المقاطعة سلاح الشعوب
مقاطعة نظام الفصل العنصري بجنوب أفريقيا إحدى أنجح تجارب المقاطعة الشعبية في تحقيق الهدف.
بقي سلاح المقاطعة الوحيد الذي وجدت الشعوب المتضامنة مع قضية فلسطين نفسها تفعله بنجاح، ما جعل شركاتٍ كثيرة تعلن عن تضرّرها فعلا.
المقاطعة أداة فعالة يمكن للشعوب استخدامها للتأثير على سلوكيات وممارسات غير عادلة لأفراد أو جهات يستهدفونها.
إنها وسيلة سلمية مجّانية سهلة للمطالبة بالعدالة والتغيير.
تمكّنت الحركات العالمية للمقاطعة وسحب الاستثمار وفرض العقوبات الاقتصادية من تحقيق ضغط دولي كبير على نظام الفصل العنصري بجنوب أفريقيا، وإنهاء ذلك النظام الظالم.
* * *
نعم.. ما زلنا مقاطعين كل الشركات والجهات التي تساند الكيان الصهيوني في حربه على قطاع غزّة بشكل مباشر أو غير مباشر، فبعد مرور ما يقرب من ثلاثة شهور على "طوفان الأقصى"، وما تبعه من عدوان غير مسبوق، بقي سلاح المقاطعة الوحيد الذي وجدت الشعوب المتضامنة مع قضية فلسطين نفسها تفعله بنجاح، ما جعل شركاتٍ كثيرة تعلن عن تضرّرها فعلا.
وهو ما يثبت، مرّة أخرى، جدوى هذا السلاح المجاني الشعبي، فعندما يشعر الأفراد والمجتمعات بالاستياء والاستنكار تجاه سياسات أو أعمال غير عادلة أو قمعية، يلجأون إلى وسيلة سلمية للتعبير عن رفضهم ولفت الانتباه إلى قضيتهم، وهي المقاطعة التي تعد أداة فعالة يمكن للشعوب استخدامها للتأثير على السلوكيات والممارسات غير العادلة للأفراد أو الجهات التي يستهدفونها. إنها وسيلة سلمية مجّانية سهلة للمطالبة بالعدالة والتغيير.
وتتمثل أهمية المقاطعة في قدرتها على تعزيز الوعي وتوجيه الضوء على القضايا غير العادلة، فعندما يقاطع الأفراد والمجتمعات منتجات أو خدمات أو مؤسّسات محدّدة، يوجهون رسالة قوية تعبر عن رفضهم الممارسات أو السياسات غير العادلة التي تتبعها تلك الكيانات. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى فقدان هذه الكيانات للدعم الشعبي والأرباح المالية والسمعة الاستهلاكية، ما يُجبرها غالباً على إعادة التفكير في سياستها وممارساتها.
وتاريخيًا، هناك أمثلة عديدة على نجاح المقاطعة في تحقيق التغيير. مثلاً، كانت مقاطعة جنوب أفريقيا خلال فترة الفصل العنصري إحدى أنجح تجارب المقاطعة الشعبية في تحقيق الهدف، فقد تمكّنت الحركات العالمية للمقاطعة وسحب الاستثمار وفرض العقوبات الاقتصادية من تحقيق ضغط دولي كبير على نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا آنذاك، وهو ما ساهم في إنهاء ذلك النظام الظالم، وإن بشكل غير مباشر.
وهذا يشير إلى أن المقاطعة تعزّز الوحدة والتضامن بين الشعوب، بغضّ النظر عن توجهاتها العامة وانتماءاتها الثقافية والسياسية، فعندما يقاطع الناس منتجاتٍ أو خدمات تابعة لجهة معينة، يتشكّل تحالف واسع المدى، يجمع بين الأفراد والمجتمعات المؤمنة بالقضية نفسها. ويعزّز هذا التحالف الوحدة والتعاون بين الناس الذين يسعون إلى تحقيق الهدف المشترك.
ومع التطوّر التكنولوجي في العصر الحديث، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت أدوات قوية لدعم المقاطعة وتعزيزها، حيث يمكن للأفراد والمجتمعات استخدام منصّات التواصل الاجتماعي للتعبير عن رفضهم وتوجيه الانتباه إلى القضية التي يرغبون في تغييرها. كما يمكن للحملات الرقمية أن تصل إلى جمهور أوسع وتؤثر في الرأي العام بشكل كبير.
وعلى الرغم من أن المقاطعة وحدها ليست الحل النهائي لكل المشكلات، وقد تكون لها آثار جانبية في حالات معينة، إلا أنها السلاح الفعال الأمضى حالياً. ولهذا، ينبغي أن تكون جزءًا من حركة أو استراتيجية أوسع لتحقيق التغيير المطلوب.
