الطفل المعجزة.. رحلة الحوامل للولادة في غزة ما بين الألم والخوف
تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT
مع اشتداد المعارك في غزة، تواجه النساء الحوامل تحديات كبيرة، تدفعهن إلى الولادة في المنزل من دون مسكنات الألم أو إشراف طبي أو تواجد من يستطيع تقديم المساعدة لهن.
روت حنان التي تعيش في غزة، رحلتها مع الولادة لصحيفة الغارديان، حيث دخلت في المخاض في وقت سابق من الشهر الحالي، لتجد نفسها عالقة بين الألم والخوف من الولادة من دون مساعدة طبية بسبب الرعب من الغارات الجوية الإسرائيلية وطلقات القناصة إذا ما حاولت الذهاب للمستشفى.
وتشير إلى أنه حتى لو استطاعت الوصول للمستشفى، فهذا لا يعني حصولها على الرعاية الطبية، خاصة وأن المستشفيات أصبحت خالية من الإمدادات الطبية والأدوية، وهي تغص بضحايا الحرب.
وتكشف قصة أخرى نشرته شبكة "أيه بي سي" الأسترالية أن بعض الحوامل يواجهن عمليات قيصرية من دون تخدير على الإطلاق.
وتقول حنان للصحيفة إن هذه الأمور مجتمعة جعلتها تقرر "أن تجلب ابنها الأصغر إلى العالم في المنزل".
لا رعاية طبية متوفرة لحديثي الولادة في غزة بسبب نقص الإمدادات. أرشيفيةحنان، الآن هي أم لثلاثة أبناء وطفلة، فرت من حرب وحشية قبل عقد من الزمان، وهي فلسطينية نشأت في سوريا، وانتقلت إلى غزة، في عام 2012، هربا من الحرب، لتجد الصراع ينتظرها من جديد.
وتعيش الأسرة في حي النصر غرب غزة، حيث أمرتهم القوات الإسرائيلية أن يخلوا منازلهم في بداية الحرب، واتجهوا للنزوح جنوبا، لكن الظروف على الطريق دفعتهم للعودة لمنزلهم في حي النصر.
وقالت إنه حتى لو كان العودة تعني "المخاطرة بحياتها" فهي "تفضل مواجهة الموت بكرامة"، وزادت "لم استطع تحمل فكرة البقاء في ملجأ للنازحين، حيث لا تتواجد أماكن ينام عليها الأطفال، ناهيك عن نقص الماء والغذاء".
بعد دخولها في المخاض، جاءت ممرضة كانت قد لجأت إلى المبنى الذي تسكنه لتقديم المساعدة، ولكن لم تتمكن من تقديم أكثر من النصائح الطبية الأساسية، فيما كانت تعيش حنان لحظات رعب حقيقية من دون دعم طبي أو مسكنات.
وقالت: "كان الألم مبرحا، وكنت قد يأست للذهب إلى المستشفى، لكن الوضع في الخارج جعل الأمر مستحيلا.. الذهاب للمستشفى يعني المخاطرة بحياتنا".
ويعيش الأهالي في غزة من دون كهرباء، خاصة مع انقطاع إمدادات الطاقة وتضرر محطات التوليد ونفاد الوقود بعد أكثر من شهرين من الهجمات الإسرائيلية والحصار المشدد.
ولإنارة الغرفة عندما حان وقت الولادة اجتمعت النساء اللاتي يعشن مع حنان مستخدمين هواتفهن للإضاءة حتى تتمكن الممرضة من مراقبتها.
وتقول حنان: "رغم تحديات شحن الهواتف.. فقد أضاؤوا الغرفة بمصابيح الهاتف لمساعدة الممرضة أثناء الولادة.. كما حاولوا دعمها خلال المخاض وتشجيعها ومساعدتها على تنظيم تنفسي لتحمل الألم القاسي".
منظمات تؤكد أن النساء الحوامل وحديثي الولادة يعيشون "كابوسا" بسبب الحرب. أرشيفيةوأضافت "وجدت نفسي أصرخ من الألم أمام أطفالي المرعوبين بالفعل من الغارات الجوية المتواصلة"، حيث بدأت ابنتها البالغة من العمر سبع سنوات بالبكاء، فيما حاولت حنان كبح صرخاتها لتخفف عنهم، مشيرة إلى أن صرخات طفلتها "حطمت قلبها".
