اليمن.. جهود عربية وأممية كبيرة تمهد لإحلال السلام
تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT
أحمد شعبان (عدن، القاهرة)
أخبار ذات صلة الإمارات: أفغانستان تكافح للحصول على احتياجاتها الأساسية الأمم المتحدة: إيصال المساعدات إلى غزة أصبح مستحيلاًشهد عام 2023 جهوداً كبيرة لإحلال السلام في اليمن، ومنها التحركات التي قادتها المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والأمم المتحدة للبحث عن حل سياسي مستدام ومقبول من جميع الأطراف اليمنية، ووقف إطلاق نار دائم وشامل للصراع والحرب الدائرة منذ 9 سنوات بين جماعة الحوثي والحكومة الشرعية.
اتفاق جديد
وقبل أن يودعنا عام 2023 بأيام قليلة، وبعد مباحثات ومفاوضات استمرت سنوات، أعلنت الأمم المتحدة التوصل إلى اتفاق جديد يعد بارقة أمل كبيرة لإحلال السلام في اليمن وإنهاء الحرب، حيث تعهد أطراف النزاع بالالتزام بمجموعة من التدابير تشمل تنفيذ وقف إطلاق نار يشمل عموم اليمن.
وأعلن المبعوث الدولي إلى اليمن هانس جروندبرج أن الأطراف اليمنية التزمت بوقف جديد لإطلاق النار والانخراط في عملية سلام سياسية جامعة، ووضع خريطة طريق تحت رعاية الأمم المتحدة تتضمّن هذه الالتزامات وتدعم تنفيذها لإنهاء الحرب.
وتشمل خريطة الطريق دفع جميع رواتب القطاع العام، واستئناف صادرات النفط، وفتح الطرق في تعز وأجزاء أخرى من اليمن، ومواصلة تخفيف القيود المفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة، وينتظر أن تقود هذه الفرصة الجديدة لتحقيق نتائج ملموسة والتقدم نحو سلام دائم في 2024.
وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الدكتور رشاد العليمي، قد ناقش مع المبعوث الأممي لليمن في الرياض، خطوات بشأن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، يعالج الملف الإنساني، ومن ثم بدء عملية سياسية برعاية الأمم المتحدة.
ودعا العليمي، خلال اللقاء، المجتمع الدولي إلى ضرورة ممارسة أقصى الضغوط على الحوثي ودفعه نحو التعاطي الجاد مع جهود السلام الحالية، لتوسيع الفوائد الإنسانية لليمنيين وفي مقدمتها دفع مرتبات الموظفين في مناطق سيطرة الحوثي.
مفاوضات الرياض
وفي سبتمبر 2023، استضافت المملكة العربية السعودية، وبوساطة من سلطنة عمان، وفداً مفاوضاً حوثياً لمناقشة عملية السلام في اليمن واستكمال المباحثات والمناقشات، بناءً على المبادرة السعودية التي أعلنت في مارس 2021، والرامية لإيجاد حل سياسي ووقف شامل لإطلاق النار والانتقال من مرحلة النزاعات إلى الاستقرار.
وتعد هذه أول زيارة علنية للحوثيين إلى المملكة، وجاءت بعد نحو 5 أشهر على زيارة قام بها وفد سعودي إلى صنعاء في أبريل 2023، لبحث هدنة دائمة وإحياء عملية السلام، حيث أحيت هذه الزيارة الآمال بالتوصل إلى حل سياسي للنزاع الدامي في اليمن.
وناقش الحوثيون مع المسؤولين السعوديين الصيغة النهائية لوقف شامل ودائم لإطلاق النار، والتوصل إلى حل سياسي مستدام ومقبول من الأطراف اليمنية كافة، على أن يباشر أطراف النزاع بعد ذلك التفاوض مباشرة للتوصل إلى حل سياسي برعاية الأمم المتحدة وبدعم من السعودية وسلطنة عُمان، وهذا ما تم مؤخراً في الاتفاق الأممي.