كما على الشعوب الاستمرار في مراقبة تأثيرها وتقييمها وتوفير سبل نجاحها كتقديم البدائل الممكنة والتوعية باستخدامها، حتى لا يشعر المقاطعون بالملل والضرر الشخصي مع طول المدى. وهو ما يحدُث هذه الأيام تلقائيا، ما يجعل من المقاطعة من أجل غزّة وبعد مضي ما يقرب من ثلاثة شهور على بدئها من أنجح المقاطعات في التاريخ.
ليس لأنها حقّقت الهدف منه، ما زال الوقت مبكّرا للتأكد من ذلك، رغم إشارات دالّة هنا وهناك، ولكن على الأقل لأنها أوصلت رسالة قوية إلى العالم أن الشعوب المغلوبة على أمرها وغير القادرة على التعبير عن إرادتها أو إظهار تضامنها العلني مع القضية التي تؤمن بعدالتها، تستطيع أن تفعل ذلك كله بسلاح لا تستطيع أي قوة في العالم سلبه منها. وهنا تكمن الفكرة الحقيقية للمقاطعة.
*سعدية مفرح كاتبة وصحفية وشاعرة كويتية
المصدر | العربي لبجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: فلسطين المقاطعة طوفان الأقصى قضية فلسطين الكيان الصهيوني جنوب أفريقيا الفصل العنصري التطور التكنولوجي فرض العقوبات الفصل العنصری
إقرأ أيضاً:
بيان صادر من حركة الأردن تقاطع حول نجاح حملة كارفور
#سواليف
إعلان انتصار الشعب الأردني العظيم
المقاطعة تنجح
أعلنت شركة ماجد الفطيم التخلّي تماما عن العلامة التجارية لشركة كارفور الفرنسية في الأردن وتدشين هايبرماكس، علامتهم التجارية الجديدة للمواد الغذائية في قطاع التجزئة في الأردن، وهي مملوكة بالكامل لماجد الفطيم، والامتناع عن بيع منتجات كارفور في كل متاجرها الموجودة في الأردن.
نحيي ونثمن ونرفع القبعات للحراك الشعبي الأردني المناصر لأهلنا في قطاع غزة والمتواصل منذ بداية العدوان النازي والبربري عليهم الذي تجاوز عاماً كاملاً، ونخص بالذكر حراك المقاطعة الذي شهد التزاماً شعبياً أردنياً قل نظيره وتصدر به الشعب الأردني أكثر الشعوب في العالم التزاماً بمقاطعة الاحتلال والشركات التي ثبت تورطها بدعمه أو تأييد جرائمه.
نرى في حركة الأردن تقاطع والجهات الشريكة والموقعة على نداء المقاطعة، بأن الخطوات التي أقرتها مجموعة ماجد الفطيم في الأردن إيجابية إذ أنها تلبي المطالب الثلاثة التي وضعتها في نداء المقاطعة وهي:
إنهاء علاقتها مع شركة كارفور الفرنسية في متاجرها داخل الأردن، وقد حصلنا على نسخ لعقود وفواتير محلية جديدة تثبت إلغاء اسم كارفور من أي تعامل تجاري حالي على عكس ما كان معمولاً به سابقاً.
عدم استخدام العلامة التجارية كارفور، وقد تحقق هذا في إعلان الشركة الرسمي وتغيير واجهات متاجرهم.
عدم بيع منتجات شركة كارفور داخل متاجرها في الأردن، وقد تحقق هذا المطلب وتم الاستغناء عن منتجاتهم.
ونرى بأن هذا النجاح يسجل بحروف من ذهب لشعبنا الأردني العظيم، فقد عجزت علامة كارفور عن التعافي بسبب نسبة العزوف العالية عن الشراء من كافة الفروع، وبنسبة أعلى من فروع معينة، فقد تم إغلاق أكثر من 12 فرعاً، وكان العمل الشعبي قد تطور مع الوقت فمن بناء فرق محلية داخل الأحياء لحث الناس على عدم الشراء، إلى إطلاق ماراثون المقاطعة والتعهد بعدم الشراء في كافة محافظات الأردن التي تتواجد فيها متاجر كارفور، إلى امتناع عدة تجار محليين عن توريد بضائعهم لهم بسبب نداءات المقاطعة.
وفي هذا السياق نطالب مجموعة ماجد الفطيم بتكرار هذه القرارات في بقية الدول وفسخ جميع عقودها مع “كارفور” الفرنسية، ونطالب بقية الشعوب العربية تصعيد مقاطعة متاجر كارفور للضغط على مجموعة ماجد الفطيم لاتخاذ نفس الإجراءات التي اتخذتها في الأردن.
