجزرتي صبرا وشتيلا جنوب لبنان، مما جعل مطاردته من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية متوقعا.
التحق في عام 1983 بجماعة الإخوان المسلمين في مساجد مخيم بلاطة، واعتقل للمرة الأولى عام 1985، والثانية عام 1986، وفي تلك الفترة، التقى بالمفكر جمال منصور واستفاد منه كثيرا.
أصيب برصاصة عام 1988 اعتقل على أثرها للمرة الثالثة بتهمة إعداد عبوة ناسفة، وصناعة قنابل "المولوتوف" ورميها على دوريات جنود الاحتلال، وقضى سنوات بالسجن عذب فيها، وهدم بيت أسرته، ثم توالت عليه الاعتقالات.
كان "أميرا" لأسرى الحركة الإسلامية التي ضمت عناصر حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي في سجن نابلس المركزي، ما بين عامي 1990 و1991.
وعام 1994 وبعد الإفراج عنه، سارع إلى الانضمام إلى كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وتواصل مع قائد أركانها محمد الضيف لإعادة تفعيل خلايا القسام في الضفة الغربية.
كما لازم الشهيد المهندس يحيى عياش وتعلم من خبراته، مما أعاد اسمه ليكون على رأس سجلات المطاردة الإسرائيلية، وليكون المطلوب الثاني بعد عياش.
اعتبرته سلطات الاحتلال "مطلوبا بالغ الخطورة" لدوره في تدريب وقيادة عدد من الخلايا العسكرية التي نفذت عمليات استشهادية داخل الأراضي المحتلة عام 1948.
وفي عام 1995، اعتقل مجددا بتهمة تنفيذ عمليتي "رمات غان" و"رمات أشكول" اللتين قضى إثرهما 12 إسرائيليا وأصيب العشرات.
وكان عيسى قد تمكن من إيصال حقيبة من المواد المتفجرة للشهيد محيي الدين الشريف الذي كان يتحضر لتنفيذ عملية في مدينة القدس، وعاد أدراجه إلى مدينة نابلس، وما أن وصل أحد شوارعها وهم بإجراء مكالمة هاتفية مع الشهيد عياش، حتى تفاجأ بالعشرات من جنود الاحتلال يحيطون به، لتكون تلك المحطة الأخيرة في عمل عيسى المقاوم خارج السجن.
وحكم على عبد الناصر بمؤبدين، بالإضافة إلى 7 سنوات، وأمعنت محكمة الاحتلال في إجراءاتها القاسية بحقه فعزلته في سجن عسقلان أكثر من عامين، ومنعت عنه زيارة الأهل والأقارب، ويمضى فترة الأسر الآن في سجن رامون الإسرائيلي.
ولم يتمكن من وداع والديه، إذ توفي والده عام 2006، وكان قد منع من زيارته قبل وفاته، كما توفيت والدته عام 2012 دون أن يسمح له بوداعها.
كانت فترة سجنه كلها تحدي وإصرار لا يلين لكسر الحاجز النفسي للسجن، فقد حصل على درجة البكالوريوس من الجامعة العبرية في تخصص العلوم السياسية عام 2007، واحتاج إلى سبع سنوات لإنهاء دراسته الجامعية بسبب عقوبات في السجن، وعرقلة دراسته ومنعه من إكمالها.
ثم باشر دراسته لنيل درجة الماجستير في دراسات الديمقراطية عام 2009، لكن بعد أشهر ألغت مصلحة السجون الإسرائيلية تسجيله للدراسة من جديد لـ"أسباب أمنية" حسب الاحتلال الذي أصر على استثناء عبد الناصر من صفقة "وفاء الأحرار" لتبادل الأسرى مقابل الجندي شاليط عام 2011.
وفي 2014 استطاع أن يكمل مشواره وينال شهادة الماجستير في "الدراسات الإسرائيلية" من جامعة القدس في أبو ديس.
ولم يتوقف عن نشاطه السياسي حتى وهو في السجن فقد أدى دورا رئيسيا في تشكيل أول هيئة قيادية عليا لحركة حماس بالسجون، وانتخب لرئاستها، إلى جانب يحيى السنوار وروحي مشتهى وصالح العاروري وعبد الخالق النتشة وغيرهم.
وفي عام 2015 انتخب منسقا عاما للهيئة العليا لحماس بالسجون ونائبا للرئيس، وعمل مسؤولا للجنة السياسية ما بين عامي 2019 و2021، ويتابع مسؤولية ملف التعليم الأكاديمي في السجون.
