لم يشهد العام 2023 أي تقدم سياسي ذكر فيما يخص الحل السياسي المتعثر في سوريا، باستثناء إعادة احتضان النظام السوري إلى جامعة الدول العربية بعد إعادة غالبية الدول العربية علاقاتها معه.

ومقابل حالة "الارتياح" التي بدأ النظام يشعر بها على خلفية إنهاء تعليق عضويته في الجامعة العربية منذ أواخر العام 2011، وتوجه تركيا للتطبيع معه، بدت المعارضة السياسية المتمثلة بالائتلاف و"هيئة التفاوض" أكثر تهميشاً، وخاصة في ظل إهمال المجتمع الدولي للقرارات الأممية التي تخص سوريا.



وتجلى ذلك، في توقف أعمال اللجنة الدستورية التي تشارك فيها المعارضة والنظام والمجتمع المدني وعدم انعقاد أي جولة جديدة لهذا المسار على مدار العام الذي يوشك على الرحيل.

تراجع الاهتمام السوري بالملف السوري
وتتحدث المعارضة عن عدم وجود جدية من جانب المجتمع الدولي في تطبيق قرارات مجلس الأمن، وأهمها القرار 2254، وعدم ممارسة الضغط على النظام، وتؤكد أن ذلك أدى إلى جمود المسار السياسي.

ويقول نائب رئيس الائتلاف عبد المجيد بركات، إن الملف السوري تراجع على قائمة الإهتمام الدولي، ونتيجة ظهور أزمات إقليمية ودولية جديدة، وانشغال بعض الدول بأزماتها الداخلية، انحسر عدد الدول المهتمة بهذا الملف.

ورفض في حديثه لـ"عربي21" الانتقادات للمعارضة بخصوص ضعف الأداء، متهماً النظام في عدم الانخراط الجدي في الحل السياسي، معتبراً أن "المجتمع الدولي لم يلتزم بتطبيق قراراته وبمبادئ الحل السياسي (جنيف1-جنيف2- القرار 2254)، ودورنا الآن يركز على إبقاء الملف السوري على طاولة المفاوضات، وإحياء القرارات الدولية".

وعن خيارات المعارضة، أكد بركات أن "الائتلاف يسعى إلى دعم الملف التفاوض من خلال هيئة التفاوض"، والعمل على تمكين مؤسسات المعارضة في الداخل السوري، وعلى رأسها "الحكومة المؤقتة"، وكل ذلك يسهم في إبقاء الملف السوري على قائمة الأولويات الدولية.

ويتفق مع بركات، الكاتب والمحلل السياسي السوري حسن النيفي في تفصيل ابتعاد القضية السورية عن اهتمام الدول الكبرى والمؤثرة، لكنه يقول لـ"عربي21": "لم تستطع مؤسسات المعارضة اختراق التفاهمات القائمة بين الدول النافذة في الشأن السوري وفي مقدمتها محور أستانا الثلاثي، وفي ضوء ذلك لم يكن أمام المعارضة السورية سوى تكرار المطالب التي تحولت إلى حالة شعاراتية، كالمطالبة المتكررة بتطبيق القرارات الأممية وكذلك المطالبة بالإفراج عن المعتقلين، علماً أن الجميع بات يعلم أن نظام الأسد، وفي ضوء موازين القوى الراهنة، لا يمكن أن يتفاعل بجدية مع أي عملية سياسية.

أما المسألة الثانية التي أدت إلى "الاستنقاع السياسي" المعارضة، افتقادها للمبادرة، معتبراً أن "حالها هو أقرب إلى حال الموظف الذي يعمل بالوكالة ولا يستطيع التصرف إلا بأوامر الآخر الخارجي، وربما لهذا السبب وجدنا أن ردود فعل المعارضة الرسمية على كثير من الأحداث كان باهتاً ولا يرقى إلى مستوى تضحيات السوريين، وليس أدل على ذلك من موقفها من الحراك الشعبي في مدينة السويداء، إذ ما تزال المعارضة تنظر إليه من بعيد وكأنه لا يعنيها".

واستدرك بقوله: "أما كلمات الإشادة الخجولة بحراك السويداء من جانب بعض المسؤولين في المعارضة وفي المناسبات فقط، دليل آخر يؤكد عطالة الموقف الفاعل للمعارضة السورية".