تبادل الأسرى
وشهد عام 2023، نجاح عمليات تبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي، وبإشراف من الصليب الأحمر والأمم المتحدة، وشملت إطلاق سراح وتبادل قرابة 900 أسير على مراحل، في خطوة مهمة لبناء الثقة، وبارقة أمل أعطت دفعاً للجهود الدبلوماسية الهادفة لإنهاء الحرب، وإحلال السلام.
استهداف السفن
وخلال الأسابيع الماضية صعد الحوثيون من تهديداتهم لأمن واستقرار المنطقة والعالم باستهداف خطوط الملاحة البحرية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، وواصلوا زعزعة أمن واستقرار المنطقة، مما ينذر بتقويض جهود التهدئة، وإفشال وإجهاض مساعي السلام وتجديد الهدنة والعودة للمفاوضات.
أعمال عدائية
وقال المحلل السياسي اليمني، محمود الطاهر، إن جماعة الحوثي كانت دائماً تراوغ لإطالة أمد الحرب في اليمن من أجل أن يقبل المتحاورون معها بالشروط التي وضعتها على مائدة المفاوضات، ومنها الاعتراف رسمياً بها، وتسليمها مقدرات الدولة والسيطرة على عوائد ميناء الحديدة. وتوقع الطاهر، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن تصل مفاوضات السلام مع جماعة الحوثي والتي ترعاها الأمم المتحدة، خلال العام المقبل، لهدنة مؤقتة مفروضة على الجميع.
ولفت المحلل السياسي إلى أن «الحوثي يرفض أن تكون الشرعية في اليمن طرفاً في أي حوار أو مفاوضات سلام»، مشيراً إلى أن الحوثي يسعى للهدنة تمهيداً لشن حرب داخلية على كل المكونات السياسية، محذراً من أن الحوثي لا يريد حلاً سياسياً ولا يريد إنهاء الحرب.
حجر عثرة
أشار محمود الطاهر إلى أن تاريخ الحوثي في نقض العهود يظل حجر عثرة أمام عودة السلام والتسوية السياسية في اليمن، لافتاً إلى أن الجماعة تقابل جهود السلام العربية والدولية بأعمال عدائية بحق الشعب اليمني وتهديد أمن واستقرار المنطقة، وآخرها جرائم القرصنة، محذراً من أن استهداف السفن التجارية وتهديد حركة الملاحة الدولية ليسا في صالح تحقيق السلام.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: اليمن الأمم المتحدة عدن الحوثي الأمم المتحدة إطلاق النار فی الیمن حل سیاسی إلى أن
إقرأ أيضاً:
معهد أمريكي: تقاعس أمريكا في اليمن جعل من الحوثي تهديد استراتيجي له علاقات بخصوم واشنطن المتعددين (ترجمة خاصة)
قال معهد أمريكي إن جماعة الحوثي في اليمن تشكل الآن تهديدًا استراتيجيًا له تداعيات عالمية على الولايات المتحدة وحلفائها بالمنطقة.
وأضاف معهد المشروع الأمريكي لأبحاث السياسة العامة (AEI) في تحليل للباحث "بريان كارتر"، ترجم أبرز مضمونه إلى العربية "الموقع بوست" أن الولايات المتحدة وحلفاؤها فشلوا في منع إيران من تعزيز القدرات العسكرية للحوثيين منذ عام 2015.
وذكر كارتر في تحليله المعنون "تكلفة التقاعس في اليمن" أن الحوثيين تحولوا من ميليشيا صغيرة في الجبال الشمالية في اليمن إلى تهديد استراتيجي كبير له علاقات بخصوم الولايات المتحدة المتعددين.
وأفاد المعهد أن الولايات المتحدة سعت إلى "تجنب التصعيد" ردًا على التصعيدات الحوثية الدرامية منذ أكتوبر 2023 من خلال اتخاذ سلسلة من التدابير نصفية التفاعلية التي فشلت في تحقيق تأثيرات حاسمة أو تدهور القدرات العسكرية للحوثيين بشكل ملموس.