وخلال الولادة "عندما ظهر رأس الطفل، وملأت صرخاته الغرفة، اجتاحت الجميع موجة من المشاعر المختلطة: ارتياح، خوف، وفرح وقلق"، بحسب ما قالت الممرضة هيا.
وأضافت أنه كان عليها الارتجال بقطع الحبل السري باستخدام "مقص من المطبخ"، مشيرة إلى أن كل من في المبنى يعتبرون المولود الجديد "الطفل المعجزة".
وأطلقت حنان اسم "ورد على طفلها الجديد، على أمل أن يكون له مستقبل جميل مثل الورود".
ويضم القطاع الساحلي 50 ألف امرأة حامل بينما تلد أكثر من 180 امرأة يوميا، وأكد ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في الأراضي الفلسطينية، دومينيك ألين، في تصريحات، في نوفمبر الماضي، أنه "ليس لديهن مكان يذهبن إليه"، بحسب وكالة فرانس برس.
وأفاد ألين بأن تقديرات الصندوق "تشير إلى أن 15 بالمئة من الولادات على الأقل سوف تنطوي على مضاعفات تتطلب رعاية توليدية"، وهو أمر غير متوفر في غزة التي مزقتها الحرب.
فلسطينية تنجب أربعة توائم في غزة بعد نزوحها مشيا على الأقدام تجلس إيمان المصري (29 عاما) على فرشة اسفنجية بالية وبجانبها ثلاثة من أربعة توائم أنجبتهم في عملية قيصرية إثر نزوحها مشيا على الأقدام خلال الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في غزة.ويصف صندوق الأمم المتحدة للسكان الوضع بأنه "كابوس". وأكد أن نساء يغادرن المستشفى بعد ثلاث ساعات من الولادة، وأن المستشفيات تعاني من نقص في الدم ما يعرقل علاج المصابات بنزيف ما بعد الولادة، مضيفا أن إغلاق الندبات القيصرية وقطع الحبل السري تتم بدون أي محلول مطهر.
وتمكن صندوق الأمم المتحدة للسكان، في نوفمبر، من إدخال 8 آلاف "علبة من أدوات النظافة الصحية" تحتوي، من بين أشياء أخرى، "على لوازم لقطع الحبل السري، وبطانية لتدفئة الأطفال حديثي الولادة".
ويمثل ذلك قطرة في بحر احتياجات 2.4 مليون شخص في قطاع غزة، وخصوصا النساء الحوامل اللواتي يجبرن أحيانا على الولادة في مخيمات أو على الطريق.
واعتبرت مديرة منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، كاثرين راسل، أواخر نوفمبر، أن قطاع غزة بات "المكان الأخطر في العالم بالنسبة للأطفال"، معتبرة أن الهدنات الإنسانية "ليست كافية" لوقف "المذبحة".
الولادة تحت القصف.. أمهات في غزة يتحدثن عن لحظات "الرعب" "فيلم رعب" هكذا وصفن أمهات في غزة لصحيفة "نيويورك تايمز" تجربتهن مع الولادة تحت وطأة القصف الإسرائيلي المستمر وما خلفه من دمار في أعقاب هجوم حماس في السابع من أكتوبر.وكانت مديرة صندوق الأمم المتحدة للسكان، ناتاليا كانيم، أعربت عن قلقها حيال مصير الحوامل في قطاع غزة ومواليدهن الجدد.
وقالت: "وسط المعارك والدمار، هناك في غزة حاليا 5500 حامل يتوقع أن يلدن خلال الشهر المقبل (ديسمبر). يوميا، تضع نحو 180 امرأة مواليد في ظروف مروعة، ومستقبل أطفالهن الرضع غير مؤكد".