ومنذ منتصف آب/أغسطس والمظاهرات في السويداء المطالبة بإسقاط النظام السوري لم تتوقف، لكن زخمها بدأ يتراجع، بسبب عدم الاهتمام الدولي بما يجري في المحافظة التي تقطنها غالبية درزية، وكذلك بسبب عدم توسع رقعة الاحتجاجات إلى محافظات سورية أخرى.

تهميش مقصود لدور المعارضة
أما مدير وحدة الدراسات في مركز "أبعاد للدراسات الاستراتيجية" الدكتور محمد سالم، فقد عزا تراجع دور المعارضة إلى رغبة المجتمع الدولي بتهميش المعارضة على اعتبار أن صاحب التأثير الأكبر في القرارات الدولية وتطبيقها هي روسيا.

وأضاف لـ"عربي21"، أنه مقابل تأثير روسيا تبتعد الولايات المتحدة وتنأى بنفسها عن التأثير في الملف السوري، وبالتالي تحاول روسيا فرض فكرة أن النظام قد انتصر وأن الحل يكمن بالتفاوض معه، ولذلك رأينا مبادرات مثل "الخطوة بخطوة" والتي هي بين المجتمع الدولي والنظام بمعنى خطوة من النظام وخطوه من المجتمع الدولي دون حساب المعارضة ضمن المعادلة.

وبإجماع المراقبين، فإن العام القادم لن يشهد أي تطور في أداء المعارضة السورية، وخاصة مع زيادة المؤشرات على الرغبة الإقليمية على بقاء تعويم النظام السوري، ولو كان على حساب تطلعات السوريين.



المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سوريا النظام الجامعة العربية المعارضة سوريا المعارضة الجامعة العربية النظام المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المجتمع الدولی الملف السوری

إقرأ أيضاً:

هل يؤثر اغتيال نصر الله على نفوذ الحزب في سوريا؟.. خبراء يجيبون

بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، في قصف إسرائيلي استهدف ضاحية بيروت الجنوبية بعشرات الغارات، تبرز تساؤلات حول تأثير هذا الحدث على حضور الحزب في سوريا، التي يتمتع فيها بثقل كبير، ويتواجد في أكثر من محافظة.

أحمد القربي، الأكاديمي والباحث في مركز "الحوار السوري"، يرى أن "غياب نصر الله عن المشهد سيؤثر سلبا على الحزب وحضوره في سوريا، خاصة في ظل ما يجري من تدمير وتحجيم لقدرات الحزب".

نحو التراجع
وأضاف، أن "حضور الحزب سيتراجع في سوريا على الصعيد العسكري من حيث عدد القوات المنتشرة في سوريا"، أما سياسيا فيؤكد قربي، أن "تأثير غياب نصر الله حاليا لن يكون له تداعيات لأن المسار السياسي السوري هو بالأساس متوقف".

وتابع في حديثه لـ"عربي21"، بأن "نفوذ حزب الله في سوريا هو جزء من نفوذ إيران"، وقال: "لم يتأثر نفوذ إيران السياسي في سوريا رغم عشرات أو مئات الضربات الجوية الإسرائيلية".


بذلك، يعتقد القربي أن نفوذ حزب الله العسكري في سوريا يتجه نحو التراجع، أما النفوذ السياسي فالحكم يحتاج إلى وقت أطول.

استخدام سوريا قاعدة خلفية
من جانب آخر، رجح القربي أن "يستخدم حزب الله سوريا قاعدة خلفية لترميم قوته العسكرية، وخاصة في المناطق القريبة من الحدود اللبنانية في ريفي دمشق وحمص، متوقعا أن "يقوم الحزب بإنشاء قواعد بديلة في تلك المناطق، وأن يزيد من حضوره الديموغرافي".

وكل ذلك يعتمد، بحسب القربي، على "السيناريوهات القادمة، بمعنى هل يواصل الاحتلال مهمة القضاء على حزب الله، أم الاكتفاء بتحجيم قوته وحضوره إلى شمال نهر الليطاني".

النظام يحيّد نفسه
عبد الله الأسعد، عميد كلية العلوم السياسية في الجامعة الأهلية، يقول في حديثه لـ"عربي21"، إنه "رغم أن نصر الله ليس من قادة الحزب العسكريين، إلا أن نفوذ الحزب العسكري سيتأثر سلبا في سوريا".