وقال "لم يردع الحوثيون وقد جمعوا رؤى مهمة حول تشغيل الدفاعات الأمريكية ضد أنظمة الهجوم الخاصة بهم من جميع الأنواع. ومن المؤكد تقريبًا أن الحوثيين سيستغلون هذه الرؤية لتحسين فعالية هجماتهم الخاصة وتقديمها لخصوم الولايات المتحدة الآخرين. وفي الوقت نفسه، ستواصل العمليات الحوثية المتواصلة في الشرق الأوسط صرف الانتباه عن الجهود الأميركية لإعطاء الأولوية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، كما فعلت بالفعل منذ أكثر من عام".
وتطرق التحليل إلى فشل السعودية والإمارات في الحرب على جماعة الحوثي منذ 2015 بفضل الدعم الإيراني وحزب الله اللبناني. مشيرا إلى أن إيران صممت دعمها للحوثيين لبناء منظمة قادرة على تحدي ليس فقط الجناح الجنوبي لدول الخليج ولكن أيضًا إسرائيل والقوات الأمريكية.
وأشار إلى أن إيران تزود الحوثيين بتهريب الطائرات بدون طيار والصواريخ، غالبًا على شكل قطع، سواء عن طريق البحر أو عبر البر. حاولت الولايات المتحدة وحلفاؤها اعتراض هذه الإمدادات منذ عام 2015، ومع ذلك، لم تحقق الجهود الأمريكية سوى نجاح محدود للغاية، وذلك بسبب المسافات المعنية والموارد الأمريكية المحدودة المخصصة لمهمة الاعتراض.
وحسب المعهد "بدأ الحوثيون حملتهم الهجومية الإقليمية الموسعة في أكتوبر 2023، مما دفع واشنطن إلى رد دفاعي محدود فقط. في 19 أكتوبر/تشرين الأول، أطلق الحوثيون طائرات بدون طيار وصواريخ استهدفت إسرائيل لأول مرة، ودخلوا رسميًا حرب 7 أكتوبر دعماً لحماس وبعد التنسيق مع الميليشيات العراقية المدعومة من إيران. ولم ترد الولايات المتحدة بمحاولة تعطيل قدرة الحوثيين على مواصلة الهجمات أو ردع الجماعة.
وقال "بدلاً من ذلك، تبنت الولايات المتحدة موقفًا رد الفعل والدفاع الذي لم يتسبب في أي تغيير ملحوظ في عملية صنع القرار لدى الحوثيين. ولم ترد الولايات المتحدة إلا بضربات على اليمن في 12 يناير 2024، بعد 26 هجومًا للحوثيين استهدفت الشحن الدولي وتسع هجمات شملت سفن حربية أمريكية وحليفة".
وأكد أن الاستجابة الأمريكية الأولية - والتي صُممت للدفاع عن الشحن فشلت دون تنفيذ ضربات "لتجنب التصعيد" - في منع التصعيد، حيث انتقل الحوثيون من الهجمات على إسرائيل في أكتوبر إلى هجمات متكررة بشكل متزايد على الشحن بدءًا من نوفمبر.
ويرى المعهد الأمريكي أن حملة الضربات التي تقودها الولايات المتحدة، والتي منعت الهجمات الحوثية الفردية ودمرت بعض البنية التحتية المستهدفة وعددًا محدودًا من الصواريخ على الأرض، فشلت في تغيير معدل هجمات الحوثيين.
وقال "كان من الممكن أن يؤدي رد فعل أمريكي أكثر قوة وجدية في أكتوبر ونوفمبر 2023 إلى تثبيط أو تعطيل هجمات الحوثيين على الشحن. لقد فشل الرد الدفاعي الأمريكي والحملة الجوية المحدودة اللاحقة، لأن هذه التهديدات لم تلحق أضرارًا كافية بقدرة الحوثيين ولم تضرب أهدافًا مهمة بما يكفي لردع إيران أو الحوثيين.