واصل نشاطه الثقافي والفكري بإنشاء مركز للدراسات يتابع حراكا فكريا وعلميا ويساهم بشكل فعال في ترسيخ الفكر المقاوم لسياسات الاحتلال. كما ترأس تحرير مجلة "حريتنا" التي تعبر عن روح الحركة الأسيرة وغاياتها، كما كان له دورا بارزا في تأسيس العمل التنظيمي بالسجون وتفعيل خطوط الإنتاج.
وكان عبد الناصر عيسى المشرف على البرنامج الثقافي العام بالسجن، إضافة إلى كونه باحثا وكاتبا.
وكتب مع الأسير القيادي في حركة فتح مروان البرغوثي وعاهد غلمة قائد الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كتاب "مقاومة الاعتقال" وأغنى المشهد الثقافي الفلسطيني والعربي بثلاثة مجلدات بدأ نشرها عام 2018.
وفي عام 2022، نشر كتابه "وفق المصادر" الذي يعد المؤلف الخامس بعد أن صدر له "مقالات حرة" و"دراسات حرة" علاوة على عدد من الأبحاث المحكمة.
وهو إلى جانب كل ذلك قارئ من طراز فريد، فهو يقضي أكثر من 18 ساعة في اليوم بين القراءة والكتابة، حتى إن نصف مخصصاته المالية التي تدخل على حسابه في "الكانتينا" تذهب لشراء الكتب والدوريات العالمية المشترك بها.
ومن ناحية أخرى، هو شخصية محبوبة بين أوساط جميع الأسرى من مختلف التنظيمات وليس داخل التنظيم الذي ينتمي إليه فقط.
يبقى القائد عبد الناصر عيسى شخصية ملهمة داخل السجون وخارجها، نجح في إكمال دراسته العليا وتقديم إسهامات مؤثرة في المجال الثقافي على الرغم من قيود السجن.
وربما يرى شمس الحرية قريبا في حال نجاح أية مفاوضات مقبلة لإطلاق سراح الجنود الإسرائيليين لدى المقاومة مقابل تبيض سجون الاحتلال.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي عالم الفن كاريكاتير بورتريه بورتريه الفلسطينية الاحتلال احتلال فلسطين بورتريه طوفان الاقصي بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه سياسة سياسة عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی عام
إقرأ أيضاً:
فلسطين تطالب مجلس الأمن بوقف حرب الإبادة الإسرائيلية وحماية حل الدولتين
طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الاثنين، مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية تجاه معاناة شعبنا واتخاذ ما يلزم من الإجراءات والخطوات النافذة لحماية حل الدولتين، وبوقف حرب الإبادة والتهجير ضد شعبنا.
وأدانت الوزارة، حرب الإبادة والتهجير التي تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي ارتكابها ضد شعبنا لليوم الـ437 على التوالي، وكذلك التصعيد الحاصل في مجازر الاحتلال واستهدافه لمدارس الإيواء في قطاع غزة، ونسف المربعات السكنية وتدمير مقومات الحياة في القطاع، لدفع سكانه إلى الهجرة وتحويله إلى أرض غير صالحة للحياة البشرية.
كما أدانت جرائم الاحتلال المتواصلة في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، بما في ذلك جرائم هدم المنازل والمنشآت والتطهير العرقي لجميع مظاهر الحياة الفلسطينية في أغلبية مساحة الضفة، حيث تصاعدت في الأيام الأخيرة جريمة إبادة المنازل وهدمها كما يحصل في حي البستان في سلوان ودير شرف ودير الغصون وسلفيت وعناتا وغيرها من المواقع، بشكل يترافق مع شق المزيد من الطرق الاستعمرية الضخمة لربط المستعمرات ببعض، والتهام المزيد من أراضي المواطنين، وفي ظل حملة اعتقالات شرسة متواصلة تطال يومياً العشرات من أبناء شعبنا، في سباق إسرائيلي واضح مع الزمن لتقويض أي فرصة لتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض، عبر تقطيع أوصال الوطن الفلسطيني، وضرب وحدته الجغرافية والديموغرافية والسياسية.
وحمّلت الوزارة، المجتمع الدولي المسؤولية الكاملة عن نتائج صمته عن انتهاكات الاحتلال وجرائمه، واعتبرته تواطؤا يشجع اليمين الإسرائيلي الحاكم على تنفيذ المزيد من مخططاته الاستعمارية، وفرض نظام فصل عنصري (أبرتهايد) على شعبنا في فلسطين المحتلة، وأنه يوفر له الغطاء للإمعان في تدمير ثقافة السلام وفرصة تطبيق مبدأ حل الدولتين، بما يؤدي إلى تعميق دوامة الحروب والعنف.