إن الانتصار العظيم الذي حققه شعبنا الأبي ضد واحدة من أكبر الشركات التي أظهرت بشكل وقح تأييدها لآلة القتل الصهيونية، إنما يحمل عدة رسائل مهمة، فهو يقول للعالم بأن لا فرص ممكنة للتطبيع بين أبناء الشعب الأردني وأن العداء للمشروع الصهيوني والمتورطين معه هو صلب العقيدة الوطنية الأردنية وإحدى مرتكزات الهوية الجامعة لأبناء وبنات الأردن، ويقول للعالم بأن سنوات التطبيع الرسمي لم ولن تستطيع إقناع الأردنيين والأردنيات بقبول الاحتلال بوصفه شريكاً لا عدواً، ويوجه رسالة إلى الأقلية التي لم تتوقف عن الغمز واللمز بجدوى المقاطعة بأننا قادرون على تحقيق الانتصار وعزل كبريات الشركات وأن المقاطعة مع كل انتصار كهذا تثبت بأنها أداة متقدمة في حربنا ضد الاحتلال وفي مسارنا المتصاعد في سبيل عزل المشروع الصهيوني، ويقول لبقية المستثمرين المحليين بأنه لا يوجد فرص لنجاح مسار تحدي التطلعات الوطنية لدى الغالبية الساحقة من الأردنيين والأردنيات والمتمثلة بمقاطعة أية منتجات أو خدمات يثبت تورطها في دعم المشروع الصهيوني أو النيل من حقوق الفلسطينيين، وأن النزول عند هذه الرغبة الشعبية بالإضافة إلى كونه فعل أخلاقي هو ضرورة وشرط لبقاء استثماراتكم وإلا فستكون النتيجة خسارات لا يقوى عليها أحد.
أطلقت حركة المقاطعة العالمية BDS حملة مقاطعة متاجر كارفور منذ العام 2022، بعد توقيعها اتفاقية امتياز مع شركة (Electra Consumer Products) وشركتها الفرعية (Yenot Bitan)، والتي أصبحت لاحقاً “كارفور إسرائيل”، وكلتاهما من الشركات “الإسرائيلية” المتورّطة في انتهاكات جسيمة لحقوق الشعب الفلسطيني، وأيضاً مدرجتان على قوائم الأمم المتحدة للشركات المتورطة بجرائم ضد الفلسطينيين، فقد باتت العلامة التجارية لكارفور متورطة في جرائم الحرب التي يرتكبها الكيان الصهيوني والاستعمار الاستيطاني والأبارتهايد في فلسطين، ونتج عن ذلك افتتاح مجموعة “كارفور” الفرنسية 50 فرعًا لخدمة النظام “الإسرائيلي” واقتصاده، بحضور كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الاقتصاد، لتكون المجموعة الفرنسية بذلك تساعد الحكومة الإسرائيلية في التغلّب على أزمتها الاقتصادية المتفاقمة في حينها والتي سببتها حملات الحركة في كل العالم.
ومع بداية العدوان الهمجي والنازي وأكبر حرب إبادة يتعرض لها شعب على الإطلاق والتي حصدت حتى اللحظة أكثر من 43 ألف شهيد وأكثر من 100 ألف بين جريح ومفقود من أبناء وبنات شعبنا جلّهم من الأطفال والنساء، برز دور “كارفور” عبر تقديمها لآلاف الطرود المجانية والشحنات الشخصية لجنود جيش العدو الصهيوني، قائلةً إنها “مجرد البداية”، لتكون بذلك شريكاً رسمياً في آلة القتل وجريمة الإبادة الموجهة على أهلنا في غزة.
إن انتصار حملة مقاطعة كارفور هي تجربة عملية على أن المدرسة التي تنتهجها الحركة في اختيار حملات محددة للعمل عليها وزيادة التركيز والضغط على الشركات المستهدفة، هي الأكثر قدرة على تحقيق نتائج والعمل بكفاءة عالية والمضي قدماً والسعي بخطوات كبيرة ومتصاعدة نحو عزل المشروع الصهيوني وتفكيكه وهزيمته، هذه رسالة للجميع بتصعيد كل الجهود في حملات المقاطعة ومتابعة صفحات حركة الأردن تقاطع على مواقع التواصل الاجتماعي للانخراط في حملاتنا والوقوف يداً بيد سداً منيعا أمام التطبيع.
عاش الشعب الأردني عصياً على التطبيع ومشاريع التسوية.
#المقاطعة_مقاومة #قاطع_عدوك #الأردن_تقاطع #مش_شاري #لنقاطع_كارفور #نجاحات_المقاطعة View this post on InstagramA post shared by Jordan BDS الأردن تقاطع (@bds_jordan)
https://www.facebook.com/share/p/5hTd7kDKPmFg6nPf/
https://x.com/BDSJordan/status/1853837330416808033?t=c4x6FPmGY2t4SNCMf270RQ&s=19