الخليج الجديد:
2024-07-06@16:09:51 GMT

المقاطعة سلاح الشعوب

تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT

المقاطعة سلاح الشعوب

المقاطعة سلاح الشعوب

مقاطعة نظام الفصل العنصري بجنوب أفريقيا إحدى أنجح تجارب المقاطعة الشعبية في تحقيق الهدف.

بقي سلاح المقاطعة الوحيد الذي وجدت الشعوب المتضامنة مع قضية فلسطين نفسها تفعله بنجاح، ما جعل شركاتٍ كثيرة تعلن عن تضرّرها فعلا.

المقاطعة أداة فعالة يمكن للشعوب استخدامها للتأثير على سلوكيات وممارسات غير عادلة لأفراد أو جهات يستهدفونها.

إنها وسيلة سلمية مجّانية سهلة للمطالبة بالعدالة والتغيير.

تمكّنت الحركات العالمية للمقاطعة وسحب الاستثمار وفرض العقوبات الاقتصادية من تحقيق ضغط دولي كبير على نظام الفصل العنصري بجنوب أفريقيا، وإنهاء ذلك النظام الظالم.

* * *

نعم.. ما زلنا مقاطعين كل الشركات والجهات التي تساند الكيان الصهيوني في حربه على قطاع غزّة بشكل مباشر أو غير مباشر، فبعد مرور ما يقرب من ثلاثة شهور على "طوفان الأقصى"، وما تبعه من عدوان غير مسبوق، بقي سلاح المقاطعة الوحيد الذي وجدت الشعوب المتضامنة مع قضية فلسطين نفسها تفعله بنجاح، ما جعل شركاتٍ كثيرة تعلن عن تضرّرها فعلا.

وهو ما يثبت، مرّة أخرى، جدوى هذا السلاح المجاني الشعبي، فعندما يشعر الأفراد والمجتمعات بالاستياء والاستنكار تجاه سياسات أو أعمال غير عادلة أو قمعية، يلجأون إلى وسيلة سلمية للتعبير عن رفضهم ولفت الانتباه إلى قضيتهم، وهي المقاطعة التي تعد أداة فعالة يمكن للشعوب استخدامها للتأثير على السلوكيات والممارسات غير العادلة للأفراد أو الجهات التي يستهدفونها. إنها وسيلة سلمية مجّانية سهلة للمطالبة بالعدالة والتغيير.

وتتمثل أهمية المقاطعة في قدرتها على تعزيز الوعي وتوجيه الضوء على القضايا غير العادلة، فعندما يقاطع الأفراد والمجتمعات منتجات أو خدمات أو مؤسّسات محدّدة، يوجهون رسالة قوية تعبر عن رفضهم الممارسات أو السياسات غير العادلة التي تتبعها تلك الكيانات. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى فقدان هذه الكيانات للدعم الشعبي والأرباح المالية والسمعة الاستهلاكية، ما يُجبرها غالباً على إعادة التفكير في سياستها وممارساتها.

وتاريخيًا، هناك أمثلة عديدة على نجاح المقاطعة في تحقيق التغيير. مثلاً، كانت مقاطعة جنوب أفريقيا خلال فترة الفصل العنصري إحدى أنجح تجارب المقاطعة الشعبية في تحقيق الهدف، فقد تمكّنت الحركات العالمية للمقاطعة وسحب الاستثمار وفرض العقوبات الاقتصادية من تحقيق ضغط دولي كبير على نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا آنذاك، وهو ما ساهم في إنهاء ذلك النظام الظالم، وإن بشكل غير مباشر.

وهذا يشير إلى أن المقاطعة تعزّز الوحدة والتضامن بين الشعوب، بغضّ النظر عن توجهاتها العامة وانتماءاتها الثقافية والسياسية، فعندما يقاطع الناس منتجاتٍ أو خدمات تابعة لجهة معينة، يتشكّل تحالف واسع المدى، يجمع بين الأفراد والمجتمعات المؤمنة بالقضية نفسها. ويعزّز هذا التحالف الوحدة والتعاون بين الناس الذين يسعون إلى تحقيق الهدف المشترك.

ومع التطوّر التكنولوجي في العصر الحديث، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت أدوات قوية لدعم المقاطعة وتعزيزها، حيث يمكن للأفراد والمجتمعات استخدام منصّات التواصل الاجتماعي للتعبير عن رفضهم وتوجيه الانتباه إلى القضية التي يرغبون في تغييرها. كما يمكن للحملات الرقمية أن تصل إلى جمهور أوسع وتؤثر في الرأي العام بشكل كبير.