"سباق مع الموت".. 5500 ولادة مرتقبة في غزة هذا الشهر خلال الأسابيع القادمة، تتوقع الأمم المتحدة أن تلد حوالي 5500 امرأة في غزة، حيث يقوم الأطباء في المستشفيات، التي تعاني من ويلات الحرب، بتوليد النساء بدون تخدير أو بتخدير بسيط، وأحياناً على ضوء الهواتف المحمولة.وأضافت "ما ينبغي أن يكون لحظة فرح يطغى عليه الموت والدمار والرعب والخوف".
وأوضحت رئيسة هيئة الأمم المتحدة للمرأة، سيما بحوث، أنه "قبل التصعيد الحالي، كانت 650 ألف امرأة وفتاة بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية في غزة. والآن، ارتفع هذا العدد إلى 1.1 مليون، بما في ذلك 800 ألف امرأة نازحة".
وأشارت إلى أن "العالم يتوقع منا أن نطبق المثل العليا، وليس أن نعكس أكبر إخفاقاته".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: صندوق الأمم المتحدة للسکان فی غزة من دون إلى أن
إقرأ أيضاً:
كيف يمر الشتاء على غزة؟.. شعب منهك وآمال هشة
نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن معاناة سكان غزة في فصل الشتاء، في ظل الحرب التي أودت بحياة أكثر من 45 ألف شهيد.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"؛ إن استئناف المفاوضات يولد آمال جديدة لوقف إطلاق النار، فبعد أشهر من المحاولات والمفاوضات التي باءت بالفشل وعدم الوصول إلى تسوية، يبدو أن الضغط المستمر الذي يمارسه فريق إدارة دونالد ترامب يؤتي ثماره.
وبخصوص هذا قالت مرام فرج، وهي لاجئة في خان يونس، تبلغ من العمر 27 سنة: "هذه المرة سيتم التوصل إلى تسوية إن شاء الله".
مع ذلك، تواصل الطائرات الإسرائيلية قصفها المستمر وكثفت غاراتها في الأيام الأخيرة. وحسب التقارير اليومية الصادرة عن وزارة الصحة في غزة، أودت هذه الغارات بحياة 46 شخصا يوم الأحد 15 كانون الأول/ ديسمبر، و52 شخصا يوم الاثنين، و31 يوم الثلاثاء، و38 يوم الأربعاء.
وأضافت الصحيفة، أن فظاعة الجرائم المرتكبة من قبل الجانب الإسرائيلي، تثير استياء رواد مواقع التواصل الاجتماعي، على غرار المجموعة التي احترقت من بين العشرين ضحية، الذين لقوا حتفهم خلال ضربة استهدفت مدرسة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين غرب خان يونس مساء الأحد.
إظهار أخبار متعلقة
ويقول متطوّع في فريق طبي طارئ تابع لجمعية العون الطبي للفلسطينيين في مستشفى ناصر: "لم أستطع إحصاء عدد المصابين الذين وصلوا بإصابات لم أرَ مثلها طوال مسيرتي المهنية". وأضاف: "أول مصابة وصلت كانت طفلة تبلغ من العمر 3 سنوات. اخترقت شظايا القذائف جمجمتها وأصابت جبهتها.
هؤلاء اللاجئون تعرضوا لمجزرة. لا توجد كلمات لوصف ذلك". وحسب المتطوع، فإنه بين صفوف الضحايا 12 طفلا دون سن الـ 12 عاما.
تدمير حوالي 70 بالمئة من المباني في غزة
وذكرت الصحيفة أن جباليا باتت مجرد حقل من الأنقاض بلون الرماد والموت. خلال التحليق فوق سماء شمال غزة، وثّقت طائرة إسرائيلية مسيّرة آثار أربعة عشر شهرا من القصف والعمليات العسكرية، حيث تحولت جميع المباني إلى ركام وغبار، والأمر ذاته حدث في رفح في أقصى جنوب القطاع.
وحسب تقييم أجراه برنامج التطبيقات التشغيلية للأقمار الصناعية التابع لمعهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث، تسبب القصف الإسرائيلي في تدمير حوالي 70 بالمئة من المباني الموجودة في غزة.
ويقضي الغالبية العظمى من سكان غزة الشتاء الثاني منذ بداية الحرب تحت القصف مفترشين الأرض.