ولفت إلى الأنباء "غير المؤكدة" التي تشير إلى إغلاق النظام السوري لبعض مكاتب حزب الله في سوريا، وقال: "يبدو أن النظام يريد تجنيب نفسه الصراع والتصعيد، ليبدو وكأن النظام يستشعر أن الاحتلال ماضِ في قرار إنهاء حزب الله".

وكانت تقارير إخبارية، اعتبرت أن النظام السوري وجد في تصعيد الاحتلال ضد حزب الله "فرصة لن تتكرر" لتحجيم نفوذ الحزب في سوريا.

تعطيل قرار محور "المقاومة"
من جهته، يقول المستشار الدولي المقرب من إيران هادي دلول، إن الهدف من اغتيال نصر الله، والهجمات التي يتعرض لها حزب الله، هو "تعطيل قرار محور المقاومة في لبنان، أي اجتياح جنوب لبنان بهدوء، ومن ثم التفاوض على اتفاقية سلام مع الدولة اللبنانية دون وجود قيادات عليا في الحزب تعارض ذلك".

وعن سوريا، يضيف في حديثه لـ"عربي21"، "يبدو أن حالة من الطمأنينة يعيشها الاحتلال مردها الاعتقاد بأن سوريا خارج اللعبة، وأنه يمكن استدراج بشار الأسد إلى خارج المعركة".

حزب الله في سوريا
واعتمد النظام السوري على حزب الله وإيران وعدد من الميليشيات الإيرانية لقتال المعارضة منذ اندلاع الثورة السورية في العام 2011.

وفي هذا الجانب، يقول مركز "مالكوم كير – كارنيغي" لأبحاث الشرق الأوسط، "حين بدأ النظام السوري يخسر مساحات شاسعة من الأراضي العام 2012، قرر حلفاؤه التدخل عسكريا، وقيل هنا أن حزب الله لعب دورا كبيرا في قرار إيران دعم الأسد، بيد أن دور الحزب لم يتمحور أساسا حول إعادة بناء وتعزيز قدرات قوات النظام، بل المساعدة على إقامة مؤسسات موازية على غرار الميليشيات المؤيدة للنظام".


ويتابع المركز في ورقة بحثية، أن "هذا كان استنساخا لما فعله الحزب في لبنان، أي بناء قوات مسلحة مستقلة في أحشاء دولة ضعيفة في ذلك الحين".

وبحسب المركز، فقد "اتخذ توجه إيران وحزب الله لتشكيل الميليشيات شكلين، تجنيد مقاتلين من بلدان كالعراق وأفغانستان وباكستان، وفي الوقت نفسه استنفار وتنظيم الطائفة الشيعية السورية".

شارك "حزب الله" في غالبية المعارك التي خاضها النظام في مختلف المحافظات السورية، غير أن حضور الحزب كان واضحاً بشكل كبير في دمشق وحمص وحلب.

مقالات مشابهة

  • مصادر بالجيش السوري: إسرائيل أسقطت عشرات الصواريخ الإيرانية التي حلقت فوق سوريا
  • هل يؤثر اغتيال نصر الله على نفوذ الحزب في سوريا؟.. خبراء يجيبون
  • بجريرة حزب الله.. المرصد السوري يوضح مآلات الحرب المحتملة على سوريا
  • بجريرة حزب الله.. المرصد السوري يوضح مآلات الحرب المحتملة على سوريا- عاجل
  • الجامعة العربية تدعو المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب لبنان في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية
  • جامعة الدول العربية تدعو المجتمع الدولي للوقوف مع لبنان في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية
  • قصف إسرائيلي يستهدف فيلا لشقيق رئيس النظام السوري ماهر الأسد في يعفور قرب دمشق
  • قصف إسرائيلي يستهدف فيلا شقيق رئيس النظام السوري ماهر الأسد قرب دمشق
  • “المجلس الدولي وعجزه في حل قضايا الشرق الأوسط ازدواجية المعايير والصراع مع الكيان الصهيوني”
  • عاجل| تراجع عدد حالات الطلاق في مصر 1.6% خلال 2023