وعلى الرغم من أن المقاطعة وحدها ليست الحل النهائي لكل المشكلات، وقد تكون لها آثار جانبية في حالات معينة، إلا أنها السلاح الفعال الأمضى حالياً. ولهذا، ينبغي أن تكون جزءًا من حركة أو استراتيجية أوسع لتحقيق التغيير المطلوب.

كما على الشعوب الاستمرار في مراقبة تأثيرها وتقييمها وتوفير سبل نجاحها كتقديم البدائل الممكنة والتوعية باستخدامها، حتى لا يشعر المقاطعون بالملل والضرر الشخصي مع طول المدى. وهو ما يحدُث هذه الأيام تلقائيا، ما يجعل من المقاطعة من أجل غزّة وبعد مضي ما يقرب من ثلاثة شهور على بدئها من أنجح المقاطعات في التاريخ.

ليس لأنها حقّقت الهدف منه، ما زال الوقت مبكّرا للتأكد من ذلك، رغم إشارات دالّة هنا وهناك، ولكن على الأقل لأنها أوصلت رسالة قوية إلى العالم أن الشعوب المغلوبة على أمرها وغير القادرة على التعبير عن إرادتها أو إظهار تضامنها العلني مع القضية التي تؤمن بعدالتها، تستطيع أن تفعل ذلك كله بسلاح لا تستطيع أي قوة في العالم سلبه منها. وهنا تكمن الفكرة الحقيقية للمقاطعة.

*سعدية مفرح كاتبة وصحفية وشاعرة كويتية

المصدر | العربي لبجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: فلسطين المقاطعة طوفان الأقصى قضية فلسطين الكيان الصهيوني جنوب أفريقيا الفصل العنصري التطور التكنولوجي فرض العقوبات الفصل العنصری

إقرأ أيضاً:

الاستبداد المطلق... لمواقع التواصل الاجتماعى

أصبحت الأجهزة الذكية المتطورة، فى متناول يد كل إنسان يعيش على أرجاء المعمورة، وفى مقابل امتلاكه لهذه الرفاهية المتقدمة فى تكنولوجيا وسائل الاتصال الحديثة، أصبح الخبر ينتشر بسرعة البرق دون تمييز إذا كان خبرا صادقا أم كاذبا، أو حتى الهدف من نشره تهديد لكيان الدولة وسلامة المجتمع، من هنا تكمن الخطورة فى سوء استخدام التطور الهائل لمواقع التواصل الاجتماعى، على الشبكات العنكبوتية المعروفة «بالانترنت».

وإذا كانت وسائل التواصل بأنواعها لها دور هائل فى ثورة المعلومات، إلا أنها لها دور خطير فى بث الأخبار الكاذبة والمعلومات المغلوطة المفبركة، التى من شأنها الإضرار بالأمن القومى ووضع الدولة الاقتصادى.. وإن كانت الشرعية القانونية تعطى الحق للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بحجب الموقع أو المواقع محل بث هذه الشائعات كلما أمكن تحقيق ذلك فنيًا... إلا أن شبكة المعلومات الدولية لمواقع التواصل الاجتماعى بحرها واسع فى مجال بثها عبر سماء الفضاء الإلكترونى، تستخدمه جهات خارجية فى سرقة عقول بعض أفراد الشعوب غير الناضجة سياسيا، وجعل هذه العقول تنقاد إلى تحقيق مآربها الشيطانية، لأن اتساع حرية التعبير عن الرأى فى هذا العالم الافتراضى، تختلف عن الواقع المادى للعالم الذى نعيش فيه، لأن فى الأولى لأ يوجد حدود أو قواعد قانونية، يمكن أن تراعى فيها طبيعة الشعوب وحياتهم الخاصة، بالتالى تفرض عليهم ثقافة وتحرر مجتمع غربى غير مقبولة فى مجتمعنا الشرقى، الذى تحكمه عاداته القديمة المتأصلة فى الحفاظ على تقاليده الشرقية الموروثة، ومصالحه المتشعبة فى ظل نظام محافظ على الآداب العامة وقداسة عقائد الشعوب، خلاف ذلك بأن هذه المواقع تبث بيانات كاذبة عن مركز الدولة الاقتصادى وعن أجهزتها التفيذية، لخلق حالة من الاحتقان بين السلطات العامة فى الدولة وأفراد الشعب، إلى جانب انتهاك خصوصية الأشخاص وحياتهم الخاصة، دون ضوابط قانونية تنظم هذا العمل العابر للحدود، وعلى ذلك تستعين مخابرات دول أجنبية بالشخصيات الهاربة من مصر، وتقوم بتوفير المواقع الإلكترونية الذكية والقنوات الفضائية لهم... لكى يقوموا بممارسة آرائهم العدائية ضد الحكومة المصرية.. من خلال محتوى قائم على الأكاذيب والتزييف، خلاف الثانية ألا وهو واقعنا المادى الذى نعيشه، تخضع ممارسة حق التعبير عن الرأى فيه إلى ضوابط قانونية تنظم هذا العمل.