وفي هذا الصدد، يقول أمجد الشوا مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية: "هذا الشتاء سيكون أقسى من السابق". عثر النازحون السنة الماضية على مأوى لدى عائلاتهم أو في المدارس أو المستشفيات، غير أن حجم الدمار هذه السنة ألغى هذه الخيارات.
وفق بيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، يعيش 1.6 مليون شخص من أصل 2.1 مليون نسمة في ملاجئ مؤقتة. ومن جانبه يقول الشوا: "ظروف العيش المزرية بالفعل تدهورت في كل مكان، وخلّفت أجسادً متعبة تعاني من سوء التغذية، فضلا عن تكدس النفايات كالجبال بين الخيام ونقص الأدوية، يكاد يكون من المستحيل وصف ما نعيشه".
إظهار أخبار متعلقة
البرد طال جميع الأماكن
أوردت الصحيفة أن أكثر من 400 ألف فلسطيني لجؤوا إلى نحو مئة موقع في مناطق معرضة للفيضانات، خاصة على طول الساحل. وفي أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر، ومع أول عاصفة شتوية كبيرة، ارتفع منسوب المياه إلى حد جرف خيام وممتلكات مئات العائلات.
وحيال هذا يقول حسام صالح، الموظف في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بغزة: "لقد كافحنا منذ أشهر من أجل إنشاء ملاجئ وإدخال المواد الأساسية استعدادا لفصل الشتاء، ولكن حلّ فصل الشتاء دون تلبية الاحتياجات".
ويتسم الوضع بالتعقيد حتى بالنسبة للأشخاص الذين لازالوا يمتلكون مأوى.
وتقول أسماء صيام، التي تعيش في خان يونس مع والدتها وشقيقتها: "لم يعد لدينا نوافذ بسبب القصف. اضطررنا إلى وضع البلاستيك مكانها. البرد يتسلل من كل مكان في ظل غياب وسائل التدفئة". ورغم حجم الاحتياجات، تظل المساعدات الإنسانية الواردة محدودة.
وأضاف الشوا: "لم يعد لدى الناس مدخرات مما يدفعهم للاعتماد بشكل تام على المساعدات الإنسانية. ومنذ شهر أيلول/ سبتمبر، باتت المساعدات الإنسانية تغطي 5 بالمئة فقط من حجم الاحتياجات".
وجبة في اليوم
في الحادي عشر من كانون الأول/ ديسمبر، نُهِبت قافلة تضم 70 شاحنة من معظم مساعداتها الإنسانية بعد مرورها من معبر كرم أبو سالم، وعليه تسببت عمليات النهب في ارتفاع الأسعار واجتياح المجاعة جنوب القطاع.
تقول أسماء صيام: "نحن لا نتناول أكثر من وجبة واحدة في اليوم. عادة ما تكون أرزا أو معكرونة في الظهر. في الصباح والمساء، نتقاسم قطعة خبز بلدي نحن الثلاثة". وقد أدى التدافع للحصول على الخبز أو الطعام إلى وفاة حوالي سبعة أشخاص في شهر واحد.
من جانبه، يرى مراقب غزّاوي مقيم في جنوب القطاع، أن الانخفاض في الأسعار في السوق في الأيام الأخيرة، "علامة على اقتراب موعد وقف إطلاق النار، واستعداد التجار لتدفق كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية".
إظهار أخبار متعلقة
احتمالات التوصل إلى هدنة في غزة
بعد استمرار الصراع منذ أكثر من سنة، تُعَلَّقُ آمال على الوصول إلى هدنة بين حماس واسرائيل. وفي حين ادعى وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس يوم الاثنين 16 كانون الأول/ديسمبر أن المفاوضين "لم يكونوا أقرب من أي وقت إلى التوصل إلى اتفاق"، ذكرت حماس أنها أجرت "مفاوضات جادة وإيجابية".
وفي ختام التقرير، أشارت الصحيفة إلى أن الجهود الدبلوماسية استؤنفت في الدوحة في الأسابيع الأخيرة، بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب رغبته في تحرير جميع الرهائن الإسرائيليين، قبل توليه منصبه في 20 كانون الثاني /يناير المقبل.