وتابع "كان من الممكن أن تؤدي الضربات المميتة وغير المميتة المتكررة على الأنظمة التي مكنت الحوثيين من استهداف وتتبع أهدافهم إلى تجريد الحوثيين من هذه القدرة. كان ينبغي أن يشمل هذا الجهد تعطيل أو تدمير سفينة التجسس الإيرانية بهشاد، والتي ساعدت الحوثيين بكل تأكيد في استهداف وتتبع الشحن من منطقة دوريتها في البحر الأحمر.
وأردف "كان من الممكن أيضًا أن تتسبب إجراءات أخرى، بما في ذلك دعم الجماعات المسلحة في اليمن أو التدابير الاقتصادية مثل إزالة البنوك في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون من نظام سويفت الدولي، في دفع الحوثيين إلى إعادة حساباتهم من خلال تحدي سيطرة الحوثيين على شمال اليمن".
يقول معهد المشروع الأمريكي لأبحاث السياسة العامة "لا شك أن كل من هذه الخيارات تنطوي على مخاطر كبيرة، لكنها كانت لتكون أكثر عرضة لتعطيل هجمات الحوثيين وجعل الهجمات أقل فعالية أو أقل تواترا".
ودعا صناع السياسات في الولايات المتحدة لأن يدركوا، قبل كل شيء، أن النهج الأكثر تحفظًا الذي كان يهدف إلى تجنب التصعيد أدى بدلاً من ذلك إلى تسهيل التصعيد.
وأوضح أن السماح للحوثيين بإطالة أمد حملتهم التصعيدية التدريجية هو في الواقع خيار سياسي أكثر خطورة بالنسبة للولايات المتحدة في الأمد البعيد مقارنة بالجهود العسكرية الأكثر حسما.
وقال إن حملة الهجوم الحوثية التي استمرت عامًا ستوفر بيانات ودروسًا يمكن للحوثيين وخصوم الولايات المتحدة الآخرين استخدامها لتحسين فعالية هجماتهم على السفن البحرية الأمريكية والمنشآت البرية في المستقبل.
وزاد "توفر هذه الهجمات للحوثيين وربما داعميهم في طهران، على الأقل، قدرًا هائلاً من البيانات حول كيفية استجابة الدفاعات الجوية الأمريكية وحلفائها للصواريخ والطائرات بدون طيار. وبالمثل، يمكن للحوثيين مشاركة هذه البيانات مع الروس في مقابل بيانات الاستهداف الروسية للسفن في البحر الأحمر. ومن المؤكد أن الدروس المستفادة من هذه البيانات ستُستخدم ضد دفاعات البحرية الأمريكية في المستقبل ويمكن أن تفيد العمليات المعادية ضد الدفاعات البرية الأمريكية المضادة للطائرات بدون طيار والصواريخ أيضًا.
يضيف المعهد الأمريكي أن السياسة الأمريكية تجاه الحوثيين في 2023-2024 تظهر أن "إدارة التصعيد" ليست نهجًا فاشلاً وسياسة غير مستدامة. لقد "صعد" الحوثيون مرارًا وتكرارًا ولم يواجهوا سوى رد فعل أمريكي محدود لم يفعل شيئًا "لإدارة التصعيد".
وخلص معهد المشروع الأمريكي لأبحاث السياسة العامة في تحليله بالقول "إن الدرس الذي يتعلمه الحوثيون في هذه الحرب هو أنهم قادرون على إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار على السفن الحربية الأميركية والشحن العالمي وشركاء الولايات المتحدة، ولا يعانون إلا من عواقب محدودة وغير كافية. ويتعين على الولايات المتحدة أن تتعلم أن "إدارة التصعيد" في واقع الأمر تشجع التصعيد وتطيل أمد الصراعات ــ وهي مشكلة خطيرة بشكل خاص عندما يتعين على الولايات المتحدة أن تكون قادرة على التركيز على مسارح حاسمة أخرى.