إن غياب التشريعات القانونية الدولية المنظمة للعمل عبر الفضاء الإلكترونى، وترك الحبل على الغارب للقائمين عليه والسماح لهم بنشر الشائعات والأخبار غير الحقيقية، يعد مخالفا لقواعد وأصول الاعلانات والمواثيق الدولية، التى تسمح بحرية التعبير عن الرأى دون أن يترتب على هذه الحرية الحاق الضرر بأمن وسلامة شعوب الدول، لأن هذه الأفعال تدخل فى جرائم التأثيم التى يعاقب عليها القانون... لأنهم يدعون إلى اضطراب وزعزعة الاستقرار الداخلى بين أبناء الوطن الواحد، واستهداف منشآت الدولة الاقتصادية والسيادية، وهذه المواقع أنشئت فى ظل مؤامرات تحاك ضد الوطن فى نشر الشائعات من الخارج، لخلق مظاهرات دامية وانهيار النظم السياسية فيها، جراء انقياد العقول الخربة إلى طغيان هذه المواقع الشيطانية، التى أصبحت الخطر الداهم الآتى من ناحية مواقع التواصل الاجتماعى والسموات الفضائية المفتوحة، لأن الجاحدين فى هذه الأماكن يريدون توجيه الشعوب إلى تصديق أهوائهم الخسيسة وضلالهم البعيد، فى سعيهم إلى التشويه العلنى لرموز الدولة وتآليب الرأى العام ضدهم، من أجل نشر الفوضى الخلاقة لإسقاط الدول والشعوب، ولكن خيب الله آمالهم بعد أن انتبه الشعب لهم، وخيب آمال الدول المستبدة الطامعة فى خيرات الشعوب، بعد أن استنزفوا ثروات بلاد كثيرة، انخدعت فيها الجماهير إلى زيفهم، فى اخفاء الحقائق ونشر الفتن والأكاذيب، وكان ثمن هذا الخداع بأن ضاعت الأوطان وأريقت فيها دماء الأبناء، بعد أن حصدت أرواحهم الطاهرة، الدعوات إلى المظاهرات والاضطرابات الفارغة، فى وقت غفلة فيه الشعوب ولم تنتبه إلى حقيقة المؤامرات التى تنال من ضياع الدول، وعلى ذلك أهيب بالشعب المصرى بأن ينتبه، ولا يصدق ولا يأمن إلى ما تبثه مواقع التواصل الاجتماعى والقنوات الفضائية من الخارج، لأنهم يريدون أن تخطئ الجماهير وتنساق إلى شهواتهم ورغباتهم الشيطانية، ولكن الله قد نجى مصر من خطأ فوضى ظلام يناير، إلى شمس ثورة 30 يونيو المشرقة «تحيا مصر».

 

مقالات مشابهة

  • كدخدائي: الشعب الإيراني هو المنتصر في ساحة الانتخابات
  • المرتزقة والعملاء.. سلاح الاحتلال السري في قطاع غزة
  • أمراء الظلام.. مصر تشارك بمنتخبين في بطولة الأهرامات لكرة الهدف للمكفوفين
  • جنوب أفريقيا بعد تشكيل الحكومة.. هل ستتغير المواقف؟
  • ليساندرو مارتينيز يهدي الهدف الأول إلى «الأجداد»!
  • الاستبداد المطلق... لمواقع التواصل الاجتماعى
  • المقاومة بالضفة تحيي سلاح القنص بوجه الاحتلال
  • أباطرة المقاطعة
  • عمرو الفقي يكشف الهدف الرئيسي من إقامة مهرجان العلمين
  • عمرو الفقي يكشف لـ«الحياة اليوم» الهدف الرئيسي من إقامة مهرجان العلمين